وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

المبحث الثاني : فيما يرجع من الفقه إلى القصد و النية .
المبحث الثاني : فيما يرجع إلى هذه القاعدة من أبواب الفقه .
اعلم أنه قد تواتر النقل عن الأئمة في تعظيم قدر حديث النية : .
قال أبو عبيدة : ليس في أخبار النبي صلى الله عليه و سلم شيء أجمع و أغنى و أكثر فائدة منه .
و اتفق الإمام الشافعي و أحمد بن حنبل و ابن مهدي و ابن المديني و أبو داود و الدارقطني و غيرهم على أنه ثلث العلم و منهم من قال : ربعه .
و وجه البيهقي كونه ثلث العلم : بأن كسب العبد يقع بقلبه و لسانه و جوارحه .
فالنية أحد أقسامها الثلاثة و أرجحها لأنها قد تكون عبادة مستقلة و غيرها يحتاج إليها و من ثم ورد : [ نية المؤمن خير من عمله ] .
و كلام الإمام أحمد يدل على أنه أراد بكونه ثلث العلم أنه أحد القواعد الثلاث التي ترد إليها جميع الأحكام عنده فإنه قال : أصول الإسلام على ثلاثة أحاديث : حديث [ الأعمال بالنية ] و حديث : [ من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ] و حديث [ الحلال بين و الحرام بين ] .
و [ قال أبو داود : مدار السنة على أربعة أحاديث : حديث الأعمال بالنيات و حديث : من حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه و حديث : الحلال بين و الحرام بين و حديث : إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا ] .
و في لفظ عنه : يكفي الإنسان لدينه أربعة أحاديث فذكرها و ذكر بدل الأخير : حديث : [ لا يكون المؤمن مؤمنا حتى يرضى لأخيه ما يرض لنفسه ] .
و عنه أيضا : الفقه يدور على خمسة أحاديث : الأعمال بالنيات و الحلال بين و : لا ضرر و لا ضرار و : ما نهيتكم عنه فانتهوا و ما أمرتكم به فائتوا منه ما استطعتم [ .
و قال الدارقطني : أصول الأحاديث أربعة : الأعمال بالنيات و : من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه و : الحلال بين و : ازهد في الدنيا يحبك الله ] .
و حكى الخفاف من أصحابنا في كتاب الخصال عن ابن مهدي و ابن المديني : أن مدار الأحاديث على أربعة : الأعمال بالنيات و : لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث و : بني الإسلام على خمس و : البينة على المدعي و اليمين على من أنكر .
و قال ابن مهدي أيضا : حديث النية يدخل في ثلاثين بابا من العلم .
و قال الشافعي : يدخل في سبعين بابا .
قلت : و هذا ذكر ما يرجع إليه من الأبواب إجمالا : .
من ذلك : ربع العبادات بكماله : كالوضوء و الغسل فرضا و نفلا و مسح الخف في مسألة الجرموق إذا مسح الأعلى و هو ضعيف فينزل البلل إلى الأسفل و التيمم و إزالة النجاسة على رأي و غسل الميت على رأي و الأواني في مسألة الضبة بقصد الزينة أو غيرها و الصلاة بأنواعها : فرض عين و كفاية و راتبة و سنة و نفلا مطلقا و القصر و الجمع و الإمامة و الاقتداء و سجود التلاوة و الشكر و خطبة الجمعة على أحد الوجهين و الأذان على رأي و أداء الزكاة و استعمال الحلى و كنزه و التجارة و القنية و الخلطة على رأي و بيع المال الزكوي و صدقة التطوع و الصوم فرضا و نفلا و الاعتكاف و الحج و العمرة و كذلك الطواف : فرضا و واجبا و سنة و التحلل للمحصر و التمتع على رأي و مجاوزة الميقات و السعي و الوقوف على رأي و الفداء و الهدايا و الضحايا فرضا و نفلا و النذور و الكفارات و الجهاد و العتق و التدبير و الكتابة و الوصية و النكاح و الوقف و سائر القرب بمعنى توقف حصول الثواب على قصد التقرب بها إلى الله تعالى و كذلك نشر العلم تعليما و إفتاء و تصنيفا و الحكم بين الناس و إقامة الحدود و كل ما يتعاطاه الحكام و الولاة و تحمل الشهادات و أداؤها .
بل يسري ذلك إلى سائر المباحات إذا قصد بها التقوى على العبادة أو التوصل إليها : كالأكل و النوم و اكتساب المال و غير ذلك و كذلك النكاح و الوطء إذا قصد به إقامة السنة أو الإعفاف أو تحصيل الولد الصالح و تكثير الأمة و يندرج في ذلك ما لا يحصى من المسائل .
و مما تدخل فيه من العقود و نحوها : كنايات البيع و الهبة و الوقف و القرض و الضمان و الإبراء و الحوالة و الإقالة و الوكالة و تفويض القضاء و الإقرار و الإجارة و الوصية و العتق و التدبير و الكتابة و الطلاق و الخلع و الرجعة و الإيلاء و الظهار و الإيمان و القذف و الأمان .
و يدخل أيضا فيها في غير الكنايات في مسائل شتى : كقصد لفظ الصريح لمعناه و نية المعقود عليه في المبيع و الثمن و عوض الخلع و المنكوحة و يدخل في بيع المال الربوي و نحوه و في النكاح إذا نوى ما لو صرح به بطل .
و في القصاص في مسائل كثيرة : منها تمييز العمد و شبهه من الخطأ و منها إذا قتل الوكيل في القصاص إن قصد قتله عن الموكل أو قتله بشهوة نفسه و في الردة و في السرقة فيما إذا أخذ آلات الملاهي بقصد كسرها و إشهارها أو بقصد سرقتها و فيما إذا أخذ الدائن مال المدين بقصد الاستيفاء أو السرقة فلا يقطع في الأول و يقطع في الثاني و في أداء الدين فلو كان عليه دينان لرجل بأحدهما رهن فأدى أحدهما و نوى به دين الرهن انصرف إليه و القول قوله في نيته و في اللقطة بقصد الحفظ أو التمليك و فيما لو أسلم على أكثر من أربع فقال : فسخت نكاح هذه فإن به من الطلاق كان تعيينا لاختيار النكاح و إن نوى الفراق أو أطلق حمل على اختيار الفراق و فيما لو وطئ أمة بشبهة و هو يظنها زوجته الحرة فإن الولد ينعقد حرا و فيما لو تعاطى فعل شيء مباح له و هو يعتقد عدم حله كمن وطئ امرأة يعتقد أنها أجنبية و أنه زان بها فإذا هي حليلته أو قتل من يعتقده معصوما فبان أنه يستحق دمه أو أتلف مالا لغيره فبان ملكه .
قال الشيخ عز الدين : يجري عليه حكم الفاسق لجرأته على الله لأن العدالة إنما شرطت لتحصل الثقة بصدقه و أداء الأمانة و قد انخرمت الثقة بذلك لجرأته لارتكاب ما يعتقده كبيرة .
قال : و أما مفاسد الآخرة فلا يعذب تعذيب زان و لا قاتل و لا آكل مالا حراما لأن عذاب الآخرة مرتب على ترتب المفاسد في الغالب كما أن ثوابها مرتب على ترتب المصالح في الغالب .
قال : و الظاهر أنه لا يعذب تعذيب من ارتكب صغيرة لأجل جرأته انتهاك الحرمة بل عذابا متوسطا بين الصغيرة و الكبيرة .
و عكس هذا : من وطئ أجنبية و هو يظنها حليلة له لا يترتب عليه شيء من العقوبات المؤاخذات المترتبة على الزاني اعتبارا بنيته و مقصده .
و تدخل النية أيضا : في عصير العنب بقصد الخلية و الخمرية و في الهجر فوق ثلاثة أيام فإنه حرام إن قصد الهجر و إلا فلا .
و نظيره أيضا : ترك الطيب و الزينة فوق ثلاثة أيام لموت غير الزوج فإنه إن كان يقصد الإحداد حرم و إلا فلا .
و تدخل أيضا في نية قطع السفر و قطع القراءة في الصلاة و قراءة القرآن جنبا بقصده أو بقصد الذكر و في الصلاة بقصد الإفهام و في غير ذلك و في الجعالة إذا التزم جعلا لمعين فشاركه غيره في العمل إن قصد إعانته فله كل الجعل و إن قصد العمل للمالك فله قسطه و لا شيء للمشارك و في الذبائح .
فهذه سبعون بابا أو أكثر دخلت فيها النية كما ترى .
فعلم من ذلك فساد قول من قال : إن مراد الشافعي بقوله تدخل في سبعين بابا من العلم المبالغة و إذا عددت مسائل هذه الأبواب التي للنية فيها مدخل لم تقصر عن أن تكون ثلث الفقه أو ربعه .
و قد قيل في [ قوله صلى الله عليه و سلم : نية المؤمن خير من عمله ] أن المؤمن يخلد في الجنة و إن أطاع الله مدة حياته فقط لأن نيته أنه لو في أبد الآباد لاستمر على الإيمان فجوزي على ذلك بالخلود في الجنة كما أن الكافر يخلد في النار و إن لم يعص الله إلا مدة حياته فقط لأن نيته الكفر ما عاش