ـ(196)ـ وتربية شاملة للنفوس والمواقف لتنسجم مع أساسيات الإسلام، في التوازن بين الانتماء المطلق للإسلام والانتماء المقيد بالوطن والقومية والمذهب وسائر الانتماءات القانونية، ونحن بحاجة إلى وحدة الموقف تجاه التحديات التي تستهدف الإسلام دون النظر إلى الانتماءات المتعددة، وبحاجة إلى الحذر الدائم من العمل الذي يجعل الانتماءات الجانبية حاكمة على الانتماء الأساسي للإسلام، وبحاجة إلى الالتقاء في النقاط المشتركة والنظر إلى الواقع من خلال الآفاق الواسعة المشتركة واستيعاب الفواصل الجزئية، لكي تبقى الانتماءات والولاءات الجانبية والثانوية في حدودها التي لا تخالف الانتماء والولاء المطلق للإسلام. فلابد من توازن واعتدال في تصوراتنا وعواطفنا ومواقفنا لكي لا يطغى أي ولاء وانتماء على غيره، أو يلغي غيره، فالانتماء والولاء للإسلام أولا، وللولاءات الأخرى ثانيا. إقرار الانتماءات والولاءات الثانوية في القرآن الكريم القرآن الكريم هو منهج حياة واقعية، ناظر في تشريعاته وأحكامه إلى الواقع الموضوعي بأوضاعه وتشكيلاته وتنظيم علاقات الأفراد والجماعات، ذلك الواقع الذي يعيش فيه الناس مختلفين اختلافا منبثقا من تعدد اللغات والألوان والأجناس والانتماءات الجغرافية، إضافة إلى الاختلافات الناجمة من أحوالهم وارتباطات حياتهم، وموروثاتهم البيئية والاجتماعية، ورواسب تاريخهم، ولذا عاش القرآن الكريم مع الواقع وفي الواقع، فأقر الاختلاف بين الناس وما يستلزمه من تعدد الانتماءات والولاءات، وجعل الاختلاف آية من آيات الله تعالى: