وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

فصل : في الوديعة : والوديعة أمانة يستحب قبولها لمن قام بالأمانة فيها .
الوديعة اسم لعين يضعها مالكها أو نائبه عند آخر ليحفظها والأصل فيها الكتاب والسنة قال الله تعالى { فليؤد الذي اؤتمن أمانته } وغيرها وقال E : [ أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك ] رواه أبو داود والترمذي وقال : حسن غريب وقال الحاكم : إنه على شرط مسلم وفي الصحيحين من رواية أبي هريرة Bه أنه E قال : [ آية المنافق ثلاث : إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا أؤتمن خان ] وفي رواية مسلم [ وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم ] ولا خفاء أن الحاجة بل الضرورة داعية إلى الايداع ثم من عرض عليه شئ ليستودعه نظر أن كان أمينا قادرا على حفظها ووثق من نفسه بذلك استحب له أن يستودع لقوله E : [ والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه ] ولو لم يكن هناك غيره فقد أطلق مطلقون أنه يتعين عليه القبول وهو محمول كما قاله الرافعي وتبعه النووي نقلا عن السرخسي أنه يجب أصل القبول بشرط أن لا يتلف منفعة نفسه وحرزه بلا عوض في الحفظ وإن كان يعجز عن حفظها حرم عليها قبولها : كذا قاله الرافعي والنووي وقيد ذلك ابن الرفعة بما إذا لم يعلم بذلك المالك فإن علم المالك بحاله فلا يحرم وهو ظاهر وإن كان قادرا على حفظها لكنه لا يثق بأمانة نفسه فهل يحرم قبولها ؟ وجهان : ليس في الشرح والروضة ترجيح ولا شك في الكراهة والله أعلم قال : .
ولا يضمن إلا بالتعدي .
لا شك أن الوديعة أمانة في يد المودع بفتح الدال كما جاء به التنزيل وإذا كان كذلك فلا ضمان عليه كسائر الأمانات نعم إن تعدي فيها أو قصر ضمن وأسباب التقصير تسعة واستيعابها لا يليق بالكتاب فلنذكر ما يتيسر ذكره السبب الأول أن يودعها المودع بفتح الدال عند غيره بلا عذر من غير إذن المالك فيضمن سواء أودع عند عبده أو زوجته أو ابنه أو أجنبي ولو أودعها عند القاضي فهل يضمن ؟ وجهان : أصحهما يضمن لأنه لم يؤذن له قلت : هذا في القاضي العادل أما قضاة الرشا والظلمة فيضمنها بلا نزاع والله أعلم وهذا إذا لم يكن عذر فإن كان عذر بأن أراد سفرا فينبغي أن يردها إلى مالكها أو وكيله فإن تعذر دفعها إلى قاض عدل ووجب عليه قبولها فإن لم يجد قاضيا دفعها إلى أمين ولا يكلف تأخير السفر فإن ترك الدفع إلى المالك أو وكيله مع القدرة ودفعها إلى الحاكم العدل أو إلى أمين مع إمكان الدفع إلى المالك أو وكيله ضمن ولو دفع إلى أمين مع القدرة على الحاكم العدل ضمن على المذهب ولو دفن الوديعة في غير حرز عند إرادة السفر ضمن أو في حرز ولم يعلم بها أمينا أو أعلمه حيث لا يجوز الايداع عند الأمين ضمن وإن كان يجوز ولكن الأمين لا يسكن الموضع ضمن فإن كان يسكنه لم يضمن على الأصح كذا قال الجمهور واعلم أنه كما يجوز الايداع بعذر السفر وكذا سائر الاعذار كما إذا وقع في البقعة حريق أو غرق أو نهب أو غارة وفي معنى ذلك إشراف الحرز على الخراب ولم يجد حرزا ينقلها إليه والله أعلم السبب الثاني السفر بها فإن سافر بها ضمن وإن كان الطريق آمنا على الصحيح وهذا حيث لا عذر فإن حصل عذر بأن رحل أهل البلد أو وقع حريق أو غارة فلا ضمان بشرط أن يعجز عن ردها إلى المالك أو وكيله أو أمين وحينئذ يلزمه السفر في هذه الحالة وإلا فهو مضيع ويلزمه الضمان ولو كان في وقت سلامة وعجز عن الرد إلى المالك أو وكيله أو الحاكم الأمين فسافر بها والحالة هذه فلا ضمان على الأصح لئلا ينقطع عن مصالحه وينفر الناس عن قبول الودائع وشرط الجواز أمن الطريق وإلا فيضمن واعلم أن هذا في حق المقيم أما إذا أودع مسافرا فسافر بالوديعة أو منتجعا فانتجع بالوديعة فلا ضمان لأن المالك رضي بالسفر حين أودعه والله أعلم السبب الثالث ترك الإيصاء فإذا مرض المودع مرضا مخوفا أو حبس ليقتل لزمه أن يوصي فإن سكت عن ذلك لزمه الضمان لأنه عرضها للفوات لأن الوارث يعتمد ظاهر اليد ولا بد من الوصية من بيان الوديعة حتى لو قال : عندي لفلان ثوب ولم يوجد في تركته ضمن لعدم بيانه وهذا كله فيما إذا تمكن من الايداع أو الوصية فإن لم يتمكن بأن قتل غيلة أو مات فجأة فلا ضمان .
فرع مات المودع ولم يذكر وديعة أصلا فوجد في تركته كيس مختوم وعليه هذه وديعة فلان أو وجد في جريدته لفلان عندي وديعة كذا لم يلزم الورثة التسليم بهذا لاحتمال أنه كتبه غيره أو كتبه هو ناسيا أو اشترى الكيس بتلك الكتابة أو رد الوديعة بعد الكتابة في الجريدة ولم يمحها وإنما يلزم الوارث التسلم بالإقرار ولو مات ولم يذكر وصية أصلا فادعى صاحب الوديعة أنه قصر وقالت الورثة : لعلها تلفت قبل نسبته إلى التقصير قال امام الحرمين : فالظاهر براءة ذمته والله أعلم .
السبب الرابع نقلها فإذا أودعها في قرية فنقلها إلى قرية أخرى إن كان بينهما ما يسمى سفرا ضمن وإن لم يسم سفرا ضمن إن كان في النقلة خوف أو كان المنقول عنها أحرز وإلا فلا ضمان على الأصح وهذا إن لم يكن ضرورة فإن وجدت فكما ذكرنا في المسافر والنقلة من دار إلى دار و من محلة إلى محلة ومن قرية إلى قرية متصلة العمارة والله أعلم السبب الخامس التقصير في دفع المهلكات فيجب على المودع دفعها على العادة فيجب عليه نشر ثياب الصوف خوف العثة وتعريضها للريح بل لو كان ذلك لا يندفع إلا بلبسها وجب عليه فإن لم يفعل ضمن وهذا عند علم المودع بذلك فإن كان في صندوق مقفل أو كيس مشدود ولم يعلمه المالك بذلك لا ضمان إذ لا تقصير ويقاس بما ذكرنا باقي الصور كعلف الدواب وما أشبه ذلك والله أعلم السبب السادس : التعدي بالانتفاع كالانتفاع بالوديعة كلبس الثوب والطحن في الأعدال ونحوها وركوب الدواب على وجه الانتفاع إلا إذا كان لعذر بأن ركبها لأجل السقي وكانت لا تقاد إلا به حيث يجوز إخراجها للسقي فإن أمكن قودها وركبها ضمن كذا قاله الرافعي والنووي قلت : في ذلك نظر ظاهر وينبغي تخصيصه بناحية يسهل السقي بها أما بعض النواحي التي يرد أهلها الماء من بعد واطردت عادتهم بركوب الدواب والعواري والودائع وغيرها فلا يتجه الضمان والحالة هذه للعادة المطردة إذا العادة محكمة وقد جاء بها القرآن والسنة والله أعلم السبب السابع : المخالفة في الحفظ فإذا أمره بالحفظ على وجه مخصوص فعدل عنه وتلفت بسبب العدول ضمنها للمخالفة وإن تلفت بسبب آخر فلا ضمان وفي هذا صور : منها أودعه دراهم وقال : اربطها في كمك فأمسكها في يده وتلفت هل يضمن ؟ فيه خلاف منتشر : الراجح منها أنها إن تلفت بنوم أو نسيان ضمن وإن أخذها غاصب فلا ضمان لأن اليد أحرز ولو لم يربطها في كمه وجعلها في جيبه لم يضمن لأنه أحرز إلا إذا كان واسعا غير مزرر وبالعكس يضمن قطعا بأن قال : اجعلها في جيبك فربطها في كمه ولو ربطها في كمه كما أمره لم يلزمه الامساك باليد ثم ينظر إن جعل الخيط الرابط خارج الكم فأخذها طراز ضمن لأن فيه اظهارا للوديعة وتنبيها للطراز وسهولة في قطعه وحله وإن ضاعت بانحلال العقد لم يضمن إذا كان قد احتاط في الربط وإن جعل الخيط الرابط من داخل الكم انعكس الحكم إن أخذها لص لم يضمن وإن ضاعت بالانحلال ضمن لأن العقدة إذا انحلت تناثرت الدراهم إلى خارجه فلا يشعر بخلاف العكس فإنها إن تناثرت في الكم فيشعر بها قاله الرافعي وتبعه النووي وكذا قاله الأصحاب وهو مشكل لأن المأمور به مطلق الربط فإذا أتى به وجب أن لا ينظر إلى جهات التلف بخلاف ما إذا عدل عن المأمور به قلت : وما استشكله الرافعي قوي وينبغي الفتوى به ويؤيده أن ابن الرفعة قال : وقياس ما قاله الأصحاب : أنه لو قال المودع للمودع : احفظها في هذا البيت فوضعها في زاوية منه فانهدمت عليه فإنه يضمن لأنه لو كان في غيرها لسلم ومعلوم أنه بعيد والله أعلم ولو أودعه دراهم في طريق أو سوق ولم يقل اربطها في كمك ولا أمسكها في يدك فربطها في الكم وأمسكها باليد فقد بالغ في الحفظ وكذا لو جعلها في جيبه وهو ضيق أو واسع وزرره ولو أمسكها باليد ولم يربطها لم يضمن أن أخذها غاصب ويضمن إن تلفت بغفلة أو نوم ولو ربطها في كمه لم يمسكها بيده فقياس ما تقدم أن ينظر إلى كيفية الربط وجهة التلف ولو وضعها في الكم لم يربطها فسقطت نظر إن كانت خفيفة لا يشعر بها ضمن لتقصيره وإن كانت ثقيلة يشعر بها لم يضمن ذكره في المهذب ولو وضعها في كور العمامة ولم يشد ضمن .
فرع أودعه شيئا في سوق ونحوه ثم قال : احفظها في بيتك فينبغي أن يمضي إلى البيت ويحفظها فيه فإن تأخر بلا عذر وتلفت ضمن لتقصيره ويقاس بما ذكرنا بقية الصور .
فرع أودعه خاتما ولم يقل شيئا فإن جعله في غير الخنصر لم يضمن إن كان رجلا بخلاف المرأة لأن غير الخنصر في حقها كالخنصر في حق الرجل وإن جعله في الخنصر فقيل يضمن لأنه استعمال وقيل إن قصد الحفظ لم يضمن وإن قصد الاستعمال ضمن وقيل إن جعل فصه إلى ظاهر ضمن وإلا فلا قال النووي : المختار أنه يضمن مطلقا إلا إذا قصد الحفظ والله أعلم .
السبب الثامن التضييع لأنه مأمور بالتحرز عن أسباب التلف لو أخر الاحتراز مع القدرة أو جعلها في غير حرز مثلها ضمن ولو جعلها في أحرز من حرزها ثم نقلها إلى حرز مثلها فلا ضمان ولو أعلم بالوديعة من يصادر أموال المالك ويأخذها ضمن ولو ضيعها ناسيا ضمن على الأصح لتقصيره ولو أخذ الوديعة ظالم لم يضمن كما لو سرقت ولو طالب ظالم المودع بفتح الدال بالوديعة لزمه دفعه بالانكار والاخفاء بكل قدرته فإن ترك الدفع مع القدرة ضمن لتقصيره وإن أنكر فحلفه الظالم جاز له أن يحلف لمصلحة حفظ الوديعة وتلزمه الكفارة على المذهب وإن أكرهه على الحلف بالطلاق تخير بين الحلف وبين الاعتراف فإن اعترف وسلم ضمن على المذهب لأنه فدى زوجته بالوديعة وإن حلف بالطلاق طلقت زوجته على المذهب لأنه فدى الوديعة بزوجته والله أعلم السبب التاسع جحود الوديعة فإن طلبها مالكها فجحدها فهو خائن ضامن لتعديه بالجحود .
فرع قال المودع : لا وديعة لأحد عندي إما ابتداء وأما جوابا غير المالك فلا ضمان سواء جرى ذلك بحضرة المالك أو في غيبته لأن اخفاءها أبلغ في حفظها قال : .
وقال المودع مقبول في ردها على المودع .
إذا قال المستودع للمودع : رددت عليك الوديعة فالقول قوله بيمينه لقوله تعالى { فليؤد الذي اؤتمن أمانته } أمره بالرد بلا اشهاد فدل على أن قوله مقبول لأنه لو لم يكن كذلك لأرشد إليه كما في قوله تعالى { فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم } قال القاضي أبو الطيب : ولأنه يصدق في التلف قطعا فكذا في الرد وفيه اشكال من جهة أن المرتهن والمستأجر القول قولهما في التلف دون الرد عند العراقيين والله أعلم قال : .
وعليه أن يحفظها في حرز مثلها .
كما إذا قبل المودع الوديعة لزمه حفظها لأنه المقصود وقد التزمه ويجب عليه أن يحفظها في حرز مثلها لأن الاطلاق يقتضيه فتوضع الدراهم في الصندوق والأثاث في البيت والغنم في صحن الدار ونحو ذلك والله أعلم قال : .
وإذا طولب بها أو أخر الوديعة مع القدرة عليها حتى تلفت ضمن .
إذا طالب المودع المودع بالوديعة وجب عليه الرد لقوله تعالى { إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها } فإن أخر بلا عذر فتلفت ضمنها لتعديه وإن كان لعذر فلا والعذر مثل كونه بالليل ولم يتأت فتح الحرز حينئذ أو كان في صلاة أو قضاء حاجة أو طهارة أو أكل أو حمام أو ملازمة غريم يخاف هربه أو يخشى المطر والوديعة في موضع آخر ونحو ذلك فالتأخير جائز قال الأصحاب : ولا يضمن وطردوه في كل يد أمانة والله أعلم .
فرع في فتاوى القفال لو ترك جاره في صحن خان وقال للخاني : احفظه كيلا يخرج وكان الخاني ينظره فخرج في بعض غفلاته فلا ضمان لأنه لم يقصر في الحفظ المعتاد وفي فتاوى القاضي حسين أن الثياب في مشلح الحمام إذا سرقت والحمامي جالس مكانه مستيقط فلا ضمان عليه وإن نام أو قام من مكانه ولم يترك نائبا ضمن وعلى الحمامي الحفظ إذا استحفظ وإن لم يستحفظ حكى القاضي حسين عن الأصحاب أنه لا حفظ عليه قال : وعندي يجب للعادة والله أعلم .
فرع إذا وقع في بيت المودع أو خزانته حريق فبادر إلى نقل أمتعته وأخر الوديعة فاحترقت لم يضمن كما لو لم يكن فيها إلا ودائع وأخذ في نقلها فاحترقت وتأخر والله أعلم