وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

باب الدعوى والبينات .
لا تصح دعوى مجهول في غير الوصية لأن القصد بالحكم فصل الحكومة والتزام الحق ولا يمكن ذلك في المجهول فإن كان المدعي دينا ذكر الجنس والنوع والصفة وإن ذكر قيمتها كان أحوط وإن كانت العين تالفة فإن كان لها مثل ذكر صفتها وإن ذكر القيمة كان أحوط وإن لم يكن لها مثل ذكر قيمتها وإن كان المدعى سيفا محلى أو لجاما محلى فإن كان بفضة قومه بالذهب وإن كان بالذهب قومه بالفضة وإن محلى بالذهب والفضة قومه بما شاء منهما وإن كان المدعى مالا عن وصية جاز أن يدعي مجهولا لأن بالوصية يملك المجهول ولا يلزم في دعوى المال ذكر السبب الذي ملك به لأن أسبابه كثيرة فيشق معرفة سبب كل درهم فيه وإن كان المدعى قتلا لزمه ذكر صفته وأنه عمد أو خطأ وأنه انفرد به أو شاركه فيه غيره ويذكر صفة العمد لأن القتل لا يمكن تلافيه فإذا لم يبين لم تؤمن أن يقتص فيما لا يجب فيه القصاص وإن كان المدعى نكاحا فقد قال الشافعي C لا يسمع حتى يقول نكحتها بولي وشاهدين ورضاها فمن أصحابنا من قال : لا يشترط لأنه دعوى ملك فلا يشترط فيه ذكر السبب كدعوى المال وما قال الشافعي C ذكره على سبيل الاستحباب كما قال في امتحان الشهود إذا ارتاب بهم ومنهم من قال : إن ذلك شرط لأنه مبني على الاحتياط وتتعلق العقوبة بجنسه فشرط في دعواه ذكر الصفة كدعوى القتل ومنهم من قال إن كان يدعي ابتداء النكاح لزمه ذكره لأنه شرط في الابتداء وإن كان يدعي استدامة النكاح لم يشترط لأنه ليس بشرط في الاستدامة وإن ادعت امرأة على رجل نكاحا فإن كان مع النكاح حق تدعيه من مهر أو نفقة سمعت دعواها وإن لم تدع حقا سواه ففيه وجهان : أحدهما أنه لا تسمع دعواها لأن النكاح حق للزوج على المرأة فإذا ادعت المرأة كان ذلك إقرارا والإقرار لا يقبل مع إنكار المقر له كما لو أقرت له بدار والثاني أنه تسمع لأن النكاح يتضمن حقوقا لها فصح دعواها فيه وإن كان المدعى بيعا أو إجارة ففيه ثلاثة أوجه : أحدها أنه لا يفتقر إلى ذكر شروطه ن لأن المقصود به المال فلم يفتقر إلى ذكر شروطه كدعوى المال والثاني أنه يفتقر لأنه لا يقصد به غير المال وإن كان في جارية افتقر لأنه يملك به الوطء فأشبه النكاح وما لزم ذكره في الدعوى ولم يذكره سأله الحاكم عنه ليذكره فتصير الدعوى معلومة فيمكن الحكم بها .
فصل : وإن ادعى عليه مالا مضافا إلى سببه فإن ادعى عليه ألفا اقترضه أو أتلف عليه فقال : ما أقرضني أو ما أتلفت عليه صح الجواب لأنه أجاب عما ادعى عليه وإن لم يتعرض لما ادعى عليه بل قال لا يستحق علي شيئا صح الجواب ولا يكلف إنكار ما ادعى عليه من القرض أو الإتلاف لأنه يجوز أن يكون قد أقرضه أو أتلف عليه ثم قضاه أو أبرأه منه فإن أنكره كان كاذبا في إنكاره وإن أقر به لم يقبل قوله أنه قضاه أو أبرأه منه فيستضر به وإن أنكر الاستحقاق كان صادقا ولم يكن عليه ضرر .
فصل : وإن ادعى على رجل دينا في ذمته فأنكره ولم يتكن بينة فالقول قوله مع يمينه لما روى ابن عباس Bه أن النبي A قال : [ لو أن الناس أعطوا بدعواهم لادعى ناس من الناس دماء ناس وأموالهم لكن اليمين على المدعى عليه ] ولأن الأصل براءة ذمته فجعل القول قوله وإن ادعى عينا في يده فأنكره ولا بينة فالقول قوله مع يمينه لما روي أن النبي A قال في قصة الحضرمي والكندي : [ شاهداك أو يمينه ] ولأن الظاهر من اليد الملك فقبل قوله وإن تداعيا عينا في يدهما ولا بينة حلفا وجعل المدعى بينهما نصفين لما روى أبو موسى الأشعري Bه أن رجلين تداعيا دابة ليس لأحدهما بينة فجعلها رسول الله A بينهما ولأن يد كل واحد منهما على نصفها فكان القول فيه قوله كما لو كانت العين في يد أحدهما .
فصل : وإن تداعيا عينا ولأحدهما بينة وهي في يدهما أو في يد أحدهما أو في غيرهما حكم لمن له البينة لقوله A : [ شاهداك أو يمينه ] فبدأ بالحكم بالشهادة ولأن البينة حجة صريحة في إثبات الملك لا تهمة فيها واليد تحتمل الملك وغيره والذي يقويها هو اليمين وهو متهم فيها فقدمت البينة عليها وإن كان لكل واحد منهما بينة نظرت فإن كانت العين في يد أحدهما قضى لمن له اليد من غير يمين ومن أصحابنا من قال : لا يقضى لصاحب اليد من غير يمين والمنصوص أنه يقضى له من غير يمين لأن معه بينة معها ترجيح وهو اليد ومع الآخر بينة لا ترجيح معها والحجتان إذا تعارضتا ومع إحداهما ترجيح قضى بالتي معها الترجيح كالخبرين إذا تعارضا ومع أحدهما قياس وإن كانت العين في يد أحدهما فأقام الآخر بينة فقضى له وسلمت العين إليه ثم قام صاحب اليد بينة أنها له نقض الحكم وردت العين إليه لأنا حكمنا للآخر ظنا منا أنه لا بينة له فإذا أتى بالبينة بان أنه كانت له يد وبينة فقدمت على بينة الآخر .
فصل : وإن كان لكل واحد منهما بينة والعين في يدهما أو في يد غيرهما أو لا يد لأحدهما عليها تعارضت البينتان وفيهما قولان : أحدهما أنهما يسقطان وهو الصحيح لأنهما حجتان تعارضتا ولا مزية لإحداهما على الأخرى فسقطتا كالنصين في الحادثة فعلى هذا يكون الحكم فيه كما لو تداعيا ولا بينة لواحد منهما والثاني أنهما يستعملان وفي كيفية الاستعمال ثلاثة أقوال أحدها : أنه يوقف الأمر إلى أن ينكشف أو يصطلحا لأن إحداهما صادقة والأخرى كاذبة ويرجى معرفة الصادقة فوجب التوقف كالمرأة إذا زوجها وليان أحدهما بعد الآخر ونسي السابق منهما والثاني أنه يقسم بينهما لأن البينة حجة كاليد ولو استويا في اليد قسم بينهما فكذلك إذا استويا في البينة والثالث أنه يقرع بينهما فمن خرجت له القرعة حكم له لأنه لا مزية لإحداهما على الأخرى فوجب التقديم بالقرعة كالزوجتين إذا أراد الزوج السفر بإحداهما .
فصل : وإن كانت بينة أحدهما شاهدين وبينة الآخر أربعة وأكثر فهما متعارضتان وفيهما القولان لأن الاثنين مقدران بالشرع فكان حكمهما وحكم ما زاد سواء وإن كانت إحدى البينتين أعدل من الأخرى فهما متعارضتان وفيهما القولان ولأنهما متساويتان في إثبات الحق وإن كانت بينة أحدهما شاهدين وبينة الآخر شاهدا وامرأتين فهما متعارضتان وفيهما القولان لأنهما يتساويان في إثبات المال والقول الثاني أنه يقضى لمن له الشاهدان لأن بينته مجمع عليها وبينة الآخر مختلف فيها .
فصل : وإن كانت العين في يد غيرهما فشهد بينة أحدهما بأنه ملكه من سنة وشهدت بينة الآخر أنه ملكه من سنتين ففيه قولان : قال في البويطي : هما سواء لأن القصد إثبات الملك في الحال وعما متساويتان في إثبات الملك في الحال والقول الثاني أن التي شهدت بالملك المتقدم أولى وهو اختيار المزني هو الصحيح لأنها انفردت بإثبات الملك في زمان لا تعارضها فيه البينة الأخرى وأما إذا كان الشيء في يد أحدهما فإن كان في يد من شهد له بالملك المتقدم حكم له وإن كان في يد الآخر فقد اختلف أصحابنا فيه فقال أبو العباس C يبنى على القولين في المسألة قبلها إن قلنا إنهما يتساويان حكم لصاحب اليد وإن قلنا إن التي شهدت بالملك المتقدم تقدم قدمت ههنا أيضا لأن الترجيح من جهة البينة أولى من الترجيح باليد ومن أصحابنا من قال : يحكم به لمن هو في يده قولا واحدا لأن اليد الموجودة أولى من الشهادة بالملك المتقدم وأما إذا تداعيا دابة وأقام أحدهما بينة أنها ملكه نتجت في ملكه وأقام الآخر أنها دابته ولم يذكر المتقدم وفيها قولان لأن الشهادة بالنتاج كشهادته بالملك المتقدم وقال أبو إسحاق يحكم لمن شهدت له البينة بالنتاج قولا واحدا لأن بينة النتاج تنفي أن يكون الملك لغيره والبينة بالملك المتقدم لا تنفي أن يكون الملك قبل ذلك لغير المشهود له .
فصل : إذا ادعى رجل دارا في يد رجل وأقام بينة أن هذه الدار كانت في يده أو في ملكه أمس فقد نقل المزني و الربيع أنه لا يحكم بهذه الشهادة وحكى البويطي أنه يحكم بها فقال أبو العباس فيها قولان : أحدهما أنه يحكم بذلك لأنه قد ثبت بالبينة أن الدار كانت له والظاهر بقاء الملك والقول الثاني أنه لا يحكم بها وهو الصحيح لأنه ادعى ملك الدار في الحال وشهدت له البينة بما لم يدعه فلم يحكم بها كما لو ادعى دارا فشهدت له البينة بدار أخرى وقال أبو إسحاق : لا يحكم بها قولا واحدا وما ذكره البويطي من تخريجه .
فصل : وإن ادعى رجل على رجل دارا في يده وأقر بها لغيره نظرت فإن صدقه المقر له حكم له لأنه مصدق فيما في يده وقد صدقه المقر له فحكم له وتنتقل الخصومة إلى المقر له فإن طلب المدعي يمين المقر أنه لا يعلم أنها له ففيه قولان بناء على من أقر بشيء في يده لغيره ثم أقر به لآخر وفيه قولان : أحدهما يلزمه أن يغرم للثاني والثاني لا يلزمه فإن قلنا يلزمه أن يغرم حلف لأنه ربما خاف أن يحلف فيقر للثاني فيغرم له وإن قلنا لا يلزمه لم يحلف لأنه إن خاف من اليمين فأقر للثاني لم يلزمه شيء فلا فائدة في تحليفه وإن كذبه المقر له ففيه وجهان : أحدهما وهو قول أبي العباس أنه يأخذها الحاكم ويحفظها إلى أن يجد صاحبها لأن الذي في يده لا يدعيها والمقر له أسقط إقراره بالتكذيب وليس للمدعي بينة فلم يبق إلا أن يحفظها الحاكم كالمال الضال .
والثاني وهو قول أبي إسحاق أنه يسلم إلى الدعي لأنه ليس ههنا من يدعيه غيره وهذا خطأ لأنه حكم بمجرد الدعوى وإن أقر بها لغائب ولا بينة وقف الأمر إلى أن يقدم الغائب لأن الذي في يده لا يدعيها ولا بينة تقضي بها فوجب التوقف فإن طلب المدعي يمين المدعى عليه أنه لا يعلم أنها له فعلى ما ذكرناه من القولين وإن كان للمدعي بينة قضي له وهل يحتاج إلى أن يحلف مع البينة ؟ فيه وجهان : أحدهما أنه يحتاج أن يحلف مع البينة لأنا حكمنا بإقرار المدعى عليه أنها ملك للغائب ولا يجوز القضاء بالبينة على الغائب من غير يمين والثاني وهو قول أبي إسحاق أنه لا يحتاج أن يحلف لأنه قضاء على الحاضر وهو المدعى عليه وإن كان مع المدعى عليه بينة أنها للغائب فالمنصوص أنه يحكم ببينة المدعي وتسلم إليه ولا يحكم ببينة المدعى عليه وإن كان معها يد لأن بينة صاحب اليد إنما يقضي بها إذا أقامها صاحب الملك أو وكيل له والمدعى عليه ليس بمالك ولا هو وكيل للمالك فلم يحكم بنينته وحكى أبو إسحاق C عن بعض أصحابنا أنه قال : إن كان المقر للغائب يدعي أن الدار في يده وديعة أو عارية لم تسمع بينته وإن كان يدعي أنها في يده بإجارة سمعت بينته وقضى بها لأنه يدعي لنفسه حقا فسمعت بينته فيصح الملك للغائب ويستوفي بها حقه من المنفعة وهذا خطأ لأنه إذا لم تسمع البينة في إثبات الملك وهو الأصل فلأن لا تسمع لإثبات الإجارة وهي فرع على الملك أولى وإن أقر بها لمجهول فقد قال أبو العباس فيه وجهان : وأحدهما أنه يقال له إقرارك لمجهول لا يصح فإما أن تقر بها لمعروف أو تدعيها لنفسك أو نجعلك ناكلا ويحلف المدعي ويقضي له والثاني أن يقال له إما أن تقربها لمعروف أو نجعلك ناكلا ولا يقبل دعواه لنفسه لأنه بإقراره لغيره نفي أن يكون الملك له فلم تقبل دعواه بعد .
فصل : إذا ادعى جارية وشهدت البينة أنها ابنة أمته لم يحكم له بها لأنها قد تكون ابنة أمته ولا تكون له بأن تلدها في ملك غيره ثم يملك الأمة دونها فتكون ابنة أمته ولا تكون له وإن شهدت البينة أنها ابنة أمته ولدتها في ملكه فقد قال الشافعي C : حكمت بذلك وذكر في الشهادة بالملك المتقدم قولين فنقل أبو العباس جواب تلك المسألة إلى هذه وجعلها على قولين وقال سائر أصحابنا : يحكم بها ههنا قولا واحدا وهناك على قولين والفرق بينهما أن الشهادة هناك بأصل الملك فلم تقبل حتى يثبت في الحال والشهادة ههنا بتمام الملك وأنه حدث في ملكه فلم يفتقر إلى إثبات الملك في الحال وإن ادعى غزلا أو طيرا أو آجرا وأقام البينة أن الغزل من قطنه والطير من بيضه والآجر من طينه قضي له لأن الجميع عين ماله وإنما تغيرت صفته .
فصل : إذا ادعى رجل أن هذه الدار ملكه من سنتين وأقام على ذلك بينة وادعى آخر أنه ابتاعها منذ سنتين وأقام على ذلك بينة قضى ببينة الابتياع لأن بينة الملك شهدت بالملك على الأصل وبينة الابتياع شهدت بأمر حادث خفي على بينة الملك فقدمت على بينة الملك كما تقدم بينة الجرح على بينة التعديل .
فصل : وإن كان في يد رجل دار وادعى رجل أنه ابتاعها من زيد وهو يملكها وأقام على ذلك بينة حكم له لأنه ابتاعها من مالكها وإن شهدت له البينة أنه ابتاعها منه ولم تذكر الملك ولا التسليم لم يحكم بهذه الاشهادة ولم تؤخذ الدار ممن هي في يده لأنه قد يبيع الإنسان ما يملكه وما لا يملكه فلا تزال يد صاحب اليد .
فصل : وإن كان في يد رجل دار فادعاها رجل وأقام البينة أنها له أجرها ممن هي في يده وأقام الذي في يده الدار بينة أنها له قدمت بينة الخارج الذي لا يد له لأن الدار المستأجرة في مالك المؤجر وبيده وليس للمستأجر إلا الانتفاع فتصير كما لو كانت في يده وادعى رجل أنها له غصبه عليها الذي هي في يده وأقام البينة فإنه يحكم بها للمغصوب منه .
فصل : وإن تداعى رجلان دارا في يد ثالث فشهد لأحدهما شاهدان أن الذي في يده الدار غصبه عليها وشهد للآخر شاهدان أنه أقر له بها قضى للمغصوب منه لأنه ثبت بالبينة أنه غاصب وإقرار الغاصب لا يقبل فحكم بها للمغصوب منه .
فصل إذا ادعى رجل أنه ابتاع دارا من فلان ونقده الثمن وأقام على ذلك بينة وادعى آخر أنه ابتاعها منه ونقده الثمن وأقام على ذلك بينة وتاريخ أحدهما في رمضان وتاريخ الآخر في شوال قضى لمن ابتاعها في رمضان لأنه ابتاعها وهي في ملكه والذي ابتاعها في شوال ابتاعها بعد ما زال ملكه عنها وإن كان تاريخهما واحدا أو كان تاريخهما مطلقا أو تاريخ أحدهما مطلقا وتاريخ الآخر مؤرخا فإن كانت الدار في يد أحدهما قضى له لأن معه بينة ويدا وإن كانت في يد البائع تعارضت البينتان وفيهما قولان : أحدهما أنهما يسقطان والثاني أنهما يستعملان فإن قلنا أنهما يسقطان رجع إلى البائع فإن أنكرهما حلف لكل واحد منهما يمينا عل الانفراد وقضى له وإن أقر لأحدهما سلمت إليه وهل يحلف للآخر فيه قولان وإن أقر لهما جعلت لهما نصفين وهل يحلف كل واحد منهما للآخر على النصف الآخر على القولين وإن قلنا أنهما يستعملان نظرت فإن صدق البائع أحدهما ففيه وجهان : أحدهما وهو قول أبي العباس أنها تجعل لمن صدقه البائع لأن الدار في يده فإذا أقر لأحدهما فقد نقل يده إلي فتصير له يد وبينة وقال أكثر أصحابنا : لا يرجح بإقرار البائع وهو الصحيح لأن البينتين اتفقتا على إزالة ملك البائع وإسقاط يده فعلى هذا يقرع بينهما في أحد الأقوال ويقسم بينهما في الثاني فيجعل لكل واحد منهما نصف الدار بنصف الثمن الذي ادعى أنه ابتاع به ولا يجيء القول بالوقف لأن العقود لا توقف .
فصل : وإن ادعى رجل أنه ابتاع هذه الدار من زيد وهو يملكها ونقده الثمن وأقام عليه بينة وادعى آخر أنه ابتاعها من عمرو وهو يملكها ونقده الثمن وأقام عليه بينة فإن كانت في يد أجنبي أو في يد أحد البائعين وقلنا على المذهب الصحيح أنه لا ترجح البينة بقول البائع تعارضت البينتان وفيهما قولان : أحدهما أنهما يسقطان والثاني أنهما يستعملان فإن قلنا أنهما يسقطان رجع إلى من هو في يده فإن ادعاه لنفسه فالقول قوله ويحلف لكل واحد منهما وإن أقر لأحدهما سلم إليه وهل يحلف للآخر فيه قولان وإن أقر لهما جعل لكل واحد منهما نصفه وهل يحلف للآخر على النصف الأخر على القولين وإن قلنا إنهما يستعملان أقرع بينهما في أحد الأقوال ويقسم بينهما في القول الثاني فيجعل لكل واحد منهما النصف بنصف الثمن الذي ادعى أنه ابتاعه ولا يجيء الوقف لأن العقود لا توقف .
فصل : وإن كان في يد رجل دار فادعى زيد أنه باعها منه بألف وأقام عليه بينة وادعى عمرو أنه باعها منه بألف وأقام عليه بينة فإن كانت البينتان بتاريخ واحد تعارضتا وفيهما قولان : أحدهما إنهما يسقطان والثاني أنهما يستعملان فإذا قلنا أنهما يسقطان رجع إلى قول من هي في يده فإن ادعاها لنفسه وأنكر الشراء حلف لكل واحد منهما وحكم له وإن أقر لأحدهما لزمه الثمن لمن أقر له وحلف للآخر قولا واحدا لأنه لو أقر له بعد إقراره للأول لزمه له الألف لأنه يقر له بحق في ذمته فلزمه أن يحلف قولا واحدا وإن قلنا إنهما يستعملان أقرع بينهما في أحد الأقوال ويقسم في القول الثاني ولا يجيء الوقف لأن العقود لا توقف وإن كانتا بتاريخين مختلفين بأن شهدت بينة أحدهما بعقد في رمضان وبينة أحدهما في شوال لزمه الثمنان لأنه يمكن الجمع بينهما بأن يكون قد اشتراه في رمضان من أحدهما ثم باعه واشتراه من الآخر في شوال وإن كانت البينتان مطلقتين ففيه وجهان : أحدهما أنه يلزمه الثمنان لأنه يمكن استعمالهما بأن يكون قد اشتراه في وقتين مختلفين والثاني أنهما يتعارضان فيكون على القولين لأنه يحتمل أن يكونا في وقتين فيلزمه الثمنان ويحتمل أن يكونا في وقت واحد والأصل براءة الذمة .
فصل : وإن ادعى رجل ملك عبد فأقام عليه بينة وادعى آخر أنه باعه أو وقفه أو أعتقه وأقام عليه بينة قدم البيع والوقف والعتق لأن بينة الملك شهدت بالأصل وبينة البيع والوقف والعتق شهدت بأمر حادث خفي على بينة الملك فقدمت على بينة الملك وإن كان في يد رجل عبد فادعى رجل أنه ابتاعه وأقام عليه بينة وادعى العبد أن مولاه أعتقه وأقام عليه بينة فإن عرف السابق منهما بالتاريخ قضى بأسبق التصرفين لأن السابق منهما يمنع صحة الثاني فقدم عليه وإن لم يعرف السابق منهما تعارضتا وفيهما قولان : أحدهما أنهما يسقطان ويرجع إلى من في يده العبد وإن كان كذبهما حلف لكل واحد منهما يمينا على الانفراد وإن صدق أحدهما قضى لمن صدقه والقول الثاني أنهما يستعملان فيقرع بينهما في أحد الأقوال فمن خرجت له القرعة قضى له ويقسم في القول الثاني فيعتق نصفه ويحكم للمبتاع بنصف الثمن ولا يجيء القول بالوقف لأن العقود لا توقف .
فصل : قال في الأم : إذا قال لعبده إن قتلت فأنت حر فأقام العبد بينة أنه قتل وأقام الورثة بينة أنه مات ففيه قولان : أحدهما أنه تتعارض البينتان ويسقطان يرق العبد لأن بينة القتل تثبت القتل وتنفي الموت وبينة الموت تثبت الموت وتنفي القتل فتسقطان ويبقى العبد على الرق والثاني أنه تقدم بينة القتل ويعتق العبد لأن بينة الورثة تشهد بالموت وبينة العبد تشهد بالقتل لأن المقتول ميت ومعها زيادة صفة وهي القتل فقدمت وإن كان له عبدان سالم وغانم فقال لغانم : إن مت في رمضان فأنت حر وإن قال لسالم : إن مت في شوال فأنت حر ثم مات فأقام غانم بينة أنه مات في رمضان وأقام سالم بينة بالموت في شوال ففيه قولان : أحدهما أنه تتعارض البينتان ويسقطان ويرق العبدان لأن الموت في رمضان ينفي الموت في شوال والموت في شوال ينفي الموت في رمضان فيسقطان وبقي العبدان على الرق والقول الثاني أنه تقدم بينة الموت في رمضان لأنه يجوز أن يكون قد علمت البينة بالموت في رمضان وخفي ذلك على البينة الأخرى إلى شوال فقدمت بينة رمضان لما معها من زيادة العلم وإن قال لغانم إن مت من مرضي فأنت حر وقال لسالم : إن برئت من مرضي فأنت حر ثم مات فأقام غانم بينة بالموت من مرضه وأقام سالم بينة بأنه بريء من المرض ثم مات تعارضت البينتان وسقطتا ورق العبدان لأن بينة أحدهما أثبتت الموت من مرضه ونفت البرء منه والأخرى أثبتت البرء من مرضه ونفت موته منه فتعذر الجمع بينهما فتعارضتا وسقطتا وبقي العبدان على الرق .
فصل : وإن اختلف المتبايعان في قدر الثمن أو اختلف المتكاريان في قدر الأجرة أو في مدة الإجارة فإن لم يكن بينة فالحكم في التحالف والفسخ على ما ذكرناه في الفسخ في البيع وإن كان لأحدهما بينة قضي له وإن كان لكل واحد منهما يبنة نظرت فإن كانتا مؤرختين بتاريخين مختلفين قضى بالأول منهما لأن العقد الأول يمنع صحة العقد الثاني وإن كانتا مطلقتين أو مؤرختين تاريخا واحدا أو إحداهما مطلقة والأخرى مؤرخة فهما متعارضتان وفيهما قولان : أحدهما أنهما يستعملان فيقرع بينهما فمن خرجت له القرعة قضي له ولا يجيء القول بالوقف لأن العقود لا توقف ولا يجيء القول بالقسمة لأنهما يتنازعان في عقد والعقد لا يمكن قسمته وخرج أبو العباس قولا آخر أنه إذا كان الاختلاف في قدر المدة أو في قدر الأجرة قضي بالبينة التي توجب الزيادة كما لو شهدت بينة أن لفلان عليه ألفا وشهدت بينة أن له عليه ألفين وهذا خطأ لأن الشهادة بالألف لا تنفي الزيادة عليه فلم يكن بينها وبين بينة الأخرى تعارض وههنا أحد البينتين ينفي ما شهدت به البينة الأخرى لأنه إذا عقد بأحد العوضين لم يجز أن يعقد بالعوض الآخر فتعارضتا .
فصل : إذا ادعى رجلان دارا في رجل وعزيا الدعوى إلى سبب يقتضي اشتراكهما كالإرث عن ميت والابتياع في صفقة فأقر المدعى عليه بنصفها لأحدهما شاركه الآخر لأن دعواهما تقتضي اشتراكهما في كل جزء منهما ولهذا لو كان طعاما فهلك بعضه كان هالكا منهما وكان الباقي بينهما فإذا جحد النصف وأقر بالنصف جعل المجحود بينهما والمقر به بينهما وإن ادعيا ولم يعزيا إلى سبب فأقر لأحدهما بنصفها لم يشاركه الآخر لأن دعواه لا تقتضي الاشتراك في كل جزء منه .
فصل : وإن ادعى رجلان دارا في يد ثالث لكل واحد منهما نصفها وأقر الذي هي في يده بجميعها لأحدهما نظرت فإن كان قد سمع من المقر له الإقرار للمدعي الآخر بنصفها لزمه تسليم النصف إليه لأنه أقر بذلك فإذا صار إليه لزمه حكم إقراره كرجل أقر لرجل بعين ثم صارت العين في يده وإن لم يسمع منه إقرار فادعى جميعها حكم له بالجميع لأنه يجوز أن يكون لجميع له ودعواه للنصف صحيح لأن من له الجميع فله النصف ويجوز أن يكون قد خص النصف بالدعوى لأن على النصف بينة أو يعلم أنه مقر له بالنصف وتنتقل الخصومة إليه مع المدعي الآخر في النصف وإن قال الذي في يده الدار نصفها لي والنصف الآخر لا أعلم لمن هو ففيه ثلاثة أوجه : أحدها أنه يترك النصف في يده لأنه أقر لمن لا يدعيه فبطل الإقرار وبقي على ملكه والثاني أن الحاكم ينتزعه منه ويكون عنده لأن الذي في يده لا يدعيه والمقر له لا يدعيه فأخذه الحاكم للحفظ كالمال الضال والثالث أنه يدفع إلى المدعي الآخر لأنه يدعيه وليس له مستحق آخر وهذا خطأ لأنه حكم بمجرد الدعوى .
فصل : إذا مات رجل وخلف ابنا مسلما وابنا نصرانيا وادعى كل واحد منهما أنه مات أبوه على دينه وأنه يرثه وأقام على ما يدعيه بينة فإن عرف أنه كان نصرانيا نظرت فإن كانت البينتان غير مؤرختين حكم ببينة الإسلام لأن من شهد بالنصرانية شهد بالأصل والذي شهد بالإسلام شهد بأمر حادث خفي على من شهد بالنصرانية فقدمت شهادته كما تقدم بينة الجرح على بينة التعديل فإن شهدت إحداهما بأنه مات وآخر كلامه الإسلام وشهدت الأخرى بأنه مات وآخر كلامه النصرانية فهما متعارضتان وفيهما قولان : أحدهما أنهما يسقطان فيكون كما لو مات ولا بينة فيكون القول قول النصراني لأن الظاهر معه والثاني أنهما يستعملان فإن قلنا بالقرعة أقرع بينهما فمن خرجت له القرعة ورث وإن قلنا بالوقف وقف وإن قلنا بالقسمة ففيه وجهان : أحدهما أنه يقسم كما يقسم في غير الميراث والثاني وهو قول أبي إسحاق أنه لا يقسم لأنه إذا قسم بينهما تيقن الخطأ في توريثهما وفي غير الميراث يجوز أن يكون المال مشتركا بينهما فقسم وإن لم يعرف أصل دينه تعارضت البينتان سواء كانتا مطلقتين أو مؤرختين وفيها قولان : أحدهما أنهما تسقطان فإن كان المال في يد غيرهما فالقول قول من في يده المال وإن كان في يديهما كان بينهما وإن قلنا أنهما يستعملان فإن قلنا يقرع أقرع بينهما وإن قلنا يوقف وقف إلى أن ينكشف وإن قلنا يقسم قسم وقال أبو إسحاق لا يقسم لأنه يتيقن الخطأ في توريثهما والمنصوص أنه يقسم وما قاله أبو إسحاق خطأ لأنه يجوز أن يموت وهو نصراني فورثه ابناه وهما نصرانيان : ثم أسلم أحدهما وادعى أن أباه مات مسلما ليأخذ الجميع ويغسل الميت ويصلي عليه في المسائل كلها ويدفن في مقابر المسلمين وينوي بالصلاة عليه وإن كان مسلما كما قلنا في موتى المسلمين إذا اختلطوا بموتى الكفار .
فصل : وإن مات رجل وخلف ابنين واتفق الابنان أن أباهما مات مسلما وأن أحد الابنين أسلم قبل موت الأب واختلفا في الآخر فقال : أسلمت أنا أيضا قبل موت أبي فالميراث بيننا وأنكر الآخر فالقول قول المتفق على إسلامه لأن الأصل بقاؤه على الكفر ولو اتفقا على إسلامهما واختلفا في وقت موت الأب فقال أحدهما : مات أبي قبل إسلامك فالميراث لي وقال الآخر : بل مات بعد إسلامي أيضا فالقول قول الثاني لأن الأصل حياة الأب وإن مات رجل وخلف أبوين كافرين وابنين مسلمين فقال الأبوان مات كافرا وقال الابنان : مات مسلما فقد قال أبو العباس يحتمل قولين : أحدهما أن القول قول الأبوين لأنه إذا ثبت أنهما كافران كان الولد محكوما بكفره إلى أن يعلم الإسلام والثاني أن الميراث بوقف إلى أن يصطلحوا أو ينكشف الأمر لأن الولد إنما يتبع الأبوين في الكفر قبل البلوغ فأما بعد البلوغ فله حكم نفسه ويحتمل أنه كان مسلما ويحتمل أنه كان كافرا فوقف الأمر إلى أن ينكشف .
فصل : وإن مات رجل وله ابن حاضر وابن غائب وله دار في يد رجل فادعى الحاضر أن أباه مات وأن الدار بينه وبين أخيه وأقام بينة من أهل الخبرة بأنه مات وأنه لا وارث له سواهما انتزعت الدار ممن هي في يده ويسلم إلى الحاضر نصفها وحفظ النصف للغائب وإن كان له دين في الذمة قبض الحاضر نصفه وفي نصيب الغائب وجهان : أحدهما أنه يأخذه الحاكم ويحفظ عليه كالعين والثاني أنه لا يأخذه لأن كونه في الذمة أحفظ له لا يطالب الحاضر فيما يدفع إليه بضمين لأن في ذلك قدحا في البينة وإن لم تكن البينة من أهل الخبرة الباطنة أو كانت من أهل الخبرة إلا أنها لم تشهد بأنها لا تعرف له وارثا سواه لم يدفع إليه شيء حتى يبعث الحاكم إلى البلاد التي كان يسافر إليها فيسأل هل له وارث آخر ؟ فإذا سأل ولم يعرف له وارث غيره دفع إليه قال الشافعي C : يأخذ منه ضمينا وقال في الأم : وأحب أن يأخذ منه ضمينا فمن أصحابنا من قال فيه قولان : أحدهما أنه يجب أخذ الضمين لأنه ربما ظهر وارث آخر والثاني أنه يستحب ولا يجب لأن الظاهر أنه لا وارث له غيره ومنهم من قال : إن كان الوارث ممن يحجب كالأخ والعم وجب وإن كان ممن لا يحجب كالابن استحب لأن من لا يحجب يتيقن أنه وارث ويشك فيمن يزاحمه فلم يترك اليقين بالشك ومن يحجب يشك في إرثه وحمل القولين على هذين الحالين ومنهم من قال إن كان الوارث غير مأمون وجب لأنه لا يؤمن أن يضيع حق من يظهر وإن كان مأمونا لم يجب لأنه لا يضيع حق من يظهر وحمل القولين على هذين الحالين وإن كان الوارث ممن له فرض لا ينقص كالزوجين فإن شهد الشهود أنه لا وارث له سواه وهم من أهل الخبرة دفع إليه أكمل الفرضين ولا يؤخذ منه ضمين وإن لم يشهدوا أنه لا وارث له سواه أو شهدوا بذلك ولم يكونوا من أهل الخبر دفع إليه أنقص الفرضين فإن كان زوجا دفع إليه ربع المال عائلا وإن كان زوجة دفع إليها ربع الثمن عائلا ويوقف الباقي فإن لم يظهر وارث آخر دفع إليه الباقي .
فصل وإن ماتت امرأة وابنها فقال زوجها : ماتت فورثها الابن ثم مات الابن فورثته وقال أخوها : بل مات الابن أولا فورثته الأم ثم ماتت فورثتها لم يورث ميت من ميت بل يجعل مال الابن للزوج ومال المرأة للزوج والأخ لأنه لا يرث إلا من تيقن حياته عند موت مورثه وههنا لا تعرف حياة واحد من الميتين عند موت مورثه فلم يورث أحدهما من الآخر كالغرقى .
فصل : وإن مات رجل وله دار وخلف ابنا وزوجة فادعى الابن أنه تركها ميراثا وادعت الزوجة أنه أصدقها الدار وأقام كل واحد منهما بينة قدمت بينة الزوجة على بينة الإرث لأن بينة الإرث تشهد بظاهر الملك المتقدم وبينة الصداق تشهد بأمر حادث على الملك خفي على بينة الإرث .
فصل : وإن تداعى رجلان حائطا بين داريهما فإن كان مبنيا على تربيع إحادهما مساويا لها في السم والحد ولم يكن بناؤه مخالفا لبناء الدار الأخرى ولم تكن بينة لأحدهما فالقول قول من بنى على تربيع داره لأن الظاهر أنه بني لداره وإن كان لأحدهما أزج فالقول قوله لأن الظاهر أنه بني للأزج وإن كان مطلقا وهو الذي لم يقصد به سوى السترة ولم تكن بينة حلفا وجعل بينهما لأنه متصل بالملكين اتصالا واحدا وإن كان لأحدهما عليه جذوح ولم يقدم على الآخر بذلك لأنهما لو تنازعا فيه قبل وضع الجدوع كان بينهما ووضع الجدوع يجوز أن يكون بإذن من الجار أو بقضاء حاكم يرى وضع الجدوع على حائط الجار بغير رضاه يلزم ما تيقناه بأمر محتمل كما لو مات رجل عن دار ثم وجد الدار في يد أجنبي .
فصل : وإن تداعى صاحب السفل وصاحب العلو السقف ولا بينة حلف كل واحد منهما وجعل بينهما لأنه حاجز توسط ملكيهما فكان بينهما كالحائط بين الدارين فإن تنازعا في الدرجة فإن كان تحتها مسكن فهي بينهما لأنهما متساويان في الانتفاع بها وإن كان تحتها موضع جب ففيه وجهان : أحدهما أنهما يحلفان ويجعل بينهما لأنهما يرتقفان بها والثاني أنه يحلف صاحب العلو ويقضي له لأن المقصود بها منفعة صاحب العلو وإن تداعيا سلما منصوبا حلف صاحب العلو وقضي له لأنه يختص بالانتفاع به في الصعود وإن تداعيا صحن الدار نظرت فإن كانت الدرجة في الدهليز ففيه وجهان : أحدهما أنها بينهما لأن لكل واحد منهما يدا ولهذا لو تنازعا في أصل الدار كانت بينهما والثاني أنه لصاحب السفل لأنها في يده ولهذا يجوز أن تمنع صاحب العلو من الاستطراق فيها .
فصل : وإن تداعى رجلان مسناة بين نهر أحدهما وأرض الآخر حلفا وجعل بينهما لأن فيها منفعة لصاحب النهر لأنها تجمع الماء في النهر ولصاحب الأرض منها منفعة لأنها تمنع الماء من أرضه .
فصل : وإن تداعى رجلان دابة وأحدهما راكبها والآخر آخذ بلجامها حلف الراكب وقضى له وقال أبو إسحاق C هي بينهما لأن كل واحد منهما لو انفرد لكانت له والصحيح هو الأول لأن الراكب هو المنفرد بالتصرف فقضي له وإن تداعيا عمامة وفي يد أحدهما منها ذراع وفي يد الآخر الباقي حلفا وجعلت بينهما لأن يد كل واحد منهما ثابتة على العمامة وإن تداعيا عبدا ولأحدهما عليه ثياب حلف وجعل بينهما ولا يقدم صاحب الثياب لأن منفعة الثياب تعود إلى العبد لا إلى صاحب الثياب .
فصل : وإن كان في يد رجل عبد بالغ عاقل فادعى أنه عبده فإن صدقه حكم له بالملك وإن كذبه فالقول قوله مع يمينه لأن الظاهر الحرية وإن كان طفلا لا يميز فالقول قول المدعي لأنه لا يعبر عن نفسه وهو في يده فهو كالبهيمة وإن بلغ هذا الطفل فقال لست بمملوك له لم يقبل قوله لأنا حكمنا له بالملك فلا يسقط بإنكاره وإن جاء رجل فادعى أنه ابنه لم يثبت نسبه بمجرد دعواه لأن فيه إضرارا بصاحب الملك لأنه ربما يعتقه فيثبت له عليه الولاء وإذا ثبت نسب لمن يدعي النسب سقط حق ولائه وإن كان مراهقا وادعى أنه مملوكه مع إنكاره كالبالغ والثاني أنه يحكم له بالملك وهو الصحيح لأنه لا حكم لقوله .
فصل : وإن تداعى الزوجان متاع البيت الذي يسكنانه ولا بينة حلفا وجعل الجميع بينهما نصفين لأنه في يدهما فجعل بينهما كما لو تداعيا الدار التي يسكنان فيها وإن تداعى المكري والمكتري المتاع الذي في الدار المكراة فالقول قول المكتري لأن يده ثابتة على ما في الدار وإن تداعيا سلما غير مسمر فهو للمكتري لأنها متصلة بالدار فصارت كأجزائها وإن كانت غير مسمرة فقد قال الشافعي C بأنهما يتحالفان وتجعل بينهما لأن الرفوف قد تترك في العادة وقد تنقل عنها فيجوز أن تكون للمكتري ويجوز أن تكون للمكري فجعل بينهما .
فصل : ومن وجب له حق على رجل وهو غير ممتنع من دفعه لم يجز لصاحب الحق أن يأخذ من ماله حقه بغير إذنه لأن الخيار فيما يقضي به الدين إلى من عليه الدين ولا يجوز أن يأخذ إلا ما يعطيه وإ أخذ بغير إذنه لزمه رده فإن تلف ضمنه لأنه أخذ مال غيره بغير حق وإن كان ممتنعا من أدائه فإن لم يقدر على أخذه بالحاكم فله أن يأخذ من ماله لقوله A : [ لا ضرر ولا إضرار ] وفي منعه من أخذ ماله في هذا الحال إضرار به وإن كان يقدر على أخذه بالحاكم بأن تكون له عليه بينة ففيه وجهان : أحدهما أنه لا يجوز أن يأخذه لأنه يقدر على أخذه بالحاكم فلم يجز أن يأخذه بنفسه والثاني وهو المذهب أنه يجوز لأن هندا قالت يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح وأنه لا يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما آخذه سرا فقال عليه السلام : [ وخذي ما يكفيك وولدك بالمعروف ] فأذن لها في الأخذ مع القدرة على الأخذ بالحاكم ولأن عليه في المحاكمة مشقة فجاز له أخذه فإن كان الذي قدر عليه من جنس حقه أخذ قدر حقه وإن كان من غير جنسه أخذه ولا يجوز أن يتملكه لأنه من غير جنس ماله فلا يجوز أن يتملكه ولكن يبيعه ويصرف ثمنه في حقه وفي كيفية البيع وجهان : أحدهما أنه يواطئ رجلا ليقر له بحق وأنه ممتنع من أدائه فيبيع الحاكم المال عليه والثاني وهو المذهب أنه يبيع المال بنفسه لأنه يتعذر عليه أن يثبت الحق عند الحاكم وأنه ممتنع من بيعه فملك بيعه بنفسه فإن تلفت العين قبل البيع ففيه وجهان : أحدهما أنها تتلف من ضمان من عليه الحق ولا يسقط دينه لأنها محبوسة لاستيفاء حقه منها فكان هلاكها من ضمان المالك كالرهن والوجه الثاني أنها تتلف من ضمان صاحب الحق لأنه أخذها بغير إذن المالك فتلفت من ضمانه بخلاف الرهن فإنه أخذه بإذن المالك فتلف من ضمانه