وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

فصل : في العارية : وكل ما أمكن الانتفاع به مع بقاء عينه جازت إعارته إذا كانت منافعه آثارا .
العارية بتشديد الياء وتخفيفها قال ابن الرافعة : وحقيقتها شرعا إباحة الانتفاع بما يحل الانتفاع به مع بقاء عينه ليرده وقال الماوردي : هبة المنافع والأصل فيها قوله تعالى : { ويمنعون الماعون } والمراد ما يستعيره الجيران بعضهم من بعض وكان ذلك واجبا في أول الإسلام قاله الروياني وقال البخاري : هو كل معروف وفي السنة أنه E [ استعار يوم خيبر من صفوان بن أمية درعا فقال له : غصبا يا محمد فقال : لا بل عارية مضمونة ] رواه أبو داود والنسائي والحاكم ثم روى مثله عن جابر وقال : إنه صحيح الإسناد ونقل ابن الصباغ الإجماع على استحبابها إذا عرفت هذا فشرط المعير أن يكون أهلا للتبرع فلا تصح من المحجور عليه ويشترط أن تكون منفعة العين المعارة ملكا للمعير فتصح إعارة المستأجر لأنه مالك للمنفعة ولا يعير المستعير لأنه غير مالك للمنفعة وإنما أبيح له الانتفاع والمستبيح لا يملك نقل الإباحة بدليل أن الضيف لا يبيح لغيره ما قدم إليه ولا يطعم الهرة وهذا هو الصحيح في الرافعي والروضة والمنهاج والمحرر وقيل للمستعير أن يعير قال الإسنائي في شرح المنهاج : كما أن له أن يؤجر واعتمد في الإجارة على نقل ابن الرفعة في المطلب أن أبا علي الدبيلي نقل عن الشافعي أنه جوز الإجارة للمستعير قال : ويكون رجوع المعير بمنزلة الإنهدام في الدار حتى تنفسخ الإجارة ويستحق المستعير بالقسط وفي وجه حكاه الرافعي في باب الإجارة أنه يجوز أن يستعير ليؤجر ثم شرط المستعار كونه منتفعا به فلا تصح إعارة الحمار الزمن ونحوه لفوات المقصود من العارية ويشترط أيضا بقاء العين بعد الانتفاع كإعارة الدواب والثياب بخلاف إعارة الأطعمة والشموع والصابون وما في معناها لأن منفعتها في استهلاكها ثم شرط المنفعة أن يكون لها وقع في الانتفاعات الحاجية ولهذا لا يصح اعارة الدراهم والدنانير ليتزين بها على الصحيح لأنها منفعة ضعيفة ومعظم منافعها في الانفاق وقيل تصح إعارتها لأنها ينتفع بها مع بقاء عينها قال الرافعي : ومحل الخلاف عند إطلاق العارية أما إذا استعار الدراهم والدنانير للتزين فالمتجه القطع بالصحة وبصحة أجاب في التتمة وقول الشيخ [ إذ كانت منافعه آثارا ] احترز به عما إذا كانت المنفعة عينا كاستعارة الشاة للبنها والشجرة لثمرها ونحو ذلك وفي جواز إعارة ذلك خلاف إذا كان بصيغة الإباحة كقوله : خذ هذه الشاة فقد أبحتك درها ونسلها فأحد الوجهين أنها كقوله : خذ هذه الشاة فقد وهبتك درها ونسلها وهذه الهبة فاسدة فيكون الدر والنسل مقبوضا بهبة فاسدة والشاة مضمونة بالعارية الفاسدة والثاني أنها إباحة صحيحة والشاة عارية صحيحة وبه قطع المتولي وما قطع به المتولي صححه النووي في زيادة الروضة ثم نقل عنه أنه حكم بالصحة أيضا فيما إذا دفع إليه شاة وقال : أعرتكها لدرها ونسلها فعلى ما ذكره المتولي وصححه النووي تجوز العارية لاستعارة عين وليس من شرطها أن يكون المقصود مجرد المنفعة بخلاف الإجارة والله أعلم .
فرع أخذ كوزا من سقاء بلا ثمن كان الكوز عارية : فلو سقط من يده ضمنه ولو دفع إليه أولا فلسا فأخذ الكوز فسقط من يده فانكسر فلا ضمان عليه في الكوز لأنها إجارة فاسدة وحكم فاسد العقد حكم صحيحة في الضمان وعدمه ولو كان له عادة أن يشرب من السقاء ويدفع إليه بعد كل حين شيئا فأخذ الكوز فسقط منه وانكسر فلا ضمان أيضا قاله القاضي حسين والله أعلم .
فرع قال : أعرتك هذه الدابة لتعلفها أو لتعيرني فرسك فهي إجارة فاسدة تجب فيها أجرة المثل ولو تلفت الدابة فلا يضمنها كما في الإجارة الصحيحة ووجهه أن الأجرة وهي العطف مجهولة وكذا مدة العمل في الصورة الثانية وقيل عارية فاسدة نظرا إلى اللفظ والله أعلم قال : .
وتجوز العارية مطلقا ومقيدة بمدة .
قد علمت أن العارية إباحة الانتفاع فللمبيح أن يطلق الإباحة وله أن يؤقتها ثم له الرجوع متى شاء لأن العارية عقد جائز فله رفعه متى شاء فلو منعنا المالك من الرجوع لامتنع الناس من هذه المكرمة واعلم أن العارية كما ترتفع بالرجوع كذلك ترتفع بموت المعير وبجنونه وإغمائه وبالحجر عليه وكذا بموت المستعير فإذا مات المستعير وجب على ورثته رد العين المستعارة له وإن لم يطالبهم المعير وهم عصاة بالتأخير وليس للورثة استعمال العين المستعارة فلو استعملوها لزمتهم الأجرة مع عصيانهم ومؤنة الرد في تركة الميت ويستثنى من جواز الرجوع ما إذا أعار أرضا لدفن ميت فدفن فليس له الرجوع حتى يبلى الميت ويندرس أثره لأنه دفن بحق والنبش لغير ضرورة حرام لما فيه من هتك حرية الميت وإذا امتنع عليه الرجوع فلا أجرة له صرح به الماوردي والبغوي وغيرهما لأن العرف يقتضيه بخلاف ما إذا أذن له أن يضع جذعا على جداره ثم رجع فإن له الأجرة إذا اختارها على الصحيح ويستثنى أيضا ما إذا قال : أعيروا دابتي لفلان أو داري بعد موتي سنة فإن الإعارة تكون لازمة لا يجوز للوارث الرجوع فيها قبل المدة صرح الرافعي بذلك أيضا في كتاب التدبير ويستثنى ما لو أعار شخصا ثوبا ليكفن فيه ميتا فكفن وقلنا إن الكفن باق على ملك المعير وهو الأصح كما ذكره النووي في كتاب السرقة من زياداته فإنه يكون من العواري اللازمة والله أعلم ويستثنى من جهة المستعير ما إذا استعار دار لسكنى المعتدة فإنه لا يجوز للمستعير الرجوع فيها وتلزم من جهته صرح الأصحاب بذلك في كتاب العدد والله أعلم قال : .
وهي مضمونة على المستعير بقيمتها يوم تلفها .
العين المستعارة إذا تلفت لا بالاستعمال المأذون فيه ضمنها المستعير وإن لم يفرط لحديث صفوان بل عارية مضمونة ولأنه مال يجب رده فتجب قيمته عند تلفه كالعين المأخوذة على وجه السوم ويقيمته أي يوم تلفه يعتبر فيه خلاف الأصح بقيمته يوم التلف لأن الأصل رد العين وإنما تجب القيمة بالفوات وهذا إنما يتحقق بالتلف فعلى هذا لو حصل في الدابة زيادة كالسمن وغيره ثم زال في يد المستعير لا يضمن تلك الزيادة كما دل عليه كلام القاضي أبي الطيب فإنه ذكر هذا الحكم في البيوع الفاسدة وقاسه على العارية كذا نقله ابن الرفعة ويستثنى من ذلك ما إذا استعار من المستأجر العين المستأجرة وتلفت بلا تعد فإنه لا يضمنها لأن يده يد المستأجر ولو تلفت في يد المستأجر بلا تعد فلا يضمن فكذا نائبه : نعم لو كانت الإجارة فاسدة ضمنا معا والقرار على المستعير من المستأجر ومؤنة الرد على المستعير إن رد على المستأجر فإن رد على المالك كانت على المالك كما لو رد على المستأجر واعلم أن المستعير من الموصى له بالمنفعة ومن الموقوف عليه حكمهما حكم المستعير من المستأجر والله أعلم وهذا كله إذا تلفت لا بالاستعمال فإن تلفت بالاستعمال المأذون فيه بأن انمحق الثوب باللبس فلا ضمان على الصحيح كالأجزاء فإن الأجزاء إذا تلفت بسبب الاستعمال المأذون فيه فلا ضمان على الصحيح ولو تلفت الدابة بسبب الركوب والحمل المعتاد فهي كانمحاق الثوب وتعيبها بالاستعمال كانسحاق الثوب ولا ضمان فيها على الأصح والفرق بين الانمحاق والانسحاق : أن الانمحاق هو تلف الثوب بالكلية بأن يلبسه حتى يبلى والانسحاق هو النقصان وعقر الدابة وعرجها كالانسحاق والله أعلم .
فرع قطع شخص غصنا ووصله بشجرة غيره فثمرة الغصن لمالكه لا لمالك الشجرة كما لو غرسه في أرض غيره والله أعلم قال :