وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

فصل : والطلاق ضربان : صريح وكناية .
الطلاق في اللغة هو حل القيد والإطلاق ولهذا يقال ناقة طالق : أي مرسلة ترعى حيث شاءت وهو في الشرع اسم لحل قيد النكاح وهو لفظ جاهلي ورد الشرع بتقريره ويقال طلقت المرأة بفتح اللازم على الأصح ويجوز ضمها والأصل فيه الكتاب والسنة وإجماع أهل الملل مع أهل السنة وسنورد ذلك في محله ثم للطلاق أركان : منها اللفظ فلا يقع الطلاق بمجرد النية ولو حرك لسانه بكلمة الطلاق ولم يرفع صوته قدرا يسمع نفسه ؟ نقل المزني فيه قولين : أحدهما تطلق لأنه أقوى من الكناية مع النية والثاني لا لأنه ليس بكلام ولهذا اشترط في صلاته أن يسمع نفسه قال النووي : الأظهر الثاني لأنه في حكم النية المجردة بخلاف الكناية فإن في وقوع الطلاق به حصول الإفهام ولم يحصل هنا والله أعلم ثم اللفظ إما صريح وإما كناية : فالصريح ما لا يتوقف وقوع الطلاق به على نية لأنه لذلك وضع أي وضعه الشارع لذلك وأما الكناية فهو ما يتوقف على النية وهذا بالإجماع ولا يقع الطلاق في الكناية بلا نية قال : .
فالصريح ثلاثة ألفاظ : الطلاق والفراق والسراح ولا يفتقر صريح الطلاق إلى النية .
أما كون الطلاق صريحا فلأنه قد تكرر في القرآن واشتهر في معناه وهو حل قيد النكاح في الجاهلية والإسلام وأطبق عليه معظم الخلق ولم يختلف فيه أحد قال الله تعالى { الطلاق مرتان } { والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء } { وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة } { يا أيها النبي إذا طلقتم النساء } إلى غير ذلك وأما الفراق والسراح فلورودهما في الشرع ولتكررهما في القرآن بمعنى الطلاق قال الله تعالى { وسرحوهن سراحا جميلا } وقال تعالى { فتعالين أمتعكن وأسرحكن } وقال تعالى { أو فارقوهن بمعروف } وقال تعالى { وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته } وروي أنه E سئل عن الطلقة الثالثة فقال : [ أو تسريح بإحسان ] رواه الدارقطني وصوب إرساله لكن ابن القطان صححه وفي القديم أن الفراق والسراح كنايتان لأنهما يستعملان في الطلاق وغيره فأشبها لفظ البائن والجديد الصحيح الأول لما ذكرنا واعلم أن لفظ الطلاق مصدر والمشتق منه في حكمه في الصراحة فلو قال : أنت طالق أو مطلقة أو يا طالق أو يا مطلقة بتشديد اللام وقع الطلاق وإن لم ينو لأنه صريح في حل قيد النكاح مشتهر بخلاف المشتق من الإطلاق كقوله أنت مطلقة بإسكان الطاء أو يا مطلقة فليس بصريح على الصحيح لعدم اشتهاره وإن كان الإطلاق والتطليق متقاربين كالإكرام والتكريم وفي قوله أنت طالق أو الطلاق أو طلقة وجهان : أصحهما أنه كناية ولو قال : أنت مفارقة أو فارقتك أو سرحتك وأنت مسرحة طلقت وإن لم ينو الطلاق والله أعلم .
فرع قال : أردت بقولي أنت طالق إطلاقها من الوثائق وليس هناك قرينة وبالفراق المفارقة في المنزل وبالسراح إلى منزل أهلها أو قال : أردت خطاب غيرها فسبق لساني إليها لم يقبل منه في ظاهر الحكم فلو صرح بذلك فقال : أنت طالق من وثاق أو سرحتك إلى موضع كذا أو فارقتك في المنزل خرج عن كونه صريحا وصار كناية والله أعلم .
مسألة إذا اشتهر في الطلاق لفظ سوى الألفاظ الثلاثة الصريحة كقول الناس : أنت علي حرام ففي إلحاقه بالصريح أوجه أصحها عند الرافعي أنه يلحق بالصريح حتى يقع الطلاق وإن لم ينو لغلبة الاستعمال وحصول التفاهم ونسبه إلى التهذيب وفتاوى القفال والقاضي حسين والمتأخرين والثاني لا يلتحق بالصرائح قاله الرافعي ورجحه المتولي ووجهه بأن الصرائح تؤخذ من ورود القرآن بها وتكررها على لسان حملة الشريعة وإلا فلا فرق إذا نظرنا إلى مجرد اللغة والاستعمال بين الفراق والبينونة قال النووي : الأرجح الذي قطع به العراقيون والمتقدمون أنه كناية مطلقا والله أعلم وأما البلاد التي لم يشتهر فيها هذا اللفظ للطلاق فهو كناية في حق أهلها بلا خلاف ولو قال : أنت حرام ولم يقل علي قال البغوي : هو كناية بلا خلاف والله أعلم قال : .
والكناية كل لفظ احتمل الطلاق وغيره ويفتقر إلى النية .
هذا هو الضرب الثاني وهو الكناية ويقع الطلاق بها مع النية بالإجماع وروي أن عمر Bه قال لرجل قال لزوجته : حبلك على غاربك أنشدك برب هذه البنية هل أردت الطلاق ؟ فقال الرجل : أردت الفراق فقال : هو ما أردت وعن عائشة Bها [ أن ابنة الجون لما دخلت على رسول الله A ودنا منها قالت : أعوذ بالله منك فقال : لقد عذت بعظيم الحقي بأهلك ] رواه البخاري فإن لم ينو لم يقع الطلاق لأثر عمر لأنه لو كان يقع بلا نية لم يكن للتحليف فائدة ولما بعث رسول الله A إلى كعب بن مالك أن يعتزل امرأته قال لها كعب : الحقي بأهلك فلما نزلت توبته لم يفرق النبي A بينهما ولأن ألفاظ الكناية تحتمل الطلاق وغيره فلا يقع ما لم ينوه كما أن الامساك عن الطعام لما احتمل العبادة وغيرها لم ينصرف إليها إلا بالنية ثم ألفاظ الكناية كثيرة جدا فنقتصر على ذكر بعضها فمنها قوله : أنت خلية أي خلية من الأزواج وبرية أي برئت من الزوج وبتة أي قطعت الوصلة بيننا وبتلة من تبتل الرجل إذا ترك النكاح وانفرد وبائن من البين وهو الفراق ويجوز بائنة والأفصح بائن كحائض وطالق وأنت حرة وأنت واحدة واعتدي واستبرئي رحمك والحق بأهلك وحبلك على غاربك وما أشبه ذلك كقوله : أخرجي واذهبي وسافري وتقنعي وتستري وبيني وابعدي وتجرعي وما أشبه ذلك كقوله : أنت حرام وأنت محرمة أو حرمتك ثم إن نوى الطلاق بقوله أنت علي حرام ونحوها يقع رجعيا وإن نوى عددا وقع ما نوى الظهار فهو ظهار وإن نوى الطلاق والظهار معا فأوجه أصحها يتخير بين جعله طلاقا أو ظهارا وبهذا قال ابن الحداد وأكثر الأصحاب ولا ينفذ الإثنان معا بلا خلاف وقيل يكون طلاقا وقيل يكون ظهارا قال الأسنوي : وتقرير منع الجمع ممنوع يعني كونه طلاقا وظهارا فإنه يجوز استعمال اللفظ في المعنيين معا على مذهب الشافعي سواء كان اللفظ حقيقة فيهما كالمشترك أو حقيقة في أحدهما مجازا في الآخر وقد صرح الرافعي بأن الجمع بين الحقيقة والمجاز غير ممتنع ذكره في كتاب الأيمان وإن أطلق قوله : أنت علي حرام ولم ينو الطلاق ولا الظهار فقولان وهذا كله تفريع على ما صححه النووي أن قوله : أنت علي حرام كناية أم على قول الرافعي فإنه يكون طلاقا وإن أراد بقوله : أنت علي حرام تحريم عينها أو ذاتها أو وطئها لزمه كفارة يمين في الحال وكذا إن لم يكن له في الأظهر وإن قال : أنت كالميتة والدم ولحم الخنزير وقال : أردت به الطلاق أو الظهار نفذا وإن نوى التحريم لزمه الكفارة وإن أطلق فالنص أنه كالحرام فيكون على الخلاف وعلى هذا جرى الإمام والذي ذكره البغوي وغيره أنه لا شئ عليه ولو قال : أردت أنها حرام علي فإن جعلناه صريحا وجبت الكفارة وإلا فلا لأنه ليس للكناية كناية وتبعه على هذا جماعة وقال الرافعي : ولا يكاد يتحقق هذا التصوير ولو قال : أردت أنها كالميتتة في الاستقذار صدق ولا شئ عليه والله أعلم واعلم أن نية الكناية لا بد أن تقترن باللفظ فلو تقدمت أو تأخرت لم تؤثر ولو نوى في أوله عند قوله : أنت أو عكسه كمن نوى عند قوله : بائن ففيه وجهان : الأصح في الشرح الصغير الوقوع في الصورة الأولى وخالف في المحرر فرجح أنه لا بد من اقترانها بجميع اللفظ واختلف كلام الروضة والمنهاج أيضا فرجح فيه اقتران النية بكل اللفظ وقال في الروضة : ولو اقترنت النية بأول اللفظ دون آخره أو عكسه طلقت في الأصح وقال الأسنوي : والفتوى أنه يقع في الأولى فيما إذا نوى في أول اللفظ دون الثانية قال الماوردي بعد تصحيحه : إنه أشبه بمذهب الشافعي والله أعلم .
فرع قال هذا الطعام أو الثوب أو الشاة حرام علي فهو لعو لا يتعلق به كفارة ولا غيرها والله أعلم قال :