وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

المبحث الثالث : فيما شرعت النية لأجله .
المقصود الأهم منها : تمييز العبادات من العادات و تمييز رتب العبادات بعضها من بعض : كالوضوء و الغسل يتردد بين التنظيف و التبرد و العبادة و الإمساك عن المفطرات قد يكون للحمية و التداوي أو لعدم الحاجة إليه و الجلوس في المسجد قد يكون للاستراحة و دفع المال للغير قد يكون هبة أو وصلة لغرض دنيوي و قد يكون قربة كالزكاة و الصدقة و الكفارة و الذبح قد يكون بقصد الأكل و قد يكون للتقرب بإراقة الدماء .
فشرعت النية لتمييز القرب من غيرها و كل من الوضوء و الغسل و الصلاة و الصوم و نحوها قد يكون فرضا و نذرا و نفلا و التيمم قد يكون عن الحدث أو الجنابة و صورته واحدة فشرعت لتمييز رتب العبادات بعضها من بعض .
و من ثم ترتب على ذلك أمور : .
أحدها : عدم اشتراط النية في عبادة لا تكون عادة أو لا تلتبس بغيرها : كالإيمان بالله تعالى و المعرفة و الخوف و الرجاء و النية و قراءة القرآن و الأذكار لأنها متميزة بصورتها نعم يجب في القراءة إذا كانت منذورة لتمييز الفرض من غيره نقله القمولي في الجواهر عن الروياني و أقره .
و قياسه : إن نذر الذكر و الصلاة عل النبي صلى الله عليه و سلم كذلك نعم إن نذر الصلاة عليه كلما ذكر فالذي يظهر لي أن ذلك لا يحتاج إلى نية لتميزه بسببه .
و أما الأذان : فالمشهور أنه لا يحتاج إلى نية و فيه وجه في البحر و كأنه رأى أنه يستحب لغير الصلاة كما سيأتي فأوجب فيه النية للتمييز .
و أما خطبة الجمعة : ففي اشتراط نيتها و التعرض للفرضية فيها خلاف في الشرح و الروضة بلا ترجيح و في الكفاية : أنه مبني عل أنها بمثابة ركعتين و مقتضاه ترجيح أنها شرط و جزم به الأذرعي في التوسط و عندي خلافه بل يجب أن لا يقصد غيرها .
و أما التروك : كترك الزنا و غيره فلم يحتج إلى نية لحصول المقصود منها و هو اجتناب المنهي بكونه لم يوجد و إن يكن نية نعم يحتاج إليها في حصول الثواب المترتب على الترك .
و لما ترددت إزالة النجاسة بين أصلين : الأفعال من حيث إنها فعل و التروك من حيث إنها قريبة منها جرى في اشتراط النية خلاف و رجح الأكثرون عدمه تغليبا لمشابهة التروك .
و نظر ذلك أيضا : غسل الميت و الأصح فيه أيضا عدم الاشتراط لأن القصد منه التنظيف كإزالة النجاسة .
و نظيره أيضا : نية الخروج من الصلاة هل تشترط ؟ و الأصح : لا قال الإمام : لأن النية إنما تليق بالإقدام لا بالترك .
و نظيره أيضا : صوم التمتع هل تشترط فيه نية التفرقة ؟ و الأصح : لا لأنها حاصلة بدونها .
و نظيره أيضا : نية التمتع هل تشترط في وجوب الدم ؟ و الأصح : لا : لأنه متعلق بترك الإحرام للحج من الميقات و ذلك موجود بدونها .
و نظيره أيضا : نية الخلطة هل تشترط ؟ و الأصح لا لأنها إنما أثرت في الزكاة للاقتصار على مؤونة واحدة و ذلك حاصل بدونها .
و مقابل الأصح في الكل راعي جانب العبادات فقاس غسل الميت على غسل الجنابة و التمتع على الجمع بين الصلاتين فإنه جمع بين نسكين و لهذا جرى في وقت نيته الجمع و في الجمع وجه أنه لا يشترط فيه النية و اختاره البلقيني و قال لأنه ليس بعمل و إنما العمل الصلاة و صورة الجمع حاصلة بدون نية و لهذا ى تجب في جمع التأخير نعم يجب فيه أن يكون التأخير بنية الجمع و يشترط كون هذه النية في وقت الأولى بحيث يبقى في وقتها بقدر ما يسعها فإن أخر بغير نية الجمع حتى خرج الوقت أو ضاق بحيث لا يسع الفرض عصى و صارت الأولى قضاء هكذا جزم به الأصحاب و يقرب منه ما ذكر النووي في شرح المهذب و التحقق أن الأصح في الصلاة في الصلاة و في كل و اجب موسع إذا لم يفعل في أول الوقت أنه لابد عند التأخير من العزم على فعله في أثناء الوقت و المعروف في الأصول خلاف ذلك و قد جزم السبكي في جمع الجوامع بأنه لا يجب العزم على المؤخر .
و أورد عليه ما ذكره النووي فيما تقدم فأجاب في منع الموانع : بأنه مثل هذا لا يؤخذ من التحقيق و لا من شرح المهذب و أن القول بالوجوب لا يعرف إلا عن القاضي و من تبعه .
قال : و لولا جلالة القاضي لقلت : إن هذا من أفحش الأقوال و لولا أني و جدته منصوصا في كلامه منقولا في كلام الإثبات عنه لجوزت الزلل على الناقل لسفاهة هذا القول في نفسه و هو قول مهجور في هذه الملة الإسلامية أعتقد أنه خارق لإجماع المسلمين ليس لقائله شبهة يرتضيها محقق و هو معدود من هفوات القاضي و من العظائم في الدين فإنه إيجاب بلا دليل انتهى .
ضابط .
قال بعضهم : ليس لنا عبادة يجب العزم عليها و لا يجب فعلها سوى الفار من الزحف لا يجوز إلا بقصد التحيز إلى فئة و إذا تحيز إليها لا يجب القتال معها في الأصح لأن العزم مرخص له في الانصراف لا موجب للرجوع .
الأمر الثاني : .
اشتراط التعيين فيما يلتبس دون غيره .
قال في شرح المهذب : و دليل ذلك [ قوله صلى الله عليه و سلم : و إنما لكل امرئ ما نوى ] فهذا ظاهر في اشتراط التعيين لأن أصل النية فهم من أول الحديث : [ إنما الأعمال بالنيات ] .
فمن الأول : الصلاة فيشترط التعيين في الفرائض لتساوي الظهر و العصر فعلا و صورة فلا يميز بينهما إلا التعيين .
و في النوافل غير المطلقة كالرواتب فيعينها بإضافتها إلى الظهر مثلا و كونها التي قبلها أو التي بعدها كما جزم به في شرح المهذب و العيدين فيعينهما بالفطر و النحر و قال الشيخ عز الدين : ينبغي أن لا يجب التعرض لذلك لأنهما يستويان في جميع الصفات فيلحق بالكفارات و التراويح و الضحى و الوتر و الكسوف و الاستسقاء فيعينها بما اشتهرت به هذا ما ذكر في الروضة و أصلها و شرح المهذب في باب صفة الصلاة .
و بقي نوافل أخر منها ركعتا الإحرام و الطواف قال في المهمات : و قد نقل في الكفاية عن الأصحاب : اشتراط التعيين فيهما و صرح بركعتي الطواف النووي في تصحيح التنبيه و عدها فيما يجب فيه التعيين بلا خلاف .
قلت : و صرح بركعتي الإحرام في المناسك .
و منها : التحية فنقل في المهمات عن الكفاية أنها تحصل بمطلق الصلاة و لا يشترط فيها التعيين بلا شك و قال في شرح المنهاج : فيه نظر لأن أقلها ركعتان و لم ينوهما إلا أن يريد الإطلاق مع التقييد بركعتين .
و منها : سنة الوضوء قال في المهمات : و يتجه إلحاقها بالتحية و قد صرح بذلك الغزالي في الإحياء .
قلت : المجزوم به في الروضة في آخر باب الوضوء خلاف ذلك و أما الغزالي فإنه أنكر في الإحياء سنة الوضوء أصلا و رأسا .
و منها : صلاة الاستخارة و الحاجة و لا شك في اشتراط التعيين فيهما و لم أر من تعرض لذلك لكن قال النووي في الأذكار : الظاهر أن الاستخارة تحصل بركعتين من السنن الرواتب و بتحية المسجد و بنيرها من النوافل .
قلت : فعلى هذا يتجه إلحاقها بالتحية في عدم اشتراط التعيين و مثلها صلاة الحاجة .
و منها : سنة الزوال و هي أربع ركعات تصلى بعده لحديث و رد بها و ذكرها المحاملي في الكتاب و غيره و المتجه أنها كسنة الوضوء فإن قلنا : باشتراط التعيين فيها فكذا هنا و إلا فلا لأن المقصود إشغال ذلك الوقت بالعبادة كما أشار إليه [ النبي صلى الله عليه و سلم حيث قال : إنها ساعة تفتح فيها أبواب السماء فأحب أن يصعد لي فيها عمل صالح ] .
و منها : صلاة التسبيح و القتل و لا شك في اشتراط التعيين في الأولى و إن كانت ليست ذات وقت و لا سبب و أما الثانية فلها سبب متأخر كالإحرام فيحتمل اشتراط التعيين فيها و يحتمل خلافه .
و منها : صلاة الغفلة بين المغرب و العشاء و الصلاة في بيته إذا أراد الخروج لسفر و المسافر إذا نزل منزلا و أراد مفارقته يستحب أن يودعه بركعتين و الظاهر في الكل عدم اشتراط التعيين لأن المقصود إشغال الوقت أو المكان بالصلاة كالتحية و لم أر من تعرض لذلك كله .
و من ذلك : الصوم و المذهب المنصوص الذي قطع به الأصحاب اشتراط التعيين فيه لتمييز رمضان من القضاء و النذر و الكفارة و الفدية و عن الحليمي وجه أنه لا يشترط في رمضان قال النووي و هو شاذ مردود نعم لا يشترط تعيين السنة على المذهب و نظيره في الصلاة أنه لا يشترط تعيين اليوم لا في الأداء و لا في القضاء فيكفي فيه فائتة الظهر و لا يشترط أن يقول يوم الخميس و قياس ما تقدم في النوافل المرتبة اشتراط التعيين في رواتب الصوم كصوم عرفة و عاشوراء و أيام البيض و قد ذكره في شرح المهذب بحثا و لم يقف على نقل فيه و هو ظاهر إذا لم نقل بحصولها بأي صوم كان كالتحية كما سيأتي عن البارزي و مثل الرواتب في ذلك : الصوم ذو السبب و هو الأيام المأمور بها في الاستسقاء .
و من الثاني : أعني ما لا يشترط فيه التعيين : الطهارات و الحج و العمرة لأنه لو عين غيرها انصرف إليها و كذا الزكاة و الكفارات .
ضابط .
قال الشيخ في المهذب : كل موضع افتقر إلى نية الفريضة افتقر إلى تعيينها إلا التيمم للفرض في الأصح