بسم الله الرحمن الرحيم ( نحمدك ) يا من زينت الانسان بتاج عروس الادب واللسان وأطلعت شموس البراعة في سماء اللغة العربية وحصصتها بالترجمة عن معاني الغزير الراخر ومصباح الفصاحة المنير الزاهر سيدنا محمد الذى أظهر الدين المبين وأيده ببيض الصفاح وصحاح البراهين وعلى آله المحرزين غاية التكملة والتهذيب وأصحابه الحائزين جمهرة الفضائل ونهاية التقريب ( وبعد ) فيقول من نعمة الله تعالى عليه أجدت ملتزم طبعه الفقير السيد على جودت انه من العلوم المسلم ان علم اللغة لسائر العلوم سلم وكيف لا وعلى محورها تدور فنون لاادب وهى لفهم معاني التنزيل العزيز والسنة السنية أقوى سبب واليها المرجع في استنباط المجتهدين الاعلام فروع الشريعة وقواعد الاسلام مادة كل ناثر وشاعر وعمدة كل خطيب مصقع ماهر وقد اعتنى بها أكابر العلماء وتنافست فيها مشاهير جها بذد الفضلاء فألفوا وأجادوا وصنفوا وأفادوا فقيدوا أو ابدها في بطون الدفاتر والصحائف واقتنصوا شواردها من رؤس الشواهق وظهور التنائف وأوضحوا معالمها بعد ان كانت غامضة وفجروا أنهارها بعد ان كانت غائضة وذللوا مصاعبها وقربوا مطالبها وان أسنى ما ألف فيه وأبدعه وأعذبه موردا وأحكمه وأجمعه الشرح المسمى بتاج العروس من جواهر القاموس لامام اللغة وابن بجدتها وجذيلها المحكك وحامى حوزتها العلامة المفرد العلم من جورى لادراك شأوه فلم الحقيق بان يباهى عصره به ويفاخر قائلا الله أكبر كم ترك الاول للاخر مولانا المحقق السيد محمد مرتضى أفاض الله تعالى عليه هوامع الرحمة والرضا ولعمري ان نطاق التعبير ليضيق عن حصر ما أنداه من جواهر البيان وشذور التحرير تتحلى بفرائده صدور المحافل والمحاضر ويتسلى بفوائده كل بادو حاضر جمع فأوعى وأحاط بالنوادر والنظائر جنسا ونوعا وأنشأ غروس الافكار وجمع غريب القرآن والآثار واستخرج من القاموس دره ودره وقرب للمجتنى أزهاره وثمره وزينه بتاجه وأطلع شموسه من أبراجه وأبرزد فائنه وكنوزه وحل غوامضه ورموزه وغاص في غوره العميق وكلل تاجه بنفائس جمان التحقيق وأودع فيه من بدائع الامثال ما هو عديم اشباه وأمثال وزاد عليه من الجواهر المكنونة مما تركه المصنف ما بلغ عدده عشرين ألفا زيادة على مواده الاصلية البالغة ستين ألفا حتى استغرق ما في اللسان والمحكم والمخصص والتهذيب والعباب ونظمها في سموط أبوابه أبدع نظام وأدرحها في ادراج فصوله مع حسن انسجام وأكمل تاجه وأتمم نتاجه وصيره جامعا لمجامع اللغات العربية الفصيحة وحاصر الامهاتها المعتبرة الصحيحة فاحكم ضوابط أركانه وأعلى على رؤس المؤلفات السالفة عزيز شانه وجعله مجلة جليلة عديمة المثال ليكون أثرا وحيدا في الاستقبال وانه لحقيق ان لا يأتي الزمان بثانيه في عالم الامكان ولا تبرز الايام ما يدانيه في ميدان العبان خليق بقول مؤلفه فيه بديع الاتقان صحيح الاركان سليما من لفظة لو كان فلله براعة عبارة ولطافة اشارته وسهولة منزعه وعذوبة مترعه وتحقيقاته الفائقة وتدفيقاته الرائفة وتنبيهاته النافعة وتنويراته الساطعة الشاهدة له بعلو درجته وزيادة مزيته ولمؤله بسعة اطلاعه ووفردة آدابه وطول باعه .
وطالمات تشوف العلماء الى بزوغ بدره وتشوق الادباء الى ترشف ثغره حتى كانت اهتمت بطبعه سابقا هيئة علمية معنونة باسم جمعية المعارف بالقاهرة المعزية وطبعت منه الخمسة الاجزاء الاول ولم يساعدها الزمان باتمام طبعه لوضع كامل ثمرته في طبق العيان وانتشر ما طبع منه من هذه الاجزاء وتداول في سائر الامصار بين الفضلاء والادباء والنبهاء وتلقوه بالقبول مع ما فيه من التحريف والغلطات والتصحيف والسقطات ولكن جزى الله تعالى هذه الجمعية الجزاء الجزيل على ما أبدت من سعيها المشكور الجميل إذ بذلت ما في وسعها وشمرت عن ساعد الجد بقدر امكانها وبقيت النفوس من ذلك الوقت متطلعة الى طلعة بدره الكاملة والانظار متوجهة الى تخلصه من حجبه الحائلة فرغب كثير من ذوى البرر العوارف المحبين لنشر آثار المعارف في تتميم طبعه لتعميم نفعه مسابقة الى عمل الخيرات واغتناما لصالح الدعوات ولكن لم يوفقوا لما عزموا عليه ولم يظفروا بما هامت همتهم إليه لجاسمته وكثرة نفقته وصعوبة الحصول على نسخه وغيرها من الامهات المعتمدة في التحرى والتحرير وتخليصه من شوائب التحريف والتغيير فانقطعت آمال رغابته من تحصيله ومناله وأيست طلابه من نيل وصاله حتى وفق الله تعالى له ذا المعارف الموفورة والهمم العلية والعوارف المشهورة العلم الشامخ المفرد والمقدام البازخ الراسخ الا وحد رب السيف القاطع والقلم البارع الهمام الشجاع والهزبر المناع أعنى الوزير الاكرم والمشير الافخم محرز قصبات السبق في ميادين الفخار الغازى أحمد باشا مختار المندوب العالي السلطاني فلما علم له حصول التعطيل في اتمام هذا الشرح الجليل ذى النفع الجزيل تأسف من تأخير طبعه وتأثر من عدم انتشار نفعه فاخذ حفظه الله في أسباب تسهيله باذلاهمته نحو المساعدة في تكميله وباطلاع دولته على ما وقع في الاجزاء الخمسة الاول المطبوعة على طرف الجمعية المذكورة من السقط