وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

فصل : في الهبة وكل ما جاز بيعه جازت هبته .
اعلم أن التمليك بغير عوض أن تمحض فيه طلب الثواب فهو صدقة وإن حمل إلى المملك إكراما وتوددا فهو هدية وإلا فهو هبة وهل من شرط الهدية أن يكون بين المهدي والمهدي إليه رسول ؟ وجهان الراجح لا وتظهر فائدة الخلاف فيما لو حلف لا يهدي إليه فوهبه شيئا يدا بيد ففي الحنث وجهان والهبة مندوبة بالكتاب والسنة وإجماع الأمة قال الله تعالى : { وتعاونوا على البر والتقوى } والهبة بر ومعروف وأما السنة الكريمة فكثيرة منها حديث بريرة Bها في قوله E [ هو لها صدقة ولنا هدية ] رواه مسلم وفي حديث أبي هريرة Bه أنه E [ كان إذا أتي بطعام سأل عنه فإن قيل هدية أكل منها وإن قيل صدقة لم يأكل منها ] واعلم أن كل صدقة وهدية هبة ولا تنعكس إذا عرفت هذا فالشئ الموهوب هو أحد أركان الهبة وهو معتبر بالبيع فإن الهبة تمليك ناجز كالبيع فما جاز بيعه جازت هبته وما لا يجوز بيعه كالمجهول كقوله : وهبتك أحد عبيدي لا يصح وكذا لا تصح هبة الآبق والضال كما لا يصح بيعهما ويجوز هبة المغصوب لغير الغاصب إن قدر على الانتزاع وإلا فلا وتجوز هبة المشاع للشريك وغيره وكذا تجوز هبة أرض يزرعها وكل ما يصح بيعه فلا تجوز هبة المرهون والكلب وجلد الميتة قبل دبغه وكذا الدهن النجس والصدقة به وقال النووي : ينبغي القطع بصحة الصدقة به واعلم أن هبة الدين للمدين إبراء ولا يحتاج إلى قبول على المذهب ولغيره باطلة على المذهب ولو وهب لفقير دينا عليه بنية الزكاة لم يقع عنها ولو قال : تصدقت بمالي عليك برئ قاله ابن سريج والشيخ أبو حامد والله أعلم .
فرع إذا ختن شخص ولده وعمل وليمة فحملت إليه هدايا ولم يسم أصحابها الأب ولا الابن فهل هي للأب أم للابن ؟ وجهان صحح النووي أنها للأب وأجاب القاضي حسين أنها للابن ويقبل الأب قلت : ينبغي أمر ثالث وهو أنه إن كان المهدي مما يصلح للصبي دون أبيه كشئ من ملبوس الصغار فهو للصبي وإن كان لا يصح للصغير فهو للأب وإن احتملهما فهو موضع التردد لعدم القرينة المرجحة والله أعلم .
مسألة كتب شخص إلى آخر كتابا فهل يملك المكتوب إليه القرطاس ؟ قال المتولي : إن استدعى منه الجواب على ظهره لم يملكه وعليه رده وإلا فهو له هدية يملكها المكتوب إليه وصحح النووي هذا وقال غير المتولي : إنه يبقى على ملك الكاتب وللمكتوب إليه الانتفاع به إباحة والله أعلم قال : .
ولا تلزم إلا بالقبض وإذا قبضها الموهوب له لم يكن للواهب أن يرجع فيها إلا أن يكون والدا .
لا تلزم الهبة ولا تملك إلا بالقبض لأن الصديق Bه نحل عائشة Bها جذاذ عشرين وسقا فلما مرض قال : وددت أنك حزتيه أو قبضتيه وإنما هو اليوم مال الوارث فلولا توقف الملك على القبض لما قال إنه ملك الوارث وقال عمر Bه : لا تتم النحلة حتى يحوزها المنحول وروى مثل ذلك عن عثمان Bه وابن عمر وابن عباس وأنس وعائشة Bهم أجمعين ولا يعرف لهم مخالف ولأنه عقد إرفاق يقتضي القبول فافتقر إلى القبض كالقرض وسائر الهبات حتى لو أرسل هدية ثم استرجعها قبل أن تصل أو مات لم يملكها المهدي إليه ولا يشترط في القبض الفور نعم لا يصح القبض إلا بإذن الواهب لأنه سبب نقل الملك فلا يجوز من غير رضا المالك وبالقياس على الرهن فمتى أذن له في القبض فقبض كفى صرح به القاضي حسين وغيره وقال الماوردي : لا بد من إقباض من الواهب أو وكيله ولا يكفي الإذن وفي قول قديم : إن الملك في الموهوب يحصل بنفس العقد وإن لم يقع قبض وفي قول ثالث أنه موقوف فإذا قبض بان أنه ملكه من وقت العقد وقد جزم الرافعي في باب الاستبراء بما حاصله القول الثالث وتظهر فائدة الخلاف في فوائد الموهوب من الثمرة واللبن وغيرهما وكذا في المؤن من نفقة وغيرها وكيفية القبض معتبرة بالعرف كقبض المبيع والمرهون ولو مات الواهب قبل القبض لم يبطل العقد لأنه عقد يئول إلى اللزوم فلم ينفسخ بالموت كالبيع المشروط فيه الخيار وهذا هو الصحيح المنصوص والوارث بالخيار إن شاء قبض وإن شاء لم يقبض لأنه قائم مقام مورثه والله أعلم ثم إذا حصل القبض المعتبر لزمت الهبة وليس للواهب الرجوع فيها كسائر العقود اللازمة إلى أن يكون الواهب أبا أو أما أو جدا وإن علا وكذا الجدة بشرط أن يكون الموهوب خاليا عن حق الغير كما إذا رهن وأقبض وغير ذلك والأصل في ذلك قوله A : [ لا يحل لرجل أن يعطي عطية أو يهب هبة فيرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي لولده ] رواه أبو دواد وغيره وقال الترمذي : إن حسن صحيح ورد النص في الأب فإذا دخل الجد في اسم الأب فلا كلام وإلا فهو في معناه وكذا الجدات لأنهن كالأب في العتق ووجوب النفقة وسقوط القصاص في قتله وقيل لا رجوع إلا للأب فقط لأنه مورد النص وقيل للأب والأم فقط واعلم أن الهدية كالهبة ولو تصدق على ابنه فهل له الرجوع ؟ وجهان : صحح الرافعي في هذا الباب أن له الرجوع في الشرح الكبير وصحح في الشرح الصغير أنه لا يرجع وبعدم الرجوع جزم في الشرح الكبير في باب العارية وكأن الفرق أن المقصود من الصدقة ثواب الآخرة وقد حصل فلا رجوع له مع الثواب بخلاف الهبة ولو كان له على ولده دين فأبرأه فهل له أن يرجع ؟ قال الرافعي : إن قلنا إن الإبراء تمليك رجع وإن قلنا إسقاط فلا يرجع قال النووي : ينبغي أن لا يرجع على التقديرين والله أعلم .
فرع وهب لابنه شيئا فوهبه الابن فهل للجد الرجوع ؟ فيه وجهان : فلو مات الابن الموهب بعد ما وهبه من ابنه أو باعه له فهل للجد أيضا الرجوع ؟ فيه خلاف والأصح في الكل المنع ولو وهب الابن لأخيه العين الوهوبة فهل للأب الرجوع ؟ قال العمراني : ينبغي أنه لا يجوز للأب الرجوع قطعا لأن الواهب وهو الأخ لا يملك الرجوع فالأب أولى والله أعلم قال : .
وإذا أعمر شيئا أو أرقبه كان للمعمر أو المرقب ولورثته من بعده .
إذا قال شخص لآخر : أعمرتك هذه الدار مثلا حياتك أو ما حييت أو ما عشت ولعقبك من بعدك صح لقوله E [ أيما رجل أعمر عمرى له ولعقبه فقال : أعطيتكها وعقبك ما بقى منكم أحد فهي لمن أعطاها وعقبه لا ترجع إلى صاحبها من أجل أنه أعطى عطاء وقعت فيه المواريث ] ولأن هذا معنى الهبة وإن لم يذكر العقب بل قال : أعمرتكها حياتك صح أيضا في حياته ولعقبه من بعده على الجديد لقوله A [ العمرى جائزة ] رواه الشيخان ولو قال : أعمرتكها حياتك فإذا مت عادت إلي فهو كما لو قال : أعمرتك والصحيح الصحة وتكون لورثة المعمر ويلغو الشرط والله أعلم ولو قال : أرقبتك هذه الدار أو هي لك رقبي فهي كالعمرى لقوله A : [ العمري جائزة والرقبى جائزة لأهلها ] رواه أبو داود وغيره وقال الترمذي : حديث حسن نعم لو قال : جعلتها لك عمري أو حياتي لم تصح في الأصح والله أعلم .
فرع وهب شخص لآخر دارا فقبل نصفها أو عبدين فقبل أحدهما ففي صحة الهبة وجهان حكاهما الرافعي بلا ترجيح وكذا حكاهما النووي بلا ترجيح وفي نظيره في البيع لا يصح قطعا قال الاسنائي : المرجح أنه لا يصح لأنه لو وهب لاثنين شيئا فقبل أحدهما نصفه كان البيع لا يصح على الأصح ذكره الرافعي في الركن الرابع ومسألتنا أولى بعدم الصحة لأن الهبة لاثنين صفقتان ومسألتنا صفقة واحدة والله أعلم