وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

فصل في اللقطة .
بسم الله الرحمن الرحيم .
قال : .
وإذا وجد لقطة في موات أو طريق فله أخذها أو تركها وأخذها أولى إذا كان على ثقة من القيام بها : .
اللقطة بفتح القاف على المشهور وهي الشئ الملقوط قال الأزهري : وأجمع عليه أهل اللغة وكذا قال الأصمعي والفراء وابن الأعرابي وقال الخليل : هي بفتح القاف الواحد لأن فعلة للفاعل مثل ضحكة وفعلة بالاسكان للمفعول فتكون للملقوط قال الأزهري : وهو القياس والالتقاط في الشرع هو أخذ مال محترم من مضيعة ليحفظه أو ليتملكه بعد التعريف وفيه نظر لأنه يخرج منه الكلب المعلم ولا شك في جواز التقاطه للحفظ فينبغي أن يقال : أخذ شئ ليختص به لأن الشئ يعم كل جنس وقولنا ليختص لأن الكلب لا يملكه .
( فائدة ) هل المغلب في اللقطة حكم الأمانة أو حكم الاكتساب ؟ قولان والله أعلم والأصل فيها أحاديث : منها حديث زيد بن خالد الجهني Bه [ أن النبي A سئل عن لقطة الذهب والورق فقال : اعرف وكاءها وعفاصها ثم عرفها سنة فإن لم تعرفها فاستبقها ولتكن عندك وديعة فإن جاء طالبها يوما من الدهر فأدها إليه وسأله عن ضالة الإبل فقال : مالك ولها ؟ دعها فإن معها حذاءها وسقاءها ترد الماء وتأكل الشجر حتى يلقاها ربها وسأله عن الشاة فقال : خذها فإنما هي لك أو لأخيك أو للذئب ] رواه الشيخان وله طرق وألفاظ وأجمع المسلمون على الجواز في الجملة وهل تستحب أو تجب ؟ أو كيف الحال ؟ ينظر إن كان الواجد فاسقا كره الالتقاط ومن الأصحاب من منعه الالتقاط وهو قوي وإذا التقط نزعت من يده كما ينتزع مال ولده وإن كان الواجد حرا رشيدا وهو ممن يأمن على نفسه عدم الخيانة فيها نظر إن وجدها في موضع يأمن عليها لأمانة أهله وليس الموضع مملوكا ولا دار شرك فالأولى في حقه أن يأخذها لقوله A : [ والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه ] وإن كانت في موضع لا يأمن عليها فهل يلزمه أخذها ؟ فيه خلاف قيل : يجب لقوله تعالى : { والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض } فيلزم بعضهم حفظ مال بعض كما أن ولي مال اليتيم يلزمه حفظ ماله وقيل لا يلزمه الالتقاط بل يستحب وهو الصحيح لأن الالتقاط إما أمانة أو كسب ولا يجب شئ منهما فإذا قلنا بالوجوب فلم يأخذها حتى تلفت لم يضمنها لأن المال لم يحصل في يده كما لو رأى مال شخص يغرق أو يحترق وأمكنه خلاصه فلم يفعل وكذا لو لم يطعم المضطر حتى مات لا يلزمه ضمانه وإن كان عاصيا وقول الشيخ [ في موات أو طريق ] احترز بذلك عما إذا وجدها في ملك شخص فإنه لا يجوز له أخذها صرح به الماوردي لأن الظاهر أنها لصاحب الملك وقوله [ وكان على ثقة ] يؤخذ منه أنه إذا كان لا يثق بنفسه أن الأولى أن لا يأخذ وهو كذلك بل في جواز أخذه لها وجهان حكاهما الشيخ أبو محمد والله أعلم .
فرع ليس للعبد الالتقاط على الراجح لأن الالتقاط أمانة أو ولاية في الابتداء وتملك بالانتهاء والعبد ليس أهلا لذلك فلا يعتد بتعريفه فإن تلفت ضمنها في رقبته إن لم يعلم السيد سواء كان بتفريط أو غيره لأنه مال لزمه بغير رضا مستحقه فأشبه أرش جنايته فإن علم بها السيد فأخذها منه فهي لقطة في يد السيد ويسقط الضمان عن العبد وإن لم يأخذها منه وأقرها في يد العبد صح واستحفظه ليعرفها فإن كان العبد خائنا فالسيد متعد وإن كان العبد أمينا فلا وهل يسقط الضمان ؟ الأصح في النهاية أنه لا يسقط وقياس كلام الجمهور السقوط وإن أهمله السيد ففيه خلاف الراجح تعلق الضمان بالعبد وسائر أموال السيد حتى لو أفلس السيد قدم صاحب اللقطة على سائر الغرماء والله أعلم قال : .
وإذا أخذها وجب عليه أن يعرف ستة أشياء : وعاءها وعفاصها ووكاءها وجنسها وعددها ووزنها ويحفظها في حرز مثلها .
من جاز له الالتقاط فالتقط فعليه أن يعرف ما ذكره الشيخ قال المتولي : وهو على الفور أما معرفة العفاص والوكاء فللحديث السابق وأما العدد فلما روى البخاري عن أبي هريرة Bه أنه قال [ وجدت صرة فيها مائة دينار فأتيت بها النبي A فقال : عرفها حولا فعرفتها حولا ثم أتيته فقال : عرفها حولا فعرفتها حولا ثم آتيته فقال : عرفها حولا فعرفتها حولا ثم أتيته الرابعة : فقال : اعرف عدتها ووكاءها ووعاءها فإن جاء صاحبها وإلا فاستمتع بها ] وباقي الصفات بالقياس لأنها صفات تتميز بها فأشبهت المنصوص عليه والوعاء الإناء والعفاص السدادة ويطلق على الوعاء مجازا والجمهور على أن العفاص الوعاء ولكن جمع الشيخ بينهما والوكاء هو الخيط الذي يشد به وباقي الصفات معروفة ويجب عليه أن يحفظها في حرز مثلها فإنها أمانة فأشبهت سائر الأمانات ولا يجب الإشهاد عليها على المذهب لأنه E لم يتعرض له وقيل يجب وفيه حديث وهو محمول على الندب عند القائلين بالمذهب والله أعلم قال : .
ثم إذا أراد تملكها عرفها سنة على أبواب المساجد وفي الموضع الذي وجدها فيه فإن لم يجد صاحبها كان له أن يتملكها بشرط الضمان .
أخذ اللقطة إن قصد حفظها على مالكها لم يلزمه التعريف لأنه إنما يجب لأجل التملك ولا يملك عند إرادة الحفظ والحديث إنما ألزمه التعريف لأنه جعلها له بعده وهذا ما ذكره الأكثرون كما قال الرافعي والنووي وغيرهما وقيل يلزمه التعريف وصححه الإمام وغيره قال النووي : وهو الأقوى والمختار قاله في الروضة ومقتضاه أنه الصحيح لأن المختار في الروضة بمنزلة الراجح كما تقدم وإن أراد أن يتملكها عرفها سنة للحديث المتقدم والمعنى فيه : أن السنة لا تتأخر عن القوافل إذ الظفر بصاحبها قريب التوقع ثم إذا وجب التعريف فهل يجب على الفور أم يكفي تعريف سنة متى أراد ؟ وجهان : أصحهما لا يجب على الفور ويكون التعريف على أبواب المساجد عند خروج الناس منها وفي الأسواق لأنها مظان وجود مالكها فيها وقوله [ على أبواب المساجد ] يؤخذ منه أنه لا يعرف في المساجد لقوله A [ أنت الفاقد وغيرك الواجد ] فيه النهي عنه صح وهو كذلك قال الرافعي : ولا تعرف في المساجد كما لا تستطلب الضالة فيه إلا أن الشاشي قال : إن أصح الوجهين جواز التعريف في المسجد الحرام بخلاف سائر المساجد وذكر مثله النووي وابن الرفعة ومقتضاه التحريم في بقية المساجد إلا أن النووي في شرح المهذب نقل الكراهة فاعرفه وكيفية التعريف أن يقول من ضاع منه شئ ولا يجب عليه ذكر الأوصاف ويستحب ذكر بعضها وقيل يجب ذكر بعض الأوصاف قال الإمام : ولا يستوعب الأوصاف لئلا يتعمدها الكاذب فإن استوعبها فهل يضمن ؟ وجهان : صحح النووي الضمان ولهذا قال في المنهاج : ويذكر بعض أوصافها وقول الشيخ [ عرفها سنة ] يقتضي إطلاقه أنه لا يجب الترتيب في السنة حتى لو عرف شهرين أو أقل أو أكثر في كل سنة كفى وهو كذلك على الأصح عند النووي وقيل يجب الترتيب لأن المقصود أن يبلغ الخبر المالك والتفريق لا يصحل هذا المقصود وهذا هو الأحسن في المحرر وصححه الإمام وما صححه النووي صححه العراقيون واعلم أنه لا يجب استيعاب السنة بالتعريف بل يعرف أولا في كل يوم ثلاث مرات ثم في كل يوم مرة ثم في كل أسبوع مرة ثم في كل شهر مرة بحيث لا ينسى أنه تكرار لما مضى ولو قطع الموالاة الواجبة وجب استئناف السنة في صيرورته ضامنا خلاف والله أعلم .
فرع إذا وجد ما لا يتمول كزبيبة ونحوها فلا يعرف ولواجداه الاستبداد به وإن تمول وهو قليل فالأصح أنه لا يعرف سنة بل يعرف زمنا يظن أن فاقده يعرض عنه غالبا وضابط القليل ما يغلب على الظن أن فاقده لا يكثر أسفه عليه ولا يطول طلبه غالبا والله أعلم فإذا عرف التعريف المعتبر وكان قد قصد التمليك ولم يجد المالك واختار التمليك ملك لأنه تمليك مال ببدل فتوقف على الاختيار كالبيع وسواء في ذلك الغني والفقير وقيل يملك بالتعريف وإن لم يرض لأنه جاء في رواية [ فإن جاء صاحبها فادفعها إليه وإن لم يأت فهي لك ] والصحيح الأول فعليه أن يقول : تملكتها أو نحو ذلك كالبيع وإذا ملكها صارت قرضا عليه فإن هلكت قبل التمليك لم يضمنها لأنها محفوظة لصاحبها ولم يفرط فيها كالمودع ثم إذا ملكها وجاء صاحبها إن كانت مثلية ضمنها بالمثل وإلا فبالقيمة وقت التمليك جزم به الرافعي وغيره وفي وجه وقت طلب صاحبها فإن اختلفا في قدرها صدق الملتقط لأنه غارم ولو لم تتلف ولكن تعيبت استردها مع الأرش على الأصح وقيل يقنع بها بلا أرش وقيل غير ذلك والله أعلم .
فرع أخذ الملتقط اللقطة بقصد الخيانة فيها صار ضامنا فلو عرف بعد ذلك وأراد التملك بعده لم يكن له ذلك على المذهب ولو قصد الأمانة أولا ثم قصد الخيانة بلا تعرف فالأصح أنه لا يصير ضامنا بمجرد قصد الخيانة كالمودع والله أعلم .
فرع إذا جاء صاحبها بعد التملك أخذها مع زيادتها المتصلة دون المنفصلة والله أعلم قال : .
وجملة اللقطة أربعة أضرب : أحدها ما يبقى على الدوام كالذهب والفضة وهذا حكمه والثاني ما لا يبقى كالطعام الرطب فهو مخير بين أكله وغرمه أو بيعه وحفظ ثمنه والثالث ما لا يبقى إلا بعلاج كالرطب فيفعل ما فيه المصلحة من بيعه وحفظ ثمنه أو تجفيفه وحفظه .
اللقطة تارة تكون حيوانا وتارة تكون غيره فإن كانت حيوانا فسيأتي وإن كانت غير حيوان فتارة تكون مما يؤكل وتارة تكون مما لا يؤكل فإن كانت لا تؤكل ولها بقاء في نفسها كالنقود ونحوها فهو الذي تقدم من اشتراط التعريف وغيره متعلق بهذه اللقطة وإن كانت مما يؤكل فتارة تكون مما يفسد في الحال كالأطعمة والشواء والبطيخ والرطب الذي لا يتتمر والبقول فالواجد فيها بالخيار بين أن يأكلها ويغرم قيمتها وبي أن يبيع ويأخذ الثمن وهذا هو الصحيح فإن أكل عزل قيمتها من التعريف وعرف اللقطة سنة ثم يتصرف فيها لأن القيمة قائمة مقام اللقطة ولو لم يقدر على البيع فلا خلاف في جواز الأكل وهل يجب إفراز القيمة ؟ فيه خلاف الأظهر في الرافعي لا يجب لأن ما في الذمة لا يخشى هلاكه فإذا أفرز صار أمانة في يده والله أعلم وإن كانت اللقطة مما لا يفسد ويقبل العلاج كالرطب الذي يتتمر والعنب الذي يتزبب واللبن الذي يصنع منه الجبن ونحوها روعي في ذلك الحظ والمصلحة للمالك فإن كان الحظ في البيع باعه وإن كان في التجفيف جففه ثم إن تبرع الواجد بتجفيفه فذاك وإلا باع بعضه وأنفقه عليه لأنه المصلحة في حق المالك وهذا بخلاف الحيوان حيث يباع جميعه لأن النفقة في الحيوان تتكرر فتؤدي إلى أن تأكل اللقطة نفسها والله أعلم قال : .
والرابع ما يحتاج إلى النفقة كالحيوان وهو ضربان : حيوان لا يمتنع بنفسه فهو مخير فيه بين أكله وعزم ثمنه أو تركه والتطوع بالانفاق عليه أو بيعه وحفظ ثمنه وحيوان يمتنع بنفسه فإن وجده في الصحراء تركه وإن وجده في الحضر فهو مخير بين الأشياء الثلاثة فيه .
غير الآدمي من الحيوان ضربان : الأول ما لا قوة له تمنعه من صغار السباع كالغنم والعجول والفصلان من الإبل وفي معناها الكسير من كبار الإبل والبقر إذا وجده من يجوز التقاطه جاز له أخذه إن شاء للحفظ وإن شاء للتملك لأنها لو لم تلتقط لضاعت بيننا وبين السباع وربما أخذها خائن ولهذا قال رسول الله A في ضالة الغنم [ وهي لك أو لأخيك أو للذئب ] فإذا التقط فإن كان الالتقاط من مضيعة فهو بالخيار بين الخصال الثلاث التي ذكرها الشيخ والأولى أن يمسكها ويعرفها ثم يليها البيع أو الحفظ وخصلة الأكل متأخرة في الفضيلة ولقائل أن يقول تقدم فيما يمكن تجفيفه أنه يجب مراعاة مصلحة المالك فهلا كان هنا كذلك ؟ وإن كان الالتقاط في العمران تخير بين خصلتين فقط على الصحيح : الإمساك والبيع ولا يأكل لإمكان البيع وكلام الشيخ محمول على الالتقاط من المضيعة وإن أطلق كلامه والله أعلم الضرب الثاني ما له قوة تمنعه من صغار السباع إما بقوته كالإبل أو بعدوه كالخيل وكذا البغال والحمير قاله الرافعي أو بطيرانه كالحمام ونحو ذلك ينظر إن كان وجدها في مضيعة كالبرية لم يجز للواجد أن يلتقطها للتملك وتجوز للحفظ لقوله E في ضالة الإبل [ ما لك ولها ؟ معها سقاؤها ] الحديث وقس على الإبل ما في معناها فإن التقطها للتملك ضمنها لو تلفت للتعدي نعم يبرأ بالدفع إلى القاضي قلت : يشترط عدالة القاضي وإلا فلا يسقط عنه الضمان ولصاحبها مطالبة كل منهما أما الملتقط فلتعديه بالأخذ وأما القاضي فلتعديه على الشريعة المطهرة والله أعلم وإن وجدها في العمران أو قريبا منها جاز أخذها للحفظ وهل يجوز أخذها للتمليك ؟ فيه خلاف قيل لا يجوز لإطلاق الخبر والراجح الجواز والفرق بين البرية والعمران أنها في العمران تتطرق إليها أيدي الناس فلا تترك فربما ضاعت على مالكها بأخذ خائن بخلاف البرية فإن طروق الناس بها لا يعم ولها استغناء بأن تسرح وترد الماء وهذا المعنى مفقود في العمران ومحل الخلاف إذا كان الزمان زمان أمن إما إذا كان زمن نهب وفساد فيجوز قطعا في الصحراء وغيرها قاله المتولي وغيره وألحق الماوردي بذلك ما إذا عرف مالكها وأخذها ليردها عليه قال : وتكون أمانة في يده والله أعلم .
فرع التقط رجلان لقطة يعرفانها ويتملكانها وليس لأحدهما نقل حقه إلى صاحبه كما لا يجوز للملتقط نقل حقه إلى غيره والله أعلم .
فرع قال في التتمة : ويجوز التقاط السنابل وقت الحصاد إن أذن فيه المالك أو كان قدرا لا يشق على المالك التقاطه وكان لا يلتقطه بنفسه فإن كان قدرا يشق على المالك أو كان يلتقط بنفسه حرم ووقع في عبارة الروضة في هذا الفرع بعض خلل والله أعلم قال :