وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

باب بيع الأصول والثمار .
إذا باع أرضا وفيها بناء أو غراس نظرت فإن قال بعتك هذه الأرض بحقوقها دخل فيها البناء والغراس لأنه من حقوقها وإن لم يقل بحقوقها فقد قال في البيع يدخل وقال في الرهن لا يدخل واختلف أصحابنا فيه على ثلاث طرق : فمنهم من قال لا يدخل في الجميع لأن الأرض ليست بعبارة عن الغراس والبناء وتأول قوله في البيع عليه إذا قال بحقوقها ومنهم من نقل جوابه في الرهن إلى البيع وجوابه في البيع إلى الرهن وجعلهما على قولين : أحدهما لا يدخل في الجميع لأن الأرض اسم للعرصة دون ما فيها من الغراس والبناء والثاني يدخل لأنه متصل بها فدخل فيها الغراس والبناء والرهن عقد ضعيف لا يزيل الملك فلم يدخل فيه الغراس والبناء فإن قال بعتك هذه القرية بحقوقها لم تدخل فيها المزارع لأن القرية اسم للأبنية دون المزارع وإن قال بعتك هذه الدار دخل بها ما اتصل بها من الرفوف المسمرة والجوابي والأجاجين المدفونة فيها للانتفاع بها وإن كان فيها رحا مبينة دخل الحجر السفلاني في بيعها لأنه متصل بها وفي الفوقاني وجهان : أحدهما أنه يدخل وهو الصحيح لأنه ينصب هكذا فدخل فيه كالباب و الثاني لا يدخل لأنه منفصل عن المبيع ويدخل الغلق المسمر في الباب وفي المفتاح وجهان أحدهما : يدخل فيه لأنه من مصلحته فلا ينفرد عنه والثاني لا يدخل لأنه منفصل فلم يدخل كالدلو والبكرة وإن كان في الدار شجرة فعلى الطرق الثلاثة التي ذكرناها في الأرض وأما الماء الذي في البئر فاختلف أصحابنا فيه فقال أبو إسحاق : الماء غير مملوك لأنه لو كان مملوكا لصاحب الدار لما جاز للمستأجرين شربه لأنه إتلاف عين فلا يستحق بالإجارة كثمرة النخل ولوجب أن لا يجوز للمشتري رد الدار بالعيب بعد شربه كما لا يجوز رد النخل بعد أكل ثمرته فعلى هذا لا يدخل في بيع الدار غير أن المشتري أحق به لثبوت يده على الدار وقال أبو علي بن أبي هريرة : هو مملوك لمالك الدار وهو المنصوص في القديم وفي كتاب حرملة لأنه من نماء الأرض فكان لمالك الأرض كالحشيش فإذا باع الدار فإن الماء الظاهر للبائع لايدخل في بيع الدار من غير شرط وما يظهر بعد العقد فهو للمشتري فعلى هذا لا يصح البيع حتى يشترط أن الظاهر من الماء للمشتري لأنه إذا لم يشترط اختلط ماء البائع بماء المشتري فينفسخ البيع وإن كان في الأرض معدن باطن كمعدن الذهب والفضة دخل في البيع لأنه من أجزاء الأرض وإن كان معدنا ظاهرا كالنفط والقار فهو كالماء المملوك في قول أبي علي بن أبي هريرة وغير مملوك في قول أبي إسحاق والحكم في دخوله في البيع على ما بيناه في الماء وإن باع أرضا وفيها ركاز أو حجارة مدفونة لم تدخل في البيع لأنها ليست من أجزاء الأرض ولا هي متصلة بها فلم تدخل في بيعها .
فصل : وإن باع نخلا وعليها طلع غير مؤبر دخل في بيع النخل وإن كان مؤبرا لم يدخل لما روى ابن عمر Bه أن النبي ( ص ) قال : [ من باع نخلا بعد أن تؤبر فثمرتها للبائع إلا أن يشترطها المبتاع ] فجعلها للبائع بشرط أن تكون مؤبرة فدل على أنها إذا لم تكن مؤبرة فهي للمبتاع ولأن ثمرة النخل كالحمل لأنه نماء كامن لظهوره غاية كالحمل ثم الحمل الكامن يتبع الأصل في البيع والحمل الظاهر لا يتبع فكذلك الثمرة قال الشافعي C : وما شقق في معنى ما أبر لأنه نماء ظاهر فهو كالمؤبر وإن باع فحالا وعليها طلع لم يتشقق ففيه وجهان : أحدهما أنه لا يدخل في بيع الأصل لأن جميع الطلع مقصود مأكول وهو ظاهر فلم يتبع الأصل كالتين والثاني أنه يدخل في بيع الأصل وهو الصحيح لأنه طلع لم يتشقق فدخل في بيع الأصل كطلع الإناث وما قاله الأول لا يصح لأن المقصود ما فيه وهو الكش الذي تلقح به الإناث وهو غير ظاهر فدخل في بيع الأصل كطلع الإناث .
فصل : وإن باع حائطا أبر بعضه دون بعض جعل الجميع كالمؤبر فيكون الجميع للبائع لأنا لو قلنا إن ما أبر للبائع وما لم يؤبر للمشتري أدى إلى سوء المشاركة واختلاف الأيدي فجعل مالم يؤبر تبعا للمؤبر لأن الباطن يتبع الظاهر ولم نجعل ما أبر تابعا لما لم يؤبر لأن الظاهر لا يتبع الباطن ولهذا جعلنا أساس الدار تابعا لظاهرها في تصحيح البيع ولم نجعل ظاهرها تابعا للباطن في إفساد البيع وقال أبو على بن خيران : إن كان نوعا واحدا جعل غير المؤبر تابعا للمؤبر وإن كان نوعين لم يجعل مالم يؤبر من أحد النوعين تابعا للمؤبر من نوع آخر لأن النوع الواحد يتقارب ظهوره والنوعان يختلف ظهورهما والمذهب الأول لما ذكرناه من سوء المشاركة واختلاف الأيدي وذلك يوجد في النوعين كما يوجد في النوع الواحد وأما إذا كان له حائطان فأبر أحدهما دون الآخر وباعهما فإن المؤبر للبائع وما لم يؤبر للمشتري ولا يتبع أحدهما الآخر لأن انفراد كل واحدة منهما بثمرة حائط لا يؤدي إلى سوء المشاركة واختلاف الأيدي فاعتبر كل واحد منهما بنفسه وإن كان له حائط أطلع بعضه دون بعض فأبر المطلع ثم باع الحائط ثم أطلع الباقي ففيه وجهان : قال أبو علي بن أبي هريرة : ما أطلع في ملك المشتري لا يتبع المؤبر بل يكون للمشتري لأنه حادث في ملكه فلا يصير للبائع والثاني أنه يتبع المؤبر فيكون للبائع لأنه من ثمرة عامه فجعل تابعا له كالطلع الظاهر في حال العقد فإن أبر بعض الحائط دون بعض ثم أفرد الذي لم يؤبر بالبيع ففي طلعه وجهان : أحدهما أنه للبائع لأنا جعلناه في الحكم كالمؤبر بدليل أنه لو باع الجميع كان للبائع فصار كما لو أفرد بعض المؤبر بالبيع والثاني أنه للمشتري لأنه إنما جعل كالمؤبر إذا بيع معه فيصير تابعا له فأما إذا أفرده فليس بتابع للمؤبر فتبع أصله .
فصل : قال الشافعي C والكرسف إذا بيع أصله كالنخل وأراد به كرسف الحجاز فإنه شجر يحمل في كل سنة وتخرج ثمرته في كمام وتتشقق عنه كالنخل فإن باع وقد تشقق جوزه فهو للبائع وإن لم يتشقق فهو للمشتري وإن تشقق بعضه دون بعض جعل الجميع للبائع كالنخل وأما ما لا يحمل إلا سنة وهو قطن العراق وخراسان فهو كالزرع ويجيء حكمه إن شاء الله تعالى .
فصل : وإن باع شجرا غير النخل والكرسف لم يخل إما أن يقصد منه الورد أو الورق أو الثمرة فإن كان يقصد منه الورد فإن كان ورده يخرج في كمام ثم ينفتح منه كالورد فهو كالنخيل فإن كان في الكمام تبع الأصل في البيع كالطلع الذي لم يؤبر وإن كان خارجا من الكمام لم يتبع الأصل كالطلع المؤبر وإن كان لا كمام له كالياسمين كان ماظهر منه للبائع وما لم يظهر للمشتري وإن كان مما يقصد منه الورق كالتوت ففيه وجهان : أحدهما أنه إن لم ينفتح فهو للمشتري وإن تفتح فهو للبائع لأن الورق من هذا كالثمر من سائر الأشجار والثاني أنه للمشتري تفتح أو لم يتفتح لأنه بمنزلة الأغصان من سائر الأشجار وليس كالثمر لأن ثمرة التوت ما يؤكل منه وإن كان مما يقصد منه الثمرة فهو على أربعة أضرب : أحدها ما تخرج ثمرته ظاهرة من غير كمام كالتين والعنب فما ظهر منه فهو للبائع لا يدخل في البيع من غير شرط وما يظهر بعد العقد فهو للمشتري لأن الظاهر منه كالطلع المؤبر والباطن منه كالطلع الذي لم يؤبر والثاني ما يخرج في كمام لا يزال عنه إلا عند الأكل كالرمان والموز فهو للبائع لأن كمامه من مصلحته فهو كأجزاء الثمرة والثالث ما يخرج وعليه قشرتان كالجوز واللوز والرانج فالمنصوص أنه كالرمان لا يدخل في بيع الأصل لأن قشره لا يتشقق عنه كما لا يتشقق قشر الرمان ومن أصحابنا من قال : هو كثمرة النخل الذي لم يؤبر لأنه لا يترك في القشر الأعلى كما لا تترك الثمرة في الطلع والرابع ما يكون في نور يتناثر عنه النور كالتفاح والكمثري فاختلف أصحابنا فيه فقال أبو إسحاق و القاضي أبو حامد : هو كثمرة النخل إن تناثر عنه النور فهو للبائع وإن لم يتناثر عنه فهو للمشتري وهو ظاهر كتشقق الطلع عن الثمرة فكان في الحكم مثلها وقال الشيخ أبو حامد الأسفرايني : هو للبائع وإن لم يتناثر النور عنها لأن الثمرة قد ظهرت بالخروج من الشجر واستتارها بالقشر الأبيض فكذلك هذه الثمرة للبائع مع استتارها بالنور .
فصل : وإن باع أرضا وفيها نبات غير الشجر فإن كان مما له أصل يحمل مرة بعد أخرى كالرطبة والبنفسج والنرجس والنعنع و الهندبا والبطيخ والقثاء دخل الأصل في البيع وما ظهر منه فهو للبائع وما لم يظهر فهو للمشتري كالأشجار وإن كان مالا يحمل إلا مرة كالحنطة والشعير لم يدخل في بيع لأصل لأنه لماء ظاهر لا يراد للبقاء فلم يدخل في بيع الأصل كالطلع المؤبر وفي بيع الأرض طريقان : من أصحابنا من قال فيه قولان لأنها في يد البائع إلى أن يحصد الزرع فكان في بيعها قولان كالأرض المستأجرة ومنهم من قال يصح بيع الأرض قولا واحدا لأن المبيع في يد المشتري وإنما يدخل البائع للسقي أو الحصاد فجاز بيعه قولا واحدا كالأمة المزوجة وإن باع أرضا فيها بذر لم يدخل البذر لأنه مودع في الأرض فلم يدخل في بيعها كالركاز فإن باع الأرض مع البذر ففيه وجهان : أحدهما أنه يصح تبعا للأرض والثاني لايصح وهو المذهب لأنه لا يجوز بيعه منفردا فلم يجز بيعه مع الأرض .
فصل : إذا باع أصلا وعليه ثمرة وعليه ثمرة للبائع لم يكلف قطع الثمرة إلى أوان الجداد فإن كان مما يقطع بسرا كالبسر الحيسواني والقرشي لم يكلف قطعه إلى أن يصير بسرا وإن كان مما لا يقطع إلا رطبا لم يكلف قطعه إلى أن يصير رطبا لأن نقل المبيع على حسب العادة ولهذا إذا اشترى بالليل متاعا لم يكلف نقله حتى يصبح وإن اشتراه في المطر لم يكلف نقله حتى يسكن المطر والعادة في قطع الثمار ما ذكرناه فلا يكلف القطع قبله .
فصل : فإن أصاب النخل عطش وخاف أن تشرب الثمرة الماء من أصل النخل فيهلك ففيه قولان : أحدهما لا يكلف البائع قطع الثمرة لأن المشتري دخل في العقد على أن يترك الثمار إلى الجداد فلزمه تركه والثاني أنه يكلف قطعه لأن المشتري إنما رضي بذلك إذا لم يضر به فإذا أضر به لم يلزمه تركه فإن احتاج أحدهما إلى سقي ماله ولم يكن على الآخر ضرر جاز له أن يسقيه لأنه إصلاح لما له من غير إضرار بأحد فجاز وإن كان على الآخر ضرر في السقي وتشاحا ففيه وجهان : قال أبو إسحاق : يفسخ العقد لأنه ليس أحدهما بأولى من الآخر في الأضرار فوجب أن يفسخ وقال أبو علي بن أبي هريرة يجبر الممتنع منهما لأنه حين دخل في العقد رضي بدخول الضرر عليه لأنه يعلم أنه لا بد من السقي ويجب أجرة السقي على من يسقي لأن منفعته تحصل له .
فصل : ولا يجوز بيع الثمار والزرع قبل بدو الصلاح من غير شرط القطع لما روى ابن عمر Bه أن النبي ( ص ) نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها وروى ابن عمر Bه أن النبي ( ص ) نهى عن بيع ثمرة النخل حتى تزهى والسنبل والزرع حتى يبيض ويأمن العاهة ولأن المبيع إنما ينقل على حسب العادة ولهذا لو اشترى بالليل متاعا لم يكلف نقله حتى يصبح والعادة في الثمار تركها إلى أوان الجداد فإذا باعها قبل بدو الصلاح لم يأمن أن يصيبها عاهة فتتلف وذلك غرر من غير حاجة فلم يجز وإن باعها بشرط القطع جاز لأنه يأخذه قبل أن يتلف فيأمن الغرر وإن باع الثمرة مع الأصل والزرع مع الأرض قبل بدو الصلاح جاز لأن حكم الغرر مع الأصل كالغرر في الحمل يسقط حكمه إذا بيع مع الأصل وإن باع الثمرة ممن يملك الأصل أو الزرع ممن يملك الأرض ففيه وجهان : أحدهما يصح لأنه يحصل لمالك الأصل فجاز كما لو باعها مع الشجر والأرض والثاني لا يصح لأن أفرده بالبيع قبل بدو الصلاح من غير شرط القطع فأشبه إذا باعها من غير مالك الأصل وإن بدا صلاحها جاز بيعها بشرط القطع لحديث ابن عمر Bه ولأنه إذا جاز بيعه بشرط القطع قبل بدو الصلاح فلأن يجوز بعد بدو الصلاح أولى ويجوز بيعها مطلقا للخبر ولأنه أمن من العاهة فجاز بيعها مطلقا كسائر الأموال ويجوز بيعها بشرط التبقية إلى الجداد للخبر ولأن إطلاق البيع يقتضي التبقية إلى أوان الجداد فإذا شرط التبقية فقد شرط ما يقتضيه الإطلاق فجاز .
فصل : وبدو الصلاح في الثمار أن يطيب أكلها فإن كان رطبا أن يحمر أو يصفر وإن كان عنبا أسود بأن يتموه وإن كان أبيض بأن يرق ويحلو وإن كان زرعا بأن يشتد وإن كان بطيخا بأن يبدو فيه النضج وإن كان قثاء أن يكبر بحيث يؤخذ ويؤكل والدليل عليه ما روى أنس Bه أن النبي ( ص ) نهى عن بيع الثمرة حتى تطعم فإن وجد بدو الصلاح في بعض الجنس من حائط جاز بيع ذلك الجنس كله في ذلك الحائط لأنا لو قلنا لا يجوز إلا فيما بدا صلاحه فيه أدى إلى المشقة والضرر بسوء المشاركة ولا يجوز أن يبيع ما لم يبد فيه الصلاح من جنس آخر ولا ما لم يبد فيه الصلاح من ذلك الجنس من حائط آخر لأن المنع من ذلك لا يؤدي إلى الضرر بسوء المشاركة فإن بدا الصلاح في بعض الجنس في حائط فباع منه ما لم يبد فيه الصلاح مفردا من غير شرط القطع ففيه وجهان : أحدهما يجوز لأنا جعلناه في حكم ما بدا فيه الصلاح فجاز إفراده بالبيع والثاني لا يجوز لأنه جعل في حكم ما بدا فيه الصلاح بيعا لما بدا فيه الصلاح وما أجيز بيعه تبعا لغيره لم يجز إفراده بالبيع كالحمل .
فصل : إذا ابتاع زرعا أو ثمرة بعد بدو الصلاح لم يكلف قطعه قبل أوان الحصاد والجداد لأن العادة فيها تركها إلى الحصاد والجداد فلم يكلف نقله قبله كما نقول فيمن اشترى متاعا بالليل إنه لا يكلف نقله إلا بالنهار فإذا احتاجت الثمرة أو الزرع إلى السقي لزم البائع ذلك لأنه يجب عليه تسليمها في حال الجداد والحصاد وذلك لا يحصل إلا بالسقي فلزمه .
فصل : وإذا اشترى ثمرة على الشجر فلم يأخذ حتى حدث ثمرة أخرى واختلطت ولم تتميز أو اشترى حنطة فلم يقبض حتى انثالت عليها حنطة أخرى ففيه قولان : أحدهما ينفسخ البيع وهو الصحيح لأنه تعذر التسليم المستحق بالعقد فإن البائع لا يلزمه تسليم ما اختلط به من ماله فإن رضي البائع بتسليم ماله لم يلزم المشتري قبوله وإذا تعذر تسليم المعقود عليه بطل العقد كما لو تلف المبيع والثاني لا ينفسخ لأن المبيع باق وإنما انضاف إليه زيادة فصار كما لو باع عبدا فسمن أو شجرة فكبرت فإن قلنا لا ينفسخ قلنا للبائع إن سمحت بحقك أقر العقد وإن لم تسمح فسخ العقد وإن اشترى شجرة عليها حمل للبائع فلم يأخذه حتى حدث حمل للمشتري واختلطت ولم تتميز ففيه طريقان : قال أبو علي بن خيران و أبو علي الطبري لا ينفسخ العقد قولا واحدا بل يقال إن سمح أحد كما بترك حقه من الثمرة أقر العقد لأن المبيع هو الشجر ولم يختلط الشجر بغيره وإنما اختلط ما عليها من الثمرة والثمرة غير مبيعة فلم ينفسخ البيع كما لو اشترى دارا وفيها طعام للبائع وطعام للمشتري فاختلط أحد الطعامين بالآخر فإن البيع لا ينفسخ في الدار وقال المزني وأكثر أصحابنا : إنها على قولين كالمسئلة قبلها لأن المقصود بالشجر هو الثمرة فكان اختلاطها كاختلاط المبيع وإن اشترى رطبة بشرط القطع فلم يقطع حتى زادت وطالت ففيه طريقان : أحدها أنه لا يبطل البيع قولا واحدا بل يقال للبائع إن سمحت بحقك أقر العقد وإن لم تسمح فسخ العقد لأنه لم يختلط المبيع بغيره وإنما زاد المبيع في نفسه فصار كما لو اشترى عبدا صغيرا فكبر أو هزيلا فسمن والثاني هو الصحيح أنه على قولين : أحدهما لا ينفسخ البيع والثاني ينفسخ ويخالف السمن والكبر في العبد فإن تلك الزيادة لا حكم لها ولهذا يجبر البائع على تسليم العبد مع السمن والكبر ولهذه الزيادة حكم ولهذا لا يجبر البائع على تسليمها فدل على الفرق بينهما .
فصل : وإن كان له شجرة تحمل حملين فباع أحد الحملين بعد بدو الصلاح وهو يعلم أنه يحدث الحمل الآخر ويختلط به ولا يتميز فالبيع باطل وقال الربيع فيه قول آخر إن البيع يصح ولعله أخذه من أحد القولين فيمن باع جزة من الرطبة فلم يأخذ حتى حدث شيء آخر أن البيع يصح في أحد القولين والصحيح هو الأول لأنه باع ما لا يقدر على تسليمه لأن العادة فيها الترك فإذا ترك اختلط به غيره فتعذر التسليم بخلاف الرطبة فإنه باعها بشرط القطع فلا يتعذر التسليم