وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

كتاب الاعتكاف .
الاعتكاف سنة حسنة لما روى أبي بن كعب وعائشة Bهما أن رسول الله A كان يعتكف العشر الأواخر من شهر رمضان وفي حديث عائشة Bها فلم يزل يعتكف حتى مات ويجب بالنذر لما روت عائشة Bها أن النبي A قال : [ من نذر أن يطيع الله تعالى فليطعه ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه ] .
فصل : ولا يصح إلا من مسلم عاقل فأما الكافر فلا يصح منه لأنه من فروع الإيمان ولا يصح من الكافر كالصوم وأما من زال عقله كالمجنون والمترسم فلا يصح منه لأنه ليس من أهل العبادات فلم يصح منه الاعتكاف كالكافر .
فصل : ولا يجوز للمرأة أن تعتكف بغير إذن الزوج لأن إستمتاعها ملك له فلا يجوز إبطاله عليه بغير إذنه ولا يجوز للعبد أن يعتكف بغير إذن مولاه لأن منفعته لمولاه فلا يجوز إبطالها عليه بغير إذن فإن نذرت المرأة الاعتكاف بإذن الزوج أو نذر العبد بإذن مولاه نظرت فإن كان غير متعلق بزمان يعينه لم يجز أن يدخل فيه بغير إذنه لأن الاعتكاف ليس على الفور وحق الزوج والمولى على الفور فقدم على الاعتكاف وإن كان النذر متعلقا بزمان يعينه جاز أن يدخل فيه بغير إذنه لأنه تعين عليه فعله بإذنه وإن اعتكفت المرأة بإذن الزوج أو العبد بإذن مولاه نظرت فإن كان في تطوع جاز له أن يخرجه منه لأنه لا يلزمه بالدخول فجاز إخراجه منه وإن كان في فرض متعلق بزمان يعينه لم يجز له إخراجه منه لأنه تعين عليه فعله في وقته فلا يجوز إخراجه منه وإن كان في فرض غير متعلق بزمان يعينه ففيه وجهان : أحدهما لا يجوز إخراجه منه لأنه وجب بإذنه ودخل فيه بإذنه فلم يجز إخراجه منه والثاني أنه إن كان متتابعا لم يجز إخراجه منه لأنه لا يجوز له الخروج منه فلا يجوز إخراجه منه كالمنذور في زمان بعينه وإن كان غير متتابع جاز إخراجه منه لأنه يجوز له الخروج منه فجاز إخراجه منه كالتطوع .
فصل : وأما المكاتب فإنه يجوز له أن يعتكف بغير إذن مولاه لأنه لا حق للمولى في منفعته فجاز أن يعتكف بغير إذنه كالحر ومن نصفه حر ونصفه عبد ينظر فيه فإن لم يكن وبين المولى مهايأة فهو كالعبد وإن كان بينهما مهايأة ففي اليوم الذي هو للمولى كالعبد لا يعتكف لأن حق السيد متعلق بمنفعته وفي اليوم الذي هو له كالمكاتب لأن حق المولى لا يتعلق بمنفعته .
فصل : ولا يصح الاعتكاف من الرجل إلا في المسجد لقوله تعالى : { ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد } [ البقرة : 187 ] فدل على أنه لا يكون إلا في المسجد ولا يصح الاعتكاف من المرأة إلا في المسجد لأن من صح اعتكافه في المسجد لم يصح اعتكافه في غير المسجد كالرجل .
فصل : والأفضل أن يعتكف في المسجد الجامع لأن رسول الله A اعتكف في المسجد الجامع ولأن الجماعة في صلاته أكثر ولأنه يخرج من الخلاف فإن الزهري قال : لا يجوز في غيره وإن نذر أن يعتكف في مسجد غير المساجد الثلاثة بعينه - وهي المسجد الحرام ومسجد المدينة والمسجد الأقصى - جاز أن يعتكف في غيره - لأنه لا مزية لبعضها على بعض فلم يتعين وإن نذر أن يعتكف في المسجد الحرام لزمه أن يعتكف فيه لما روي أن عمر Bه قال : قلت لرسول الله A إني نذرت أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام فقال له النبي A : [ أوف بنذرك ] ولأنه أفضل من سائر المساجد ولا يجوز أن يسقط فرضه بما دونه وإن نذر أن يعتكف في مسجد المدينة أو المسجد الأقصى ففيه قولان : أحدهما أنه يلزمه أن يعتكف فيه لأنه مسجد ورد الشرع بشد الرحال إليه فتعين بالنذر كالمسجد الحرام والثاني لا يتعين لأنه مسجد لا يجب قصده بالشرع فلم يتعين بالنذر كسائر المساجد .
فصل : والأفضل أن يعتكف بصوم لأن النبي A كان يعتكف في شهر رمضان فإن اعتكف بغير صوم جاز لحديث عمر Bه إني نذرت أن أعتكف ليلة في الجاهلية فقال له النبي A : [ أوف بنذرك ] ولو كان الصوم شرطا فيه لم يجزه بالليل وحده فإن نذر أن يعتكف يوما بصوم فاعتكف بغير صوم ففيه وجهان : قال أبو علي الطبري يجزيه الاعتكاف عن النذر وعليه أن يصوم يوما لأنهما عبادتان تنفرد كل واحدة منهما عن الأخرى فلم يلزمه الجمع بينهما بالنذر كالصوم والصلاة وقال عامة أصحابنا لا يجزئه - وهو المنصوص في الأم - لأن الصوم صفة مقصودة في الاعتكاف فلزمه بالنذر كالتتابع ويخالف الصوم والصلاة لأن إحداهما ليست بصفة مقصودة في الأخرى .
فصل : ويجوز الاعتكاف في جميع الأزمان والأفضل أن يعتكف في العشر الأواخر من شهر رمضان لحديث أبي بن كعب وعائشة Bهما ويجوز أن يعتكف ما شاء من ساعة ويوم وشهر كما يجوز أن يتصدق بما شاء من قليل وكثير وإن نذر اعتكافا مطلقا أجزأه ما يقع عليه الاسم كما يجزئه في نذر الصوم والصدقة ما يقع عليه الاسم قال الشافعي C : وأحب أن يعتكف يوما وإنما استحب ذلك ليخرج من الخلاف فإن أبا حنيفة C لا يجيز أقل من يوم وإن نذر اعتكاف العشر الآخر دخل فيه ليلة الحادي والعشرين قبل غروب الشمس ليستوفي الفرض بيقين كما يغسل جزءا من رأسه ليستوفي غسل الوجه بيقين وخرج منه بهلال شوال - تاما كان الشهر أو ناقصا - لأن العشر عبارة عما بين العشرين إلى آخر الشهر وإن نذر اعتكاف عشرة أيام من آخره وكان الشهر ناقصا اعتكف بعد الشهر يوما آخر لتمام العشرة لأن العشرة عبارة عن عشرة آحاد بخلاف العشر .
فصل : وإن نذر أن يعتكف شهرا نظرت فإن كان شهرا بعينه لزمه اعتكافه ليلا ونهارا سواء الشهر تاما أو ناقصا لأن الشهر عبارة عما بين الهلالين تم أو نقص وإن نذر اعتكاف نهار الشهر لزمه بالنهار دون الليل لأنه خص النهار فلم يلزمه بالليل فإن فاته الشهر ولم يعتكف فيه لزمه قضاؤه ويجوز أن يقضيه متتابعا ومتفرقا لأن التتابع في أدائه بحكم الوقت فإذا فات سقط كالتتابع في صوم رمضان وإن نذر أن يعتكف متتابعا لزمه قضاؤه متتابعا لأن التتابع ههنا بحكم النذر فلم يسقط بفوات الوقت قال في الأم : إذا نذر اعتكاف شهر وكان قد مضى الشهر لم يلزمه لأن الاعتكاف في شهر ماض محال وإن نذر اعتكاف شهر غير معين واعتكف شهرا بالأهلة أجزأه تم الشهر أو نقص لأن اسم الشهر يقع عليه وإن اعتكف شهرا بالعدد لزمه ثلاثون يوما لأن الشهر بالعدد ثلاثون يوما ثم ينظر فيه فإن شرط التتابع لزمه متتابعا لقوله A [ من نذر نذرا سماه لزمه الوفاء به ] وإن شرط أن يكون متفرقا جاز أن يكون متفرقا ومتتابعا لأن المتتابع أفضل من المتفرق فجاز أن يسقط أدنى الفرضين بأفضلهما كما لو نذر أن يعتكف في غير المسجد الحرام فإن له أن يعتكف في المسجد الحرام وإن أطلق النذر جاز متفرقا ومتتابعا كما لو نذر صوم شهر وإن نذر اعتكاف يوم لزمه أن يدخل فيه قبل طلوع الفجر ويخرج منه بعد غروب الشمس ليستوفي الفرض بيقين وهل يجوز له أن يفرقه في ساعات أيام ؟ فيه وجهان : أحدهما يجوز كما يجوز أن يعتكف شهرا من شهور والثاني لا يجوز لأن اليوم عبارة عما بين طلوع الفجر إلى غروب الشمس .
فصل : وإن نذر اعتكاف يومين لزمه اعتكافهما وفي الليلة التي بينهما ثلاثة أوجه : أحدها أن يلزمه اعتكافها لأنه ليل يتخلل نهاري الاعتكاف فلزمه اعتكافه كاليالي العشر والثاني أنه إن شرط التتابع لزمه الاعتكاف لأنه لا ينفك منه اليومان فلزمه اعتكافه وإن لم يشرط التتابع لم يلزمه اعتكافه لأنه قد ينفك منه اليومان ولا يلزمه اعتكافه والثالث أنه لا يلزمه - شرط التتابع فيه أو أطلق - وهو الأظهر لأنه زمان لم يتناوله نذره فلم يلزمه اعتكافه دليله ما قبله وما بعده - وإن نذر اعتكاف ليلتين لزمه اعتكافهما وفي اليوم الذي بينهما الأوجه الثلاثة وإن نذر اعتكاف ثلاثين يوما لزمه اعتكاف ثلاثين يوما وفي لياليها الأوجه الثلاثة .
فصل : ولا يصح الاعتكاف إلا بالنية لقوله A [ إنما الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى ] ولأنها عبادة محضة فلم تصح من غير نية كالصوم والصلاة فإن كان الاعتكاف فرضا لزمه تعيين النية للفرض لتمييزه عن التطوع وإن دخل في الاعتكاف ثم نوى الخروج منه ففيه وجهان : أحدهما يبطل لأنه قطع شرط صحته فأشبه إذا قطع نية الصلاة والثاني لا يبطل لأنه قربة تتعلق بمكان فلم يخرج منه بنية الخروج كالحج .
فصل : ولا يجوز للمعتكف أن يخرج من المسجد لغير عذر لما روت عائشة Bها أن النبي A كان يدني إلي رأسه لأرجله وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان فإن خرج من غير عذر بطل اعتكافه لأن الاعتكاف هو اللبث في المسجد فإذا خرج منه فقد فعل ما ينافيه من غير عذر فبطل كما لو أكل في الصوم ويجوز أن يخرج رأسه ورجله ولا يبطل اعتكافه لحديث عائشة Bها ولأن بإخراج الرأس والرجل لا يصير خارجا ولهذا لو حلف لا خرجت من الدار فأخرج رأسه أو رجله لم يحنث .
فصل : ويجوز أن يخرج لحاجة الإنسان ولا يبطل اعتكافه لحديث عائشة Bها ولأن ذلك خروج لما لابد له منه فلم يمنع منه وإن كان للمسجد سقاية لم يلزمه قضاء الحاجة فيها لأن ذلك نقصان مروءة وعليه في ذلك مشقة فلم يلزمه وإن كان بقربه بيت صديق له لم يلزمه قضاء الحاجة فيه لأنه ربما احتشم وشق عليه فلم يكلف ذلك وإن كان له بيتان قريب وبعيد ففيه وجهان : أظهرهما أنه لا يجوز أن يمضي إلى البعيد فإن خرج إليه بطل اعتكافه لأنه لا حاجة له إليه فأشبه إذا خرج لغير حاجة وقال أبو علي بن أبي هريرة : يجوز أن يمضي إلى الأبعد ولا يبطل اعتكافه لأنه خروج لحاجة الإنسان فأشبه إذا لم يكن له غيره .
فصل : ويجوز أن يمضي إلى البيت للأكل ولا يبطل اعتكافه وقال أبو العباس لا يجوز فإن خرج بطل اعتكافه لأنه يمكنه أن يأكل في المسجد فلا حاجة به إلى الخروج والمنصوص هو الأول لأن الأكل في المسجد ينقص من المروءة فلم يلزمه .
فصل : وفي الخروج إلى المنارة الخارجة عند رحبة المسجد ليؤذن ثلاثة أوجه : أحدها يجوز فإن خرج لم يبطل اعتكافه لنها بنيت للمسجد فصارت كالمنارة التي في رحبة المسجد والثاني لا يجوز لأنها خارجة من المسجد فأشبه غير المنارة وقال أبو إسحاق المروزي : إن كان المؤذن ممن قد ألف الناس صوته جاز أن يخرج ولا يبطل اعتكافه لأن الحاجة تدعو إليه لإعلام الناس بالوقت وإن لم يألفوا صوته لم يجز أن يخرج فإن خرج بطل اعتكافه لأنه لا حاجة به إليه .
فصل : وإن عرضت صلاة الجنازة نظرت فإن كان في اعتكاف تطوع فالأفضل أن يخرج لأن صلاة الجنازة فرض على الكفاية فقدمت على الاعتكاف وإن كان في اعتكاف فرض لم يخرج لأنه تعين عليه فرضه فلا يجوز تركه لصلاة الجنازة التي لم يتعين عليه فرضها فإن خرج اعتكافه لأنه غير مضطر إلى الخروج فإن غيره يقوم مقامه فيه .
فصل : ويجوز أن يخرج في اعتكاف التطوع لعيادة المريض لأنها تطوع والاعتكاف تطوع فخير بينهما فإن اختار الخروج بطل اعتكافه لأنه خروج غير مضطر إليه وإن خرج لما يجوز الخروج له من حاجة الإنسان والأكل فسأل عن المريض في الطريق ولم يعرج عليه جاز ولم يبطل اعتكافه وإن وقف بطل اعتكافه لما روي عن عائشة Bها أنها كانت إذا اعتكفت لا تسأل عن المريض إلا وهي تمشي ولا تقف ولأنه لم يترك الاعتكاف بالمسألة فلم يبطل اعتكافه وبالوقوف يترك الاعتكاف فبطل .
فصل : وإن حضرت الجمعة وهو من أهل الفرض والاعتكاف في غير الجامع لزمه أن يخرج إليها لأن الجمعة فرض بالشرع فلا يجوز تركها بالاعتكاف وهل يبطل اعتكافه بذلك بذلك أم لا ؟ فيه قولان : قال في البويطي : لا يبطل لأنه خروج لا بد له منه فلم يبطل الاعتكاف كالخروج لقضاء حاجة الإنسان وقال في عامة كتبه يبطل اعتكافه لأنه كان يمكنه الاحتراز من الخروج بأن يعتكف في الجامع فإن لم يفعل بطل اعتكافه كما لو دخل صوم الشهرين المتتابعين في شعبان فخرج منه بصوم رمضان فإن تعين عليه أداء شهادة لزمه الخروج لأدائها لأنه تعين لحق آدمي فقدم على الاعتكاف وهل يبطل اعتكافه بذلك ؟ ينظر فيه فإن كان قد تعين عليه تحملها لم يبطل لأنه مضطر إلى الخروج وإلى تسببه وإن لم يتعين عليه تحملها فقد روى المزني Bه أنه قال يبطل الاعتكاف وقال في المعتكفة إذا طلقت تخرج وتعتد ولا يبطل اعتكافها فنقل أبو العباس جواب كل واحدة من المسألتين إلى الأخرى وجعلهما على قولين : أحدهما يبطل فيهما لأن التسبب حصل باختياره والثاني لا يبطل لأنه مضطر إلى الخروج وحمل أبو إسحاق المسألتين على ظاهرهما فقال في الشهادة يبطل وفي العدة لا يبطل لأن المرأة لا تتزوج لتطلق فتعتد والشاهد إنما يتحمل ليؤدي ولأن المرأة محتاجة إلى التسبب وهو النكاح للنفقة والعفة والشاهد غير محتاج إلى التحمل .
فصل : ومن مرض مرضا لا يؤمن معه تلويث المسجد كإطلاق الجوف وسلس البول خرج كما يخرج لحاجة الإنسان وإن كان مرضا يسيرا يمكن معه المقام في المسجد من غير مشقة لم يخرج فإن خرج بطل اعتكافه وإن كان مرضا حتى يحتاج فيه إلى الفراش ويشق معه المقام في المسجد ففيه قولان : بناء على القولين في المريض إذا أفطر في صوم الشهرين المتتابعين وإن أغمي عليه فأخرج من المسجد لم يبطل اعتكافه قولا واحدا لأنه لم يخرج باختياره .
فصل : قال في الأم : وإن سكر فسد اعتكافه ثم قال : وإن ارتد ثم أسلم بنى على اعتكافه واختلف أصحابنا فيه على ثلاث طرق : فمنهم من قال لا يبطل فيهما قولا واحدا لأنهما لم يخرجا من المسجد وتأول قوله في السكران إذا سكر فأخرج لأنه لا يجوز إقراره في المسجد أو أخرج ليقام عليه الحد ومنهم من قال يبطل فيهما لأن السكران خرج عن أن يكون من أهل المقام في المسجد والمرتد خرج عن أن يكون من أهل العبادات وتأول قوله في المرتد إذا ارتد في اعتكاف غير متتابع أنه يرجع ويتم ما بقي ومنهم من حمل المسألتين على ظاهرهما فقال في السكران يبطل لأنه ليس من أهل المقام في المسجد لأنه لا يجوز إقراره فيه فصار كما لو خرج من المسجد والمرتد من أهل المقام لأنه يجوز لإقراره فيه .
فصل : وإن حاضت المعتكفة خرجت من المسجد لأنه لا يمكنها المقام في المسجد وهل يبطل اعتكافها ؟ ينظر فيه فإن كان الاعتكاف في مدة لا يمكن حفظها من الحيض لم يبطل وإذا طهرت بنت عليه كما لو حاضت في صوم شهرين متتابعين وإن كان في مدة يمكن حفظها من الحيض بطل كما لو حاضت في صوم ثلاثة أيام متتابعة .
فصل : وإن أحرم المعتكف بالحج فإن أمكنه أن يتم الاعتكاف ثم يخرج لم يجز أن يخرج فإن خرج بطل اعتكافه لأنه غير محتاج إلى الخروج وإن خاف فوت الحج خرج إلى الحج لأن الحج يجب بالشرع فلا يتركه بالاعتكاف فإذا خرج بطل اعتكافه لأن الخروج حصل باختياره لأنه كان يسعه أن يؤخره .
فصل : وإن خرج من المسجد ناسيا لم يبطل اعتكافه لقوله A : [ رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ] ولأنه لو أكل في الصوم ناسيا لم يبطل فكذلك إذا خرج من الاعتكاف ناسيا لم يبطل وإن أخرج مكرها محمولا لم يبطل اعتكافه للخبر ولأنه لو أوجر الصائم في فيه طعاما لم يبطل صومه فكذلك هذا وإن أكره حتى خرج بنفسه ففيه قولان كالصائم إذا أكره حتى أكل بنفسه وإن أخرجه السلطان لإقامة الحد عليه فإن كان قد ثبت الحد بإقراره بطل اعتكافه لأنه خرج باختياره وإن ثبت بالبينة ففيه وجهان : أحدهما يبطل لأنه اختار سببه وهو الشرب والسرقة والثاني لا يبطل لأنه لم يشرب ولم يسرق ليخرج ويقام عليه الحد .
فصل : وإن خاف من ظالم فخرج واستتر لم يبطل اعتكافه لأنه مضطر إلى الخروج بسبب هو معذور فيه فلم يبطل اعتكافه .
فصل : وإن خرج لعذر ثم زال العذر وتمكن من العود فلم يعد بطل اعتكافه لأنه ترك الاعتكاف من غير عذر فأشبه إذا خرج من غير عذر .
فصل : ولا يجوز للمعتكف المباشرة بشهوة لقوله D { ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد } [ البقرة : 187 ] فإن جامع في الفرج ذاكرا للاعتكاف عالما بالتحريم فسد اعتكافه لأنه أحد ما ينافي الاعتكاف فأشبه الخروج من المسجد وإن باشر فيما دون الفرج بشهوة أو قبل بشهوة ففيه قولان : قال في الإملاء يبطل وهو الصحيح لأنها مباشرة محرمة في الاعتكاف فبطل بها كالجماع وقال في الأم لا يبطل لأنها مباشرة لا تبطل الحج فلم تبطل الاعتكاف كالقبلة بغير شهوة وقال أبو إسحاق لو قال قائل إنه لو أنزل بطل وإن لم ينزل لم تبطل كالقبلة في الصوم كان مذهبا وهذا قول لم يذهب إليه أحد من أصحابنا ويخالف الصوم فإن القبلة فيه لا تحرم على الإطلاق فلم تبطل على الإطلاق والقبلة في الاعتكاف محرمة على الإطلاق فأبطلته على الإطلاق .
فصل : ويجوز أن يباشر من غير شهوة ولا يبطل اعتكافه لحديث عائشة Bها قالت : إن رسول الله A كان يدني إلي رأسه لأرجله فإن باشر ناسيا لم يبطل اعتكافه لقوله A : [ رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ] ولأن كل عبادة أبطلتها مباشرة العامد لم تبطلها مباشرة الناسي كالصوم وإن باشر وهو جاهل بالتحريم لم يبطل لأن الجاهل كالناسي وقد بينا ذلك في الصلاة والصوم .
فصل : ويجوز للمعتكف أن يلبس ما يلبسه في غير الاعتكاف لأن النبي A اعتكف ولم ينقل أنه غير شيئا من ملابسه ولو فعل لنقل ويجوز أن يتطيب لأنه لو حرم التطيب عليه لحرم ترجيل الشعر كالأحرام وقد روت عائشة Bها أنها كانت ترجل شعر رسول الله A في الاعتكاف فدل على أنه لا يحرم عليه التطيب ويجوز أن يتزوج ويزوج لأنها عبادة لا تحرم الطيب فلا تحرم النكاح كالصوم ويجوز أن يقرأ القرآن ويقريء غيره ويدرس العلم ويدرس غيره لأن ذلك كله زيادة خير لا يترك به شرط من شروط الاعتكاف ويجوز أن يأمر بالأمر الخفيف في ماله وضيعته ويبيع ويبتاع لكنه لا يكثر منه لأن المسجد ينزه عن أن يتخذ موضعا للبيع والشراء فإن أكثر من ذلك كره لأجل المسجد ولم يبطل به الاعتكاف وقال في القديم : إن فعل ذلك والاعتكاف منذور رأيت أن يستقبله ووجهه أن الاعتكاف هو حبس النفس على الله D فإذا أكثر من البيع والشراء صار قعوده في المسجد للبيع والشراء لا للاعتكاف والصحيح أنه لا يبطل والأول مرجوع عنه لأن ما لا يبطل قليله الاعتكاف لم يبطل كثيره كالقراءة والذكر .
فصل : ويجوز أن يأكل في المسجد لأنه عمل قليل لا بد منه ويجوز أن يضع فيه المائدة لأن ذلك أنظف للمسجد ويغسل فيه اليد وإن غسل في الطست فهو أحسن .
فصل : إذا فعل في الاعتكاف ما يبطله من خروج أو مباشرة أو مقام في البيت بعد زوال العذر نظرت فإن كان ذلك في تطوع لم يبطل ما مضى من الاعتكاف لأن ذلك القدر لو أفرده واقتصر عليه أجزأه ولا يجب عليه إتمامه لأنه لا يجب عليه المضي في فاسدة فلا يلزمه بالشروع كالصوم وإن كان اعتكافه منذورا نظرت فإن لم يشرط فيه التتابع لم يبطل ما مضى من اعتكافه لما ذكرناه في التطوع ويلزمه أن يتمم لأن الجميع قد وجب عليه وقد فعل البعض فوجب الباقي وإن كان قد شرط التتابع بطل التتابع ويجب عليه أن يستأنف ليأتي به على الصفة التي وجبت عليه والله علم