وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

باب العاقلة وما تحمله من الديات .
إذا قتل الحر حرا عمد خطأ وله عاقلة وجب جميع الدية على عاقتله لما روى المغيرة بن شعبة قال : ضربت امرأة ضرة لها بعمود فسطاط فقضى رسول الله A بديتها على عصبة القاتلة وإن قتله خطأ وجبت الدية على عاقلته لأنه إذا تحمل عن القاتل في عمد الخطأ تخفيفا عنه مع قصده إلى الجناية فلأن يحمل عن قاتل الخطأ ولم يقصد الجناية أولى ولأن الخطأ وعمد الخطأ يكثر فلو أوجبنا ديتهما في مال الجاني أجحفنا به وإن قطع أطرافه خطأ أو عمد خطأ ففيه قولان قال في القديم : لا تحمل العاقلة ديتهما لأنه لا يضمن بالكفارة ولا تثبت فيه القسامة فلم تحمل العاقلة بدله كالمال وقال في الجديد : تحمل العاقلة ديتها لأن ما ضمن بالقصاص والدية وخففت الدية فيه بالخطأ حملت العاقلة بدله كالنفس فعلى هذا تحمل ما قل منه وكثر كما تحمل ما قل وكثر من دية النفس وإن قتل عمدا أو جنى على طرفه عمدا لم تحمل العاقلة ديته لأن الخبر ورد في الحمل عن القاتل في عمد الخطأ تخفيفا عنه لأنه لم يقصد القتل والعامد قصد القتل فلم يلحق به في التخفيف وإن وجب له القصاص في الطرف فاقتص بحديدية مسمومة فمات فعليه نصف الدية وهل تحمل العاقلة ذلك أم لا ؟ فيه وجهان : أحدهما تحمله لأنها حكمنا بأنه ليس بعمد محض والثاني لا تحمله لأنه قصد القتل بغير حق فلم تحمل العاقلة عنه وإن وكل من يقتص له في النفس ثم عفا وقتل الوكيل ولم يعلم بالعفو وقلنا إن العفو يصح ووجبت الدية على الوكيل فهل تحملها العاقلة فيه وجهان : أحدهما وهو قول أبي إسحاق أنه لا تحملها العاقلة وهو صحيح لأنه تعمد القتل فلم تحمل العاقلة عنه كما لو قتله بعد العلم بالعفو والثاني وهو قول أبي علي بن أي هريرة أنه تحمله العاقلة لأنه لم يقصد الجناية .
فصل : وإن قتل عبدا خطأ أو عمد خطأ ففيه قيمته قولان : أحدهما أنها تحملها العاقلة لأنه يجب القصاص والكفارة بقتله فحملت العاقلة بدله كالحر والثاني أنه لا تحمله العاقلة لأنه مال فلم تحمل العاقلة بدله كسائر الأموال .
فصل : ومن قتل نفسه خطأ لم تجب الدية بقتله ولا تحمل العاقلة ديته لما روي أن عوف بن مالك الأشجعي ضرب مشركا بالسيف فرجع السيف عليه فقتله فأمتنع أصحاب رسول الله A من الصلاة عليه وقالوا قد أبطل جهاده فقال رسول الله A : [ بل مات مجاهدا ] ولو وجبت الدية على عاقلته لبين رسول الله A ذلك .
فصل : وما يجب بخطأ الإمام من الدية بالقتل ففيه قولان : أحدهما يجب على عاقلته لما روي أن عمر Bه قال لعلي Bه في جنين المرأة التي بعث إليها عزمت عليك أن لا تبرح حتى تقسمها على قومك والثاني يجب في بيت المال لأن الخطأ يكثر منه في أحكامه واجتهاده فلو أوجبنا ما يجب بخطئه على عاقلته أجحفنا بهم فإذا قلنا أنه يجب على عاقلته وجبت الكفارة في ماله كغير الإمام وإذا قلنا إنها تجب في بيت المال ففي الكفارة وجهان : أحدهما أنها تجب في ماله لأنها لا تتحمل والثاني أنها تجب في بيت المال لأنه يكثر خطؤه فلو أوجبنا في ماله أجحفنا به .
فصل : وما يجب بجناية العمد يجب حالا لأنه بدل متلف لا تتحمله العاقلة بحال فوجب حالا كغرامة المتلفات وما يجب بجناية الخطأ وشبه العمد من الدية يجب مؤجلا فإن كانت دية كاملة وجبت في ثلاث سنين لأنه روي ذلك عن عمر وابن عباس Bهما ويجب في كل سنة ثلثها فإن كان دية نفس كان ابتداء الأجل من وقت القتل لأنه حق المؤجل فاعتبر الأجل من حين وجود السبب كالدين المؤجل وإن كان دية الطرف فإن لم تسر واعتبرت المدة من وقت الجناية لأنه وقت الوجوب وإن سرت إلى عضو آخر اعتبرت المدة من وقت الاندمال لأن الجناية لم تقف فاعتبرت المدة من وقت الاستقرار وإن كان الواجب أقل من دية نظرت فإن كان ثلث الدية أو دونه لم تجب إلا في سنة لأنه لا يجب على العاقلة شيء في أقل من سنة فإن كان أكثر من الثلث ولم يزد على الثلثين وجب في السنة الأولى الثلث ووجب الباقي في السنة الثانية وإن كان أكثر من الثلثين ولم يزد على الدية وجب في السنة الأولى الثلث وفي الثانية الثلث والثالثة الباقي وإن وجب بجنايته ديتان فإن كانتا لاثنتين بأن قتل اثنين وجب في كل سنة لكل واحد منهما ثلث الدية لأنهما يجبان لمستحقين فلا ينقص حق كل واحد منهما في كل سنة من الثلث فإن كانتا لواحد بأن قطع اليدين والرجلين من رجل وجب الكل في ست سنين في كل سنة ثلث دية لأنها جناية على واحد فلا يجب له على العاقلة في كل سنة أكثر من ثلث دية وإن وجب بجناية الخطأ أو عمد الخطأ دية ناقصة كدية الجنين والمرأة ودية أهل الذمة ففيه وجهان : أحدهما أنه يجب في ثلاث سنين في كل سنة ثلثها لأنها دية نفس فوجب في كل سنة ثلثها كالدية الكاملة والثاني أنه كأرش الطرف إذا نقص عن الدية لأنه دون الدية الكاملة فعلى هذا إن كان ثلث دية وهو كدية اليهودي والنصراني أو أقل من الثلث وهو دية المجوسي ودية الجنين وجب الكل في سنة واحدة وإن كان أكثر من الثلث وهو دية المرأة وجب في السنة الأولى ثلث دية كاملة ويجب ما زاد في السنة الثانية كما قولنا في الطرف وإن كان قيمة عبد وقولنا أنها على العاقلة ففيه وجهان : أحدهما أنها تقسم في ثلاث سنين وأن زاد حصة كل سنة على ثلث الدية لأنها دية نفس والثانية تؤدى في كل سنة ثلث دية الحر .
فصل : والعاقلة هم العصبات الذين يرثون بالنسب أو الولاء غير الأب والجد و الابن وابن الابن والدليل عليه ما روى المغيرة بن شعبة Bه أن النبي A قضى في المرأة بديتها على عصبة العاقلة وأما الأب و الجد والابن وابن الابن فلا يعقلون لما روى جابر Bه أن امرأتين من هذيل قتلت إحداهما الأخرى ولكل واحدة منهما زوج وولد فجعل النبي A دية المقتولة على عاقلة القاتلة وبرأ زوجها وولدها وإذا ثبت هذا في الولد ثبت في الأب لتساويهما في العصبة ولأن الدية جعلت على العاقلة إبقاء على القاتل حتى لا يكثر عليه فيجحف به فلو جعلناه على الأب والابن أجحفنا به لأن مالهما كماله ولهذا لا نقبل شهادته لهما كما لا تقبل لنفسه ويستغنى عن المسألة بمالهما كما يستغنى بمال نفسه وإن كان في بني عمها ابن لها لم يحمل معهم لما ذكرناه وإن لم يكن له عصبة نظرت فإن كان مسلما حملت عنه من بيت المال لأن مال بيت المال للمسلمين وهم يرثونه كما ترث العصبات وإن كان ذميا لم يحمل عنه في بيت المال لأن مال بيت المال للمسلمين وهم لا يرثونه وإنما ينقل ماله إلى بيت المال فيئا واختلف قوله في المولى من أسفل فقال في أحد القولين : لا يعقل عنه وهو الصحيح لأنه لا يرثه فلم يعقله وقال في الآخر : يعقله لأنه يعقله المولى فعقل عنه المولى كالأخوين فعلى هذا يقدم على بيت المال لأنه من خواص العاقلة فقدم على بيت المال كالمولى من أعلى وإن لم يكن له عاقلة ولا بيت مال فهل يجب على القاتل فيه وجهان بناء على أن الدية هل تجب على القاتل تتحمل عنه العاقلة أو تجب على العاقلة ابتداء وفيه قولان : أحدهما تجب على القاتل ثم تنتقل إلى العاقلة لأنه هو الجاني فوجبت الدية عليه فعلى هذا تجب الدية في ماله والقول الثاني تجب على العاقلة ابتداء لأنه لا يطالب غيرهم فعلى هذا لا تجب عليه وقال أبو علي الطبري : إذا قلنا إنها تجب على القاتل عند عدم بيت المال حمل الأب والابن ويبدأ بهما قبل القاتل لأنا لم نحمل عليهما إبقاء على القاتل وإذا حمل على القاتل كانا بالحمل أولى قال الشيخ الإمام حرس الله مدته : ويحتمل عندي أنه لا يجب عليهما لأنا إنما أوجبنا على القاتل على هذا القول لأنه وجب عليه في الأصل فإذا لم يجد من يتحمل بقي الوجوب في محله والأب والابن لم يجب عليهما في الأصل ولا حملا مع العاقل فلم يجب الحمل عليهما .
فصل : ولا يعقل مسلم عن كافر ولا كافر عن مسلم ولا ذمي عن حربي ولا حربي عن ذمي لأنه لا يرث بعضهم من بعض فإن رمى نصراني سهما إلى الصيد ثم أسلم ثم أصاب السهم إنسانا وقتله وجبت الدية في ماله لأنه لا يمكن إيجابها على عاقلته من النصارى لأنه وجد القتل وهو مسلم ولا يمكن إيجابها على عاقلته من المسلمين لأنه رمى وهو نصراني فإن قطع نصراني يد رجل ثم أسلم ومات المقطوع عقلت عنه عصباته من النصارى دون المسلمين لأن الجناية وجدت منه وهو نصراني ولهذا يجب بها القصاص ولا يسقط عنه بالإسلام وإن رمى مسلم سهما إلى صيد ثم ارتد ثم أصاب السهم إنسانا فقتله وجبت الدية في ذمته لأنه لا يمكن إيجابها على عاقلته من المسلمين لأنه وجد القتل وهو مرتد ولا يمكن إيجابها على الكفار لأنه ليس له منهم عاقلة يرثونه فوجبت في ذمته وإن جرح مسلم إنسانا ثم ارتد الجارح وبقي في الردة زمنا يسري في مثله الجرح ثم أسلم ومات المجروح وجبت الدية وعلى من تجب فيه قولان : أحدهما تجب على عاقلته لأن الجناية في حال الإسلام وخروح الروح في حال الإسلام والعاقلة تحمل ما يجب بالجنايتين في حال الإسلام فوجبت ديته عليها والقول الثاني أنه يجب على العاقلة نصف الدية ويجب في مال الجاني النصف لأنه وجد سراية في حال الإسلام وسراية في حال الردة فحملت ما سرى في حال الإسلام ولم تحمل ما سرى في الردة .
فصل : ولا يعقل صبي ولا معتوه ولا امرأة لأن حمل الدية على سبيل النصرة بدلا عما كان في الجاهلية من النصرة بالسيف ولا نصرة في الصبي والمعتوه والمرأة ويعقل المريض والشيخ الكبير إذا لم يبلغ المريض حد الزمانة والشيخ حد الهرم لأنهما من أهل النصرة بالتدبير وقد قاتل عمار في محفة وأما إذا بلغ الشيخ حد الهرم والمريض حد الزمانة ففيه وجهان بناء على القولين في قتلهما في الأسر فإن قلنا إنهما يقتلان في الأسر عقلا وإن قلنا لا يقتلان في الأسر لم يعقلا .
فصل : ولا يعقل فقير لأن حمل الدية على العاقل مواساة الفقير ليس من أهل المواساة ولهذا لا تجب عليه الزكاة ولا نفقة الأقارب ولأن العاقلة تتحمل لدفع الضرر عن القاتل والضرر لا يزال بالضرر ويجب على المتوسط ربع دينار لأن المواساة لا تحصل بأقل قليل ولا يمكن إيجاد الكثير لأن فيه إضرارا بالعاقلة فقدر أقل ما يؤخذ بربع دينار لأنه ليس في حد التافه والدليل عليه أنه تقطع فيه يد السارق وقد قالت عائشة Bها : يد السارق لم تكن تقطع في عهد رسول الله A في الشيء التافه ويجب على الغني نصف دينار لأنه لا يجوز أن يكون ما يؤخذ من الغني و المتوسط واحدا فقدر بنصف دينار لأنه أقل قدر يؤخذ من الغني في الزكاة التي قصد فيها المواساة فيقدر ما يؤخذ من الغني في الدية بذلك لأن في معناه ويجب هذا القدر في كل سنة لأنه حق يتعلق بالحال على سبيل المواساة فتكرر بتكرر الحول كالزكاة ومن أصحابنا من قال يجب ذلك القدر في الثلاث سنين لأنا لو أوجدنا هذا القدر في كل سنة أجحف به ويعتبر حاله في الفقر والغنى والتوسط عند حلول النجم لأنه حق مال يتعلق بالحلول على سبيل المواساة فاعتبر فيه حاله عند حلول الحول كالزكاة إذا مات قبل حلول الحول لم تجب كما لا تجب الزكاة إذا مات قبل الحول وإن مات بعد الحول لم يسقط ما وجب كما لا يسقط ما وجب من الزكاة قبل الموت .
فصل : وإذا أراد الحاكم قسمة على العاقلة قدم الأقرب فالأقرب من العصبات على ترتيبهم في الميراث لأنه حق يتعلق بالتعصيب فقدم فيه الأقرب فالأقرب كالميراث وإن كان فيهم من يدلي بالأبوين وفيهم من يدلي بالأب ففيه قولان : أحدهما أنهما سواء لتساويهما في قرابة الأب لأن الأم لا مدخل لها في النصرة وحمل الدية فلا يقدم بها والثاني يقدم من يدلي بالأبوين على من يدلي بالأب لأنه حق يستحق بالتعصيب فقدم من يدلي بالأبوين على من يدلي بالأب كالميراث فإن أمكن أن يقسم ما يجب على الأقربين منهم لم يحمل على من بعدهم و إن لم يمكن أن يقسم على الأقربين لقلة عددهم قسم ما فضل على من بعدهم على الترتيب فإن كان القاتل من بني هاشم قسم عليهم فإن عجزوا دخل معهم بنو عبد مناف فإن عجزوا دخل معهم بنو قصي ثم كذلك حتى تستوعب قريش ولا يدخل معهم غير قريش لأن غيرهم لا ينسب إليهم وإن غاب الأقربون في النسب وحضر الأبعدون ففيه قولان : أحدهما يقدم الأقربون في النسب لأنه حق يستحق بالتعصيب فقدم فيه الأقربون في النسب كالميراث والثاني يقدم الأقربون في في الحضور على الأقربين في النسب لأن تحمل العاقلة على سبيل النصرة والحاضرون أحق بالنصرة من الغيب فعلى هذا إن كان القاتل بمكة وبعض العاقلة بالمدينة وبعضهم بالشام قدم من بالمدينة على من بالشام لأنهم أقرب إلى القاتل وإن استوت جماعة في النسب وبعضهم حضور وبعضهم غيب ففيه قولان : أحدهما يقدم الحضور لأنهم أقرب إلى النصرة والثاني يسوي بين الجميع كما يسوي في الميراث وإن كثرت العاقلة وقل المال المستحق بالجناية بحيث إذا قسم عليهم خص المتوسط دون ربع دينار والغني دون نصف دينار ففيه قولان : أحدهما أن الحاكم يقسمه على من يرى منهم لأن في تقسيط القليل على الجميع مشقة والثاني هو الصحيح أنه يقس على الجميع لأنه حق يستحق بالتعصيب فقسم قليله و كثيره بين الجميع كالميراث .
فصل : وإن جنى عبد على حر أو عبد جناية توجب المال تعلق المال برقبته لأنه لا يجوز إيجابه على المولى لأنه لم يوجد منه جناية ولا يجوز تأخيره إلى أن يعتق لأنه يؤدي إلى إهدار الدماء فتعلق برقبته والمولى بالخيار بين أن يبيعه ويقضي حق الجناية من ثمنه وبين أن يفديه ولا يجب عليه تسليم العبد إلى المجني عليه لأنه ليس من جنس حقه وإن اختار بيعه فباعه فإن كان الثمن بقدر مال الجناية صرفه فيه وإن كان أكثر قضى ما عليه والباقي للمولى وإن كان أقل لم يلزم المولى ما بقي لأن حق المجني عليه لا يتعلق بأكثر من الرقبة فإن اختار أن يفديه ففيه قولان : أحدهما يلزمه أن يفديه بأقل الأمرين من أرش الجناية أو قيمة العبد لأنه لا يلزمه ما زاد على واحد منهما والقول الثاني يلزمه أرش الجناية بالغا أو يسلمه للبيع لأنه قد يرغب فيه راغب فيشتريه بأكثر من قيمته فإذا امتنع من البيع لزمه الأرش بالغا ما بلغ وإن قتل عشرة أعبد لرجل عبد الآخر عمدا فاقتص مولى المقتول من خمسة وعفا عن خمسة على المال تعلق برقبتهم نصف القيمة في رقبة كل واحد منهم عشرها لأنه قتل خمسة بنصف عبده و عفا عن خمسة على المال وبقي له النصف