وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

فصل : في الردة ومن ارتد عن الاسلام استتيب ثلاثا فإن تاب وإلا قتل ولم يغسل ولم يصل عليه ولم يدفن في مقابر المسلمين .
الردة في اللغة الرجوع عن الشيء إلى غيره ومنه قوله تعالى { ولا ترتدوا على أدباركم } وفي الشرع الرجوع عن الإسلام إلى الكفر وقطع الإسلام ويحصل تارة بالقول وتارة بالفعل وتارة بالاعتقاد وكل واحد من هذه الأنواع الثلاثة فيه مسائل لا تكاد تحصر فنذكر كل نبذة ما يعرف بها غيره أما القول فكما إذا قال شخص عن عدوه : لو كان ربي ما عبدته فإنه يكفر وكذا لو قال : لو كان نبيا ما آمنت به أو قال عن ولده أو زوجته : هو أحب إلي من الله أو من رسوله وكذا لو قال مريض بعد أن شفي : لقيت في مرضي هذا ما لو قتلت أبا بكر وعمر لم استوجبه فإنه يكفر وذهب طائفة من العلماء إلى أن يتحتم قتله لأنه يتضمن قوله نسبة الله تعالى إلى الجور وقضة هذا التعليل أن يلتحق بهذه الصورة ما في معناها لأجل تضمن هذه النسبة عافانا الله تعالى من ذلك وكذا لو ادعى أنه أوحي إليه وإن لم يدع النبوة أو ادعى أنه يدخل الجنة ويأكل من ثمارها وأنه يعانق الحور العين فهو كفر بالإجماع ومثل هذا وأشباهه كما يقول زنادقة المتصوفة قاتلهم الله ما أجهلهم وأكفرهم وأظلم من اعتقدهم - ولو سب نبيا من الأنبياء أو استخف به فإنه يكفر بالإجماع ومن صور الاستهزاء ما يصدر من الظلمة عند ضربهم فيستغيث المضروب بسيد الأولين والآخرين رسول الله A فيقول : خل رسول الله A يخلصك ونحو ذلك ولو قال شخص : أنا نبي وقال آخر : صدق كفرا ولو قال لمسلم : يا كافر بلا تأويل كفر لأنه سمى الإسلام كفرا وهذا اللفظ كثير يصدر من الترك فليتفطن لذلك ولو قال : إن مات ابني تهودت أو تنصرت كفر في الحال ولو سأله كافر يريد الإسلام أن يلقنه كلمة التوحيد فأشار عليه بأن يثبت كفر وكذا إن لم يلقته التوحيد كفر ولو أشار على مسلم أن يكفر كفر ولو قيل له : قلم أظفارك أو قص شواربك فإنه سنة فقال : لا أفعل وإن كان سنة كفر قاله الرافعي عن أصحاب أبي حنفية وتبعهم وقال النووي : المختار لا يكفر إلا أن يقصد استهزاء والله أعلم ولو تقاول شخصان فقال أحدهما : لا حول ولا قوة إلا بالله فقال الآخر : لا حول ولا قوة لا تغني من جوع كفر ولو سمع المؤذن فقال : إنه يكذب كفر ولو قال : لا أخاف القيامة كفر ولو ابتلى بمصائب فقال : أخذ مالي وولدي وكذا وكذا وماذا يفعله أيضا وما بقي ما يفعل كفر ولو ضرب غلامه وولده فقال له شخص : ألست بمسلم فقال : لا متعمدا كفر ولو قال له شخص : يا يهودي أو يا نصراني فقال : لبيك كفر كذا نقله الرافعي وسكت عليه وقال النووي : في هذا نظر إن لم ينو شيئا والله أعلم ولو قال معلم الصبيان : إن اليهود خير من المسلمين بكثير لأنهم يقضون حقوق معلمي صبيانهم كفر كذا نقله الرافعي عن أصحاب أبي حنفية Bه وسكت عليه وتبعه النووي قلت : وهذا اللفظ كثير الوقوع من الصنائعية والمتعيشة وفي التكفير بذلك نظر ظاهر إذ إخراج مسلم عن دينه بلفظة لها محمل صحيح لا سيما عند القرينة الدالة على أن المراد أن معاملة هذا أجود من معاملة هذا لا سيما إذا صرح بأن هذا مراده أو وقع في لفظ صريح كالمسألة المنقولة والله أعلم .
ولو عطس السلطان أو نحوه من الجبابرة فقال رجل : يرحمك الله فقال آخر : لا تقل للسطان هذا كفر نقله الرافعي عن أصحاب أبي حنفية وأقرهم وقال النووي : إنه لا يكفر بمجرد هذا ولو قيل لرجل ما الإيمان ؟ فقال : لا أدري كفر كذا نقله الرافعي عن أصحاب أبي حنفية وأقرهم وتبعه النووي قلت : هذه المسألة وأشباهها كثيرة الوقوع وفي التكفير بذلك نظر لا يخفى ولو قال مسلم لمسلم : سلبه الله الإيمان هل يكفر ؟ أو قال لكافر : لا رزقه الله الإيمان قال القاضي حسين عن بعض الأصحاب في مسألة سلب الإيمان : إنه يكفر لأنه رضي بالكفر والجمهور لا يكفر لأنه دعا بتشديد الأمر عليه والعقوبة به لا رضى بالكفر والله أعلم وأما الكفر بالفعل فالكالسجود للصنم والشمس والقمر وإلقاء المصحف في القاذورات والسحر الذي فيه عبادة الشمس وكذا الذبح للأصنام والسخرياء باسم من أسماء الله تعالى أو بأمره أو وعيده أو قراءة القرآن على ضرب الدف وكذا لو كان يتعاطى الخمر والزنا ويقدم اسم الله تعالى استخفافا به فإنه يكفر ونقل الرافعي عن أصحاب أبي حنفية أنه لو شد الزنار على وسطه كفر قال : واختلفوا فيمن وضع قلنسوة المجوس على رأسه والصحيح أنه يكفر ولو شد على وسطه حبلا فسئل عنه فقال : هذا زنار فالأكثر على أنه يكفر وسكت الرافعي على ذلك وقال النووي : الصواب أنه لا يكفر إذا لم يكن له نية وما ذكره النووي ذكره الرافعي في أول الجنايات في الطرف الرابع ما حاصله موافقة النووي وإن لبس زي الكفارة بمجرده لا يكون ردة ونقل الرافعي عن أصحاب أبي حنفية أن الفاسق إذا سقى ولده خمرا فنثر أقرباؤه الدراهم والدنانير فإنهم يكفرون وسكت الرافعي عليه وقال النووي : الصواب أنهم لا يكفرون ولو فعل فعلا أجمع المسلمون على أن لا يصدر إلا من كافر وإن كان مصرحا بالإسلام مع فعله كالسجود للصليب أو المشي إلى الكنائس مع أهلها بزيهم من الزنانير وغيرها فإنه يكفر ولو صلى شخص بغير وضوء متعمدا أو في ثوب نجس أو إلى غير القبلة هل يكفر ؟ قال النووي : مذهبنا ومذهب الجمهور أنه لا يكفر إن لم يستحله والله أعلم .
وأما الكفر بالاعتقاد فكثير جدا : فمن اعتقد قدم العالم أو حدوث الصانع أو اعتقد نفي ما هو ثابت لله تعالى بالاجماع أو أثبت ما هو منفي عنه بالاجماع كالألوان والاتصال والانفصال كان كافرا أو استحل ما هو حرام بالإجماع أو حرم حلالا بالاجماع أو اعتقد وجوب ماليس بواجب كفر أو نفى وجوب شيء مجمع عليه علم من الدين بالضرورة كفر كذا ذكره الرافعي والنووي هذا لكن هنا تنبيه هو أن المجسمة ملتزمون بالألوان والاتصال والانفصال وكلام الرافعي في كتاب الشهادات يقتضي أن المشهور أنا لا نكفرهم وتبعه النووي على ذلك إلا أن النووي جزم في صفة الصلاة من شرح المهذب بتكفير المجسمة قلت : وهو الصواب الذي لا محيد عنه إذ فيه مخالفة صريح القرآن قاتل الله المجسمة والمعطلة ما أجرأهم على مخالفة من { ليس كمثله شيء وهو السميع البصير } وفي هذه الآية رد على الفرقتين والله أعلم ومن استحل الخمر أو لحم الخنزير أو الزنا أو اللواط أو أن السلطان يحلل أو يحرم ككثير من الظلمة يعتقد أن السلطان إذا غضب على أحد وأنعم على آخر من دونه من ماله أنه يحل له ذلك ويدخل على الأموال والابضاع مستحلا له بإذن السلطان وكذا من استحل المكوس ونحو ذلك مما هو حرام بالإجماع والرضا بالكفر كفر والعزم على الكفر كفر في الحال وكذا لو تردد هل يكفر كفر في الحال وكذا تعليق الكفر بأمر مستقبل كفر في الحال ولو قال شخص لخطيب أو واعظ : أريد الإسلام فلقني كلمة الشهادة فقال : اقعد حتى أفرغ وألقنك كفر في الحال ولو تمنى شخص أن لا يحرم الله الخمر أو لا يحرم المناكحة بين الأخ والأخت لا يكفر بخلاف ما لو تمنى أن لا يحرم الله الظلم والزنا وقتل النفس بغير حق فإنه يكفر والضابط فيه أن ما كان حلالا في زمان فتمنى حله لا يكفر والله أعلم .
فرع ارتكاب كبائر المحرمات ليس بكفر ولا يسلب اسم الإيمان والفاسق إذا مات ولم يتب لا يخلد في النار والله أعلم إذا عرفت هذا فمن ثبتت ردته فهو مهدور الدم لأنه أتى بأفحش أنواع الكفر وأغلظها حكما قال الله تعالى { ومن يرتدد منكم عن دينه } إلى قوله { خالدون } وهل تستحب توبته أو تجب قولان : أحدهما تستحب لقوله E [ من بدل دينه فاقتلوه ] والصحيح أنها تجب لما روت عائشة Bها [ أن امرأة ارتدت يوم أحد فأمر رسول الله A أن تستتاب فإن تابت وإلا قتلت ] ولأن الأغلب في الردة أن تكون عن شبهة عرضت فلم يجز القتل قبل كشفها والاستتابة منها كأهل الحرب فإنا لا نقتلهم إلا بعد بلوغ الدعوة وإظهار المعجزة وقيل لا يقبل اسلام الزنديق وهو الذي يخفي الكفر ويظهر الإسلام قال الروياني : والعمل على هذا وقيل إن كان من المتناهين في الخبث كدعاة الباطنية لا تقبل توبته ورجوعه إلى الإسلام ويقبل من عوامهم وقيل إن أخذ ليقتل لم تقبل توبته وإن جاء ابتداء تائبا وظهرت أمارات الصدق قبلت وقيل إن تكررت منه الردة لم تقبل توبته والصحيح الذي نص عليه الشافعي وبه قطع العراقيون أنها تقبل توبته بكل حال وهل يمهل ؟ قيل نعم ويكون ثلاثا لأنه قدم رجل على عمر Bه من الشام فقال له : هل من معرفة خبر ؟ قال : نعم رجل كفر بعد إسلامه فقتلناه فقال عمر : هلا حبستمونه في بيت ثلاثا اللهم لم أحضر ولم آمرهم ولم أرض إذ بلغني اللهم إني أبرأ إليك من دمه والصحيح أنه يستتاب في الحال لحديث عائشة Bها وغيره ولأنه حد فلم يؤخر كسائر الحدود فإن تاب قبلت توبته لقوله تعالى { قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف } ولقوله A [ أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ] وغير ذلك من الآيات والأخبار وإلا قتل لقوله A [ لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث ] الحديث وإذا قتل فلا يغسل ولا يصلى عليه ولا يدفن مع المسلمين لأنه كافر لا حرمة له والله أعلم قال : .
وتارك الصلاة إن تركها غير معتقد لوجوبها فحكمه حكم المرتد وإن تركها معتقدا لوجوبها فيستتاب فإن تاب وإلا قتل حدا وحكمه حكم المسلمين .
إذا امتنع شخص من فعل الصلاة نظر إن كان لكونه منكرا لوجوبها وهو غير معذور لعدم إسلامه ومخالطة المسلمين كفر لأنه جحد أصلا مقطوعا به ولا عذر له فيه فتضمن جحده تكذيب الله تعالى ورسوله ومن كذبهما فقد كفر ويقتل لقوله E [ من بدل دينه فاقتلوه ] رواه البخاري وحكمه حكم المرتد فيما تقدم وإن تركها وهو يعتقد وجوبها إلا أنه تركها تكاسلا حتى خرج الوقت فهل يكفر ؟ قيل نعم لقوله E [ بين العبد وبين الكفر ترك الصلاة ] رواه مسلم وأخذ به خلائق : منهم علي بن أبي طالب Bه والسيد الجليل عبد الله بن المبارك وكذا إسحاق بن راهويه وهو رواية عن الإمام أحمد والصحيح وبه قال الجمهور أنه لا يكفر لقوله E [ لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث : كفر بعد إيمان وزنا بعد إحصان وقتل نفس بغير حق ] ولقوله A [ من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأن عيسى عبد الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه وأن الجنة حق وأن النار حق أدخله الله الجنة على ما كان من عمل ] رواه الشيخان ولأن الكفر بالاعتقاد واعتقاده صحيح والحديث الذي استدل به من قال بالتكفير محمول على جاحد الوجوب فعلى الصحيح يستتاب لأنه ليس بأسوأ حالا من المرتد فإن تاب وتوبته أن يصلي وإلا قتل بضرب عنقه على المذهب لقوله A [ فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة ] وقيل يضرب بالخشب إلى أن يموت وقيل ينحس بحديدة إلى أن يصلي أو يموت فإذا مات غسل وصلي عليه ودفن في مقابر المسلمين لأنه مسلم وقيل لا يغسل ولا يصلى عليه ولا يرفع نعشه ويطمس قبره اهانة له باهماله هذا الفرض الذي هو شعار ظاهر في الدين والله أعلم .
فرع تارك الوضوء والغسل يقتل على الصحيح ولو ترك الجمعة وقال : أنا أصلي الظهر ولا عذر له قال الغزالي : لا يقتل لأن لها بدلا وتسقط بالأعذار وجزم الشاشي بأنه يقتل ورجحه النووي واختاره ابن الصلاح والله أعلم