فقالت أبرأك الله مما تدعي النساء على الرجال فظن أنه يبرأ فطلق قال يبرأ ) مما تدعي النساء على الرجال إن كانت رشيدة .
( فهذه المسائل الثلاث ) أي إن الله قد طلقك وفرق الله بيني وبينك في الدنيا والآخرة وأبرأك الله ( الحكم فيها سواء ونظير ذلك إن الله قد باعك ) في إيجاب البيع ( أو قد أقالك ) في الإقالة ( ونحو ذلك ) كإن الله قد أجرك أو وهبك والبراءة فيما تقدم صحيحة .
ولو جهلت ما أبرأت منه على ما تقدم في الهبة من صحة البراءة من المجهول .
( والكناية ولو ظاهرة لا يقع بها طلاق إلا أن ينويه ) لأن الكناية لما قصرت رتبتها عن الصريح وقف عملها على نية الطلاق تقوية لها ولأنها لفظ يحتمل غير معنى الطلاق فلا يتعين له بدون النية ( بنية مقارنة للفظ ) أي يشترط أن تكون النية مقارنة للفظ الكناية فلو تلفظ بالكناية غيرنا وللطلاق ثم نوى بها الطلاق بعد ذلك لم يقع .
كما لو نوى الطهارة بالغسل قبل فراغه منه .
وقيل يعتبر أن تقارن أوله قدمه في المحرر وقطع به في شرح المنتهى .
فلو قارنت الجزء الثاني من الكناية دون الأول لم يقع الطلاق لأن ما بقي لا يصلح للإيقاع بعد إتيانه بالجزء الأول من غير نية .
قال في الشرح فإن وجدت في أوله وعزبت عنه في سائره وقع خلافا لبعض الشافعية .
( أو يأتي ) مع الكناية ( بما يقوم مقام نية ) الطلاق ( كحال خصومة وغضب وجواب سؤالها ) الطلاق ( فيقع ) الطلاق ممن أتى بكناية إذن .
( ولو بلا نية ) لأن دلالة الحال كالنية بدليل أنها تغير حكم الأقوال والأفعال .
فإن من قال يا عفيف ابن العفيف حال تعظيمه كان مدحا .
ولو قال حال الشتم كان ذما وقذفا .
( فلو ادعى في هذه الأحوال ) أي حال الخصومة والغضب وسؤالها الطلاق ( أنه ما أراد الطلاق أو ) أدعى ( أنه أراد غيره ) أي غير الطلاق ( دين ) لاحتمال صدقه ( ولم يقبل في الحكم ) لأنه خلاف ما دلت عليه الحال .
( ويقع مع النية بالكناية الظاهرة ثلاث وإن نوى واحدة ) روى ذلك عن علي وابن عمر وزيد بن ثابت وابن عباس وأبي هريرة في وقائع مختلفة ولا يعرف لهم مخالف من الصحابة .
ولأنه لفظ يقتضي البينونة بالطلاق فوقع ثلاثا كما لو طلق ثلاثا .
وإفضاؤه إلى البينونة ظاهر .
وظاهره لا فرق بين المدخول بها وغيرها لأن الصحابة لم يفرقوا .
( وكان ) الإمام ( أحمد يكره الفتيا في الكنايات الظاهرة مع ميله أنها ثلاث وعنه يقع ) بالكناية الظاهرة ( ما نواه اختاره جماعة ) منهم أبو الخطاب .
لما روى ركانة أنه طلق امرأته فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فقال والله ما أردت إلا واحدة