ـ(197)ـ ?وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ?(1). وقال تعالى: ?يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ? فاختلاف الألسن واللغات والألوان حقيقة موضوعية لا يمكن تجاوزها، كذلك انقسام الناس إلى شعوب وقبائل، فجميع هذه الاختلافات حالة وظاهرة طبيعية لا يمكن الغاءها، ولا يمكن إلغاء وتجاوز ما يترتب عليها من روابط الحب والمودة والميل والأنس اتجاه الآخرين المنتمين إلى نفس اللغة ونفس اللون، ونفس القومية والقبيلة ؛ ولهذا تعامل القرآن الكريم معها تعاملاً موضوعيا مراعيا الطبيعة الإنسانية في الميل القلبي والروحي إلى من يشاكلها في المظاهر والظواهر، ويتحد معها في الصنف والجنس والانتماء الواحد. فالولاء للانتماء الواحد أمر فطري مغروز في الطبيعة الإنسانية، والولاء بنفسه ظاهرة إيجابية تدفع الإنسان للتآلف والتآزر والتعاون للنهوض بأعباء المسؤولية في الحياة، وتعامل القرآن الكريم مع هذا الولاء تعاملا متوازنا، ووضع منهجه لتهذيبه في الواقع وفي المواقف السلوكية، وجعل الانتماء للإسلام ـ عقيدة وكيانا وقيادة ووجود بشري مترابط ـ حاكما على جميع الانتماءات وجعل الولاء للإسلام مقدما على سائر الولاءات دون إلغاء أو تجاوز لها. فوجه المسلمين بجميع انتماءاتهم وولاءاتهم إلى الأفق الأرحب والمدى الأوسع، فوجههم إلى الانتساب إلى الله الواحد في العقيدة وآثارها التكليفية. ________________________________ 1 ـ سورة الروم 22. 2 ـ سورة الحجرات 13.