وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

فصل : في الخلع : والخلع جائز على عوض معلوم .
الخلع مشتق من الخلع وهو النزع ومنه خلع الثوب فإذا فارقها فقد خلعها منه وهو في الشرع عبارة عن الفرقة على عوض يأخذه الزوج وفيه نظر من جهة أنه لو خالعها على ما ثبت لها عليه من القصاص أو الديون ونحو ذلك فإنه يصح ولا أخذ فالأحسن أن يقال : فرقة على عوض راجع إلى الزوج وأصل الخلع مجمع على جوازه وجاء به القرآن والسنة قال الله تعالى { فلا جناح عليهما فيما افتدت به } وعن ابن عباس Bهما [ أن امرأة ثابت بن قيس أتت النبي A فقالت : يا رسول الله ثابت بن قيس ما أعتب عليه في خلق ولا دين ولكني أكره الكفر في الإسلام فقال النبي A : أتردين عليه حديقته ؟ قالت : نعم فقال رسول الله A : اقبل الحديقة وطلقها تطليقة ] رواه البخاري ولا فرق في جواز الخلع بين أن يخالع على الصداق أو على بعضه أو على مال آخر سواء كان أقل من الصداق أو أكثر ولا فرق بين العين والدين والمنفعة وضابطه أن كل ما جاز أن يكون صداقا جاز أن يكون عوضا في الخلع لعموم قوله تعالى { فلا جناح عليهما فيما افتدت به } ولأنه عقد على بضع فأشبه النكاح ويشترط في عوض الخلع أن يكون معلوما متمولا مع سائر شروط الأعواض كالقدرة على التسليم واستقرار الملك وغير ذلك لأن الخلع عقد معاوضة فأشبه البيع والصداق وهذا صحيح في الخلع الصحيح أما الخلع الفاسد فلا يشترط العلم به فلو خالعها على مجهول كثوب غير معين أو على حمل هذه الدابة أو خالعها بشرط فاسد كشرط أن لا ينفق عليها وهي حامل أو لا سكنى لها أو خالعها بألف إلى أجل مجهول ونحو ذلك بانت منه في هذه الصورة بمهر المثل أما حصول الفرقة فلأن الخلع إما فسخ أو طلاق إن كان فسخا فالنكاح لا يفسد العوض فكذا فسخه إذ الفسوخ تحكي العقود وإن كان طلاقا فالطلاق يحصل بلا عوض وماله حصول بلا عوض فيحصل مع فساد العوض كالنكاح بل أولى لقوة الطلاق وسرايته وأما الرجوع إلى مهر المثل فلأن قضية فساد العوض ارتداد العوض الآخر والبضع لا يرتد بعد حصول الفرقة فوجب رد بدله كما مر في فساد الصداق ويقاس بما ذكرنا ما يشبهه لأن ما لم يكن ركنا في شئ لا يضر الجهل بل كالصداق ومن صور ذلك ما لو خالعها على ما في كفها ولم يعلمه فإنها تبين منه بمهر المثل فإن لم يكن في كفها شئ ففي الوسيط أنه يقع الطلاق رجعيا والذي نقله غيره أنه يقع بائنا بمهر المثل قاله الرافعي : ويشبه أن يكون الأول فيما إذا كان عالما بالحال والثاني فيما إذا ظن أن في كفها شيئا قال النووي : المعروف الذي أطلقه الجمهور وقوعه بائنا بمهر المثل والله أعلم واعلم أن الخلع على ما ليس بمال ولكن قد يقصد يقع به الطلاق بائنا بمهر المثل كما لو خالعها على خمر أو حر أو مغصوب بخلاف ما لو خالعها على دم فإنه يقع الطلاق رجعيا وفرق بأن الدم لا يقصد بحال فكأنه لم يطع في شئ والخلع على الميتة كالخمر لا كالدم لأنها قد تقصد للضرورة والجوارج وقال القاضي حسين : يقع في ذكر الخمر والمغصوب رجعيا لأن المذكور ليس بمال فلا يظهر طمعه في شئ والصحيح أنه يقع بائنا بمهر المثل وقطع به الأصحاب والخلع على ما لا يقدر على تسليمه وما لم يتم الملك عليه كالخلع على الخمر ولو خالعها على عين فتلفت قبل القبض أو خرجت مستحقة للغير أو معيبة فردها أو فاتت منها صفة مشروطة فردها رجع بمهر المثل في الأصح وقيل بقيمة العين بخلاف ما لو خالعها على شئ موصوف في الذمة بصفات معتبرة فأعطته ذلك الشئ فبان معيبا فله رده ويطالبها بسليم كما في السلم ولو قال : إن أعطيتني ثوبا صفته كذا فأنت طالق فأعطيته ثوبا بتك الصفة طلقت فإن خرج معيبا فرده رجع بمهر المثل على الأظهر وبقيمة ذلك الثوب سليما على قول ضعيف والله أعلم واعلم أنه يشترط أن لا يتخلل بين الإيجاب والقبول كلام أجنبي فإن تخلل كلام كثير بطل الارتباط بينهما ولا يضر اليسير على الصحيح .
فرع كثير الوقوع قالت الزوجة : إن طلقتني فأنت بريء من صداقي أو فقد أبرأتك فطلق وقع الطلاق رجعيا ولم يبرأ من الصداق لأن تعليق الأبراء لا يصح وطلاق الزوج طمعا في البراءة من غير لفظ صحيح في الالتزام لا يوجب عوضا قال الرافعي : وكان لا يبعد أن يقال طلق طمعا في حصول البراءة وهي رغبت في الطلاق بالبراءة فيكون ذلك عوضا فاسدا فأشبه ما إذا ذكر خمرا ونحوه والله أعلم وهذا هو الذي بحثه الرافعي نقله الخوارزمي ونقل في المسألة وجهين بل جزم به القاضي حسين ونقله عن الرافعي في آخر الباب الخامس من الخلع فقال : ولو قالت إن طلقتني أبرأتك من صداقي أو فأنت بريء فطلق لا يحصل الإبراء لأن تعليق الإبراء لا يصح لكن عليها مهر المثل لأنه لم يطلق مجانا بل بالإبراء وظن صحته والله أعلم قال الأسنوي : وما نقله من وجوب مهر المثل وأقره المشهور خلافه فلا يجب شئ ويقع رجعيا والله أعلم قلت : يعضد قول الرافعي مسائل منها ما احتج به من ذكر الخمر والخنزير والحر والمغصوب والميتة وعللوا البينونة بالطمع فيما قد يقصد وفي مسألتنا البراءة من الصداق مقصودة لا محالة ومنها ما تقدم أيضا فيما إذا خالعها على ما في كفها ولا شئ فيه أنها تبين بمهر المثل لأنه إنما طلق طمعا في شئ كذا ذكره في الشامل والتتمة ورحجه النووي واعتمدوا في البينونة على تعليل الطمع ومنها لو تخالعا بما بقي من صداقها ولم يكن بقي لها شئ فهل تبين بمهر المثل ؟ فيه وجهان في فتاوى البغوي ورجح الحصول وفي فتاوى القفال أنه إذا خالعها على صداقها وقد أبرأته منه فإن جهلت الحال فعليها مهر المثل أم مثل ذلك القدر ؟ قولان وإن كانت عالمة فإن جرى لفظ الطلاق فهل تبين أو يقع رجعيا ؟ وجهان وإن جرى لفظ الخلع فإن قلنا في الطلاق يجب المال فهنا أولى وإلا فوجهان بناء على أن لفظ الخلع يقتضيه أم لا انتهى كلام القفال والصحيح أن مطلق الخلع يقتضي المال وقد يجاب بأن هذه الصورة فيها تعليق من جهة الزوج بخلاف مسألة البراءة فإنه لا تعليق فيها من جهته بل من المرأة والله أعلم قال : .
وتملك به المرأة نفسها ولا رجعة له عليها .
إذا طلق الرجل زوجته على عوض أو خالعها فلا رجعة له سواء كان العوض صحيحا أو فاسدا سواء قلنا الخلع فسخ أو طلاق لأنها بذلت المال لتملك البضع فلا يملك الزوج ولاية الرجوع إليه كما أن الزوج إذا بذل المال صداقا ليتملك البضع لا يكون للمرأة ولاية الرجوع إلى البضع والله أعلم .
فرع قال لزوجته : خالعتك بدينار على أن لي عليك رجعة فهل يقع الطلاق رجعيا ولا مال أو يلغو شرط الرجعة وتجعل البينونة بمهر المثل ؟ في ذلك نصوص للشافعي قال ابن مسلمة وابن الوكيل : في المسألة قولان : جمهور الأصحاب على القطع بوقوعه رجعيا بلا مال ولو خالعها بمائة على أن متى شاء رد المائة وكانت له الرجعة ؟ نص الشافعي على أنه يفسد الشرط وتحصل البينونة بمهر المثل فقيل بطر الخلاف في المسألة الأولى وقيل بالجزم بالمنصوص لأنه رضي بسقوط الرجعة هنا ومتى سقطت لا تعود والله أعلم .
فرع وكل رجل أمر امرأة بطلاق زوجته أو خلعها صح على الأصح وقيل لا لأنها لا تستقل ويجوز أن يوكل في الخلع عبدا والسفيه والمحجور عليه ولا يجوز أن يوكل المحجور عليه في القبض فإن فعل وقبض ففي التتمة أن المختلعة تبرأ ويكون الزوج مضيعا لماله ولو وكلت المرأة الاختلاع محجورا عليه بسفه قال البغوي : لا يصح وإن أذن الولي فلو فعل وقع الطلاق رجعيا كاختلاع السفيه وهذا على ما ذكره المتولي فيما إذا أطلق أما إذا أضاف المال إليها فتحصل البينونة ويلزمها المال إذ لا ضرر على السفيه والله أعلم قال : .
ويجوز الخلع في الطهر والحيض ولا يلحق المختلعة طلاق .
الطلاق في زمن الحيض حرام على ما سيأتي ويستثنى من ذلك ما إذا طلقها على عوض وكذا إذا خالعها واحتج لذلك بإطلاق قوله تعالى { فلا جناح عليهما فيما افتدت به } وبأن النبي A أطلق الإذن لثابت بن قيس في الخلع من غير بحث واستفصال عن حال الزوجة وليس الحيض بأمر نادر الوجود في حق النساء قال الشافعي : ترك الاستفصال في قضايا الأحوال مع قيام الاحتمال ينزل منزلة العموم في المقال والنبي A لم يستفصل هل هي حائض أم لا ثم المعنى المحجوز للخلع اختلف فيه على وجهين : أحدهما أن المنع في الحيض إنما كان محافظة على جانبها لتضررها بطول العدة فإذا اختلعت بنفسها فقد رضيت بالتطويل والثاني أن بذل المال يشعر بقيام الضرورة أو الحاجة الشديدة إلى الخلاص وفي مثل هذا لا يحسن الأمر بالتأخير ومراقبة الأوقات وتظهر ثمرة الخلاف في مسألتين : إحداهما إذا سألت الطلاق ورضيت به بلا عوض في الحيض فهل يكون الطلاق حراما ؟ إن عللنا بالرضا فلا يحرم كرضاها بتطويل العدة والثاني وهو الأصح يحرم لأن الضرورة لم تتحقق لعدم بذلك المال المسألة الثانية : لو خالع الزوج أجنبي في الحيض فهل يحرم ؟ وجهان : وجه الجواز أن وجود بذل المال يدل على الضرورة والأصح التحريم لأنه لم يوجد منها رضا ولا بذل وقوله [ ولا يلحق المختلعة طلاق ] لأنها تبين بالخلع والبائن لا يلحقها طلاق لأنها أجنبية بدليل عدم جواز النظر والخلوة ونحوهما والله أعلم .
فرع قد علمت أن الخلع يصح مع الزوجة للنص وكما يصح معها كذلك يصح مع الأجنبي إذا قلنا إن الخلع طلاق وهو الأصح ووجهه أن للزوجة حقا على الزوج ولها أن تسقطه بعوض فجاز ذلك لغيرها كالدين وفي وجه لا يصح فلو قلنا إن الخلع فسخ لم يصح من الأجنبي لأن الفسخ بلا علة لا ينفرد به الزوج فلا يصح طلبه والله أعلم قال :