وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

تابع كتاب السير .
فصل : و يجوز قتل ما يقاتلون عليه من الدواب لما روي أن حنظلة بن الراهب عقر بأبي سفيان فرسه فسقط عنه فجلس على صدره فجاء ابن شعوب فقال : .
( لأحمين صاحبي و نفسي ... بطعنة مثل شعاع الشمس ) .
فقتل حنظلة و استنقذ أبا سفيان و لم ينكر النبي صلى الله عليه و سلم فعل حنظلة و لأن بقتل الفرس يتوصل إلى قتل الفارس .
فصل : و ان احتيج الى تخريب منازلهم و قطع أشجارهم ليظفروا بهم جاز ذلك و إن لم يحتج إليه نظرت فإن لم يغلب على الظن أنها تملك عليهم جاز فعله وتركه وإن غلب على الظن أنها تملك عليهم ففيه وجهان أحدهما : لا يجوز لأنها تصير غنيمة فلا يجوز إتلافها و الثاني أن الأولى أن لا يفعل فإن فعل جاز لما روى ابن عمر Bه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم حرق على بني النضير و قطع البويرة فأنزل الله عز و جل : { ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله و ليخزي الفاسقين } .
فصل : و يجوز للمسلم أن يأمن من الكفار آحادا لا يتعطل بأمانهم الجهاد في ناحية كالواحد و العشرة و المائة و أهل القلعة لما روي عن علي كرم الله وجهه أنه قال : ما عندي شيء إلا كتاب الله عز و جل و هذه الصحيفة عن النبي صلى الله عليه و سلم أن ذمة المسلمين واحدة فمن أخفر مسلما فعليه لعنة الله و الملائكة و الناس أجمعين و يجوز للمرأة من ذلك ما يجوز للرجل لما روى ابن عباس Bه عن أم هانئ Bها أنها قالت : يا رسول الله يزعم ابن أمي أنه قاتل من أجرت فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : [ قد أجرت من أجرت يا أم هانئ ] و يجوز ذلك للعبد لما روى عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : [ يجير على المسلمين أدناهم ] و روى فضل بن يزيد الرقاشي قال : جهز عمر بن الخطاب Bه جيشا كنت فيه فحصرنا قرية من قرى رام هرمز فكتب عبد منا أمانا في صحيفة و شدها مع سهم و رمى بها إليهم فأخذوها و خرجوا بأمانة فكتب بذلك الى عمر Bه فقال العبد المسلم رجل من المسلمين ذمته منهم و لا يصح ذلك من صبي و لا مجنون و لا مكره لأنه عقد فلم يصح منهم كسائر العقود فإن دخل مشرك على أمان واحد منهم فإن عرف أن أمانه لا يصح حل قتله لأنه حربي و لا أمان له و إن لم يعرف أن أمانه لا يصح فلا يحل قتله إلى أن يرجع الى مأمنه لأنه دخل على أمان و يصح الأمان بالقول و هو أن يقول أمنتك أو أجرتك أو أنت آمن أو مجار أو لا بأس عليك أو لا خوف عليك أو لا تخف أو مترس بالفارسية و ما أشبه ذلك لأن النبي صلى الله عليه و سلم قال يوم فتح مكة : [ من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ] و قال لأم هانئ : [ قد أجرت من أجرت ] و قال أنس لعمر Bه في قصة هرمز أن ليس لك إلا قتله من سبيل قلت له تكلم لا بأس عليك فأمسك عمر و روى زر عن عبد الله أنه قال : إن الله يعلم كل لسان فمن أتى منكم أعجميا و قال مترس فقد أمنه و يصح الأمان بالإشارة لما روى أبو سلمة قال : قال عمر Bه : و الذي نفس عمر بيده لو أن أحدكم أشار بأصبعه إلى مشرك ثم نزل إليه على ذلك ثم قتله لقتلته فإن أشار إليه الأمان ثم قال لم أرد الأمان قبل قوله لأنه أعرف بمل أراده و بعرف المشرك أنه لا أمان له و لا يتعرض له إلى أن يرجع الى مأمنه لأنه دخل على أنه آمن و إن أمن مشركا فرد الأمان لم يصح الأمان لأنه إيجاب حق لغيره بعقد فلم يصح مع الرد كالإيجاب في البيع و الهبة و إن أمن أسيرا لم يصح الأمان لأنه يبطل ما ثبت الإمام فيه من الخيار بين القتل و الاسترقاق و المن و الفداء و إن قال كنت أمنته قبل الأسر لم يقبل قوله لأنه لا يملك عقد الأمان في هذه الحال فلم يقبل إقراره به .
فصل : و إن أسر امرأة حرة أو صبيا حرا رق بالأسر لأن النبي صلى الله عليه و سلم قسم سبي بني المصطلق و اصطفى صفية من سبي خيبر و قسم سبي هوازن ثم استنزلته هوازن فنزل و استنزا الناس فنزلوا و إن أسر حر بالغ من أهل القتال فللإمام أن يختار ما يرى من القتل أو الاسترقاق و المن و الفداء فإن رأى القتل قتل لقوله عز و جل : { فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم } ولأن النبي صلى الله عليه و سلم قتل يوم بدر ثلاثة من المشركين من قريش مطعم بن عدي و النضر بن الحارث و عقبة بن أبي معيط و قتل يوم أحد أبا عزة الجمحي و قتل يوم الفتح ابن خطل و إن رأى المن عليه جاز لقوله عز و جل : { فإما منا بعد و إما فداء } و لأن النبي صلى الله عليه و سلم من على أبي عزة الجمحي و من على ثمامة الحنفي و من على أبي العاص ابن الربيع و إن رأى أن يفادي بمال أو بمن أسرى من المسلمين فادى به لقوله عز و جل { فإما منا بعد و إما فداء } و روى عمران بن الحصين Bه أن النبي صلى الله عليه و سلم فادى أسيرا من عقيل برجلين من أصحابه أسرتهما ثقيف و إن رأى أن يسترقه فإن كان من غير العرب نظرت فإن كان ممن له كتاب أو شبه كتاب استرقه لما روي عن ابن عباس أنه قال في قوله عز و جل { ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض } و ذلك يوم بدر و المسلمين يومئذ قليل فلما كثروا و اشتد سلطانهم أمر الله عز و جل في الأسارى فإما منا بعد و إما فداء فجعل الله سبحانه و تعالى للنبي صلى الله عليه و سلم و المؤمنين في أمر الأسارى بالخيار إن شاءوا قتلوا و إن شاءوا استعبدوهم و إن شاءوا فادوهم فإن كان من عبدة الأوثان ففيه وجهان أحدهما : و هو قول أبي سعيد الإصطخري أنه لا يجوز استرقاقهم لأنه لا يجوز إقراره على الكفر بالجزية فلم يجز الاسترقاق كالمرتد و الثاني أنه يجوز لما رويناه عن ابن عباس و لأن من جاز المن عليه في الأسر جاز استرقاقه كأهل الكتاب و إن كان من العرب ففيه قولان قال في الجديد يجوز استرقاقه و المفاداة به و هو الصحيح لأن من جاز المن عليه و المفاداة به من الأسارى جاز استرقاقه كغير الغرب و قال في القديم لا يجوز استرقاقه لما روى معاذ Bه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال يوم حنين لو كان استرقاق ثابتا على العرب لكان اليوم و إنما هو أسر و فداء فإن تزوج عربي بأمة فأتت منه بولد فعلى القول الجدبد الولد مملوك و على القديم الولد حر و لا ولاء عليه لأنه حر من الأصل .
فصل : و لا يختار الإمام في الأسير من القتل و الاسترقاق و المن و الفداء إلا ما فيه الحظ للإسلام و المسلمين لأنه ينظر لهما فلا يفعل إلا ما فيه الحظ لهما فان بذل الأسير الجزية و طلب أن تعقد له الذمة و هو ممن يجوز أن تعقد له الذمة ففيه وجهان : أحدهما أنه يجب قبولها كما يجب إذا بذل و هو في غير الأسر و هو ممن يجوز أن تعقد لمثله الذمة و الثاني أنه لا يجب لأنه يسقط بذلك ما ثبت من اختيار القتل و الاسترقاق و المن و الفداء و إن قتله مسلم قبل أن يختار الإمام ما يراه عزر القاتل لافتياته على الإمام و لا ضمان عليه لأنه حربي لا أمان له و إن أسلم حقن دمه لقوله صلى الله عليه و سلم : [ أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله الا الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم و أموالكم إلا بحقها ] و هل يرق الإسلام أو يبقى الخيار فيه بين الاسترقاق و المن و الفداء فيه قولان : أحدهما أنه يرق بنفس الإسلام و يسقط الخيار في الباقي لأنه أسير لا يقتل فرق الصبي و المرأة و الثاني أنه لا يرق بل يبق الخيار في الباقي لما روى عمران بن الحصين Bه أن الأسير العقيلي قال : يا محمد إني مسلم ثم فاداه برجلين ولأن ما ثبت الخيار فيه بين أشياء إذا سقط أحدهما لم يسقط الخيار في الباقي ككفارة اليمين إذا عجز فيها عن العتق فعلى هذا اذا اختار الفداء لم يجز أن يفادى به إلا أن يكون له عشيرة يأمن معهم على دينه و نفسه و إن أسر شيخ لا قتال فيه و لا رأي له في الحرب فإن قلنا أنه يجوز قتله فهو كغيره في الخيار بين القتل و الاسترقاق و المن و الفداء و إن قلنا لا يجوز قتله فهو كغيره إذا أسلم في الأسر و قد بيناه .
فصل : و إن رأى الإمام القتل ضرب عنقه لقوله عز و جل : { فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب } و لا يمثل به لما روى بريدة قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا أمر أميرا على جيش أو سرية قال : [ اغزوا بسم الله قاتلوا من كفر بالله و لا تغدروا و لا تمثلوا و لا تغلوا ] و يكره حمل رأس من قتل من الكفار الى بلاد المسلمين لما روى عقبة بن عامر أن شرحبيل بن حسنة و عمرو بن العاص بعثا بريدا إلى أبي بكر الصديق Bه برأس بناق البطريق فقال أتحملون الجيف الى مدينة رسول الله صلى الله عليه و سلم ؟ قلت يا خليفة رسول الله إنهم يفعلون بنا هكذا قال لا تحملوا منهم إلينا شيئا و إن اختار استرقاقه كان للغانمين و إن فاداه بمال كان للغانمين و إن أراد أن يسقط منهم شيئا من المال لم يجز الا برضا الغانمين لما روى عروة بن الزبير أن مروان بن الحكم و المسور بن مخرمة أخبراه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم جاءه وفد هوازن مسلمين فقال : [ إن أخوانكم هؤلاء جاؤونا تائبين و إني قد رأيت أن أرد إليهم فمن أحب منكم أن يطيب ذلك فليفعل و من أحب منكم أن يكون على حقه حتى نعطيه غياه من أول ما يفيء الله علينا فليفعل ] فقال الناس قد طيبنا لك يا رسول الله قال الزهري أخبرني سعيد بن المسيب و عروة بن الزبير أن رسول الله صلى الله عليه و سلم رد ستة آلاف سبي من سبي هوازن من النساء و الصبيان و الرجال الى هوازن حين أسلموا و إن أسر عبد فرأى الإمام أن يمن عليه لم يجز إلا برضا الغانمين و إن رأى قتله لشره و قوته قتله و ضمن قيمته للغانمين لأنه مال لهم .
فصل : و إن دعا مشرك الى المبارزة فالمستحب أن يبرز إليه مسلم لما روي أن عتبة وشيبة ابني ريبعة و الوليد بن عتبة دعوا الى المبارزة فبرز إليهم حمزة بن عبد المطلب و علي بن أبي طالب و عبيدة بن الحارث و لأنه إذا لم يبرز إليه أحد ضعفت قلوب المسلمين و قويت قلوب المشركين فإن بدأ المسلم و دعا الى المبارزة لم يكره و قال أبو علي بن أبي هريرة يكره لأنه ربما قتل و انكسرت قلوب المسلمين و الصحيح أنه لا يكره لما روى أبو هريرة Bه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم سئل عن المبارزة بين الصفين فقال : [ لا بأس ] و يستحب أن لا يبارز الأقوى في الحرب لأنه إذا بارز ضعيف لم يأمن أن يقتل فيضعف قلوب المسلمين و إن بارز ضعيف جاز و من أصحابنا من قال : لا يجوز لأن القصد من المبارزة إظهار القوة و ذلك لا يحصل من مبارزة الضعيف و الصحيح هو الأول لأن التغرير بالنفس يجوز في الجهاد و لهذا يجوز للضعيف أن يجاهد كما يجوز للقوي و المستحب أن لا يبارز إلا بإذن الأمير ليكون ردءا له إذا احتاج فإن بارز بغير إذنه جاز و من أصحابنا من قال : لا يجوز لأنه لا يؤمن أن يتم عليه ما ينكسر به الجيش و الصحيح أنه يجوز لأن التغرير بالنفس في الجهاد جائز و إن بارز مشرك مسلما نظرت فإن بارز من غير شرط جاز لكل أحد أن يرميه لأنه حربي لا أمان له و إن شرط أن لا يقابله غير من برز إليه لم يجز رميهم و فاء بشرطه فإن ولى عنه مختارا أو مثخنا أو ولى عنه المسلم مختارا أو مثخنا جاز لكل أحد رميه لأنه شرط الأمان في حال القتال و قد انقضى القتال فزال الأمان وإن استنجد المشرك أصحابه في حال القتال فانجدوه أو بدأ المشركون بمعاونته فلم يمنعهم جاز لكل أحد رميه لأنه نقض الأمان و إن أعانوه فمنعهم فلم يقبلوا منه فهو على أمانه لأنه لم ينقض الأمان و لا انقضى القتال و إن لم يشترط و لكن العادة في المبارزة أن لا يقاتله غير من يبرز إليه فقد قال بعض أصحابنا أنه يستحب أن لا يرميه غيره و عندي أنه لا يجوز لغيره رميه و هو ظاهر النص لأن العادة كالشرط فإن شرط أن لا يقاتله غيره و لا يتعرض له إذا انقضى القتال حتى يرجع الى موضعه وفى له بالشرط فان ولى عنه المسلم فتبعه ليقتله جاز لكل أحد أن يرميه لأنه نقض الشرط فسقط أمانه .
فصل : و إن غرر بنفسه من له سهم في قتل كافر مقبل على الحرب فقتله استحق سلبه لما روى أبو قتادة قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم يوم حنين فرأيت رجلا من المشركين علا رجلا من المسلمين فاستدرت له حتى أتيته من ورائه فضربته على حبل عاتقه فأقبل علي فضمني ضمة و جدت منها ريح الموت ثم أدركه الموت فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : [ من قتل قتيلا له عليه بينة فله سلبه ] فقصصت عليه فقال رجل صدق يا رسول الله و سلب ذلك الرجل عندي فأرضه فقال أبو بكر Bه لاها الله إذا لا يعمد الى أسد من أسد الله تعالى يقاتل عن دين الله فيعطيك سلبه فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : [ صدق فأعطه إياه ] فأعطاني إياه فبعث الدرع فابتعت به مخرفا في بني سلمة و إنه لأول مال تأثلته في الإسلام فإن كان ممن لا حق له في الغنيمة كالمخذل و الكافر إذا حضر من غير إذن لم يستحق لأنه لا حق له في السهم الراتب فلأن لا يستحق السلب و هو غير راتب أولى فإن كان ممن يرضخ له كالصبي و المراة و الكافر إذا حضر بالإذن ففيه وجهان : أحدهما أنه لا يستحق لما ذكرناه و الثاني أنه يستحق لأن له حقا في الغنيمة فأشبه من له سهم و إن لم يغرر بنفسه في قتله بأن رماه من وراء الصف فقتله لم يستحق سلبه و إن قتله و هو غير مقبل على الحرب كالأسير و المثخن و المنهزم لم يستحق سلبه و قال أبو ثور : كل مسلم قتل مشركا استحق سلبه لما روى أنس Bه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : [ من قتل كافرا فله سلبه ] و لم يفصل و هذا لا يصح لأن ابن مسعود Bه قتل أبا جهل و كان قد أثخنه غلامان من الأنصار فلم يدفع النبي صلى الله عليه و سلم سلبه الى ابن مسعود و إن قتله و هو مول ليكر استحق السلب لأن الحرب كر و فر و إن اشترك اثنان في القتل اشتركا في السلب لاشتراكهما في القتل و إن قطع أحدهما يديه أو رجليه و قتله الآخر ففيه قولان : أحدهما أن السلب للأول لأنه عطله و الثاني أن السلب للثاني لأنه هو الذي كف شره دون الأول لأن بعد قطع اليدين يمكنه أن يعدو أو يجلب و بعد قطع الرجلين يمكنه أن يقاتل إذا ركب و إن غرر من له سهم فأسر رجلا مقبلا على الحرب و سلمه الى الإمام حيا ففيه قولان : أحدهما لا يستحق سلبه لأنه لم يكف شره بالقتل و الثاني أنه يستحق لأن تغريره بنفسه في أسره و منعه من القتال أبلغ من القتل و إن من عليه الإمام أو قتله استحق الذي أسره سلبه و إن استرقه أو فاداه بمال بمال ففي رقبته و في المال المفادي به قولان : أحدهما أنه للذي أسره و الثاني أنه لا يكون له لأنه مال حصل بسبب تغريره فكان فيه قولان كالسلب .
فصل : و السلب ما كان يده عليه من جنة الحرب كالثياب التي يقاتل فيها و السلاح الذي يقاتل فيه و المركوب الذي يقاتل عليه فأما ما لا بد له عليه كخيمته و ما في رجله من السلاح و الكراع فلا يستحب سلبه لأنه ليس من السلب و أما ما في يده مما لا يقاتل به كالطوق و المنطقة و السوار و الخاتم و ما في وسطه من النفقة ففيه قولان : أحدهما أنه ليس من السلب لأنه ليس من جنة الحرب و الثاني أنه من السلب لأن يده عليه فهو كجنة الحرب و لا يخمس السلب لما روى عوف بن مالك و خالد بن الوليد Bهما أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قضى في السلب للقاتل ولم يخمس السلب .
فصل : و إن حاصر قلعة و نزل أهلها على حكم حاكم جاز لأن بني قريظة نزلوا على حكم سعد بن معاذ فحكم بقتل رجالهم و سبي نسائهم و ذراريهم فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : [ لقد حكمت فيهم بحكم الله تعالى من فوق سبعة أرقعة ] و يجب أن يكون الحاكم حرا مسلما ذكرا بالغا عاقلا عدلا عالما لأنه ولاية حكم فشرط فيها هذه الصفات كولاية القضاء و يجوز أن يكون أعمى لأن الذي يقتضي الحكم هو الذي يشتهر من حالهم و الذي يدرك بالسماع فصح من الأعمى كالشهادة فيما طريقه الاستفاضة و يكره أن يكون الحاكم حسن الرأي فيهم لميله إليهم و يجوز حكمه لأنه عدل في الدين و إن نزلوا على حكم حاكم يختاره الإمام جاز لأنه لا يختار الإمام إلا من يجوز حكمه و إن نزلوا على حكم من يختارونه لم يجز إلا أن يشترط أن يكون الحاكم على الصفات التي ذكرناها و إن نزلوا على حكم اثنين جاز لأنه تحكيم في مصلحة طريقها الرأي فجاز أن يجعل الى اثنين كالتحكيم في اختيار الإمام و إن نزلوا على حكم مثلا يجوز أن يكون حاكما أو على حكم من يجوز أن يكون حاكما فمات أو على حكم اثنين فماتا أو مات أحدهما وجب ردهم إلى القلعة لأنهم نزلوا على أمان فلا يجوز أخذهم إلا برضاهم و لا يحكم الحاكم إلا بما فيه مصلحة المسلمين من القتل و الاسترقاق و المن و الفداء و إن حكم بعقد الذمة و أخذ الجزية ففيه وجهان : أحدهما أنه لا يجوز إلا برضاهم لأنه عقد معاوضة فلا يجوز من غير رضاهم و الثاني يجوز لأنهم نزلوا على حكمه و إن حكم أن من أسلم منهم استرق و من أقام على الكفر قتل جاز و إن حكم بذلك ثم أراد أن يسترق من حكم بقتله لم يجز لأنه لم ينزل على هذا الشرط و إن حكم عليهم بالقتل ثم رأى هو أو الإمام أن يمن عليهم جاز لأن سعد بن معاذ Bه حكم بقتل رجال بني قريظة فسأل ثابت الأنصاري رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يهب له الزبير بن باطا اليهودي ففعل فإن حكم باسترقاقهم لم يجز أن يمن عليهم إلا برضا الغانمين لأنهم صاروا مالا لهم .
فصل : ومن أسلم من الكفار قبل الأسر عصم دمه وماله لما روى عمر Bه أن النبي A قال : [ أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها ] فإن كانت له منفعة بإجارة لم تملك عليه لأنها كالمال وإن كانت له زوجة جاز استرقاقها على المنصوص ومن أصحابنا من قال : لا يجوز كما لا يجوز أن يملك ماله ومنفعته وهذا خطأ لأن منفعة البضع ليست بمال ولا تجري مجرى المال ولهذا لا يضمن بالغصب بخلاف المال والمنفعة وإن كان له ولد صغير لم يجز استرقاقه لأن النبي A حاصر بني قريظة فأسلم ابنا شعية فأحرزا بإسلامهما أموالهما وأولادهما ولأنه مسلم فلم يجز استرقاقه كالأب وإن كان حمل من حربية لم يجز استرقاقه لأنه محكوم بإسلامه فلم يسترق كالولد وهل يجوز استرقاق الحامل فيه وجهان : أحدهما لا يجوز لأنه إذا لم يسترق الحمل لم يسترق الحامل ألا ترى أنه لما لم يجز بيع الحر لم يجز بيع الحامل به والثاني أنه يجوز لأنها حربية لا أمان لها .
فصل : وإن أسلم رجل وله ولد صغير تبعه الولد في الإسلام لقوله D : { والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم } [ الطور : 21 ] وإن أسلمت امرأة ولها ولد صغير تبعها في الإسلام لأنها أحد لأبوين فتبعها الولد في الإسلام كالأب وإن أسلم أحدهما والولد حمل تبعه في الإسلام لأنه لا يصح إسلامه بنفسه فتبع المسلم منهما كالولد وإن أسلم أحد الأبوين دون الآخر تبع الولد المسلم منهما لأن الإسلام أعلى فكان إلحاقه بالمسلم منهما أولى وإن لم يسلم واحد منهما فالولد كافر لما روى أبو هريرة Bه أن النبي A قال : [ كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أن ينصرانه أو يمجسانه ] فإن بلغ وهو مجنون فأسلم أحد أبويه تبعه في الإسلام لأنه لا يصح إسلامه بنفسه فتبع الأبوين في الإسلام كالطفل وإن بلغ عاقلا ثم جن ثم أسلم أحد أبويه ففيه وجهان : أحدهما أنه لا يتبعه لأنه زال حكم الإتباع ببلوغه عاقلا فلا يعود إليه والثاني أنه يتبعه وهو المذهب لأنه لا يصح إسلامه بنفسه فتبع أبويه في الإسلام كالطفل .
فصل : وإن سبى المسلم صبيا فإن كان معه أحد أبويه كان كافرا لما ذكرناه من حديث أبي هريرة Bه وإن سبى وحده ففيه وجهان : أحدهما إنه باق على حكم كفره ولا يتبع السابي في الإسلام وهو ظاهر المذهب لأن يد السابي يد ملك فلا توجب إسلامه كيد المشتري والثاني أنه يتبعه لأنه لا يصح إسلامه بنفسه ولا معه من يتبعه في كفره فجعل تابعا للسابي لأنه كالأب في حضانته وكفالته فتبعه في الإسلام .
فصل : وإن وصف الإسلام صبي عاقل من أولاد الكفار لم يصح إسلامه على ظاهر المذهب لما روى علي كرم الله وجهه أن النبي A قال : [ رفع القلم عن ثلاثة عن المجنون - المغلوب على علقله - حتى يفيق وعن النائم حتى يستيقظ وعن الصبي حتى يحتلم ] ولأنه غير مكلف فلم يصح إسلامه بنفسه كالمجنون فعلى هذا يحال بينه وبين أهله من الكفار إلى أن يبلغ لأنه إذا ترك معهم خدعوه وزهدوه في الإسلام فإن بلغ ووصف الإسلام حكم بإسلامه وإن وصف الكفر هدد وضرب وطولب بالإسلام وإن أقام على الكفر رد إلى أهله من الكفار ومن أصحابنا من قال يصح إسلامه لأنه يصح صومه وصلاته فصح إسلامه كالبالغ .
فصل : وإن سبيت امرأة ومعها ولد صغير لم يجز التفريق بينهما وقد بيناه في البيع وإن سبى رجل ومعه ولد صغير ففيه وجهان : أحدهما أنه لا يجوز التفريق بينهما لأنه أحد الأبوين فلم يفرق بينه وبين الولد الصغير كالأم والثاني أنه يجوز أن يفرق بينهما لأن الأب لا بد أن يفارقه في الحضانة لأنه لا يتولى حضانته بنفسه وإنما يتولاها غيره فلم يحرم التفريق بينهما بخلاق الأم فإنها لا تفارقه في الحضانة فإنه إذا فرق بينهما ولهت بمفارقته فحرم التفريق بينهما .
فصل : وإن سبى الزوجان أو أحدهما انفسخ النكاح لما روى أبو سعيد الخدري Bه قال : أصبنا نساء يوم أوطاس فكرهوا أن يقعوا عليهن فأنزل الله تعالى : { والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم } [ النساء : 24 ] فاستحللناهن قال الشافعي C : سبى رسول الله A أوطاس وبني المصطلق وقسم الفيء وأمر أن لا توطأ حامل حتى تضع ولا حائل حتى تحيض ولم يسأل عن ذات زوج ولا غيرها وإن كان الزوجان مملوكين فسبيا أو أحدهما فلا نص فيه والذي يقتضيه قياس المذهب أن لا ينفسخ النكاح لأنه لم يحدث بالسبي رق وإنما حدث انتقال الملك فلم ينفسخ النكاح كما لو انتقل الملك فيهما بالبيع ومن أصحابنا من قال ينفسخ النكاح لأنه ينفسخ النكاح كما لو انتقل الملك فيهما بالبيع ومن أصحابنا من قال ينفسخ النكاح لأنه حدث سبي يوجب الاسترقاق وإن صادف رقا كما أن الزنى يوجب الحد وإن صادق حدا .
فصل : إذا دخل الجيش دار الحرب فأصابوا ما يؤكل من طعام أو فاكهة أو حلاوة واحتاجوا إليه جاز لهم أكله من غير ضمان لما روى ابن عمر Bه قال : كنا نصيب من المغازي العسل والفاكهة فنأكله ولا نرفعه وسئل ابن أبي أوفى عن طعام خيبر فقال كان الرجل يأخذ منه قدر حاجته ولأن الحاجة تدعو إلى ما يؤكل ولا يوجد من يشتري منه مع قيام الحرب فجاز لهم الأكل وهل يجوز لهم الأكل من غير حاجة فيه وجهان : أحدهما وهو قول أبي علي بن أبي هريرة فإنه لا يجوز كما لا يجوز في غير دار الحرب أكل مال الغير بغير إذنه من غير حاجة والثاني أنه يجوز وهو ظاهر المذهب وهو قول أكثر أصحابنا لما روى عبد الله بن مغفل Bه قال : دلي جراب من شحم يوم خيبر فأتيته فالتزمته ثم قلت لا أعطي من هذا أحدا اليوم شيئا فالتقت فإذا برسول الله A يتبسم إلي ولو لم يجز أكل ما زاد على الحاجة لنهاه عن منع ما زاد على الحاجة ويخالف طعام الغير بأن ذلك لا يجوز أكله من غير ضرورة وهذا يجوز أكله من غير ضرورة قطعا وطعام الغير يأكله بعوض وهذا يأكله بغير عوض فجاز أكله من غير حاجة ولا يجوز لأحد منهم أن يبيع شيئا منه لأن حاجته إلى الأكل دون البيع وإن باع شيئا منه نظرت فإن باعه من بعض الغانمين وسمله إليه صار المشتري أحق به لأنه من الغانمين وقد حصل في يده ما يجوز له أخذه للأكل فكان أحق به فإن رده إلى البائع صار البائع أحق به لما ذكرناه في المشتري وإن باعه من غير الغانمين وسلمه إليه وجب على المشتري رده إلى الغنيمة لأنه ابتاعه لمن لا يملك بيعه وليس هو من الغانمين فيمسكه لحقه فوجب رده إلى الغنيمة .
فصل : ويجوز أن يعلف منه المركوب وما يحمل عليه رحله من البهائم لأن حاجته إليه كحاجته ولا يدهن منه شعره ولا شعر البهائم لأنه لا حاجة به إليه ولا يعلف منه ما معه من الجوارح كالصقر والفهد لأنه لا حاجة به إليه وإن خرج إلى دار الإسلام ومعه بقية من الطعام ففيه قولان : أحدهما أنه لا يلزمه ردها في المغنم لأنه مال اختص به من الغنيمة فلا يجب رده فيها كالسلب والثاني أنه يجب ردها لأنه إنما أجيز أخذه في دار الحرب للحاجة ولا حاجة إليه في دار الإسلام ومن قال إن كان كثيرا وجب رده قولا واحدا وإن كان قليلا فعلى القولين والصحيح هو الأول ولا يجوز تناول ما يصاب من الأدوية من غير حاجة وإن دعت الحاجة إليه جاز تناوله ويجب ضمانه لأنه ليس من الأطعمة التي يحتاج إليها في العادة ولا يجوز له لبس ما يصاب من الثياب لما روى رويفع بن ثابت الأنصاري Bه أن رسول الله A قال : [ من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يركب دابة من فيء المسلمين حتى إذا أعجفها ردها فيه ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يلبس ثوبا من فيء المسلمين حتى إذا أخلقه رده فيه ] ولأنه لا يحتاج إليه في العادة فإن لبسها لزمته أجرته لأنه كالغاصب .
فصل : ويجوز ذبح ما يؤكل للأكل ومن أصحابنا من قال لا يجوز والمذهب الأول لأنه مما يؤكل في العادة فهو كسائر الطعام ولا يجوز أن يعمل من أهبها حذاء ولا سقاء ولا دلاء ولا فراء فإن اتخذ منه شيئا من ذلك وجب رده في المغنم وإن زادت بالصنعة قيمته لم يكن له في الزيادة حق وإن نقص لزمه أرش ما نقص لأنه كالغاصب .
فصل ك وإن أصابوا كتبا فيها كفر لم يجز تركها على حالها لأن قراءتها والنظر فيها معصية وإن أصابوا كتبا والإنجيل لم يجز تركها على حالها أنه لا حرمة لها لأنها مبدلة فإن أمكن الانتفاع بما كتب عليه إذا غسل كالجلود غسل وقسم مع الغنيمة وإن لم يمكن الانتفاع به إذا غسل كالورق مزق ولا يحرق لأنه إذا حرق لم يكن له قيمة فإذا مزق كانت له قيمة فلا يجوز إتلافه على الغانمين .
فصل : وإذا أصابوا خمرا وجب إراقتها كما يجب إذا أصيبت في يد مسلم فإن أصابوا خنزيرا فقد نقل في سير الواقدي أنه يقتل إن كان به عدو فمن أصحابنا من قال إن كان فيه عدو قتل لما فيه من الضرر وإن لم يكن فيه عدو لم يقتل لأنه لا ضرر فيه ومنهم من قال : يجب قتله بكل حال لأنه يحرم الانتفاع به فوجب إتلافه كالخمر وإن أصابوا كلبا فإن كان عقورا قتل لما فيه من الضرر وإن كان فيه منعة دفع إلى من ينتفع به من الغانمين أو من أهل الخمس وإن لم يكن فيهم من يحتاج إليه خلي لأن اقتناءه لغير حاجة محرم وقد بيناه في البيوع .
فصل : وإن أصابوا مباحا لم يمكله الكفار كالصيد والحجر والحشيش والشجر فهو لمن أخذه كما لو وجده في دار الإسلام وإن وجد ما يمكن أن يكون للمسلمين ويمكن أن يكون للكفار كالسيف والقوس عرف سنة فإن لم يوجد صاحبه فهو غنيمة .
فصل : وإن فتحت أرض عنوة وأصيب فيها موات فإن لم يمنع الكفار عنها فهو لمن أحياه كموات دار الإسلام وإن منعوا عنها كان للغانمين لأنه يثبت لهم بالمنع عنها حق التملك فانتقل ذلك الحق إلى الغانمين كما لو تحجروا مواتا للإحياء ثم صارت الدار للمسلمين وإن فتحت صلحا على أن تكون الأرض لهم لم يجز للمسلمين أن يملكوا فيها مواتا بالإحياء لأن الدار لهم فلم يملك المسلم فيها بالإحياء .
فصل : وما أصاب المسلمين من مال الكفار وخيف أن يرجع إليهم ينظر فيه فإن كان غير الحيوان أتلف حتى لا ينتفعوا به ويتقووا به على المسلمين وإن كان حيوانا لم يجز إتلافه من غير ضرورة لما روى عبد الله بن عمرو بن العاص Bه أن رسول الله A قال : [ من قتل عصفورا فما فوقها بغير حقها سأله الله تعالى عن قتلها قيل : يا رسول الله وما حقها ؟ قال : أن تذبحها فتأكلها ولا تقطع رأسها فترمي به ] وإن دعت إلى قتله ضرورة بأن كان الكفار لا خيل لهم وما أصابه المسلمون خيل وخيف أن يأخذوه ويقاتلونا علي جاز قتله لأنه إذا لم يقتل أخذه الكفار وقاتلوا به المسلمين .
فصل : إذا سرق بعض الغانمين نصابا من الغنيمة فإن كان قبل إخراج الخمس لم يقطع لمعنيين أحدهما : أن له حقا في خمسها والثاني أن له حقا في أربعة أخماسها وإن سرق بعد إخراج الخمس نظرت فإن سرق من الخمس لم يقطع لأن له حقا فيه وإن سرق من أربعة أخماسها نظرت فإن سرق قدر حقه أو دونه لم يقطع لأن له في ذلك القدر شبهة وإن كان أكثر من حقه ففيه وجهان : أحدهما أنه يقطع لأنه لا شبهة له في سرقة النصاب والثاني أنه لا يقطع لأن حقه شائع في الجميع فلم يقطع فيه وإن كان السارق من غير الغانمين نظرت فإن كان قبل إخراج الخمس لم يقطع لأن له حقا في خمسها وإن كان بعد أخراج الخمس فإن سرق من الخمس لم يقطع لأن فيه حقا وإن سرق ذلك من أربعة أخماسها فإن كان في الغانمين من للسارق شبهة في ماله كالأب والابن لم يقطع لأن له شبهة فيما سرق وإن لم يكن له فيهم من له شبهة في ماله قطع لأنه لا شبهة له فيما سرق .
فصل : وإن وطئ بعض الغانمين جارية من الغنيمة لم يجب عليه الحد وقال أبو ثور : يجب وهذا خطأ لأن له فيها شبهة وهو حق التملك ويجب عليه المهر لأنه وطء يسقط فيه الحد على الموطوءة للشبهة فوجب المهر على الواطئ كالوطء في النكاح الفاسد وإن أحبلها ثبت النسب للولد وينقد الولد حرا للشبهة وهل تقسم الجارية في الغنيمة أو تقوم على الواطئ فيه طريقان : من أصحابنا من قال : إن قلنا إنه إذا ملكها صارت أم ولد قومت عليه وإن قلنا إنها لا تصير أم ولد له لم تقوم عليه وقال أبو إسحاق تقوم على القولين لأنه لا يجوز قمستها كما لا يجوز بيعها ولا يجوز تأخير القسمة لأن فيه إضرارا بالغانمين فوجب أن تقوم وإن وضعت فهل تلزمه قيمة الولد ينظر فيه فإن كان قد قومت عليه لم تلزمه لأنها تضع في ملكه وإن لم تكن قومت عليه لزمه قيمة الولد لأنها وضعته في غير ملكه .
فصل : ومن قتل في دار الحرب قتلا يوجب القصاص أو أتى بمعصية توجب الحد وجب عليه ما يجب في دار الإسلام لأنه لا تختلف الدارن في تحريم الفعل فلم تختلفا فيما يجب به من العقوبة .
فصل : وإن تجسس رجل من المسلمين للكفار لم يقتل لما روي عن علي كرم الله وجهه قال : بعثني رسول الله A أنا والزبير والمقداد وقال : [ انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن فيها ظعينة معها كتاب فخذوه منها ] فانطلقنا حتى أتينا الروضة فإذا بالظعينة فقلنا : أخرجي الكتاب فأخرجته من عقاصها فأتينا به رسول الله A فإذا فيه من حاطب ابن أبي بلتعة Bه إلى أناس بمكة يخبرهم ببعش أمور رسول الله A فقال : [ يا حاطب ما هذا ] قال : يا رسول الله لا تعجل علي إنما كنت امرأ ملصقا فأحببت أن أتخذ عندهم يدا يحمون بها قرابتي ولم أفعل ذلك ارتدادا عن ديني ولا أرضى الكفر بعد الإسلام فقال رسول الله A : [ أما إنه قد صدق ] فقال عمر : دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق فقال : [ إنه قد شهد بدرا ] فقال سفيان بن عيينة فأنزل الله : { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء } [ الممتحنة : 1 ] وقرأ سفيان إلى قوله : { فقد ضل سواء السبيل } .
فصل : إذا أخذ المشركون مال المسلمين بالقهر لم يملكوه وإذا استرجع منهم وجب رده إلى صاحبه لقوله A : [ لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه ] وروى عمران بن الحصين Bه قال : أغار المشركون على سرح رسول الله A فذهبوا به وذهبوا بالعضباء واسروا امرأة من المسلمين فركبتها وجعلت لله عليها إن نجاها الله لتنحرنها فقدمت المدينة وأخبرت بذلك رسول الله A فقال : [ بئس ما جزيتها لا وفاء لنذر في معصية الله D ولا فيما لا يملكه ابن آدم ] فإن لم يعمل به حتى قسم دفع إلى من وقع في مهمه العوض من خمس الخمس ورد إلى صاحبه لأنه يضق نقض القمسة .
فصل : وإن أسر مسلما وأطلقوه من غير شرط فله أن يغتالهم في النفس والمال لأنهم كفار لا أمان لهم وإن أطلقوه على أنه في أمان ولم يستأمنوه ففيه وجهان : أحدهما وهو قول أبي علي ابن أبي هريرة أنه لا أمان لهم لأنهم لم يستأمنوه والثاني وهو ظاهر المذهب أنهم في أمانه لأنهم جعلوه في أمان فوجب أن يكونوا منه في أمان وإن كان محبوسا فأطلقوه واستحلفوه أنه لا يرجع إلى دار الإسلام لم يلزمه حكم اليمين ولا كفارة عليه إذا حلف لأن ظاهره الإكراه فإن ابتدأ وحلف أنه إن أطلق لم يخرج إلى دار الإسلام ففيه وجهان : أحدهما أنه يمين إكراه فإن خرج لم تلزمه كفارة لأنه لم يقدر على الخروج إلا باليمين فأشبه إذا حلفوه على ذلك والثاني أنه يمين اختيار فإن خرج لزمته الكفارة لأنه بدأ بها من غير إكراه وإن أطلق ليخرج إلى دار الإسلام وشرط عليه أن يعود إليهم أو يحمل مالا لم يلزمه العود لأن مقامه في دار الحرب لا يجوز ولا يلزمه بالشرط ما ضمن من المال لأنه ضمان من مال بغير حق والمستحب أن يحمل لهم ما ضمن ليكون ذلك طريقا إلى إطلاق الأسرى