وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

فصل : في الإقرار والمقر به ضربان : حق الله تعالى وحق الآدمي فحق الله تعالى يجوز الرجوع فيه عن الإقرار به وحق الآدمي لا يصح الرجوع عنه .
الإقرار في اللغة الإثبات من قولهم قر الشئ يقر وفي الاصطلاح الاعتراف بالحق .
والأصل فيه الكتاب والسنة وإجماع الأمة قال الله تعالى : { كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم } والشهادة على النفس هي الإقرار وفي السنة الشريفة [ واغد يا أنيس على امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها ] رواه الشيخان ولأن الشهادة على الإقرار صحيحة فالإقرار أولى إذا عرفت هذا فإذا أقر من يقبل إقراره بما يوجب حد الله تعالى كالزنا وشرب الخمر والمحاربة بشهر السلاح في الطريق والسرقة الموجبة للقطع ثم رجع قبل رجوعه حتى لو كان قد استوفى بعض الحد ترك الباقي لقوله A [ ادرءوا الحدود بالشبهات ] وهذه شبهة لجواز صدقه ومن أحسن ما يستدل به قوله A [ لماعز لما اعترف بالزنا لعلك قبلت ] فلولا أن الرجوع مقبول لم يكن للتعريض به فائدة واعلم أن فائدة الرجوع في المحاربة سقوط تحتم القتل لا أصل القتل وفي السرقة سقوط القطع لا سقوط المال لأنه حق آدمي ولهذا لو أقر أنه أكره امرأة على الزنا ثم رجع لم يسقط المهر ويسقط الحد على المذهب ولو قال : زنيت بفلانة ثم رجع سقط حد الزنا والأصح أن حد القذف لا يسقط لأنه حق آدمي والفرق بين حق الله وحق الآدمي أن حق الله الكريم مبني على المسامحة بخلاف الآدمي فإن حقه مبني على المشاححة ثم كيفية الرجوع في الإقرار أن يقول كذبت في إقراري أو رجعت عنه أو لم أزن أو لا حد علي ولو قال : لا تحدوني فليس برجوع على الراجح لاحتمال أن يريد أن يعفى عنه أو يقضي دينه أو غير ذلك وقال الماوردي : يسأل فإذا بين عمل بمراده ولو قال بعد شهادة الشهود على إقراره : ما أقررت فقبل هو كقوله : رجعت والأصح أنه ليس برجوع وطرد الوجهين في قوله هما كاذبان والله أعلم .
فرع هل يستحب للمقر الرجوع وجهان رجح النووي الاستحباب كما يستحب له أن لا يقر ومنهم من قال : إن تاب ندب له الكتمان وإلا ندب له الإقرار والله أعلم .
فرع أقر بالزنا ثم قال : حددت ففي قبول قوله في الحد احتمالان في البحر للروياني ولو أقر بالزنا ثم قامت البينة بزناه ثم رجع ففي سقوط الحد وجهان ولو قامت البينة ثم أقر ثم رجع عن الإقرار لم يسقط وقال أبو إسحاق : يسقط والله أعلم .
فرع أقر بالزنا وهو ممن يرجم ثم رجع فقتله شخص بعد الرجوع عن الإقرار فهل يجب عليه القصاص ؟ فيه وجهان نقلهما ابن كج وصحح عدم الوجوب لاختلاف العلماء في سقوط الحد بالرجوع والله أعلم قال : .
وتفتقر صحة الإقرار إلى ثلاث شرائط : البلوغ والعقل والاختيار وإن كان بمال اعتبر فيه الرشد وهو شرط رابع .
إقرار الصبي والمجنون لا يصح لامتناع تصرفهما وسقوط أقوالهما وفي معنى المجنون المغمى عليه ومن زال عقله بسبب يعذر فيه وفي السكران خلاف كطلاقه والمذهب وقوع الطلاق عليه إذا طلق وأما إقرار المكره فلا يصح كما يصنعه الولاة والظلمة من الضرب وغيره مما يكون الشخص به مكرها لأن الإكراه على الكفر مع طمأنينة القلب بالإيمان لا يضر كما قال الله تعالى : { إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان } فغيره أولى ولو ضربه فأقر قال الماوردي : إن ضربه ليقر لم يصح وإن ضربه ليصدق صح لأن الصدق لم ينحصر في الإقرار كذا نقله النووي عنه وتوقف فيه وأما السفيه فإن أقر بدين أو بإتلاف مال فلا يقبل كالصبي وإلا لأبطل فائدة الحجر وقيل يقبل في الإقرار بإتلاف كما لو أتلف والصحيح الأول وإذا لم يصح لا يطالب ولو بعد فك الحجر والمراد المطالبة في ظاهر الحكم وأما فيما بينه وبين الله تعالى فيجب عليه الوفاء بعد فك الحجر إن كان صادقا وقد نص على ذلك الشافعي في الأمر قال ابن الرفعة : ولم تختلف فيه الأصحاب وقول الشيخ [ وإن كان بمال ] يؤخذ منه أنه إذا أقر بغير مال يقبل إقراره من السفيه وهو كذلك فيصبح إقراره بما يوجب الحد والقصاص وكذا يقبل إقراره بالطلاق والخلع والظهار لأن هذه الأمور لا تعلق لها بالمال وحكمه في العبادات كلها كالرشيد لاجتماع الشروط فيه وليس له تفرقة الزكاة لأنها ولاية وتصرف مال والله أعلم قال : .
وإذا أقر بمجهول رجع إليه في بيانه .
يصح الإقرار بالمجهول لأن الإقرار إخبار عن حق سابق والشئ يخبر عنه مفصلا تارة ومجملا أخرى إما للجهل به أو لثبوته مجهولا كوصية الوارث وغيرها فإذا قال : له علي شئ رجع إليه في تفسيره ويقبل تفسيره بكل ما يتمول وإن قل لأن اسم الشي صادق عليه ولو فسره بما لا يتمول لكنه من جنسه كحبة حنطة أو بما يحل اقتناؤه ككلب معلم وزبل قبل لأنه يحرم أخذه ويجب رده على من غصبه ولا يقبل تفسيره بما لا يقتني كخنزير وكلب لا ينفع في صيد ولا في زرع ونحوهما لأن قوله : علي يقتضي ثبوت حق على المقر للمقر له وما لا يقتني ليس فيه حق ولا اختصاص ولا يلزمه رده وقيل يصح التفسير به لأنه شئ ولو فسره بحق الشفعة قبل جزم به في الروضة وفي حد القذف وجهان أصحهما في التنبيه وزوائد الروضة يقبل ولا يقبل تفسيره بالعبادة ورد السلام بخلاف ما لو قال : له حق فإنه تقبل تفسيره بالعبادة ورد السلام قاله البغوي وتوقف فيه الرافعي وقال القاضي حسين : لا يصح تفسيره بهما والله أعلم .
فرع قال المديون لصاحب الحق : أليس قد أوفيتك فقال : بلى ثم ادعى صاحب الحق أنه أو في البعص صدق ذكره الرافعي في الكتابة في الحكم الثاني والله أعلم قال : .
ويصح الاستثناء في الإقرار إذا وصله به .
يصح الاستثناء في الإقرار وغيره لكثرة وروده في القرآن العظيم واللغة ثم الاستثناء تارة يرفع الإقرار من أصله وتارة يرفع بعضه فإن كان الأول وهو بلفظ إن شاء الله فلا يكون مقرا كقوله : له علي مائة إن شاء الله تعالى وهذا هو المذهب الذي قطع به الجمهور ووجهه أنه لم يجزم بالإقرار وأيضا فإن هذه الصيغة تدل على الإلزام في المستقبل والإقرار إخبار عن أمر سابق فبينهما منافاة والأصل براءة الذمة وشرط هذا الاستثناء أن يتصل على العادة فلا تضر سكتة التنفس والعي بطول الكلام والسعال والاشتغال بالعطاس ونحو ذلك لأن كل ذلك يعد متصلا عادة ولو كان بالرجل سكتة بين الكلامين فهو كسكتة التنفس فلا تمنع الاتصال فلو لم تتصل على العادة بأن اشتغل بكلام آخر أو أعرض عن الاستثناء ثم استلحقه فلا يصح استثناؤه ويؤاخذ بإقراره ولو كان الاستثناء في بعض المقر به كما لو قال : له علي عشرة إلا ثلاثة صح أيضا بشرط الاتصال على العادة وأن لا يستغرق كما مثلناه ولو قال : له علي عشرة إلا ثلاثة صح أيضا بشرط الاتصال على العادة وأن لا يستغرق كما مثلناه ولو قال : له علي عشرة إلا عشرة بطل الاستثناء لاستغراقه ولزمه العشرة وصار هذا بمنزلة : له علي عشرة لا تلزمني والله أعلم .
فرع إذا قال شخص : إذا جاء رأس الشهر أو قدم زيد فلفلان علي مائة فالمذهب أنه لا يلزمه شئ لأن الشرط لا أثر له في إيجاب المال والواقع لا يعلق بشرط وهذا إذا أطلق أو قال : قصدت التعليق فإن قصد التأجيل قبل ولو قال : له علي كذا من ثمن كلب أو ثمن خمر أو ثمن آلة لهو أو ثمن زبل ونحو ذلك مما لا يصح بيعه فهل يلزمه شئ أم لا ؟ قولان : أحدهما لا يلزمه شئ لأن الكلام كلام واحد ومثله يطلق في العرف والأظهر أنه يلزمه ما أقر به لأن أول الكلام إقرار صحيح وآخره يرفع فلا يقبل منه كما لو قال : له علي ألف لا تلزمني ويجري القولان في كل ما ينتظم عادة ويبطل حكمه شرعا كما لو أضاف ذلك إلى بيع أو إجارة أو كفالة ووصفه بالفساد فلو ذكر هذه الأمور مفصولة عن الإقرار ألزمناه بلا خلاف والله أعلم : قلت : ترجيح اللزوم عند عدم القرينة متجه أما إذا اعتضد الإقرار بقرينة دالة على صدق المقر بالمتجه عدم إلزامه بما أقر به لانعضاد أصل براءة الذمة بالعرف العادي في الإقرار مع القرينة كما لو كان النزاع بين الكلابزية والخمارين والمتخذين الآلات اللهوية سببا لأن بيع ذلك عندهم معلوم فقوله : ألف من ثمن الكلب فيه عرف معهود بخلاف قوله : علي ألف لا تلزمني فإنه لا عرف في ذلك فكيف يصح إلحاق ما فيه عرف على ما لا عرف فيه ألبتة وللقاضي اللبيب في مثل ذلك نظر ظاهر والله أعلم .
فرع أقر شخص أنه طلق امرأة واستثنى فهل يقع عليه الطلاق لأنه أقر بالطلاق وادعى رفعه بالاستثناء أم لا يقع نظرا إلى جملة كلامه ؟ أفتى بعض فقهائنا بقبول قوله ولم يوقع عليه طلاقا وفي فتاوى القاضي حسين ما يشهد له ولو قيل بتخريجها على تعقيب الإقرار بما يرفعه لم يبعد والله أعلم قال : .
وهو في حال الصحة والمرض سواء .
قوله [ وهو ] أي الإقرار اعلم أن إقرار الصحيح صحيح حيث لا مانع لوجود شروط الصحة وأما إقرار المريض في مرض الموت فهل يصح ؟ ينظر إن أقر لأجنبي ففيه قولان : سواء كان المقر به عينا أو دينا الراجح الصحة قياسا على الصحيح وقيل بل هو محسوب من الثلث وأما الإقرار للوارث ففيه طريقان : أحدهما على القولين والمذهب الصحة لأن المقر انتهى إلى حالة يصدق فيها الكاذب ويتوب فيها الفاجر فالظاهر أنه لا يقر إلا عن تحقيق ولا يقصد حرمانا وقيل لا يصح لأنه قد يقصد حرمان بعض الورثة ولو أقر في صحته بدين ثم أقر لآخر في مرضه تقاسما ولا يقدم الأول والله أعلم قال :