وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

[44] وجودها يحتاج إلى فيضه في كلّ لحظة وآن ( ان تَوقَف لحظة تهدّمت الهياكل ) . أجل ، إنّ الغني في عالم الوجود هو ذاته المقدّسة ، ولمّا كان البشر ـ وهم تحفة عالم الخلق ـ بحاجة إليه في كلّ وجودهم فانّ حال سائر الموجودات واضحة ولا تحتاج إلى بيان ، ولذا فانّ الآية تضيف في ذيلها : ( واللهُ هُوَ الغَنيُّ الحَميدِ ) وبملاحظة انّ التعبير أعلاه يدلّ على الحصر ـ وفق القواعد الأدبية ـ فانّ مفهومه ليس إلاّ هذا ، وهـو إنّ الغني المطلق هو الـذات المقدّسة لله سبحانه ، ولـو قسّمنا البشر إلى ( فقير ) و ( غني ) فانّ هذا أمر نسبي غير حقيقي . وبتعبير آخر ، انّ الموجودات كلّها عبارة عن الفقر والحاجة ، وانّ ذات الله المقدّسة عبارة عن الغنى والإستغناء ، وهذا هو أوّل الكلام وآخره . هو لا يحتاج ـ إذن ـ إلى عبادتنا وطاعتنا أبداً ، كما لا يحتاج إلى مدح وثناء ، بل انّ طاعتنا وعبادتنا لهُ ومدحنا وثناءنا عليه هي جزء من إحتياجنا إليه وسبب لتكاملنا المعنوي والروحي ، حيث انّنا كلّما إقترنا من منبع النور فانّا نزداد نوراً ، وكلزما إقترنا من المصدر الفيّاض ذاك فانّا نستفيد أكثر ، وبتمثيل ناقص انّنا كالنباتـات والأشجار التي تستقبل نـور الشمس دون أن تحتاج إليهـا الشمس . انّ فهم هذه الحقيقة يقدّم للبشر درس التوحيد حتّى لا يخضعوا إلاّ إليه ولا يُطأطئوا رؤوسهم ويستسلموا لغيره وأن يمدّوا يد الحاجة إليه لأنّهُ ( غني وكريم ورحيم وودود ) . انّ الإنتباه إلى هذه الحقيقة له الأثر البالغ في تربية الإنسان ، فمن جهة يخرجه من حالة الغرور وعبادة النفس ، ومن جهة اُخرى يحرّره من جميع القيود ويجعله غنيّاً عن سواه ، وبهذه الرؤية والفهم سوف لا يضيع في عالم الأسباب ، وسينظر إلى مسبّب الأسباب على الدوام . وهنا لابدّ من الإلتفات إلى أمرين :