منه من لا يحتاج الى الحسن والزينة وأعظم ذلك ( الغوانى ) جمع غانية والمراد بها التى تستغنى بحسنها عن الزينة لانه منها أبلغ .
وان مر أنها تطلق بمعنى التى استغنت بزوجها عن الرجال كما لا في العفة أو ببيت أبيها عن الازواج زيادة في التصون فان المعنى الاول هنا أنسب ولم اكانت المحاسن أنواعا وأحسنها عند ذوى الاذواق المحاسن المعنوية ولا سيما المتصفة باللطف قال ( لطائف المعاني ) وهو من اضافة الموصوف الى الصفة أي المعاني اللطائف ( وأجزل ) أي أكثر ( من فضله العميم ) أي العام الشامل ( ثوابي ) أي جزائي على هذا الخير ( وجعله نورا ) يضئ لى ( بين يدى ) لانه من الاعمال التى لا تنقطع بالموت ( يوم حسابى ) أي يوم القيامة لانه الذى يحاسب فيه الخلائق ثم ختم بما حصل به الابتداء فقال ( والحمد لله رب العالمين ) فهو من أبدع رد العجز على الصدر ولذلك كان أول القرآن وآخر دعوى أهل الجنان و ( على فضله ) متعلق بأحمد محذوف لان المصدر لا يعمل مع الفصل وان أجازه السعد في بعض المباحث والفضل الاحسان و ( الموفور ) الكثير ( وقبوله منا عفو خاطرنا ) عفو الخاطر ما يصدر عنه بلا كلفة و ( المنزور ) القليل اشارة الى انه تعالى لكمال كرمه وفضله يقبل القليل ويجازى عليه جل شأنه بالجزيل الجليل ثم بعد الحمد أردف بالصلاة والسلام على النبي A لانها الذخر الاعظم والوسيلة الكبرى في قبول الاعمال وبلوغ الآمال فقال ( والصلاة والسلام الاتمان الاكملان ) وصفهما بالتمام والكمال مبالغة ان قلنا بتراد فهما على ما هو رأى أكثر أهل اللغة وزيادة في التعظيم والمبالغة على القول باختلافهما ( على حبيبه وصفيه وخليله ونبيه ) والمحبة والصفوة والخلة والنبوة كلها أوصاف له صلى الله تعالى عليه وسلم وقد شرحت في مواضعها والقول في التفاضل بين الخلة والمحبة أمر مشهور وقد أشرنا لبعضه في مواضع من هذا الكتاب ثم ذكر اسمه الشريف فقال ( محمد ) A وأشار بقوله ( الذى لا نرضى لبيان استحقاقه من الوصف جهدنا ) الى أن الانسان وان قال ما قال وبلغ من البلاغة أقصى المقال فان جهده جهد مقل بالنسبة الى فضائله A التى لا يحصيها العدد وتنتهى المدد ولا ينتهى لفيضها مدد ولذلك نستعين على ذلك بطلبه من خالق القوى والقدر ونستمد بعض كمالاته من مدد القضاء والقدر لا رب غيره ( ونبتهل الى الله الكريم ) أي نتوجه ونتضرع إليه في ( أن يوصل إليه صلاتنا ) وفى يوصل وصلاتنا جناس الاشتقاق ( ويقرب منه بعدنا ) يمكن ان يراد به التقريب الحسى والمعنوي ( وأن يصلى على آله ) وهم أقاريه المؤمنون من بنى هاشم على الاصح من أقوال سبعه لمالك ويراد بهم في الدعاء كل مؤمن تقى أو كل الامة ( وأزواجه ) أمهات المؤمنين من ماتت منهن في عصمته حيا كالسيدة خديجة رضى الله عنها وأم المساكين على الاصح ومن بقين بعده في عصمته كامهات المؤمنين التسع رضى الله تعالى عنهن ويلحق بهن سراريه ( وأصحابه ) رضى الله عنهم كل من اجتمع به مؤمنا به على الاصح ولا تشترط الرؤية وال الرواية ولا الطول ولا غير ذلك خلافا لزاعمه ووصفهم بقوله ( ولاة الحق ) جمع وال أي الذين يلون الحق أي يتصفون به ( وقضاة الخلق ) جمع قاض أي شأنهم الاتصاف بذلك وان لم يلوه بالفعل لان النبي A قال أصحابي كالنجوم بايهم اقتديتم اهتديتم ( ورتقة الفتق ) الرتقة محركة جمع راتق وهو الذى يضم الشئ ويلامه والفتق الشق وفسر المصنف الرتق بانه ضد الفتق فالجمع بينهما من أنواع البديع ( وغرر السبق ) الغرر جمع غرة والسبق التقدم ( وفتحة الغرب والشرق ) الفتحة بالتحريك جمع فاتح والمراد بالغرب والشرق قطراهما لانهم رضى الله تعالى عنهم جاهدوا في الله حق جهاده حتى مهدوا الدنيا باسرها واستولوا على الارضين كلها بفتحها بقتل كفرتها وأخذها وأسرها جزاهم الله خيرا عن الاسلام وبوأهم الجنة دار السلام ورزقنا محبتهم الخالصة والانقياد الى ودهم والاستسلام آمين ( وسلم ) هكذا في سائر النسخ وكانه معطوف على صلى المقدر من قوله وأن يصلى عليه ( تسليما كثيرا ) دائما أبدا ( وحسبنا الله ونعم الوكيل ) هكذا وجد في النسخ الموجودة عندنا ختام هذه الخاتمة بهذا الآية الكريمة وفى بعضها بدون هذه الآية وتقدم أن الجوهرى ختم كتابه بقول ذى الرمة السابق وقلده صاحب اللسان وأما الازهرى فقال في آخر كتابه ما نصه وهذا آخر الكتاب الذى سميته تهذيب اللغة وقد حرصت أن لا أودعه من كلامهم الا ما صح لى سماعا من أعرابي فصيح أو محفوظا الامام ثقة واماما وقع في تضاعيفه لابي بكر محمد بن دريد الشاعر ولليث مما لم أحفظه لغيرهما من الثقات فقد ذكرت أول الكتاب أنى واقف في تلك الحروف ويجب على الناظر فيها ان يفحص عن تلك الغرائب التى استغربناها وأنكرنا معرفتها فان وجدها محفوظة في كتب الائمة أو شعر جاهلي أو بدوى اسلامي علم صحتها وما لم يصح له من هذه الجهة توقف عن تصحيحه وأما النوادر التى رواها أبو عمر الزاهد وأودعها كتابه فانى تأملتها ولم أعثر منها على كلمة مصحفة ولا لفظة مزالة عن وجهها أو محرفة عن معناها ووجدت عظم ما روى لابن الاعرابي وأبى عمر والشيبانى وأبى زيد وأبى عبيدة والاصمعى معروفا في الكتب التى رواها الثقات عنهم والنوادر المحفوظة لهم ولا يخفى ذلك على من درس كتبهم وعنى بحفظها والتفقد لها ولم أذهب فيما ألفت وجمعت في كتابي مذهب من تصدى للتأليف فجمع ما جمع من كتب لم يحكم معرفتها ولم يسمعها ممن أتقنها وحمله الجهل وقلة المعرفة على تحصيل ما لم يحصله وتكملة ما لم يكمله حتى أفضى به ذلك الى أن صحف فاكثرو غير فأخطأ ولما تأملت ما ألفه هذا الطبقة وجنايتهم على لسان العرب الذى به نزل الكتاب ووردت السنن والاخبار وازالتهم كلام العرب عما عليه صيغة ألسنتها وادخالهم فيه ما ليس من لغاتها علمت ان المميزين من علماء اللغة قد قلوا في أقطار الارض وأن من درس تلك الكتب ربما اغتر بها واستعملها واتخذها أصولا فبنى عليها فألفت هذا الكتاب وأعفيته من الحشو وبينت