وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

باب أروش الجنايات .
والجنايات التي توجب الأورش ضربان : جروح وأعضاء فأما الجروح فضربان شجاج في الرأس والوجه وجروح فيما سواهما من البدن فأما الشجاج فهي عشر : الخارصة وهي التي تكشط الجلد والدامية وهي التي يخرج منها الدم والباضعة وهي التي تشق اللحم والمتلاحمة وهي التي تنزل في اللحم والسمحاق وهي التي تسميها أهل البلد الملطاط وهي التي تستوعب اللحم إلى أن تبقى غشاوة رقيقة فوق العظم والموضحة وهي التي تكشف عن العظم والهاشمية وهي التي تهشم العظم والمنقلة وتسمى أيضا المنقولة وهي التي تنقل العظم من مكان إلى مكان والمأمومة وتسمى أيضا الآمة وهي التي تصل إلى أم الرأس وهي جلدة رقيقة تحيط بالدماغ والدامغة وهي التي تصل إلى الدماغ .
فصل : والذي يجب فيه أرش مقدر من هذه الشجاج أربع وهي : الموضحة والهاشمة والمنقلة والمأمومة فأما الموضحة فالواجب فيها خمس من الإبل لما روى أبو بكر محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده أن رسول الله A كتب إلى أهل اليمن بكتاب فيه الفرائض والسنن والديات وفي الموضحة خمس من الإبل ويجب ذلك في الصغيرة والكبيرة وفي البارزة والمستورة بالشعر لأن اسم الموضحة يقع على الجميع وإن أوضح موضحتين بينهما حاجز وجب عليه أرش موضحتين لأنهما موضحتان وإن أزال الحاجز بينهما وجب أرش موضحة لأنه صار الجميع بفعله موضحة واحدة فصار كما لو أوضح الجميع من غير حاجز وإن تأكل ما بينهما وجب أرش موضحة واحدة لأن سراية فعلهه كفعله وإن أزال المجني عليه الحاجز وجب على الجاني أرش الموضحتين لأن ما وجب بجنايته لا يسقط بفعل غيره وإن جاء آخر فأزال الحاجز وجب على الأول أرش الموضحتين وعلى الآخر أرش موضحة لأن فعل أحدهما لا يبنى على الآخر فانفرد كل واحد منهما بحكم جنايته وإن أوضح موضحتين ثم قطع اللحم الذي بينهما في الباطن وترك الجلد الذي فوقهما ففيه وجهان : أحدهما يلزمه أرش موضحتين لانفصالهما في الظاهر والثاني يلزمه أرش موضحة لاتصالهما في الباطن وإن شج رأسه شجة واحدة بعضها موضحة وبعضها باضعة لم يلزمه أكثر من أرش موضحة لأنه لو أوضح الجميع لم يلزمه أكثر من أرش موضحة فلأن لا يلزمه والإيضاح في البعض أولى وإن أوضح جميع رأسه وقدره عشرون إصبعا ورأس الجاني خمس عشرة أصبعا اقتص في جميع رأسه وأخذ عن الربع الباقي ربع أرش موضحة وخرج أبو علي بن أبي هريرة وجها آخر أنه يأخذ عن الباقي أرش موضحة لأن هذا القدر لو انفرد لوجب فيه أرش موضحة وهذا خطأ لأنه إذا انفرد كان موضحة فوجب أرشها وههنا هو بعض موضحة فلم يجب فيه إلا فيه إلا ما يخصه .
فصل : ويجب في الهاشمة عشر من الإبل لما روى قبيصة بن ذؤيب عن زيد بن ثابت أنه قال في الهاشمة عشر من الإبل وإن ضرب رأسه بمثقل فهشم العظم من غير إيضاح ففيه وجهان : أحدهما وهو قول أبي علي ابن أبي هريرة أنه تجب فيه الحكومة لأنه كسر عظم من غير إيضاح فأوجب الحكومة ككسر عظم الساق والثاني وهو قول أبي إسحاق أنه يجب فيه خمس من الإبل وهو الصحيح لأنه لو أوضحه وهشمه وجب عليه عشر من الإبل فدل على أن الخمس الزائدة لأجل الهاشمة وقد وجدت الهاشمة فوجب فيها الخمس وإن هشم هاشمتين بينهما حاجز وجب عليه أرش هاشمتين كما قلنا في الموضحتين .
فصل : ويجب في المنقلة خمس عشرة من الإبل لما روى عمرو بن حزم أن رسول الله A كتب إلى أهل اليمن في المنقلة خمس عشرة من الإبل وإن أوضح رأسه موضحة ونزل فيها إلى الوجه ففيه وجهان : أحدهما أنه يجب عليه أرش موضحتين لأنه أوضح في عضوين فوجب أرش موضحتين كما لو فصل بينهما والثاني يجب أرش موضحة لأنها موضحة واحدة فأشبه إذا أوضح في الهامة موضحة ونزل فيها إلى الناصية وإن أوضح في الرأس موضحة ونزل فيها إلى القفا وجب عليه أرش الموضحة في الرأس ويجب عليه حكومة في الجراحة في القفا لأنه ليس بمحل للموضحة فانفرد الجرح فيه بالضمان .
فصل : ويجب في المأمومة ثلث الدية لما روى عكرمة بن خالد أن النبي A قضى في المأمومة بثلث الدية وأما الدامغة فقد قال بعض أصحابنا يجب فيها ما يجب في المأمومة وقال قاضي القضاة أبو الحسن الماوردي البصري يجب عليه أرش المأمومة وحكومة لأن خرق الجلد جناية بعد المأمومة فوجب لأجلها حكومة .
فصل : وإن شج رأس رجل موضحة فجاء آخر فجعلها هاشمة وجاء آخر فجعلها منقلة وجاء آخر فجعلها مأمومة وجب على الأول خمس من الإبل وعلى الثاني خمس وعلى الثالث خمس وعلى الرابع ثمان عشر بعيرا وثلث لأن ذلك جناية كل واحد منهم .
فصل : وأما الشجاج التي قبل الموضحة وهي خمسة الخارصة والدامية والباضعة والمتلاحقة والسمحاق فينظر فيها فإن أمكن معرفة قدرها من الموضحة بأن كانت في الرأس موضحة فشج رجل بجنبها باضعة أو متلاحمة وعرف قدر عمقها ومقدارها من الموضحة من نصف أو ثلث أو ربع وجب عليه قدر ذلك من أرش الموضحة لأنه يمكنه تقدير أرشها بنفسها فلم تقدر بغيرها وإن لم يمكن معرفة قدرها من الموضحة وجبت فيها الحكومة لأن تقدير الأرش بالشرع ولم يرد الشرع بتقدير الأرش فيما دون الموضحة وتعذر معرفة قدرها من الموضحة فوجبت فيها الحكومة .
فصل : وأما الجروح فيما سوى الرأس والوجه فضربان : جائفة وغير جائفة فأما غير الجائفة فهي الجراحات التي لا تصل إلى جوف الواجب فيها الحكومة فإن أوضح عظما في غير الرأس والوجه أو هشمه أو نقله وجب فيه الحكومة لأنها لا تشارك نظائرها من الشجاج التي في الرأس والوجه في الاسم ولا تساويها في الشين والخوف عليه منها فلم تساوها في تقدير الأرش وأما الجائفة وهي التي تصل إلى الجوف من البطن أو الظهار أو الورك أو الصدر أو ثغرة النحر فالواجب فيها ثلث الدية لما روي في حديث عمرو بن حزم أن رسول الله A كتب إلى أهل اليمن في الجائفة ثلث الدية فإن أجاف جائفتين بينهما حاجز وجب في كل واحدة منهما ثلث الدية وإن أجاف جائفة فجاء آخر ووسعها في الظاهر والباطن وجب على الثاني ثلث الدية لأن هذا القدر لو انفرد لكان جائفة فوجب فيه أرش الجائفة فإن وسعها في الظاهر دون الباطن أو في الباطن دون الظاهر وجب عليه حكومة لأن جنايته لم تبلغ الجائفة وإن جرح فخذه وجر السكين حتى بلغ الورك وأجاف فيه أو جرح الكتف وجر السكين حتى بلغ الصدر وأجاف فيه أو جرح الكتف وجر السكين حتى بلغ الصدر وأجاف فيه وجب عليه أرش الجائفة وحكومة في الجراحة لأن الجراحة في غير موضع الجائفة فانفردت بالضمان كما قلنا فيمن نزل في موضحة الرأس إلى القفا وإن طعن بطنه بسنان فأخرجه من ظهره أو طعن ظهره فأخرجه من بطنه وجب عليه في الداخل إلى جوف أرش الجائفة لأنها جائفة وفي الخارج منه إلى الظاهر وجهان : أحدهما وهو المنصوص أنه جائفة ويجب فيها أرش جائفة أخرى لما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن عمر Bه قضى في الجائفة إذا نفذت من الجوف جائفتان ولأنها جراحة نافذة إلى الجوف فوجب فيها أرش جائفة كالداخلة إلى الجوف والثاني ليس بجائفة ويجب فيها حكومة لأن الجائفة ما تصل من الظاهر إلى الجوف وهذه خرجت من الجوف إلى الظاهر فوجب فيها حكومة .
فصل : وإن طعن وجنته فهشم العظم ووصلت إلى الفم ففيه قولان : أحدهما أنها جائفة ويجب فيها ثلث الدية لأنها جراحة من ظاهر إلى جوف فأشبهت الجراحة الواصلة إلى الباطن والثاني أنه ليس بجائفة لأنه لا تشارك الجائفة في إطلاق الاسم ولا تساويها في الخوف عليه فلم تساوها في أرشها فعلى هذا يجب عليه دية هاشمة لأنه هشم العظم ويجب عليه حكومة لما زاد على الهاشمة .
فصل : وإن خاط الجائفة فجاء رجل وفتق الخياطة نظرت فإن كان قبل الإلتحام لم يلزمه أرش لأنه لم توجد منه جناية ويلزمه قيمة الخيط وأجرة المثل للخياطة وإن كان بعد التحام الجميع لزمه أرش جائفة لأنه بالالتحام عاد إلى ما كان قبل الجناية ويلزمه قيمة الخيط ولا تلزمه أجرة الخياطة لأنها دخلت في أرش الجائفة وإن كان بعد التحام بعضها لزمه الحكومة لجنايته على ما التحم وتلزمه قيمة الخيط ولا تلزمه أجرة الخياطة لأنها دخلت في الحكومة .
فصل : وإن أدخل خشبة أو حديدة في دبر إنسان فخرق حاجزا في الباطن ففيه وجهان بناء على الوجهين فيمن خرق الحاجز بين الموضحتين في الباطن : أحدهما يلزمه أرش جائفة لأنه خرق إلى الجوف والثاني تلزمه حكومة لبقاء الحاجز الظاهر .
فصل : وإن أذهب بكارة امرأة بخشبة أو نحوها لزمته حكومة لأنه إتلاف حاجز وليس فيه أرش مقدر فوجبت فيه الحكومة وإن أذهبها بالوطء لم يلزمه أرش لأنها إن طاوعته فقد أذنت فيه وإن أكرهها دخل أرشها في المهر لأنا نوجب عليه مهر بكر .
فصل : وأما الأعضاء فيجب الرش في إتلاف كل عضو فيه منفعة أو جمال فيجب في إتلاف العينين الدية وفي أحدهما نصفها لما روي أن النبي A قال في كتاب كتبه لعمرو بن حزم : [ هذا كتاب الجروح في النفس مائة من الإبل وفي العين خمسون من الإبل ] فأوجب في كل عين خمسين من الإبل فدل على أنه يجب في العينين مائة ولأنها من أعظم الجوارح جمالا ومنفعة ويجب في عين الأعور نصف الدية للخبر ولأن ما ضمن بنصف الدية مع بقاء نظيره ضمن به مع فقد نظيره كاليد وإن جنى على عينيه أو رأسه أو غيرهما فذهب ضوء العينين وجبت الدية لأنه أتلف المنفعة المقصودة بالعضو فوجبت ديته كما لو جنى على يده فشلت وإن ذهب الضوء من إحداهما وجب نصف الدية لأن ما أوجب الدية في إتلافهما أوجب نصف الدية في إتلاف إحداهما كاليدين وإن أزال الضوء فأخذت منه الدية ثم عاد وجب رد الدية لأنه لما عاد علمنا أنه لم يذهب لأن الضوء إذا ذهب لم يعد وإن زال الضوء فشهد عدلان من أهل الخبرة أنه يرجى عوده فإن لم يقدرا لعوده مدة معلومة لم ينتظر لأن الانتظار إلى غير مدة معلومة يؤدي إلى إسقاط موجب الجناية وإن قدرا مدة معلومة انتظر وإن عاد الضوء لم يجب شيء وإن لم يعد أحذ الجاني بموجب الجناية من القصاص أو الدية وإن مات قبل انقضاء المدة لم يجب القصاص لأنه موضع شبهة لأنه يجوز أن لا يكون بطل الضوء ولعله لو عاش لعاد والقصاص يسقط بالشبهة وأما الدية فقد قال فيمن قلع سنا وقال أهل الخبرة يرجى عده إلى مدة فمات قبل انقضائها إن في الدية قولين : أحدهما تجب لأنه أتلف ولم يعد والثاني لا تجب لأنه لم يتحقق الإتلاف ولعله لو بقي لعاد فمن أصحابنا من جعل في دية الضوء قولين ومنهم من قال تجب دية الضوء قولا واحدا لأن عود الضوء غير معهود بخلاف السن فإن عودها معهود .
فصل : فإن جنى على عينيه فنقض الضوء منهما فإن عرف مقدار النقصان بأن كان يرى الشخص من مسافة فصار لا يراه إلا من نصف تلك المسافة وجب من الدية بقسطها لأنه عرف مقدار ما نقص فوجب بقسطه وإن لم يعرف قدر النقصان بأن ساء إدراكه وجبت فيه الحكومة لأنه تعذر التقدير فوجبت فيه الحكومة وإن نقص الضوء في إحدى العينين عصبت العليلة وأطلقت الصحيحة ووقف له شخص في موضع يراه ثم لا يزال يبعد الشخص ويسأل عنه إلى أن يقول لا أراه ويمسح قدر المسافة ثم تطلق العليلة وتعصب الصحيحة ولا يزال يقرب الشخص إلى أن يراه ثم ينظر ما بين المسافتين فيجب من الدية بقسطها .
فصل : وإن جنى على عين صبي أو مجنون فذهب ضوء عينه وقال أهل الخبرة قد زال الضوء ولا يعود ففيه قولان : أحدهما أنه لا يجب عليه في الحال شيء حتى يبلغ الصبي ويفيق المجنون ويدعي زوال الضوء لجواز أن لا يكون الضوء زائلا والقول الثاني أنه يجب القصاص أو الدية لأن الجناية قد وجدت فتعلق بها موجبها .
فصل : وإن جنى على عين فشخصت أو أحولت وجبت عليه حكومة لأنه نقصان جمال من غير منفعة فضمن بالحكومة وإن أتلف عينا قائمة وجبت عليه الحكومة لأنه إتلاف جمال من غير منفعة فوجبت فيها الحكومة .
فصل : ويجب في الجفون الدية لأن فيها جمالا كاملا ومنفعة كاملة لأنها تقي العين من كل ما يؤذيها ويجب في كل واحد منها ربع الدية لأنه محدود لأنه ذو عدد تجب الدية في جميعها فوجب في كل واحد منها ما يخصها من الدية كالأصابع وإن قلع الأجفان والعينين وجب عله ديتان لأنهما جنسان جب بإتلاف كل واحد منهما الدية فوجب بإتلافهما ديتان كاليدين والرجلين فإن أتلف الأهداب وجبت عليه الحكومة لأنه إتلاف جمال من غير منفعة فضمن بحكومة وإن قلع الأجفان وعليها الأهداب ففيه وجهان : أحدهما لا يجب للأهداب حكومة لأنه شعر نابت في العضو المتلف فلا يفرد بالضمان كشعر الذراع والثاني يجب للأهداب حكومة لأن فيها جمالا ظاهرا فأفردت عن العضو بالضمان .
فصل : ويجب في الأذنين الدية وفي أحدهما نصفها لما روي أن النبي A كتب في كتاب عمرو بن حزم في الأذن خمسون من الإبل فأوجب في الأذن خمسين من الإبل فدل على أنه يجب في الأذنين مائة ولأن فيها جمالا ظاهرا ومنفعة مقصودة وهو أنها تجمع الصوت وتوصله إلى الدماغ فوجب فيها الدية كالعين وإن قطع بعضها من نصف أو ربع أو ثلث وجب فيه من الدية بقسطه لأن ما وجبت الدية فيه وجبت في بعضه بقسطه كالأصابع وإن ضرب أذنه فاستحشفت ففيه قولان : أحدهما تجب عليه الدية كما لو ضرب يده فشلت والثاني تجب عليه الحكومة لأن منفعة الأذن جمع الصوت وذلك لا يزول بالاستحشاف بخلاف اليد فإن منفعتها بالبطش وذلك يزول بالشلل وإن قطع إذنا مستحشفة فإن قلنا إنه إذا ضربها فاستحشفت وجبت عليه الدية وجب في المستحشفة الحكومة كما لو قطع يدا شلاء وإن قلنا إنه تجب عليه الحكومة وجب في المستحشفة الدية كما لو قطع يدا مجروحة فإن قطع أذن الأصم وجبت عليه الدية لأن عدم السمع نقص في غير الأذن فلا يؤثر في دية الأذن .
فصل : ويجب في السمع الدية لما روى أبو المهلب عن أبي قلابة أن رجلا رمى رجلا بحجر في رأسه فذهب سمعه وعقله ولسانه ونكاحه فقضى فيه عمر Bه بأربع ديات والرجل حي ولأنها حاسة تختص بمنفعة فأشبهت حاسة البصر وإن أذهب السمع في أحد الأذنين وجب نصف الدية لأن كل شيئين وجبت الدية فيهما وجب نصفها في أحدهما كالأذنين وإن قطع الأذنين وذهب السمع وجب عليه ديتان لأن السمع في غير الأذن فلا تدخل دية أحدهما في الآخر وإن جنى عليه فزال السمع وأخذت منه الدية ثم عاد وجب رد الدية لأنه لم يذهب السمع لأنه لو ذهب لما عاد وإن ذهب السمع فشهد شاهدان من أهل الخبرة أنه يرجى عوده إلى مدة فالحكم فيه كالحكم في العين إذا ذهب ضوءها فشهد شاهدان أنه يرجى عوده قد بيناه وإن نقص السمع وجب أرش ما نقص فإن عرف القدر الذي نقص بأن كان يسمع الصوت من مسافة فصار لا يسمع إلا من بعضها وجب فيه من الدية بقسطه وإن لم يعرف القدر بأن ثقلت أذنه وساء سمعه وجبت الحكومة وإن نقص السمع في أحد الأذنين سدت العليلة وأطلقت الصحيحة ويؤمر رجل حتى يصيح من موضع يسمعه ثم لا يزال يبعد ويصيح إلى أن يقول لا أسمع ثم تمسح المسافة ثم تطلق العليلة وتسد الصحيحة ثم يصيح الرجل ثم لا يزال يقرب ويصيح إلى أن يسمعه وينظر ما بين المسافتين ويجب من الدية بقسطه .
فصل : ويجب في مارن الأنف الدية لما روى طاوس قال : كان في كتاب رسول الله A في الأنف إذا أوعب مارنه جدعا الدية ولأنه عضو فيه جمال ظاهر ومنفعة كاملة ولأنه يجمع الشم ويمنع من وصول التراب إلى الدماغ والأخشم كالأشم في وجوب الدية لأن عدم الشم نقص في غير الأنف فلا يؤثر في دية الأنف ويخالف العين القائمة فإن عدم البصر نقص في العين فمنع من وجوب الدية في العين وإن قطع جزءا من المارن كالنصف والثلث وجب فيه من الدية بقدره لأن ما ضمن بالدية يضمن بعضه بقدره من الدية كالأصابع وإن قطع أحد المنخرين ففيه وجهان : أحدهما وهو المنصوص أن عليه نصف الدية لأنه أذهب نصف الجمال ونصف المنفعة والثاني يجب عليه ثلث الدية لأن المارن يشتمل على ثلاثة أشياء المنخرين والحاجز فوجب في كل واحد من المنخرين ثلث الدية وإن قطع أحد المنخرين والحاجز وجب عليه على الوجه الأول نصف الدية للحاجز وعلى الوجه الثاني يجب عليه ثلثا الدية ثلث للحاجز وثلث للمنخر وإن شق الحاجز وجب عليه حكومة وإن شق الحاجز وجب عليه حكومة وإن قطع المارن وقصبة الأنف وجب عليه الدية في المارن والحكومة في القصبة لأن القصبة تابعة فوجب فيها الحكومة كالذراع مع الكف وإن جنى على المارن فاستحشف ففيه قولان كالقولين فيمن جنى على الأذن حتى استحشف : أحدهما تجب عليه الدية والثاني تجب عليه الحكومة وقد مضى وجههما في الأذن .
فصل : وتجب بإتلاف الشم الدية لأنها حاسة تختص بمنفعة مقصودة فوجب بإتلافها الدية كالسمع والبصر وإن ذهب الشم من أحد المنخرين وجب فيه نصف الدية كما تجب في إذهاب البصر من أحد العينين والسمع من أحد الأذنين وإن جنى عليه فنقص الشم وجب عليه أرش ما نقص وإن أمكن أن يعرف قدر ما نقص وجب فيه من الدية بقدره وإن لم يمكن معرفة قدره وجبت فيه الحكومة لما بيناه في نقصان السمع وإن ذهب الشم وأخذت فيه الدية ثم عاد وجب رد الدية لأنا تبينا أنه لم يذهب وإنما حال دونه حائل لأنه لو ذهب لم يعد .
فصل : وإن جنى على رجل جناية لا أرش لها بأن لطمه أو لكمه أو ضرب رأسه بحجر فزال عقله وجب عليه الدية لما روي أن النبي A كتب في كتاب عمرو بن حزم وفي العقل الدية ولأن العقل أشرف من الحواس لأن به يتميز الإنسان من البهيمة وبه يعرف حقائق المعلومات ويدخل في التكليف فكان بإيجاب الدية أحق وإن نقص عقله فإن كان يعرف قدر ما نقص بأن يجن يوما ويفيق يوما وجب عليه من الدية بقدره لأن ما وجبت فيه الدية وجب بعضها في بعضه كالأصابع وإن لم يعرف قدره بأن صار إذا سمع صيحة زال عقله ثم يعود وجبت فيه الحكومة لأنه تعذر إيجاب جزء مقدر من الدية فعدل إلى الحكومة فإن كانت الجناية لها أرش مقدر نظرت فإن بلغ الأرش قدر الدية أو أكثر لم يدخل في دية العقل ولم تدخل فيه دية العقل لما روى أبو المهلب عم أبي قلابة أن رجلا رمى رجلا بحجر في رأسه فذهب عقله وسمعه ولسانه ونكاحه فقضى فيه عمر Bه بأربع ديات وهو حي وإن كان الأرش دون الدية كأرش الموضحة ونحوه ففيه قولان : قال في القديم يدخل في دية العقل لأنه معنى يزول التكليف بزواله فدخل أرش الطرف في ديته كالنفس وقال في الجديد : لا يدخل وهو الصحيح لأنه لو دخل في ديته ما دون الدية لدخلت فيها الدية كالنفس ولأن العقل في محل والجناية في محل آخر فلا يدخل أرشها في ديتها كما لو أوضح رأسه فذهب بصره وإن شهر سيفا على صبي أو بالغ مضعوف أو صاح عليه صيحة عظيمة فزال عقله وجبت عليه الدية لأن ذلك سبب لزوال عقله وإن شهر سيفا على بالغ متيقظ أو صاح عليه فزال عقله لم تجب عليه الدية لأن ذلك ليس بسبب لزوال عقله .
فصل : ويجب في الشفتين الدية لما روي أن النبي A كتب في كتاب عمرو بن حزم في الشفتين الدية ولأن فيهما جمالا ظاهرا ومنافع كثيرة لأنهما يقيان الفم من كل ما يؤذيه ويردان الريق وينفخ بهما ويتم بهما الكلام ويجب في إحداهما نصف الدية لأن كل شيئين وجب فيهما الدية وجب في أحدهما نصف الدية كالعينين والأذنين وإن قطع بعضها وجب فيه من الدية بقدره كما قلنا في الأذن والمارن وإن جنى عليهما فيبستا وجبت عليه الدية لأنه أتلف منافعهما فوجبت عليه الدية كما لو جنى على يدين فشلتا فإن تقلصنا وجبت عليه الحكومة لأن منافعهما لم تبطل وإنما حدث بهما نقص .
فصل : ويجب في اللسان الدية لما روي أن النبي A كتب في كتاب عمرو بن حزم وفي اللسان الدية ولأن فيه جمالا ظاهرا ومنافع فأما الجمال فإنه من أحسن ما يتجمل به الإنسان والدليل عليه ما روى محمد بن علي بن الحسين أن النبي A قال للعباس : [ أعجبني جمالك يا عم النبي فقال يا رسول الله وما الجمال في الرجل قال : اللسان ] ويقال : المرء بأصغريه قلبه ولسانه ويقال ما الإنسان لولا اللسان إلا صورة ممثلة أو بهيمة مهملة وأما المنافع فإنه يبلغ به الأغراض ويقضى به الحاجات وبه تتم العبادات في القراءة والأذكار وبه يعرف ذوق الطعام والشراب ويستعين به في مضغ الطعام وإن جنى عليه فخرس وجبت عليه الدية لأنه أتلف عليه المنفعة المقصودة فأشبه إذا جنى على اليد فشلت أو على العين فعميت وإن ذهب بعض الكلام وجب من الدية بقدره لأن ما ضمن جميعه بالدية ضمن بعضه ببعضها كالأصابع وبقسم على حروف كلامه لأن حروف اللغات مختلفة الإعداد فإن في بعض اللغات ما عدد حروف كلامها أحد وعشرون حرفا ومنها ما عدد حروفها ستة وعشرون وحروف لغة العرب ثمانية وعشرون حرفا فإن كان المجني عليه يتكلم بالعربية قسمت ديته على ثمانية وعشرين حرفا وقال أبو سعيد الأصطخري : يقسم على حروف اللسان وهي ثمانية عشر حرفا ويسقط حروف الحلق وهي ستة الهمزة والهاء والحاء والعين والغين ويسقط حروف الشفة وهي أربعة الباء والميم والفاء والواو والمذهب الأول لأن هذه الحروف وإن كان مخرجها الحلق والشفة إلا أن الذي ينطق بها هو اللسان ولهذا لا ينطق بها الأخرس وإن ذهب حرف من كلامه وعجز به عن كلمة وجب عليه أرش الحرف لأن الضمان يجب لما تلف وإن جنى على لسانه فصار ألثغ وجب عليه دية الحرف الذي ذهب لأن ما بدل به لا يقوم مقام الذاهب وإن جنى عليه فحصل في لسانه ثقل لم يكن أو عجلة لم تكن أو تمتمة لم تجب عليه دية لأن المنفعة باقية وتجب عليه حكومة لما حصل من النقص والشين .
فصل : وإن قطع ربع لسانه فذهب ربع كلامه وجب عليه ربع الدية وإن قطع نصف لسانه وذهب نصف كلامه وجب عليه نصف الدية لأن الذي فات من العضو والكلام سواء في القدر فوجب من الدية بقدر ذلك فإن قطع ربع اللسان فذهب نصف الكلام وجب عليه نصف الدية وإن قطع نصف اللسان وذهب ربع الكلام وجب عليه نصف الدية واختلف أصحابنا في علته فمنهم من قال العلة فيه أن ما يتلف من اللسان مضمون وما يذهب من الكلام مضمون وقد اجتمعا فوجب أكثرهما وقال أبو إسحاق الاعتبار باللسان إلا أنه إذا قطع ربع اللسان فذهب نصف الكلام دل ذهاب نصف الكلام على شلل ربع آخر من اللسان فوجب عليه نصف الدية ربعها بالقطع وربعها بالشلل فإن قطع ربع اللسان وذهب نصف الكلام وقطع آخر ما بقي من اللسان وجب عليه على تعليل الأول ثلاثة أرباع الدية اعتبارا بما بقي من اللسان ويجب عليه على تعليل أبي إسحاق نصف الدية وحكومة لأنه قطع من اللسان نصفا صحيحا وربعا أشل وإن قطع واحد نصف لسانه وذهب ربع الكلام وجاء الثاني وقطع الباقي وجب عليه على تعليل الأول ثلاثة أرباع الدية اعتبارا بما ذهب من الكلام ويجب عليه على تعليل أبي إسحاق نصف الدية اعتبارا بما قطع من اللسان وإن قطع نصف لسانه فذهب نصف كلامه فاقتص منه فذهب نصف كلامه فقد استوفى المجني عليه حقه وإن ذهب ربع كلامه أخذ المجني عليه مع القصاص ربع الدية حقه فإن ذهب بالقصاص ثلاثة أرباع كلامه لم يضمن الزيادة لأنه ذهب بقود مستحق .
فصل : وإن كان لرجل لسان له طرفان فقطع رجل أحد الطرفين فذهب كلامه وجبت عليه الدية وإن ذهب ربعه وجب عليه ربع الدية وإن لم يذهب من الكلام شيء نظرت فإن كانا متساويين في الخلقة فهما كاللسان المشقوق ويجب بقطعهما الدية وبقطع أحدهما نصف الدية وإن كان أحدهما تام الخلقة والآخر ناقص الخلقة فالتام هو اللسان الأصلي والآخر خلقة زائدة فإن قطعهما قاطع وجب عليه دية وحكومة وإن قطع التام وجبت عليه دية وإن قطع الناقص وجبت عليه حكومة .
فصل : وإن جنى على لسانه فذهب ذوقه فلا يحس بشيء من الذاق وهي خمسة الحلاوة والمرارة والحموضة والملوحة والعذوبة وجبت عليه الدية لأنه أتلف عليه حاسة لمنفعة مقصودة فوجبت عليه الدية كما لو أتلف عليه السمع أو البصر وإن نقص بعض الذوق نظرت فإن كان النقصان لا يتقدر بأن كان يحس بالمذاق الخمس إلا أنه لا يدركها على كما لها وجبت عليه الحكومة لأنه نقص لا يمكن تقدير الأرش فيه فوجبت فيه حكومة وإن كان نقصا يتقدر بأن لا يدرك أحد المذاق الخمس ويدرك الباقي وجب عليه خمس الدية وإن لم يدرك اثنين وجب عليه خمسان لأنه يتقدر المتلف فيقدر الأرش .
فصل : وإن قطع لسان أخرس فإن كان بقي بعد القطع ذوقه وجبت عليه الحكومة لأنه عضو بطلت منفعته فضمن بالحكومة كالعين القائمة واليد الشلاء وإن ذهب ذوقه بالقطع وجبت عليه دية كاملة لاتلاف حاسة الذوق وإن قطع لسان طفل فإن كان قد تحرك بالبكاء أو بما يعبر عنه اللسان كقوله بابا وماما وجبت عليه الدية لأنه لسان ناطق وإن لم يكن تحرك بالبكاء ولا بما يعبر عنه اللسان فإن كان بلغ حدا يتحرك اللسان فيه بالبكاء والكلام وجبت الحكومة لأن الظاهر أنه لم يكن ناطقا لأنه لو كان ناطقا لتحرك بما يدل عليه وإن قطعه قبل أن يمضي عليه زمان يتحرك فيه اللسان وجبت عليه الدية لأن الظاهر السلامة فضمن كما تضمن أطرافه وإن لم يظهر فيها بطش .
فصل : وإن قطع لسان رجل فقضى عليه بالدية ثم نبت لسانه فقد قال فيمن قلع سن من ثغر ثم نبت سنه أنه على قولين : أحدهما يرد الدية والثاني لا يرد فمن أصحابنا من جعل اللسان أيضا على قولين وهو قول أبي إسحاق لأنه إذا كان في السن التي لا تنبت في العادة إذا نبتت قولان وجب أن يكون في اللسان أيضا قولان ومنهم من قال لا يرد الدية في اللسان قولا واحدا وهو قول أبي علي ابن أبي هريرة والفرق بينه وبين السن أن في جنس السن ما يعود وليس في جنس اللسان ما يعود فوجب أن يكون ما عاد هبة مجددة فلم يسقط به بدل ما أتلف عليه وإن جنى على لسانه فذهب كلامه وقضى عليه بالدية ثم عاد الكلام وجب رد الدية قولا واحدا لأن الكلام إذا ذهب لم يعد فلما عاد علمنا أنه لم يذهب وإنما امتنع لعارض .
فصل : ويجب في كل سن خمس من الإبل لما روى عمرو بن حزم أن رسول الله A كتب إلى أهل اليمن وفي السن خمس من الإبل والأنياب والأضراس والثنايا والرباعيات في ذلك سواء للخبر ولأنه جنس ذو عدد فلم تختلف ديتها باختلاف منافعها كالأصابع وإن قلع ما ظهر وخرج من لحم اللثة وبقي السنخ لزمه دية السن لأن المنفعة والجمال فيما ظهر فكملت ديته كما لو قطع الأصابع دون الكف فإن عاد هو أو غيره وقلع السنخ المغيب وجبت عليه حكومة لأنه تابع لما ظهر فوجبت فيه الحكومة كما لو قطع الكف بعدما قطع الأصابع وإن قلع السن من أصلها مع السنخ لم يلزمه لما تحتها من السنخ حكومة لأن السنخ تابع لما ظهر فدخل في ديته كالكف إذا قطع مع الأصابع وإن كسر بعض السن طولا أو عرضا وجب عليه من دية السن بقدر ما كسر منها من النصف أو الثلث أو الربع لأن ما وجب في جميعه الدية وجب في بعضه من الدية بقدره كالأصابع ويعتبر القدر من الظاهر دون السنخ المغيب لأن الدية تكمل بقطع الظاهر فاعتبر المكسور منه فإن ظهر السنخ المغيب بعلة اعتبر القدر المكسور بما كان ظاهرا قبل العلة لا بما ظهر بالعلة لأن الدية تجب فيما كان ظاهرا فاعتبر القدر المكسور منه .
فصل : وإن قلع سنا فيها شق أو أكلة فإن لم يذهب شيء من أجزائها وجبت فيها دية السن كاليد المريضة وإن ذهب من أجزائها شيء سقط من ديتها بقدر الذاهب ووجب الباقي فإن كانت إحدى ثنيتيه العلياوين أو السفلاوين أقصر من الأخرى فقلع القصير نقص من ديتها بقدر ما نقص منها لأنهما لا يختلفان في العادة فإذا اختلفا كانت القصيرة ناقصة فلم تكمل ديتها وإن قلع سنا مضطربة نظرت فإن كانت منافعها باقية مع حركتها من المضغ وحفظ الطعام والريق وجبت فيها الدية لبقاء المنفعة والجمال وإن ذهبت منافعها وجبت فيها الحكومة لأنه لم يبق غير الجمال فلم يجب غير الحكومة كاليد الشلاء وإن نقصت منافعها فذهب بعضها وبقي البعض ففيه قولان : أحدهما يجب فيها الدية لأن الجمال تام والمنفعة باقية وإن كانت ضعيفة فكملت ديتها كما لو كانت ضعيفة من أصل الخلقة والثاني يجب فيها الحكومة لأن المنفعة قد نقصت ويجهل قدر الناقص فوجب فيها الحكومة وإن ضرب سنه فاصفرت أو احمرت وجبت فيها الحكومة لأن منافعها باقية وإنما نقص بعض جمالها فوجب فيها الحكومة فإن ضربها فاسودت فقد قال في موضع تجب فيها الحكومة وقال في موضع : تجب الدية وليست على قولين وإنما هي على اختلاف حالين فالذي قال تجب فيها الدية إذا ذهبت المنفعة والذي قال تجب فيها الحكومة إذا لم تذهب المنفعة وذكر المزني أنها على قولين واختار أنه يجب فيها الحكومة والصحيح هو الطريق الأول .
فصل : وإذا قلع أسنان رجل كلها نظرت فإن قلع واحدة بعد واحدة لكل سن خمس من الإبل فيجب في أسنانه وهي اثنان وثلاثون سنا مائة وستون بعيرا وإن قلعها في دفعة واحدة ففيه وجهان : أحدهما أنه لا يجب عليه أكثر من دية لأنه جنس ذو عدد فلم يضمن بأكثر من دية كأصابع اليدين والثاني أنه يجب في كل سن خمس من الإبل وهو المذهب لحديث عمرو بن حزم ولأن ما ضمن ديته بالجناية إذا انفرد لم تنقص ديته بانضمام غيره إليه كالموضحة