وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

باب بيع المصراة والرد بالعيب .
إذا اشترى ناقة أو شاة أو بقرة مصراة ولم يعلم أنها مصراة ثم علم أنها مصراة فهو بالخيار بأن يمسك وبين أن يرد لما روى أبو هريرة أن رسول الله ( ص ) قال : [ لا تصروا الإبل والغنم للبيع فمن ابتاعها بعد ذلك فهو بخير النظرين بعد أن يحلبها ثلاثا إن رضيها أمسكها وإن سخطها ردها وصاعا من تمر ] وروى ابن عمر أن النبي ( ص ) قال : [ من ابتاع محفلة فهو بالخيار ثلاثة أيام فإن ردها رد معها مثل أو مثلي لبنها قمحا ] واختلف أصحابنا في وقت الرد فمنهم من قال يتقدر الخيار بثلاثة أيام فإن علم بالتصرية فيما دون الثلاث كان له الخيار في بقية الثلاث للسنة ومنهم من قال : إذا علم بالتصرية ثبت له الخيار على الفور فإن لم يرد سقط خياره لأنه خيار ثبت لنقص فكان على الفور كخيار الرد بالعيب .
فصل : فإن اختار رد المصراة رد بدل اللبن الذي أخذه واختلفت الرواية فيه فروى أبو هريرة صاعا من تمر وروى ابن عمر مثل أو مثلي لبنها قمحا واختلف أصحابنا فيه فقال أبو العباس بن سريج : يرد في كل بلد من غالب قوته وحمل حديث أبو هريرة على من قوت بلده التمر وحديث ابن عمر على من قوت بلده القمح كما قال في زكاة الفطر صاعا من تمر أو صاعا من شعير وأراد التمر لمن قوته التمر والشعير لمن قوته الشعير وقال أبو إسحاق : الواجب صاع من تمر لحديث أبو هريرة وتأول حديث ابن عمر عليه إذا كان مثل لبنها من القمح أكثر قيمة من صاع من التمر فتطوع به وإن كان قيمة الصاع بقيمة الشاة أو أكثر ففيه وجهان : قال أبو إسحاق : يجب عليه قيمة صاع بالحجاز لأنا لو أوجبنا صاعا بقيمة الشاة حصل للبائع الشاة وبدلها فوجب قيمة الصاع بالحجاز لأنه هو الأصل ومن أصحابنا من يقول يلزمه الصاع وإن كان بقيمة الشاة أو أكثر ولا يؤدي إلى الجمع بين الشاة وبدلها لأن الصاع ليس ببدل عن الشاة وإنما هو بدل عن اللبن فجاز كما لو غصب عبدا فخصاه فإنه يرد العبد مع قيمته ولا يكون ذلك جمعا بين العبد وقيمته لأن القيمة بدل عن العضو المتلف وإن كان ما حلب من اللبن باقيا فأراد رده ففيه وجهان : قال أبو إسحاق : لا يجبر البائع على أخذه لأنه أصبح بالحلب ناقصا لأنه يسرع إليه التغير فلا يجبر على أخذه ومن أصحابنا من قال يجبر لأن نقصانه حصل لمعنى يستعلم به العيب فلم يمنع الرد ولأنه لو لم يجز رده لنقصانه بالحلب فلم يجز إفراد الشاة بالرد لأنه إفراد بعض المعقود عليه بالرد فلما جاز ذلك ههنا وإن لم يجز في سائر المواضع جاز رد اللبن ههنا مع نقصانه بالحلب وإن لم يجز في سائر المواضع .
فصل : وإن اشترى جارية مصراة ففيه أربعة أوجه : أحدها أنه يردها ويرد معها صاعا لأنه يقصد لبنها فثبت بالتدليس له فيه الخيار والصاع كالشاة والثاني أنه يردها لأن لبنها يقصد لتربية الولد ولم يسلم له ذلك فثبت له الرد ولا يرد بدله لأنه لا يباع ولا يقصد بالعوض والثالث لا يردها لأن الجارية في العادة لا يقصد في العادة إلا عينها دون لبنها والرابع لا يردها ويرجع بالأرش لأنه لا يمكن ردها مع عوض اللبن لأنه ليس للبنها عوض مقصود ولا يمكن رده من غير عوض لأنه يؤدي إلى إسقاط حق البائع من لبنها من غير بدل ولا يمكن إجبار المبتاع على إمساكها بالثمن المسمى لأنه لم يبذل الثمن إلا ليسلم له ما دلس به من اللبن فوجب أن يرجع على البائع بالأرش كما لو وجد بالمبيع عيبا وحدث عنده عيب .
فصل : وإن اشترى أتانا مصراة فإن قلنا بقول الإصطخري إن لبنها طاهر ردها ورد معها بدل اللبن كالشاة وإن قلنا بالمنصوص إنه نجس ففيه وجهان : أحدهما أنه يردها ولا يرد بدل اللبن لأنه لا قيمة له فلا يقابل ببدل والثاني يمسكها ويأخذ الأرض لأنه لا يمكن ردها مع البدل لأنه لا بدل له ولا ردها من غير بدل لما فيه من إسقاط حق البائع من لبنها ولا إمساكها بالثمن لأنه لم يبذل الثمن إلا لتسلم له الأتان مع اللبن ولم تسلم فوجب أن تمسك ويأخذ الأرش .
فصل : إذا ابتاع بشرط أن تحلب كل يوم خمسه أرطال ففيه وجهان بناء على القولين فيمن باع شاة شرط حملها : أحدهما لا يصح لأنه شرط مجهول فلم يصح والثاني أنه يصح لأنه يعلم بالعادة فصح شرطه فعلى هذا إذا لم تحلب المشروط فهو بالخيار بين الإمساك والرد .
فصل : إذا ابتاع جارية قد جعد شعرها ثم بان أنها سبطة الشعر أو سود شعرها ثم بان بياض شعرها أو حمر وجهها ثم بان صفرة وجهها ثبت له الرد لأنه تدليس بما يختلف به الثمن فثبت به الخيار كالتصرية وإن سبط شعرها ثم بان أنها جعدة ففيه وجهان : أحدهما لا خيار له لأن الجعدة أكمل وأكثر ثمنا والثاني أنه يثبت له الخيار لأنه قد تكون السبطة أحب إليه وأحسن عنده وهذا لا يصح لأنه اعتبار به وإنما الاعتبار بما يزيد في الثمن والجعدة أكثر ثمنا من السبطة وإن ابتاع صبرة ثم بان أنها كانت على صخرة أو بان أن باطنها دون ظاهرها في الجودة ثبت له الرد لما ذكرناه من العلة في المسألة قبلها .
فصل : ومن ملك عينا وعلم بها عيبا لم يجز أن يبيعها حتى يبين عيبها لما روى عقبة بن عامر Bه قال سمعت النبي ( ص ) يقول : [ المسلم أخو المسلم فلا يحل لمسلم باع من أخيه بيعا يعلم فيه عيبا إلا بينه له ] فإن علم غير المالك بالعيب لزمه أن يبين ذلك لمن يشتريه لما روى أبو سباع قال : اشتريت ناقة من دار واثلة بن الأسقع فلما خرجت بها أدركنا عقبة بن عامر فقال هل بين لك ما فيها ؟ قلت : وما فيها إنها لسمينة ظاهرة الصحة فقال : أردت بها سفرا أم أردت بها لحما قلت : أردت عليها الحج قال : إن بخفها نقبا قال صاحبها : أصلحك الله ما تريد إلى هذا تفسد علي قال : إني سمعت رسول الله ( ص ) يقول : [ لا يحل لأحد يبيع شيئا إلا بين ما فيه ولا يحل لمن يعلم ذلك إلا بينه ] فإن باع ولم يبين العيب صح البيع لأن النبي ( ص ) صحح البيع في المصراة مع التدليس بالتصرية .
فصل : فإن لم يعلم بالعيب واشتراه ثم علم بالعيب فهو بالخيار بين أن يمسك وبين أن يرد لأنه بذل الثمن ليسلم له مبيع سليم ولم يسلم له ذلك فثبت له الرجوع بالثمن كما قلنا في المصراة فإن ابتاع شيئا ولا عيب به ثم حدث به عيب في ملكه نظرت فإن كان حدث قبل القبض ثبت له الرد لأن المبيع مضمون على البائع فثبت له الرد بما يحدث فيه من العيب كما قبل العقد وإن حدث العيب بعد القبض نظرت فإن لم يستند إلى سبب قبل القبض لم يثبت له الرد لأنه دخل المبيع في ضمانه فلم يرد بالعيب الحادث وإن استند إلى ما قبل القبض بأن كان عبدا فسرق أو قطع يدا قبل القبض فقطعت يده بعد القبض ففيه وجهان : أحدهما أنه يرد وهو على قول أبي أسحق لأنه قطع بسبب كان قبل القبض فصار كما لو قطع قبل القبض والثاني أنه لا يرد وهو قول أبي علي بن أبي هريرة لأن القطع وجد في يد المشتري فلم يردكما لو لم يستند إلى سبب قبله .
فصل : إذا وجد المشتري بالمبيع عيبا لم يخل إما أن يكون المبيع باقيا على وجهه أو زاد أو نقص فإن كان باقيا على جهته وأراد الرد لم يؤخره فإن أخره من غير عذر سقط الخيار لأنه خيار ثبت بالشرع لدفع الضرر عن المال فكان على الفور كخيار الشفعة فإن كان المبيع دابة فساقها ليردها فركبها في الطريق أو علفها أو سقاها لم يسقط حقه من الرد لأنه لم يرض بالعيب ولم يوجد منه أكثر من الركوب والعلف والسقي وذلك حق له إلى أن يرد فلم يمنع الرد وله أن يرد بغير رضى البائع ومن غير حضوره لأنه رفع عقد جعل إليه فلا يعتبر فيه رضى صاحبه ولا حضوره كالطلاق فإن اشترى ثوبا بجارية فوجد بالثوب عيبا فوطيء الجارية ففيه وجهان : أحدهما أنه ينفسخ البيع كما ينفسخ البيع في مدة خيار الشرط بالوطء والثاني لا ينفسخ لأن الملك قد استقر للمشتري فلا يجوز إلا بالقول فإن زال العيب قبل الرد ففيه وجهان : بناء على القولين في الأمة إذا أعتقت تحت عبد ثم أعتق العبد قبل أن تختار الأمة الفسخ : أحدهما يسقط الخيار لأن الخيار ثبت لدفع الضرر وقد زال الضرر والثاني لا يسقط لأن الخيار ثبت بوجود العيب فلا يسقط من غير رضاه وإن قال البائع أنا أزيل العيب مثل أن يبع أرضا فيها حجارة مدفونة يضر تركها بالأرض فقال البائع : أنا أقلع ذلك في مدة لا أجرة لمثلها سقط حق المشتري من الرد لأن ضرر البيع يزول من غير إضرار وإن قال البائع أمسك المبيع أنا أعطيك أرش العيب لم يجبر المشتري على قبوله لأنه لم يرض إلا بمبيع سليم بجميع الثمن فلم يجبر على إمساك معيب ببعض الثمن وإن قال المشتري أعطني الأرش لأمسك المبيع لم يجبر البائع على دفع الأرش لأنه لم يبذل المبيع إلا بجميع الثمن فلم يجبر على تسليمه ببعض الثمن فإن تراضيا على دفع الأرش لأنه لم يبذل المبيع إلا بجميع الثمن فلم يجبر على تسليمه ببعض الثمن فإن تراضيا على دفع الأرش لإسقاط الخيار ففيه وجهان : أحدهما يجوز وهو قول أبي العباس لأن خيار الرد يجوز أن يسقط إلى المال وهو إذا حدث عند المشتري عيب فجاز إسقاطه إلى المال بالتراضي كالخيار في القصاص والثاني لا يجوز وهو المذهب لأنه خيار فسخ فلم يجز إسقاطه بمال كخيار الشرط وخيار الشفعة فإن تراضيا على ذلك وقلنا إنه لا يجوز فهل يسقط خياره ؟ فيه وجهان : أحدهما أنه يسقط لأنه رضي بإمساك العين مع العيب والثاني لا يسقط وهو المذهب ولأنه رضي بإمساك العين مع العيب والثاني لا يسقط وهو المذهب ولأنه رضي بإسقاط الخيار بعوض ولم يسلم له العوض فبقي الخيار وإن أراد أن يرد بعضه لم يجز لأن على البائع ضررا في تبعيض الصفقة عليه فلم يجز من غير رضاه وإن اشترى عبدين فوجد بأحدهما عيبا فهل له أن يفرده بالرد ؟ فيه قولان : أحدهما لا يجوز لأنه تبعيض صفقة على البائع فلم يجز من غير رضاه والثاني يجوز لأن العيب اختص بأحدهما فمجاز أن يفرده بالرد وإن ابتاع اثنان عبدا فأراد أحدهما أن يمسك حصته وأراد الآخر أن يرد حصته جاز لأن البائع فرق الملك في الإيجاب لهما فجاز أن يرد عليه أحدهما دون الآخر كما لو باع منهما في صفقتين فإن مات من له الخيار انتقل إلى وارثه لأنه حق لازم يختص بالمبيع فانتقل بالموت إلى الوارث كحبس المبيع إلى أن يحضر الثمن فإن كان له وارثان فاختار أحدهما أن يرد نصيبه دون الآخر لم يجز لأنه تبعيض صفقة في الرد فلم يجز من غير رضا البائع كما لو أراد المشتري أن يرد بعض المبيع .
فصل : وإن وجد العيب وقد زاد المبيع نظرت فإن كانت الزيادة لا تتميز كالسمن واختار الرد مع الزيادة لأنها لا تنفرد عن الأصل في الملك فلا يجوز أن ترد دونها وإن كانت زيادة منفصلة كأكساب العبد فله أن يرد ويمسك الكسب لما روت عائشة Bها أن رجلا ابتاع غلاما فأقام عنده ما شاء الله أن يقيم ثم وجد به عيبا فخاصمه إلى النبي ( ص ) ورد عليه فقال الرجل يا رسول الله قد استغل غلامي فقال رسول الله ( ص ) [ الخراج بالضمان ] وإن كان المبيع بهيمة فحملت عنده وولدت أو شجرة فأثمرت عنده رد الأصل وأمسك الولد والثمرة لأنه نماء منفصل حدث في ملكه فجاز أن يمسكه ويرد الأصل كغلة البعد وإن كان المبيع جارية فحملت عنده وولدت ثم علم بالعيب ردها وأمسك الولد لما ذكرناه ومن أصحابنا من قال : لا يرد الأم بل يرجع بالأرش لأن التفريق بين الأم والولد فيما دون سبع سنين لا يجوز وهذا لا يصح لأن التفريق بينهما يجوز عند الضرورة ولهذا قال الشافعي C في الجارية المرهونة إنها تباع دون الولد فإن اشتراها وهي حامل فولدت عنده فإن قلنا إن الحمل له حكم رد الجميع وإن قلنا لا حكم للحمل رد الأم دون الولد وإن كان المبيع جارية ثيبا فوطئها ثم علم بالعيب فله أن يردها لأنه انتفاع لا يتضمن نقصا فلم يمنع الرد كالاستخدام وإن وجد العيب وقد نقص المبيع نظرت فإن كان النقص بمعنى لا يقف استعلام العيب على جنسه كوطء البكر وقطع الثوب وتزويج الأم لم يجز له الرد بالعيب لأنه أخذه من البائع وبه عيب فلا يجوز رده وبه عيبان من غير رضاه وينتقل حقه إلى الأرش لأنه فات جزء من المبيع وتعذر الفسخ بالرد فوجب أن يرجع إلى بدل الجزء الفائت وهو الأرش فإن قال البائع أنا آخذ المبيع مع العيب الحادث لم يلزمه دفع الأرش لأنه لم يكن له غير الرد وإن قال المشتري أرده وأعطي معه أرش العيب الحادث في يده فإذا رضي به صار كأنه لم يحدث عنده عيب فلم يكن له غير الرد وإن قال المشتري أرده وأعطي معه أرش العيب الحادث عندي لم يلزم البائع قبوله كما إذا حدث العيب به عند البائع فقال : خذه وأنا أعطيك معه أرش العيب لم يلزم المشتري قبوله .
فصل : فإذا أراد الرجوع بالأرش قوم المبيع بلا عيب فيقال قيمته مئة ثم يقوم مع العيب فيقال قيمته تسعون فيعلم أنه قد نقص العشر من بدله فيرجع على البائع بعشر الثمن ولايرجع بما نقص من قيمته لأن الرش بدل عن الجزء الفائت ولو فات المبيع كله رجع على البائع بجميع الثمن فإذا فات قدر العشر منهرجع بعشر الثمن كالجزء لما ضمن جميعه بالدية ضمن الجزء منه بجزء من الدية ولأنا لو قلنا إنه يرجع بما نقص من قيمته أدى إلى أن يجتمع الثمن والمثمن للمشتري فإنه قد يشتري ما يساوي مائة بعشرة فإذا رجع بالعشرة رجع جميع الثمن إليه فيجتمع له الثمن والمثمن وهذا لا يجوز وإن اختلفت قيمة المبيع من حال العقد إلى حال القبض قوم بأقل القيمتين لأنه إن كانت قيمته وقت العقد أكثر ثم نقص كان ما نقص في يده مضمونا عليه وماكان نقصانه من ضمانه فلا يجوز أن يقوم على البائع وإن كان قيمته وقت العقد أكثر ثم نقص كان ما نقص في يده مضمونا عليه وما كان نقصانه من ضمانه فلا يجوز أن يقوم على البائع وإن كانت قيمته وقت العقد أقل ثم زادت في يده فإنها زيادة حدثت في ملك المشتري لا حق للبائع فيها فلا يجوز إدخالها في التقويم فإن كان المبيع إناء من فضة وزنه ألف وقيمته ألفان فكسره ثم علم به عيبا لم يجز له الرجوع بأرش العيب لأن ذلك رجوع بجزء من الثمن فيصير الأف بدون الألف وذلك لا يجوز فيفسخ البيع ويسترجع الثمن ثم يغرم أرش الكسر وحكى أبو القاسم الداركي وجها آخر أنه يرجع بالأرش لأن ما ظهر من الفضل بالرجوع بالأرش لا اعتبار به والدليل عليه أنه يجوز الرجوع بالأرش في غير هذا ولا يقال إن هذا لا يجوز لأنه يصير الثمن مجهولا .
فصل : وإن وجد العيب وقد نقص المبيع بمعنى يقف استعلام العيب على جنسه بأن كان جوزا أو بيضا أو غير ذلك مما لا يقف على عيبه إلا بكسره فينظر فيه فإن كسره فوجده لا قيمة للباقي كالبيض المذر والرمان العفن فالبيع باطل لأن مالا قيمة له لا يصح بيعه فيجب رد الثمن فإن كان له قيمة كبيض النعامة والبطيخ الحامض وما دود بعضه من المأكول نظرت فإن كسر منه قدرا لا يوفق على العيب بما دونه ففيه قولان : أحدهما أنه لا يرد وهو قول المزني لأنه نقص حدث في يد المشتري فمنع الرد كقطيع الثوب والثاني لا يمنع الرد لأنه معنى لا يوقف على العيب إلا به فلم يمنع الرد كنشر الثوب فإن قلنا لا يرد رجع بأرش العيب على ما ذكرناه وإن قلنا يرد فهل يلزمه أن يدفع معه أرش الكسر ؟ فيه قولان : أحدهما يلزمه كما يلزمه بدل لبن الشاة المصراة والثاني لا يلزمه لأن الكسر الذي يتوصل به إلى معرفة العيب مستحق له فلا يلزمه لأجله أرش فإنا قلنا يلزمه الأرش قوم معيبا صحيحا ومعيبا مكسورا ثم يرجع عليه بما بين القيمتين لأنه لما رد انفسخ العقد فصار فيه كالمقبوض بالسوم والمقبوض بالسوم مضمون بالقيمة فضمن نقصانه بما نقص من القيمة ويخالف الأرش مع بقاء العقد لأن المبيع مع بقاء العقد مضمون بالثمن فضمن نقصانه بجزء من الثمن وإن كسر منه قدرا يمكنه الوقوف على العيب بأقل منه ففيه طريقان أحدهما : لا يجوز الرد قولا واحدا لأنه نقص حدث بمعنى لا يحتاج إليه لمعرفة العيب فمنع الرد كقلع الثوب والثاني أنه على القولين لأنه يشق التمييز بين القدر الذي يحتاج إليه في معرفة العيب وبين ما زاد عليه فسوي بين القليل والكثير .
فصل : وإن لم يعلم بالعيب حتى أبق العبد لم يطالب بالأرش لأنه لم ييأس من الرد فإن رجع رده بالعيب وإن هلك أخذ عنه الأرش فإن لم يعلم بالعيب حتى باعه لم يجز له المطالبة بالأرش قال أبو إسحاق : العلة فيه أنه استدرك الظلامة فغبن كما غبن فزال عنه ضرر العيب وقال أكثر أصحابنا العلة فيه أنه ييأس من الرد لأنه قد يرجع إليه فيرد عليه فإن رد المشتري الثاني بالعيب على المشتري الأول رده على البائع لأنه أمكنه الرد ولم يستدرك الظلامة وإن حدث عند الثاني عيب فرجع على الأول بالأرش رجع هو على بائعه لأنه أيس من الرد ولم يستدرك الظلامة وإن تلف في يد الثاني وقلنا بتعليل أبي إسحاق لم يرجع لأنه استدرك الظلامة وإن قلنا بتعليل غيره رجع بالأرش لأنه قد أيس من الرد وإن رجع المبيع إليه ببيع أو هبة أو إرث لم يرد على تعليل أبي إسحاق لأنه استدرك الظلامة وعلى تعليل غيره يرد لأنه أمكنه الرد فإن لم يعلم بالعيب حتى وهبه من غيره فإن كان بعوض كالبيع وقد بيناه وإن وهبه بغير عوض لم يرجع بالأرش لأنه لم ييأس من الرد فإن رجع إليه ببيع أو هبة أو إرث فله الرد بلا خلاف لأنه أمكنه الرد ولم يستدرك الظلامة .
فصل : والعيب الذي يرد به المبيع ما يعده الناس عيبا فإن خفي منه شيء رجع فيه إلى أهل الخبر بذلك الجنس فإن اشترى عبدا فوجده أعمى أو أعرج أو أصم أو أخرس أو مجذوما أو أبرص أو مريضا أو أبخر أو مقطوعا أو أقرع أو زانيا أو سارقا أو آبقا ثبت له الرد لأن هذه عاهات يقتضي مطلق العقد السلامة منها فلا يلزمه العقد مع وجودها وإن وجده يبول في الفراش فإن كان صغيرا لم يرد لأن بول الصغير معتاد فلا يعد عيبا وإن كان كبيرا رد لأن ذلك عاهة ونقص وإن وجده خصيا ثبت له الرد لأن العقد يقتضي سلامة الأعضاء وهذا ناقص وإن وجده غير مختون فإن كان صغيرا لم يثبت له الرد لأنه لا يعد ذلك نقصا في الصغير لأنه لا يخاف عليه منه وإن كان كبيرا ثبت له الرد لأنه يعد نقصا لأنه يخاف عليه منه وإن كانت جارية لم ترد صغيرة أو كبيرة لأن ختانها سليم لا يخاف عليها منه وإن اشترى جارية فوجدها مغنية لم ترد لأنه لا تنقص به العين ولا القيمة فلم يعد ذلك عيبا وإن وجدها ثيبا أو مسنة لم يثبت له الرد لأن الثيوبة والكبر ليس بنقص وإنما هو عدم فضيلة فإن وجد المملوك مرتدا أو وثنيا ثبت له الرد لأنه لا يقر على دينه وإن وجده كتابيا لم يثبت له الرد لأن كفره لا ينقص من عينه ولا من ثمنه وإن اشترى أمة فوجدها مزوجة أو عبدا فوجده مستأجرا ثبت له الرد لأن إطلاق البيع يقتضي سلامة المنافع للمشتري ولم يسلم له ذلك فثبت له الرد وإن اشترى شيئا فتبين أنه غبن في ثمنه لم يثبت له الرد لما روي أن حبان بن منقذ كان يخدع في البيع فذكر ذلك للنبي ( ص ) فقال : [ إذا بعت فلا خلابة ولك الخيار ثلاثا ] ولم يثبت له خيار الغبن ولأن المبيع سليم ولم يوجد من جهة البائع تدليس وإنما فرط المشتري في ترك الاستظهار فلم يجز له الرد .
فصل : وإن اشترى عبدا بشرط أنه كاتب فوجده غير كاتب أو على أنه يحسن صنعة فوجده لا يحسن ثبت له الرد لأنه أنقص مما شرط فجاز له الرد وإن اشتراه على أنه فحل فوجده خصيا ثبت له الرد لأنه الخصي أنقص من الفحل في الخلقة والبطش والقوة وإن شرط أنه خصي فوجده فحلا ثبت له الرد لأن الفحل دون الخصي في الثمن والدخول إلى الحرم وإن اشتراه على أنه لا يثبت له الرد لأن المسلم أفضل من الكافر وهذا لا يصح لأن المسلم أفضل في الدين إلا أن الكافر أكثر ثمنا لأنه يرغب فيه المسلم والكافر والمسلم لا يشتريه الكافر وإذا اشترى جارية على أنها بكر فوجدها ثيبا ثبت له الرد لأن الثيب دون البكر وإن اشتراها على أنها ثيب فوجدها بكرا لم يثبت له الرد لأن البكر أفضل من الثيب ومن أصحابنا من قال : يثبت له الرد لأنه قد يكون ضعيفا لا يطيق وطء البكر فكانت الثيب أحب إليه والمذهب الأول لأنه لا اعتبار بما عنده وإنما الاعتبار بما يزيد في الثمن والبكر أفضل من الثيب في الثمن وإن باعه حيوانا على أنه بغل فوجده حمارا أو على أنه حمار فوجده بغلا ففيه وجهان : أحدهما أن البيع صحيح لأن العقد وقع على العين والعين موجودة فصح البيع وثبت له الرد لأنه لم يجده على ما شرط والثاني أن البيع باطل لأن العقد وقع على جنس فلا ينعقد في جنس آخر وإن اشترى ثوبا أو أرضا على أنه عشرة أذرع فوجده تسعة فهو بالخيار بين أن يأخذه بجميع الثمن وبين أن يرده لأنه دخل في العقد على أن تسلم له العشرة ولم تسلم له فثبت له الخيار كما لو وجد بالمبيع عيبا وإن وجده أحد عشر ذراعا ففيه وجهان : أحدهما أن البائع بالخيار بين أن يفسخ العقد وبين أن يسلمه بالثمن ويجبر المشتري على قوله كما أجبرنا البائع إذا كان دون العشرة والثاني أن البيع باطل لأنه لا يمكن إجبار البائع على تسليم ما زاد على عشرة ولا إجبار للمشتري على الرضا بما دون الثوب والساحة من الأرض لأنه لم يرض بالشركة والتبعيض فوجب أن يبطل العقد فإن اشترى صبرة على أنها مائة قفيز فوجدها دون المائة فهو بالخيار بين أن يفسخ لأنه لم يسلم له ما شرط وبين أن يأخذ الموجود بحصته من الثمن لأنه يمكن قسمة الثمن على الأجزاء لتساويها في القيمة ويخالف الثوب والأرض لأن أجزاءها مختلفة فلا يمكن قسمة الثمن على أجزائه لأنا لا نعلم كم قيمة الذراع لو كانت موجودة لنسقطها من الثمن وإن وجد الصبرة أكثر من مائة قفيز أخذ المائة بالثمن وترك الزيادة لأنه يمكن أخذ ما عقد عليه من إضرار .
فصل : وإن باع عبدا جانيا ففيه قولان : أحدهما أن البيع صحيح وهو اختيار المزني لأنه إن كانت الجناية عمدا فهو عبد تعلق برقبته قتل فصح بيعه كالعبد المرتد أو يخشى هلاكه وترجى سلامته فجاز بيعه كالمريض وإن كان خطأ فلأنه عبد تعلق برقبته حق بغير اختياره فلا يمنع من بيعه والقول الثاني أن البيع باطل لأنه عبد تعلق برقبته آدمي فلا يصح بيعه كالمرهون وفي موضع القولين ثلاث طرق : أحدها أن القولين في العمد والخطأ لأن القصاص حق آدمي فهو كالمال ولأنه يسقط إلى مال بالعفو فهو كالمال والثاني أن القولين في جناية لا توجب القصاص فأما فيما توجب القصاص فلا تمنع البيع قولا واحدا لأنه كالمرتد والثالث أن القولين فيما وجب القصاص فأما فيما يوجب لا مال فلا يجوز قولا واحدا لأنه كالمرهون فإذا قلنا إن البيع صحيح في قتل العمد فقتل العبد في يد المشتري ففيه وجهان : قال أبو العباس و أبو علي بن أبي هريرة : إن علم المشتري بالجناية في حال العقد لم يرجع عليه بالأرش وإن لم يعلم رجع بأرش العيب لأنه تعلق القتل برقبته كالعيب لأنه ترجى سلامته ويرجه هلاكه فهو كالمريض وإذا اشترى المريض ومات وكان قد علم بمرضه لم يرجع بالأرش وإن لم يعلم رجع فكذلك ههنا فعلى هذا إذا لم يعلم بحاله وقتل قوم وهو جان وقوم غير جان فيرجع بما بينهم من الثمن وقال أبو إسحاق وجود القتل بمنزلة الاستحقاق وهو المنصوص فإذا قتل انفسخ البيع ورجع بالثمن على البائع علم بالجناية حال العقد أو لم يعلم لأنه أزيلت يده عن الرقبة بسبب كان في يد البائع فأشبه إذا استحق ويخالف المريض فإنه لم يمت بالمريض الذي في يد البائع وإنما مات بزيادة مرض حدث في يد المشتري فلم يرجع بجميع الثمن وإن اشترى عبدا مرتدا فقتل في يده ففيه وجهان : في قول أبي إسحاق ينفسخ البيع ويرجع بالثمن وعلى قول أبي العباس و أبي علي بن أبي هريرة إن كان قد علم بالردة لم يرجع بالأرش وإن لم يعلم رجع بالأرش ووجههما ما ذكرناه في الجاني عمدا وإن قتل العبد في المحاربة وانحتم قتله فقد ذكر الشيخ أبو حامد الاسفرايني C في التعليق أن البيع باطل لأنه لا منفعة فيه لأنه مستحق القتل فلا يصح بيعه كالحشرات وقال شيخنا القاضي أبو الطيب يصح بيعه لأن فيه منفعة وهو أن يعتقه فصح بيعه كالزمن فعلى هذا إذا قتل في يد المشتري فحكمه حكم القاتل عمدا في غير المحاربة وقد بيناه .
فصل : إذا باع بشرط البراءة من العيب ففيه طريقان : أحدهما وهو قول أبي سعيد الأسطخري أن المسألة على ثلاثة أقوال : أحدهما أنه يبرأ من كل عيب لأنه عيب رضي به المشتري فبرئ منه البائع ما لو أوقفه عليه والثاني لا يبرأ من شيء من العيوب لأنه شرط يرتفق به أحد المبايعين فلم يصح مع الجهالة كالأجل المجهول والرهن المجهول والثالث أنه لا يبرأ إلا من عيب واحد وهو العيب الباطن في الحيوان الذي لا يعلم به البائع لما روى سالم أن أباه باع غلاما بثمانمائة بالبراءة من كل آفة فوجد الرجل به عيبا فخاصمه إلى عثمان Bه فقال عثمان لابن عمر : احلف لقد بعته وما به من داء تعلمه فأبى ابن عمر أن يحلف وقبل الغلام فباعه بعد ذلك بألف وخمسمائة فدل على أنه يبرأ مما لا يعلم ولا يبرأ مما علمه قال الشافعي C : ولأن الحيوان يفارق ما سواه لأنه يغتذي بالصحة والسقم وتحول طبائعه وقلما يبرأ من عيب يظهر أو يخفي فدعت الحاجة إلى التبرئ من العيب الباطن فيه لأنه لا سبيل إلى معرفته وتوقيف المشتري عليه وهذا المعنى لا يوجد في العيب الظاهر ولا في العيب الباطن في غير الحيوان فلم يجز التبري منه مع الجهالة والطريق الثاني أن المسألة على قول واحد وهو أنه يبرأ من عيب باطن في الحيوان لم يعلم به و لا يبرأ من غيره وتأول هذا القائل ما أشار إليه الشافعي من القولين الآخرين على أنه حكى ذلك عن غيره ولم يختره لنفسه فإن قلنا إن الشرط باطل فهل يبطل البيع فيه وجهان : أحدهما لا يبطل البيع ويرد المبيع لحديث عثمان Bه فإنه أمضى البيع والثاني أنه يبطل البيع لأن هذا الشرط يقتضي جزءا من الثمن تركه البائع لأجل الشرط فإذا سقط وجب أن يرد الجزء الذي تركه بسبب الشرط وذلك مجهول والمجهول إذا أضيف إلى معلوم صار الجميع مجهولا فيصير الثمن مجهولا ففسد العقد والله أعلم