وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

باب اليمين في الدعاوي .
إذا ادعى رجل على رجل حقا فأنكره ولم يكن للمدعي بينة فإن كان ذلك في غير الدم تحلف المدعى عليه فإن نكل عن اليمين ردت اليمين على المدعي وقد بينا ذلك في باب الدعاوي وإن كانت الدعوى في دم ولم يكن للمدعي بينة فإن كان في قتل لا يوجب القصاص نظرت فإن كان هناك لوث حلف المدعي خمسين يمينا وقضى له بالدية والدليل عليه ما روى سهل بن أبي جثمة أن عبد الله ومحيصة خرجا إلى خيبر من جهد أصابهما فأتى محيصة وذكر أن عبد الله طرح في فقير أو عين ماء فأتى يهودا فقال أنتم والله قتلتموه قالوا : والله ما قتلناه فأقبل هو وأخوه حويصة وعبد الرحمن أخو المقتول إلى رسول الله A فذهب محيصة يتكلم فقال رسول الله A : [ الكبر الكبر ] فتكلم حويصة ثم تكلم محيصة فقال رسول الله A : [ إما أن يدوا صاحبكم وإما أن يأذنوا بحرب من الله ورسوله ] فكتب إليهم رسول الله A ذلك فكتبوا إنا والله ما قتلناه فقال رسول الله A لحويصة ومحيصة وعبد الرحمن : [ أتحلفون خمسين وتستحقون دم صاحبكم ] فقالوا : لا قال : [ أيحلف لكم يهود ] قالوا : لا ليسوا بمسلمين فوداه رسول الله A من عنده فبعث إليهم بمائة ناقة قال سهل : لقد ركضتني منها ناقة حمراء ولأن باللوث تقوى جنبة المدعي ويغلب على الظن صدقه فسمعت يمينه كالمدعي إذا شهد له عدل وحلف معه وإن كانت الدعوى في قتل يوجب القود ففيه قولان : قال في القديم يجب القود بأيمان المدعي لأنها حجة يثبت بها قتل العمد فوجب بها القود كالبينة وقال في الجديد : لا يجب لقوله A إما أن يدوا صاحبكم أو يأذنوا بحرب من الله ورسوله فذكر الدية ولم يذكر القصاص ولأنه حجة لا يثبت بها النكاح فلا يثبت بها القصاص كالشاهد واليمين فإن قلنا بقوله القديم وكانت الدعوى على جماعة وجب القود عليهم وقال أبو إسحاق C : لا يقتل إلا واحد يختاره والقسامة على هذا القول كالبينة في إيجاب القود فإذا قتل بها الواحد قتل بها الجماعة .
فصل : وإن كان المدعي جماعة ففيه قولان : أحدهما أنه يحلف كل واحد منهم خمسين يمينا لأن ما حلف به الواحد إذا انفرد حلف به كل واحد من الجماعة كاليمين الواحدة في سائر الدعاوي والقول الثاني أنه يقسط عليهم الخمسون يمينا على قدر مواريثهم لأنه لما قسط عليهم ما يجب بأيمانهم من الدية على قدر مواريثهم وجب أن تقسط الأيمان أيضا على قدر مواريثهم وإن دخلها كسر جبر الكسر لأن اليمين الواحدة لا تتبعض فكملت فإن نكل المدعي عن اليمين ردت اليمين على المدعى عليه فيحلف خمسين يمينا لقوله E : [ يبرئكم يهود متهم بخمسين يمينا ] ولأن التغليظ بالعدد لحرمة النفس وذلك يوجد في يمين المدعي والمدعى عليه وإن كان المدعى عليه جماعة ففيه قولان : أحدهما أنه يحلف كل واحد منهم خمسين يمينا والثاني أن الخمسين تقسط على عددهم والصحيح من القولين ههنا أن يحلف كل واحد منهم خمسين يمينا والصحيح من القولين في المدعين أنهم يحلفون خمسين يمينا والفرق بينهما أن كل واحد من المدعى عليه ينفي عن نفسه ما ينفيه لو انفرد وليس كذلك المدعون فإن كان واحد منهم لا يثبت لنفسه ما يثبته إذا انفرد .
فصل : فأما إذا لم يكن لوث ولا شاهد فالقول قول المدعى عليه مع يمينه لقوله A : [ لو أن الناس أعطوا بدعواهم لادعى ناس من الناس دماء ناس وأموالهم ولكن اليمين على المدعي عليه ] ولأن اليمين إنما جعلت في جنبة المدعي عند اللوث لقوة جنبته باللوث فإذا عدم اللوث حصلت القوة في جنبة المدعى عليه لأن الأصل براءة ذمته وعدم القتد فعادت اليمين إليه وهل تغلظ بالعدد فيه قولان : أحدهما أنها لا تغلظ بل يحلف يمينا واحدة وهو اختيار المزني لأنها يمين توجهت على المدعى عليه ابتداء فلم تغلظ بالعدد كما في سائر الدعاوي والثاني أنها تغلظ فيحلف خمسين يمينا وهو الصحيح لأن التغليظ بالعدد لحرمة الدم وذلك موجود مع عدم اللوث فإن قلنا إنها يمين واحدة فإن كان المدعى عليه جماعة حلف كل واحد منهم يمينا واحدة فإن نكلوا ردت اليمين على المدعي فإن كان واحدا حلف يمينا واحدة وإن كانوا جماعة حلف كل واحد منهم يمينا واحدة وإن قلنا يغلظ بالعدد وكان المدعى عليه واحدا حلف خمسين يمينا وإن كانوا جماعة فعلى القولين : أحدهما أنه يحلف كل واحد خمسين يمينا والثاني أنه يقسط على عدد رؤوسهم فإن نكلوا ردت اليمين على المدعي فإن كان واحدا حلف خمسين يمينا وإن كانوا جماعة فعلى القولين : أحدهما أنه يحلف كل واحد منهم خمسين يمينا والثاني أنه يقسط عليهم خمسون يمينا على قدر مواريثهم من الدية وإذا نكل المدعى عليه فحلف المدعي وقضي له فإن كان في قتل يوجب المال قضي له بالدية وإن كان في قتل يوجب القصاص وجب القصاص قولا واحدا لأن يمين المدعي مع نكول المدعى عليه كالبينة في أحد القولين وكالإقرار في القول الآخر والقصاص يجب بكل واحد منهما .
فصل : وإن ادعى القتل على اثنين وعلى أحدهما لوث دون الآخر حلف المدعي على صاحب اللوث لوجود اللوث وحلف الذي لا لوث عليه لعدم اللوث وإن ادعى القتل على جماعة لا يصح اشتراكهم على القتل لم تسمع دعواه لأنها دعوى محال وإن ادعى القتل على ثلاثة وهناك لوث فحضر منهم واحد وغاب اثنان وأنكر الحاضر حلف المدعي خمسين يمينا فإن حضر الثاني وأنكر ففيه وجهان : أحدهما أنه يحلف عليه خمسين يمينا لأنهما لو حضرا ذكر كل واحد منهما في يمينه فإذا انفرد وجب أن يكرر ذكره والوجه الثاني أنه يحلف خمسا وعشرين يمينا لأنهما لو حضرا حلف عليهما خمسين يمينا فإذا انفرد وجب أن يحلف عليه نصف الخمسين فإن حضر الثالث وأنكر ففيه وجهان : أحدهما أنه يحلف عليه خمسين يمينا والثاني أنه يحلف عليه ثلث خمسين يمينا ويجبر الكسر فيحلف سبع عشرة يمينا وإن قال قتله هذا عمدا ولا أعلم كيف قتله الآخران أقسم على الحاضر وقف الأمر إلى أن يحضر الآخران فإن حضرا وأقرا بالعمد ففي القود قولان وإن أقرا بالخطأ وجب على الأول ثلث الدية مغلظة وعلى كل واحد من الآخرين ثلث الدية مخففة وإن أنكر القتل ففيه وجهان : أحدهما أنه لا يحلف لأنه لا يعلم ما يحلف عليه ولا يعلم الحاكم ما يحكم به والثاني وهو قول أبي إسحاق أنه يحلف لأن جهله بصفة القتل ليس بجهل بأصل القتل فإذا حلف حبسا حتى يصفا القتل وإن قال قتله هذا ونفر لا أعلم عددهم فإن قلنا إنه لا يجب القود لم يقسم على الحاضر لأنه لا يعلم ما يخصه وإن قلنا إنه يجب القود ففيه وجهان : أحدهما أنه يقسم لأن الجماعة تقتل بالواحد فلم يضر الجهل بعددهم والثاني وهو قول أبي إسحاق أنه لا يقسم لأنه ربما عفا عن القود على الدية ولا يعلم ما يخصه منها .
فصل : واللوث الذي يثبت لأجله اليمين في جنبة المدعي هو أن يوجد معنى يغلب معه على الظن صدق المدعي فإن وجد القتيل في محلة أعدائه لا يخالطهم غيرهم كان ذلك لوثا فيحلف المدعي لأن قتيل الأنصار وجد في خيبر وأهلها أعداء للأنصار فجعل النبي A اليمين على المدعين فصار هذا أصلا لكل من يغلب معه على الظن صدق المدعي فيجعل القول قول المدعي مع يمينه وإن كان يخالطهم غيرهم لم يكن لوثا لجواز أن يكون قتله غيرهم وإن تفرقت جماعة عن قتيل في دار أو بستان وادعى الولي أنهم قتلوه فو لوث فيحلف المدعي أنهم قتلوه لأن الظاهر أنهم قتلوه وإن وجد قتيل في زحمة فهو لوث فإن ادعى الولي أنهم قتلوه حلف وقضى له وإن وجد قتيل في أرض وهناك رجل معه سيف مخضب بالدم وليس هناك غيره فهو لوث فإن ادعى الولي عليه القتل حلف عليه لأن الظاهر أنه قتله فإن كان هناك غيره من سبع أو رجل مول لم يثبت اللوث على صاحب السيف لأنه يجوز أن يكون قتله السبع أو الرجل المولي وإن تقابلت طائفتان فوجد قتيل من إحدى الطائفتين فهو لوث على الطائفة الأخرى فإن ادعى الولي أنهم قتلوه حلف وقضى له بالدية لأن الظاهر أنه لم تقتله طائفة وإن شهد جماعة من النساء أو العبيد على رجل بالقتل نظرت فإن جاءوا دفعة واحدة وسمع بعضهم كلام البعض لم يكن ذلك لوثا لأنه يجوز أن يكونوا قد تواطأوا على الشهادة وإن جاءوا متفرقين واتفقت أقوالهم ثبت اللوث ويحلف الولي معهم وإن شهد صبيان أو فساق أو كفار على ترجل بالقتل وجاءوا دفعة واحدة وشهدوا لم يكن ذلك لوثا لأنه جوز أن يكونوا قد تواطأوا على الشهادة فإن جاءوا متفرقين وتوافقت أقوالهم ففيه وجهان : أحدهما أن ذلك لوث لأن اتفاقهم على شيء واحد من غير تواطؤ يدل على صدقهم والثاني أنه ليس بلوث لأنه لا حكم لخبرهم فلو أثبتنا بقلوهم لوثا لجعلنا لخبرهم حكما وإن قال المجروح قتلني فلان ثم مات لم يكن قوله لوثا لأنه دعوى ولا يعلم به صدقه فلا يجعل لوثا فإن شهد عدل على رجل بالقتل فإن كانت الدعوى في قبل يوجب المال حلف المدعي يمينا وقضى له بالدية لأن المال يثبت بالشاهد واليمين وإن كانت في قتل يوجب القصاص حلف خمسين يمينا ويجب القصاص في قوله القديم والدية في قوله الجديد .
فصل : وإن شهد واحد أنه قتله فلان بالسيف وشهد آخر أنه قتله بالعصا لم يثبت القتل بشهادتهما لأنه لم تتفق شهادتهما على قتل واحد وهل يكون ذلك لوثا يوجب القسامة في جانب المدعي ؟ قال في موضع يوجب القسامة وقال في موضع لا يوجب القسامة واختلف أصحابنا في ذلك فقال أبو إسحاق : هو لوث يوجب القسامة قولا واحدا لأنهما اتفقا على إثبات القتل وإنما اختفا في صفته وجعل القول الآخر غلطا من الناقل وقال أبو الطيب بن سلمة و ابن الوكيل : إن ذلك ليس بلوث ولا يوجب القسامة قولا واحدا لأن كل واحد منهما يكذب الآخر فلا يغلب على الظن صدق ما يدعيه والقول الآخر غلظ من الناقل ومنهم من قال في المسألة قولان : أحدهما أنه لوث يوجب القسامة والثاني ليس بلوث ووجههما ما ذكرناه وإن شهد واحد أنه قتله فلان وشهد آخر أنه أقر بقتله لم يثبت القتل بشهادتهما لأن أحدهما شهد بالقتل والآخر شهد بالإقرار وثبت اللوث على المشهود عليه وتخالف المسألة قبلها فإن هناك كل واحد منهما يكذب الآخر وههنا كل واحد منهما غير مكذب للآخر بل كل واحد منهما يقوب الآخر فيحلف المدعي مع من شاء منهما فإن كان القتل خطأ حلف يمينا واحدة وثبتت الدية فإن حلف مع من شهد بالقتل وجبت الدية على العاقلة لأنها تثبت بالبينة وإن حلف مع من شهد بالإقرار وجبت الدية في ماله لأنها تثبت بالإقرار وإن كان القتل موجبا للقصاص حلف المدعي خمسين يمينا ووجب له القصاص في أحد القولين والدية في الآخر وإن ادعى على رجل أنه قتل وليه ولم يقل عمدا ولا خطأ وشهد له بما ادعاه شاهد لم يكن ذلك لوثا لأنه لو حلف مع شاهده لم يمكن الحكم بيمينه لأنه لا يعلم صفة القتل حتى يستوفي موجبه فسقطت الشهادة وبطل اللوث .
فصل : وإن شهد شاهدان أن فلانا قتله أحد هذين الرجلين ولم يعينا ثبت اللوث فيحلف الولي على من يدعي القتل عليه لأنه قد ثبت أن المقتول قتله أحدهما فصار كما لو وجد بينهما مقتول فإن شهد شاهد على رجل أنه قتل أحد هذين الرجلين لم يثبت اللوث لأن اللوث ما يغلب معه على الظن صدق ما يدعيه المدعي ولا يعلم أن الشاهد لمن شهد من الوليين فلا يغلب على الظن صدق واحد من الوليين فلم يثبت في حقه لوث وإن ادعى أحد الوارثين قتل مورثه على رجل في موضع اللوث وكذبه الآخر سقط حق المكذب من القسامة وهل يسقط اللوث في حق المدعي فيه قولان : أحدهما أنه لا يسقط فيحلف ويستحق نصف الدية وهو اختيار المزني لأن القسامة مع اللوث كاليمين مع الشاهد ثم تكذيب أحد الوارثين لا يمنع الآخر من أن يحلف مع الشهادة فكذلك تكذيب أحد الوارثين لا يمنع الآخر من أن يقسم مع اللوث والقول الثاني أنه يسقط لأن اللوث يدل على صدق المعي من جهة الظن وتكذيب المكر يدل على كذب المدعي من جهة الظن فتعارضا وسقطا وبقي القتل بغير لوث فيحلف المدعى عليه على ما ذكرناه وإن قال أحد الابنين قتل أبي زيد ورجل آخر لا أعرفه وقال الآخر قتله عمرو ورجل آخر لا أعرفه أقسم كل واحد على من عينه ويستحق عليه ربع الدية لأن كل واحد منهما غير مكذب للآخر لجواز أن يكون الآخر هو الذي ادعى عليه أخوه فإن رجعا وقال كل واحد منهما علمت أن الآخر هو الذي ادعى عليه أخي أقسم كل واحد منهما على الذي ادعى عليه أخوه ويستحق عليه ربع الدية وإن قال كل واحد منهما علمت أن الآخر غير الذي اادعى عليه أخي صار كل واحد منهما مكذبا للآخر فإن قلنا إن تكذيب أحدهما لا يسقط اللوث أقسم كل واحد منهما على الذي عينه ثانيا واستحق عليه ربع الدية وإن قلنا إن التكذيب يسقط اللوث بثلث القسامة فإن أخذ شيئا رده ويكون القول قول المدعى عليه مع يمينه وإن ادعى القتل على رجل عليه لوث فجاء آخر وقال أنا قتلته ولم يقتله هذا لم يسقط حق المدعي من القسامة بإقراره وإقراره على نفسه لا يقبل لأن صاحب الدم لا يدعيه وهل للمدعي أن يرجع ويطالب المقر بالدية ؟ فيه قولان : أحدهما أنه ليس له مطالبته لأن دعواه على الأول إبراء لكل من سواه والثاني أن له أن يطالب لأن دعواه على الأول باللوث من جهة الظن والإقرار يقين فجاز أن يترك الظن ويرجع إلى اليقين وإن ادعى على رجل قتل العمد فقيل له صف العمد ففسره بشبه العمد فقد نقل المزني أنه لا يقسم وروى الربيع أنه يقسم فمن أصحابنا من قال فيه قولان : أحدهما أنه لا يقسم لأن بقوله قتله عمدا أبرأ العاقلة وبتفسيره أبرأ القاتل والقول الثاني أنه يقسم وتجب الدية على العاقلة لأن المعول على التفسير وقد فسر بشبه العمد ومنهم من قال : يقسم قولا واحدا لما بينا وقوله لا يقسم معناه لا يقسم على ما ادعاه .
فصل : وإن كانت الدعوى في الجناية على الطرف ولم تكن شهادة فالقول قول المدعى عليه مع يمينه لأن اللوث قضى به في النفس بحرمة النفس فلا يقضي به في الطرف كالكفارة وهل تغلظ اليمين فيه بالعدد ؟ فيه قولان : أحدهما لا تغلظ لأنه يسقط فيه حكم اللوث فسقط فيه حكم التغليظ بالعدد والثاني أنه تغلظ بالعدد لأنه يجب فيه القصاص والدية المغلظة فوجب فيه تغليظ اليمين فإن قلنا لا نغلظ حلف المدعى عليه يمينا واحدة وإن قلنا تغلظ فإن كان في جناية توجب دية كاملة كاليدين غلظ بخمسين يمينا وإن كان فيما لا توجب دية كاملة كاليد الواحدة ففي قدر التغليظ قولان : أحدهما أنه يغلظ بخمسين يمينا لأن التغليظ لحرمة الدم وذلك موجود في اليد الواحدة والثاني أنه تغلظ بحصته من الدية لأن ديته دون النفس فلم تغلظ بما تغلظ به في النفس .
فصل : فإن كانت الدعوى في قتل عبد وهناك لوث ففيه طريقان : أحدهما أنه يبني ذلك على أن العاقلة هل تحمل قيمته بالجناية ؟ فإن قلنا تحمل العاقلة قيمته ثبتت فيه القسامة للسيد وإن قلنا لا تحمل لم تثبت القسامة والثاني وهو قول أبي العباس أن للسيد القسامة قولا واحدا لأن القسامة لحرمة النفس فاستوى فيه الحر والعبد كالكفارة فإن قلنا إن السيد يقسم أقسم المكاتب في قتل عبده فإن لم يقسم حتى عجز عن أداء الكتابة أقسم المولى وإن قتل عبد وهناك لوث ووصى مولاه بقيمته لأم ولده ولم يقسم السيد حتى مات ولم تقسم الورثة فهل تقسم أم الولد فيه قولان : أحدهما تقسم والثاني لا تقسم كما قلنا في غرماء الميت إذا كان له دين وله شاهد ولم تحلف الورثة أن الغرماء يقسمون في أحد القولين ولا يقسمون في الآخر وقد بينا ذلك في التفليس .
فصل : وإن قتل مسلم وهناك لوث فلم يقسم وليه حتى ارتد المدعي لم يقسم لأنه إذا أقدم على الردة وهي من أكبر الكبائر لم يؤمن أن يقدم على اليمين الكاذبة فإن أقسم صحت القسامة وقال المزني C لا تصح لأنه كافر فلا يصح يمينه بالله وهذا خطأ لأن القصد بالقسامة اكتساب المال والمرتد من أهل الاكتساب فإذا أقسم وجب القصاص لوارثه أو الدية فإن رجع إلى الإسلام كان له وإن مات على الردة كان ذلك لبيت المال فيئا وقال أبو علي بن خيران و أبو حفص بن الوكيل : يبني وجوب الدية بقسامته على حكم ملكه فإن قلنا إن ملكه لا يزول بالردة أو قلنا أنه موقوف فعاد إلى الإسلام ثبتت الدية وإن قلنا إن ملكه يزول بالردة أو قلنا أنه موقوف فلم يسلم حتى مات لم تثبت الدية وهذا غلط لأن اكتسابه للمال يصح على الأقوال كلها وهذا اكتساب .
فصل : ومن توجهت عليه يمين في م غلظ عليه في اليمين لما روي أن عبد الرحمن بن عوف Bه مر بقوم يحلفون بين الركن والمقام فقال أعلى دم ؟ قيل لا قال : أفعلى عظيم من المال ؟ قيل : لا قال : لقد خشيت أن يبهأ الناس بهذا المقام وإن كانت اليمين في نكاح أو طلاق أو حد قذف أو غيرها مما ليس بمال ولا المقصود منه المال غلظ لأنه ليس بمال ولا المقصود منه المال فغلظ اليمين فيه كالدم وإن كانت اليمين في مال أو ما يقصد به المال فإن كان يبلغ عشرين مثقالا غلظ وإن لم يبلغ ذلك لم يغلظ لأن عبد الرحمن بن عوف فرق بين المال العظيم وبين ما دونه فإن كانت اليمين في دعوى عتق فإن كان السيد هو الذي يحلف فإن كات قيمة العبد تبلغ عشرين مثقالا غلظ اليمين وإن لم تبلغ عشرين مثقالا لم يغلظ لأن المولى يحلف لإثبات المال ففرق بين القليل والكثير كأروش الجنايات فإن كان الذي يحلف هو العبد غلظ قلت قيمته أو كثرت لأنه يحلف إثبات العتق والعتق ليس بمال ولا المقصود منه المال فلم تعتبر قيمته كدعوى القصاص ولا فرق بين أن يكون في طرف قليل الأرش أو في طرف كثير الأرش .
فصل : والتغليظ قد يكون بالزمان وبالمكان وفي اللفظ فأما التغليظ بالمكان ففيه قولان : أحدهما أنه يستحب والثاني أنه واجب وأما التغليظ بالزمان فقد ذكر الشيخ أبو حامد الإسفرايني C أنه يستحب وقد بينا ذلك في اللعان وقال أكثر أصحابنا إن التغليظ بالزمان كالتغليظ بالمكان وفيه قولان وأما التغليظ باللفظ فهو مستحب وهو أن يقول والله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم الذي يعلم من السر ما يعلم من العلانية لما روي أن النبي A أحلف رجلا فقال : [ قل والله الذي لا إله إلا هو ] لأن القصد باليمين الزجر عن الكذب وهذه الألفاظ أبلغ في الزجر وأمنع من الإقدام على الكذب وإن اقتصر على قوله والله أجزأه لأن النبي A اقتصر في إحلاف ركانة على قوله والله وإن اقتصر على صفة من صفات الذات كقوله : وعزة الله أجرأه لأنها بمنزلة قوله والله في الحنث في اليمين وإيجاب الكفارة وإن حلف بالمصحف وما فيه من القرآن فقد حكى الشافعي C عن مطرف أن ابن الزبير كان يحلف على المصحف قال : ورأيت مطرفا بصنعاء يحلف على المصحف قال الشافعي وهو حسن ولأن القرآن من صفات الذات ولهذا يجب بالحنث فيه الكفارة وإن كان الحالف يهوديا أحلفه الله الذي أنزل التوراة على موسى ونجاه من الغرق وإن كان نصرانيا أحلفه بالله الذي أنزل الإنجيل على عيسى وإن كان مجوسيا أو وثنيا أحلفه بالله الذي خلقه وصوره .
فصل : ولا يصح اليمين في الدعوى إلا أن يستحلفه القاضي لأن ركانة بن عبد يزيد قال لرسول الله : يا رسول الله إني طلقت امرأتي سهيبة البتة والله ما أردت إلا واحدة فقال رسول الله A : [ والله ما أردت إلا واحدة ] قال ركانة : والله ما أردت إلا واحدة ولأن الاعتبار بنية الحاكم فإذا حلف من غير استحلافه نوى ما لا يحنث به فيجعل ذلك طريقا إلى إبطال الحقوق وإن وصل بيمينه استثناء أو شرطا أو وصله بكلام لم يفهمه أعاد عليه اليمين من أولها وإن كان الحالف أخرس ولا يفهم إشارته وقف الأمر إلى أن يفهم إشارته فإن طلب المدعي أن يرد اليمين عليه لم يرد اليمين عليه لأن رد اليمين يتعلق بنكول المدعى عليه ولا يوجد النكول فإن كان الذي عليه اليمين حلف بالطلاق أنه لا يحلف بيمين مغلظة فإن كان التغليظ غير مستحق لم يلزمه أن يحلف يمينا مغلظة وإن امتنع من التغليظ لم يجعل ناكلا .
فصل : وإن حلف على فعل نفسه في نفي أو إثبات حلف على القطع لأن علمه يحيط بحاله فيما فعل وفيما لم يفعل وإن حلف على فعل غيره فإن كان في إثبات حلف على القطع لأن له طريقا إلى العلم بما فعل غيره وإن كان على نفي حلف على نفي العلم فيقول والله لا أعلم أن أبي أخذ منك مالا ولا أعلم أن أبي أبرأك من دينه لأنه لا طريق له إلى القطع بالنفي فلم يكف اليمين عليه .
فصل : وإن ادعى عليه دين من بيع أو قرض فأجاب بأنه لا يستحق عليه شيء ولم يتعرض للبيع والقرض لم يحلف إلا على ما أجاب ولا يكلف أن يحلف على نفي البيع والقرض لأنه يجوز أن يكون قد استقرض منه أو ابتاع ثم قضاه أو أبرأه منه فإذا حلف على نفي البيع والقرض حلف كاذبا وإن أجاب بأنه ما باعني ولا أقرضني ففي الإحلاف وجهان : أحدهما أنه يحلف أنه لا يستحق عليه شيء ولا يكلف أن يحلف على نفي البيع والقرض لما ذكرناه من التعليل والثاني أنه يحلف على نفي البيع والقرض لأنه نفى ذلك في الجواب فلزمه أن يحلف على النفي فإن ادعى رجل على رجل ألف درهم فأنكر حلف أنه لا يستحق عليه ما يدعيه ولا شيئا منه فإن حلف أنه لا يستحق عليه الألف لم يجزه لأن يمينه على نفي الألف لا يمنع وجوب بعضها .
فصل : وإن كان لجماعة على رجل حق فوكلوا رجلا في استحلافه لم يجز أن يحلف لهم يمينا واحدة لأن لكل واحد منهم عليه يمينا فلم تتداخل فإن رضوا بأن يحلف لهم يمينا واحدة ففيه وجهان : أحدهما أنه يجوز كما يجوز أن يثبت ببينة واحدة حقوق الجماعة والثاني وهو المذهب أنه لا يجوز لأن القصد من اليمين الزجر وما يحصل من الزجر بالتفريق لا يحصل بالجمع فلم يجز وإن رضوا كما لو رضيت المرأة أن يقتصر الزوج في اللعان على شهادة واحدة