وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

فصل : في الوصية : وتجوز الوصية بالمعلوم والمجهول والموجود والمعدوم .
الوصية مأخوذة من وصيت الشئ أوصيه إذا وصلته : فالموصى وصل ما كان له في حياته بما بعد موته وهي في الشرع تفويض تصرف خاص بعد الموت وكانت في إبتداء الاسلام واجبة بجميع المال للأقربين لقوله تعالى { كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين } ثم نسخت بآية المواريث وبقي استحبابها في الثلث فما دونه في حق غير الوارث قال رسول الله A : [ ما حق امرئ مسلم له شئ يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عند رأسه ] رواه الشيخان وغيرهم وفي لفظ مسلم [ يبيت ثلاث ليال ] وأجمع المسلمون على استحبابها نعم الصدقة في حال الحياة أفضل للأحاديث المشهورة إذا عرفت هذا فاعلم أن الوصية لها أركان : أحدها الموصى به ويشترط فيه كونه غير معصية فلو أوصى ببناء كنيسة للتعبد أو كتب التوارة وألحق الماوردي بذلك النجوم والفلسفة وألحق القاضي حسين بذلك كتابة الغزل فإنها محرمة ووجه عدم الصحة : أن الوصية شرعت اجتلابا للحسنات واستدراكا لما فات وذلك ينافي المقصود ولو أوصى بمال ليسرج به في الكنائس إن قصد تعظيمها لم يجز وإن قصد الضوء على من يأوي إليها صح كذا قاله جماعة وقد ذكرنا في نظيره في الوقف أنه لا يجوز قال ابن الرفعة : ولا يبعد مجيئه هنا واعلم أن الممنوع منه في الوصية يمتنع على الحي أيضا صرف المال إليه وكل ما يحرم الانتفاع به فلا تصح الوصية به لأن منافعه معدومة شرعا ولا يشترط في الموصى به أن يكون طاهرا نعم الشرط كونه يجوز الانتفاع به كالزبل والكلب الذي يجوز اقتناؤه والزيت النجس لأن هذه الأمور اختصاصات تنتقل إلى الورثة فيجوز نقلها إلى الموصى له بخلاف الكلب العقور والخمر والخنزير لأنه يحرم الانتفاع بها ولا تقر في اليد ولا يشترط كون الموصى به عينا بل تجوز الوصية بالمنافع فتصح الوصية بمنفعة هذا العبد ونحوه وهذا الدار ونحوها وتجوز مؤقتة ومؤبدة والاطلاق يقتضي التأبيد ويجوز أن يوصي لزيد بمنفعة دار ولآخر برقبتها وكما تجوز الوصية بالمنافع كذلك تجوز بالمجهول كما ذكره الشيخ كالوصية بشاة من شياهه واحدى دوابه وكذا بالأعيان الغائبة وبما لا يقدر على تسليمه كالطير في الهواء والعبد الآبق وكما تجوز الوصية بالمجهول تجوز أيضا بالمعدوم كالوصية بما تحمله هذه الناقة ونحوها أو بما تحمله هذه الأشجار ونحو ذلك ووجه ذلك بأن المعدوم يجوز أن يملك بالمساقاة والاجارة مع أنهما عقدا معاوضة فبالوصية أولى لأن باب الوصية أوسع من غيره وقيل لا تصح مطلقا وقيل تصح بالثمرة دون الولد وفرق بينهما بأن الثمرة تحدث بلا صنع بخلاف الولد وإذا صحت الوصية بالحمل الذي سيحدث فتصح بالحمل الموجود أولى وشرط استحقاقه تحقق وجوده حال الوصية .
فرع أوصى له بحمل جارية فألقت جنينها بجناية جان فالأرش للموصى له بخلاف البهيمة فإنه لا شئ للموصى له والفرق أن أرش الجنين بدله : أي بدل الحمل وما وجب في جنين البهيمة بدل ما نقص من قيمة الأم والله أعلم .
فرع قال : أوصيت لك بهذه الدابة وهي ملك غيره أو قال : أوصيت لك بهذا العبد أن ملكته فهل تصح الوصية ؟ فيه وجهان : قطع الغزالي بعدم الصحة لأن هذه العين يملك مالكها الوصية بها فلو صححنا الوصية لأدى إلى أن الشئ الواحد يكون محلا لتصرف اثنين وهو ممتنع والثاني أنه يصح لأنه إذا صحت الوصية بالمعدوم فبهذا أولى قاله النووي في الروضة وهذا أفقه وأجرى على قواعد الباب قلت : وهو الذي جرى عليه الشيخ في التنبيه وأقره النووي في الصحيح والله أعلم قال : .
وهي من الثلث فإن زاد وقف على إجازة الورثة ولا تجوز الوصية للوارث إلا أن يجيزها باقي الورثة .
تجوز الوصية بثلث المال بعد الدين لأن البراء بن معرور Bه أوصى للنبي A بثلث ماله فقبله النبي A ورده على ورثته وسواء كان الموصي عالما بقدر ماله أو جاهلا فإن زاد على الثلث كما إذا أوصى بنصف ماله فهل تصح الوصية ؟ وجهان : قيل لا تصح لأنه E نهي سعدا عن الزائد والنهي يقتضي الفساد والصحيح الصحة ويوقف على إجازة الورثة فإن أجازوا صحت في الزائد وإلا بطلت فيه ووجه الصحة أنها وصية صادفت ملكه وإنما تعلق بها حق الغير فأشبه بيع الشقص المشفوع ثم الرد والإجازة لا يكونان إلا بعد الموت إذا لا حق للوارث قبله فأشبه عفو الشفيع قبل البيع ولو لم يكن له وارث بطلت الوصية فيما زاد على الثلث لأن الأنصاري أعتق ستة أعبد فجزأهم النبي A ثلاثة أجزاء فأعتق اثنين وأرق أربعا قال الأصحاب : لم يكن له وارث إذ لو كان له وارث لوقفه على إجازتهم وهل تستحب الوصية بالثلث ؟ نظر إن كان ورثته أغنياء إما بمالهم أو بما يحصل من ثلثي التركة استحب أن يستوفي الثلث وان كانوا فقراء استحب أن لا يستوفي الثلث لقضية سعد قال ابن الصباغ : في هذه الحالة يوصي بالربع فما دونه وقال القاضي أبو الطيب : إن كان ورثته لا يفضل ماله عن غناهم فالأفضل أن لا يوصي وأطلق الرافعي النقص عن الثلث لخبر سعد ولقول علي Bه : لأن أوصي بالخمس أحب إلي أن أوصي بالربع وبالربع أحب إلي أن أوصي بالثلث والتفصيل الأول هو الذي جزم به في التنبيه وأقره عليه النووي في التصحيح وجزم به في شرح مسلم وحكاه عن الأصحاب والله أعلم وهل تصح الوصية للوارث ؟ فيه خلاف : قيل لا تصح ألبتة لقوله E [ لا وصية لوارث ] وهو حديث حسن صحيح قاله الترمذي والأصح الصحة وتوقف على إجازة الورثة لقوله E [ لا تجوز الوصية لوارث إلا أن يشاء الورثة ] رواه الدارقطني قال عبدالحق : المشهور أنه منقطع ووصله بعضهم فعلى الصحيح إجازة الورثة تنفيذ على الصحيح لا يحتاج إلى إيجاب وقبول وتكفي الإجازة والله أعلم .
فرع الهبة للوارث كالوصية له وكذلك ضمان الدين عنه لأجنبي وأطلق العراقيون أن الوصية لعبد الوارث كالوصية له والله أعلم .
فرع الاعتبار بكونه وارثا عند الموت فلو أوصى لأجنبية ثم تزوجها أو لأخ وله ابن فمات الابن فهي وصية لوارث ولو أوصى لأخ ولا ولد له ثم ولد له ولد نفذت الوصية والله أعلم قال : .
وتصح الوصية من كل مالك عاقل لكل متملك أو في سبيل الله .
من أركان الوصية الموصي والموصى له : فالموصي إن كان جائز التصرف في ماله جازت وصيته للأخبار وإن لم يكن جائز التصرف كالمجنون والمبرسم والمعتوه فلا تصح وصيته لأن صحة الوصية تتعلق بالقول وقول من هذه صفته ملغى والبرسام والعته نوعان من اختلال العقل كالمجنون والصبي غير المميز كالمجنون وأما المميز فلا تصح أيضا وصيته وتدبيره كاعتاقه وهبته إذ لا عبارة له كالمجنون وفي السفيه خلاف : المذهب صحة وصيته لأنه صحيح العبارة بخلاف الصبي والله أعلم وقوله [ لكل متملك ] إشارة إلى الموصى له فالموصى له إن كان جهة عامة فالشرط أن لا تكون جهة معصية سواء أوصى به مسلم أو ذمي فلو أوصى مسلم ببناء بقعة لبعض المعاصي كما إذا أوصى شخص بشراء بقعة ليقام فيها سماع فقراء الرجس الذي يتضلعون من أموال الظلمة ويتقربون إلى الله تعالى بالرقص على آله اللهو مع الأحداث والنساء ويتواجدون بسبب ذلك فهذه الوصية باطلة كما لو أوصى ببناء كنيسة حتى لو حكم بصحة ذلك نقض وإن كانت الوصية لمعين فينبغي أن يتصور له الملك فلو أوصى بحمل جارية نظر أن قال : أوصيت بحمل فلانة أو بحملها الموجود الآن فلا بد لنفوذ هذه الوصية من شرطين : أحدهما أن يعلم وجوده حال الوصية بأن ينفصل لأقل من ستة أشهر : فإن انفصل لستة أشهر فأكثر نظر إن كانت المرأة فراشا للسيد أو لزوج لم يستحق شيئا لاحتمال علوقه بعد الوصية وإن لم تكن فراشا بأن فارقها زوجها أو سيدها قبل الوصية نظر أن كان الانفصال لأكثر من أربع سنين من وقت الوصية لم يستحق شيئا فلو انفصل لدون ذلك ففيه خلاف والراجح أنه يستحق لأن الظاهر وجوده والشرط الثاني : أن ينفصل حيا فإن انفصل ميتا فلا شئ له والله أعلم ولو أوصى في سبيل الله تعالى أو لسبيل الله تعالى صرف إلى الغزاة من أهل الصدقات لأنه المفهوم شرعا وأقل من تصرف إليه ثلاثة ويجوز للمسلم والذمي الوصية لعماة المسجد الأقصى وغيره من المساجد وكذا لعمارة قبور الأنبياء والصالحين والعلماء لما في ذلك من إحياء الزيارة والتبرك بها والله أعلم قال : .
وتجوز الوصية إلى من اجتمعت فيه خمس خصال : الاسلام والبلوغ العقل والحرية والأمانة .
قال الرافعي : الوصية مستحبة في رد المظالم وقضاء الديون وتنفيذ الوصايا وأمور الأطفال قال النووي : هي في رد المظالم وقضاء الديون التي يعجز عنها في الحال واجبة والله أعلم فإذا علم هذا فيشترط في الوصي أمور : أولها الاسلام فلا يجوز أن يوصي المسلم إلى ذمي لأن الوصاية أمانة وولاية فاشترط فيهما الاسلام الثاني البلوغ فلا يجوز أن يكون الصبي وصيا لأنه ليس من أهل الولاية مولى عليه فكيف يلي أمر غيره والمجنون كالصبي ولأنه لا يهتدي إلى التصرف ولأنه عاجز عن التصرف لنفسه فكيف يكون متصرفا لغيره وأما اشتراط الحرية فلأن العبد ناقص عن مرتبة الولاية مع اشتغاله بخدمة السيد ولأنه لا يصلح أن يتصرف في مال ابنه فكيف يصلح أن يكون وصيا كالمجنون والمدبر والمكاتب والمبعض وأم الولد كذلك وفي المدبر والمستولدة خلاف وأما الأمانة فلا بد منها فيشترط في الوصي العدالة فلا تجوز الوصية إلى فاسق لما فيها من معنى الولاية ومقصودها الأعظم الأمانة فالفاسق غير مأمون وأهمل الشيخ شروطا : منها عدم عجزه فلا تجوز الوصية إلى عاجز عن التصرف لهرم أو غيره ومنها أن تكون له هداية في التصرف فلا يوصي إلى السفيه وهذا هو الصحيح فيهما ومنها أن لا يكون الوصي عدوا للطفل المفوض إليه أمره وهذا الشرط ذكره الروياني وآخرون واعلم أن كل ما يعتبر من الشروط ففي اعتباره أوجه : أصحها حالة الوت وقيل عند الوصاية والموت جميعا وتجوز الوصية إلى المرأة وإذا حصلت الشروط في أم الأطفال فهي أولى من غيرها وتجوز إلى الأعمى في الأصح واعلم أن الوصي إذا علم من نفسه الأمانة والقدرة فالمختار له القبول وإن عدم ذلك فالمختار له الرد قاله الروياني في البحر والله أعلم .
فرع : إذا أوصى لجيرانه صرف إلى أربعين دارا من كل جانب من الجوانب الأربع على الصحيح وقيل يصرف للملاصق داره وقال النووي : ويصرف إلى عدد الدور دون عدد سكانها والله أعلم .
فرع إذا أوصي لأعقل الناس في البلد صرف إلى أزهدهم في الدنيا نص عليه الشافعي ولو أوصى لأجهل الناس حكى الروياني أنه يصرف لعبدة الأوثان فإن قال : من المسلمين فيصرف إلى من سب الصحابة Bهم أجمعين وقال المتولي : يصرف إلى الأمامية المنتظرة للقائم وإلى المجسمة قاله النووي وقيل يصرف إلى من ارتكب الكبائر من المسلمين لأنه لا شبهة لهم والله أعلم قلت : وعلى هذا القول أولاهم بالصرف الفقهاء الذي يؤازرون أمراء الجور لأنهم يقرونهم على أحكام الجاهلية إذ يلزم من السكوت اندراس الشريعة المطهرة مع أن الفرع مشكل والله أعلم