وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

فصل : ومن غصب مالا أخذ برده وأرش نقصه وأجرة مثله .
الغصب من الكبائر أجارنا الله تعالى منه ومن أسباب غضبه والأصل في تحريمه آيات كثيرة : منها قوله تعالى : { ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل } الآية ومنها { ويل للمطففين } والدلالة منها في غاية المبالغة وأما السنة الشريفة فالأخبار في ذلك كثيرة جدا ويكفي منها قوله A في خطبته بمنى [ إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ] رواه الشيخان وحد الغصب في اللغة : أخذ الشئ ظلما مجاهرة فإن أخذ سرا من حرز مثله سمي سرقة وإن أخذه مكابرة سمى محاربة وإن أخذه استيلاء سمي اختلاسا وإن أخذه مما كان مؤتمنا عليه سمي خيانة وحده في الشرع : هو الاستيلاء على مال الغير على جهة التعدي كذا قاله الرافعي وفيه شئ ولهذا قال النووي : هو الاستيلاء على حق الغير عدوانا عدل عن قول الرافعي : مال الغير إلى قوله : حق الغير لأن الحق يشمل ما ليس بمال كالكلب والزبل وجلد الميتة والمنافع والحقوق كإقامة شخص من مكان مباح كالطريق والمسجد واحترز بالعدوان عما إذا انتزع مال المسلم من الحربي ليرده على المسلم أو من غاصب مسلم على وجه ثم الاستيلاء بحسب المأخوذ والرجوع فيه إلى تسميته غصبا فلو جلس على بساط الغير أو اغترف بآنية الغير بلا إذن فغاصب وإن لم يقصد الاستيلاء لأن غاية الغصب أن ينتفع بالمغصوب وقد وجد ولو دخل دارا وأخرج صاحبها أو أخرجه وإن لم يدخلها فغاصب وكذا لو ركب دابة الغير أو حال بينه وبينها ولو دخل دار الغير ولم يكن صاحبها فيها وقصد الاستيلاء عليها فغاصب بخلاف من دخلها لينظر هل تصلح له أم لا ونحو ذلك ولو دفع إلى عبد غيره شيئا ليوصله إلى منزله بلا إذن مالكه قال القاضي حسين : يكون غاصبا وطرده فيما إذا بعثه في شغل وقال البغوي : لا يضمن إلا إذا اعتقد طاعة الأمر كالصغير والأعجمي وعبد المرأة ثم متى ثبت الغصب وجب عليه رد ما غصبه إلى مالكه وهو معنى قول الشيخ [ أخذ برده ] للأحاديث الواردة في ذلك ولو غرم في الرد أضعاف قيمة المغصوب كما لو غصبه شيئا بمكة ثم لقيه بمكان آخر بعيد يجب على الغاصب أن يحضر المغصوب وأن يتكلف مؤنة نقله وهذا لا ينازع فيه وكما يخرج عن العهدة بالرد إلى المالك كذلك يخرج بالرد إلى وكيله ولو غصب العين المودوعة من المودع أو من المستأجر أو من المرهون عنده ثم رد إليهم برئ على الراجح لأن يدهم كيد المالك وقيل لا يبرأ إلا بالرد إلى المالك ولو غصب من المستعير أو من الآخذ على وجه السوم ثم رده إليه هل يبرأ ؟ وجهان : ذكرهما الرافعي في الباب الثالث من أبواب الرهن ولو رد الدابة إلى الاصطبل أو الدار في حق أهل القرى ونحوهم إن علم المالك بذلك إما بأن رآها أو أخبره ثقة برئ وإن لم يعلم حتى شردت لم يبرأ كذا نقله الرافعي عن المتولي في آخر الباب وأقره واعلم أنه كما يجب رد المغصوب كذلك يجب أرش نقصه ولا فرق بين نقص الصفة ونقص العين مثال نقص الصفة بأن غصب دابة سمينة فهزلت ثم سمنت فإنه يردها وأرش السمن الأول لأن الثاني غير الأول حتى لو هزلت مرة أخرى ردها ورد أرش السمنتين جميعا ويقاس بهذا ما في معناه وأما نقص العين بأن غصب زوجي خف قيمتهما عشرة دراهم فضاع أحدهما وصار قيمة الباقي درهمين لزمه قيمة التالف وهو خمسة وأرش النقص وهو ثلاثة فيلزمه ثمانية لأن الأرش حصل بالتفريق الحاصل عنده وهذا هو المذهب وقول الشيخ [ لزمه أرش نقصه ] ويؤخذ منه أن نقص قيمة الأسعار لا يضمنها وهو الصحيح لأنه لا نقص في ذات المغصوب ولا في صفاته والذي فات إنما هو رغبات الناس وفي وجه يلزمه ذلك وبه قال الأكثرون قال الإمام أبو ثور : وهو منقاس قلت : وهو قوي لأن الغاصب مطالب بالرد في كل لحظة والسعر المرتفع بمنزلة المال العتيد ألا ترى أنه لو باع الولي والوكيل أو عامل القراض ونحو ذلك بثمن المثل وهناك راغب بالزيادة لا يصح لأنه تفويت مال والله أعلم فكما يلزم الرد وأرش النقص يلزم الغاصب أجرة المثل لاختلاف السبب لأن سبب الأرش النقص والأجرة بسبب تفويت المنافع والله أعلم .
فرع فتح باب قفص فيه طير ونفره ضمن بالإجماع قاله الماوردي لأنه نفر بفعله وإذا اقتصر على الفتح فالراجح أنه إن طار في الحال ضمن لأن الطائر ينفر ممن يقرب منه فطيرانه في الحال منسوب إليه كتهييجه وإن وقف الطائر ثم طار فلا ضمان لأن للحيوان اختيارا فينسب الطيران إليه ألا ترى أن الحيوان يقصد ما ينفعه ويتوقى المهالك فالفاتح متسبب والطائر مباشر والمباشر مقدم على المتسبب والله أعلم قال : .
وإن تلف ضمنه بمثله إن كان له مثل أو بقيمته إن لم يكن له مثل أكثر ما كانت من يوم الغصب إلى يوم التلف .
إذا تلف المغصوب سواء كان بفعله أو بآفة سماوية بأن وقع عليه شئ أو احترق أو غرق أو أخذه وتحقق تلفه فإن كان مثليا ضمنه بمثله لقوله تعالى { فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم } ولأنه أقرب إلى حقه لأن المثلي كالنص لأنه محسوس والقيمة كالاجتهاد ولا يصار إلى الاجتهاد إلا عند فقد النص ولو غصب مثليا في وقت الرخص فله طلبه في وقت الغلاء ثم ضابط المثلي ما حصره كيل أو وزن وجاز السلم فيه ويستثنى من هذا ما إذا أتلف عليه ماء في مفازة ثم لقيه على شط نهر أو أتلف عليه الثلج في الصيف ثم لقيه في الشتاء فالواجب قيمة المثل في تلك المفازة وقيمة الثلج في وقت الغصب والله أعلم .
ولو كان المغصوب من ذوات القيم كالحيوان وغيره من غير المثلي لزمه أقصى قيم المغصوب من وقت الغصب إلى وقت التلف لأنه في حال زيادة القيمة غاصب مطالب بالرد فلما لم يرد في تلك الحالة ضمن الزيادة لتعديه وتجب قيمته من نقد البلد الذي حصل فيه التلف قال الرافعي وكلام الرافعي محمول على ما إذا لم ينقل المغصوب فإن نقله قال ابن الرفعة : فيتجه أن يعتبر نقد البلد الذي تعتبر القيمة فيه وهو أكثر البلدين قيمة قال ابن الرفعة في البحر عن والده ما يقاربه والعبرة بالنقد الغالب فإن غلب نقدان وتساويا عين القاضي واحدا كما قاله الرافعي في كتاب البيع والله أعلم .
فرع لو ظفر بالغاصب في غير بلد التلف والمغصوب مثلي وهو موجود فالصحيح أنه إن كان لا مؤنة لنقله كالنقد فله مطالبته بالمثل وإلا فلا يطالبه ويغرمه قيمة بلد التلف لأنه تعذر على المالك الرجوع إلى المثل والله أعلم قال :