[ 53 ] غني في وجوده عن المؤثر، و مفتقر في زواله إلى المؤثر، فمع الفحص وعدم الوقوف على الدليل الرافع يجب الحكم ببقاء الثابت، وإلا لزم الحكم بانتفاء الثابت لا لمؤثر. الثاني: أن المقتضي للتنجيس موجود فيجب الحكم ببقائه عملا بالمقتضي السالم عن المصادم. الثالث: الالفاظ الدالة على ثبوت التنجيس عند ملاقاة النجاسة مطلقة، فيجب الحكم بالنجاسة عملا بالاطلاق. ويؤيد الحكم ببقاء الثابت الحكم ببقاء الطهارة ما لم يعلم الحدث، و ببقاء الديون ما لم يعلم السقوط، و ببقاء نجاسة الاواني والثياب ما لم تعلم الطهارة، وليس الحكم بذلك مستندا إلى مورد الشرع، بل تعليلا بتيقن الواقع وعدم العلم بالرافع. فإن قيل: متى يكون الثابت غنيا عن المؤثر إذا كانت ذاته قابلة للبقاء، أم إذا لم يكن؟ الاول مسلم، والثاني ممنوع، ونحن لا نسلم أن نجاسة الماء باقية، فما المانع أن يكون كالصوت الذي لا يبقى، فلا يفتقر زوالها إلى المؤثر، ويفتقر تجددها. سلمنا أن النجاسة قابلة للبقاء، لكن مع قبولها لا تخرج عن كونها ممكنة، والممكن الخاص في قبوله للوجود والعدم على السواء، فلو افتقر في عدمه إلى المؤثر لإفتقر في بقائه. سلمنا أن الثابت غني في وجوده عن المؤثر، لكن لا نسلم أن حصوله في الزمان الثاني غني عن المؤثر، فان هذا الحكم زائد على المعقول من ذاته، وهو أمر متجدد، فيفتقر فيه إلى المؤثر. ثم نقول: حاصل ما ذكرته يرجع إلى التسوية بين موضع الخلاف وموضع الوفاق، وهو خطأ من وجوه: أحدها: أن ذلك قياس، وهو متروك عندنا. الثاني: لابد من اشتمال محل الخلاف على وصف ليس بحاصل في محل الوفاق أو بالعكس، والا لما تحقق الاختلاف، ومع التفاوت لا تجب المساواة. أو نقول: إما أن يكون بين الصورتين تفاوت وإما أن لا يكون، فان لم يكن فهو استدلال بالشئ على نفسه، وإن كان فهو قياس مع ثبوت الفارق. الثالث: الحكم ________________________________________