وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

تابع باب أروش الجنايات .
فصل : إذا لمع سن صغير لم يثغر لم يلزمه شيء في الحال لأن العادة في سنه أن يعود وينبت فلم يلزمه شيء في الحال كما لو نتف شعره فإن نبت له مثلها في مكانها لم يلزمه ديتها وهل تلزمه حكومة فيه وجهان : أحدهما لا تلزمه كما لو نتف شعره فنبت مثله والثاني تلزمه حكومة الجرح الذي حصل بالقلع وإن لم تنبت له ووقع الإياس من نباتها وجبت ديتها لأنا تحققنا إتلاف السن وإن مات قبل الإياس من نباتها ففيه قولان : أحدهما يجب عليه دية السن لأنه قلع سنا لم تعد والثاني لا يجب لأن الظاهر أنها تعود وإنما مات بموته وإن نبتت له سن خارجة عن صف الأسنان فإن كانت بحيث ينتفع بها وجبت ديتها وإن كانت بحيث لا ينتفع بها وجبت الحكومة للشين الحاصل بخروجها عن سمت الأسنان فإن نبتت أقصر من نظيرتها وجب عليه من ديتها بقدر ما نقص لأنه نقص بجنايته فصار كما لو كسر بعض سن وإن نبت أطول منها فقد قال بعض أصحابنا لا يلزمه شيء وإن حصل بها شين لأن الزيادة لا تكون من الجناية قال الشيخ الإمام : ويحتمل عندي أنه تلزمه الحكومة للشين الحاصل بطولها كما تلزمه في الشين الحاصل بقصرها لأن الظاهر أن الجميع حصل بسبب قلع السن وإن نبتت له سن صفراء أو سن خضراء وجبت عليه الحكومة لنقصان الكمال فإن قلع سنا من أثغر وجبت ديتها في الحال لأن الظاهر أنه لا ينبت له مثلها فإن أخذ الدية ثم نبت له مثلها في مكانها ففيه قولان : أحدهما يجب رد الدية لأنه عاد له مثلها فلم يستحق بدلها كالذي لم يثغر والثاني أنه لا يجب رد الدية لأن العادة جرت في سن من ثغر أنه لا يعود فإذا عادت كان ذلك هبة مجددة فلا يسقط به ضمان ما أتلف عليه .
فصل : ويجب في اللحيين الدية لأن فيهما جمالا وكمالا ومنفعة كاملة فوجبت فيهما الدية كالشفتين وإن قلع أحدهما وتماسك الآخر وجب عليه نصف الدية لأنهما عضوان تجب الدية فيهما فوجب نصف الدية في أحدهما كالشفتين واليدين وإن قلع اللحيين مع الأسنان وجب عليه دية اللحيين ودية الأسنان ولا تدخل دية أحدهما في الآخر لأنهما جنسان مختلفان فيجب في كل واحد منهما دية مقدرة فلم تدخل دية إحداهما في دية الأخرى كالشفتين مع الأسنان وتخالف الكف مع الأصابع فإن الكف تابع للأصابع في المنفعة واللحيان أصلان في الجمال والمنفعة فهما كالشفتين مع الأسنان .
فصل : ويجب في اليدين الدية لما روى معاذ Bه أن النبي A قال : [ في اليدين دية ] ويجب في إحداهما نصف الدية لما روي أن رسول الله A كتب عمرو بن حزم حين أمره على نجران في اليد خمسون من الإبل واليد التي تجب فيها الدية هي الكف فإن قطع الكف وجبت الدية وإن قطع من نصف الذراع أو من المرفق أو من العضد أو من المنكب وجبت الدية في الكف ووجب فيما زاد الحكومة وقال أبو عبيد بن حرب : الذي تجب فيه الدية هو اليد من المنكب لأن اليد اسم للجميع والمذهب الأول لأن اسم اليد يطلق على الكف والدليل عليه قوله تعالى : { والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما } ] المائدة : 38 [ والمراد به الكف ولأن المنفعة المقصودة من اليد هو البطش والأخذ والدفع وهو بالكف وما زاد تابع للكف فوجبت الدية في الكف والحكومة فيما زاد ويجب في كل أصبع عشر الدية لما روى أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده أن رسول الله A كتب إلى أهل اليمن في كل أصبع من الأصابع من اليد والرجل عشر من الإبل ولا يفضل إصبع على إصبع لما ذكرناه من الخبر ولما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مسندا : الأصابع كلها سواء عشر عشر من الإبل ولأنه جنس ذو عدد تجب فيه الدية فلم تختلف ديتها باختلاف منافعها كاليدين ويجب في كل أنملة من غير الإبهام ثلث دية الأصبع وفي كل أنملة من الإبهام نصف دية الأصبع لأنه لما قسمت دية اليد على عدد الأصابع وجب أن يقسم دية الأصبع على عدد الأنامل .
فصل : وإن جنى على يد فشلت أو على أصبع فشلت أو على أنملة فشلت وجب عليه ما يجب في قطعها لأن المقصود بها هو المنفعة فوجب في إتلاف منفعتها ما وجب في إتلافها وإن قطع يد شلاء أو إصبعا شلاء أو أنملة شلاء وجب عليها الحكومة لأن إتلاف جمال من غير منفعة .
فصل : ويجب في الرجلين الدية لما روى معاذ Bه أن رسول الله A قال في الرجلين : [ ويجب في إحداهما نصف الدية ] لما روى عمرو بن حزم أن رسول الله A قال : [ في الرجل نصف دية ] والرجل التي يجب في قطعها نصف الدية فإن قطع من الساق أو من الركبة أو من بعض الفخذ أو من أصل الفخذ وجبت الدية في القدم ووجبت الحكومة فيما زاد لما ذكرناه في اليد ويجب في كل أصبع من أصابع الرجل عشر الدية لما ذكرناه في اليد من حديث عمرو بن حزم ويجب في كل أنملة من غير الإبهام ثلث دية الأصبع وفي كل أنملة من الإبهام نصف دية الإصبع لما ذكرناه في اليد .
فصل : ويجب في قدم الأعرج ويد الأعسم إذا كانتا سليمتين الدية لأن العرج إنما يكون من قصر إحدى الساقين وذلك ليس بنقص في القدم والعسم لقصر العضد أو الذراع أو اعوجاج الرسغ وذلك ليس بنقص في الكف فلم يمنع كمال الدية في القدم والكف كذكر الخصي وأذن الأصم وأنف الأخشم .
فصل : إذا كسر الساعد فجبره مجبر أو خلع كفه فاعوجت ثم جبرها فجبرت وعادت مستقيمة وجبت الحكومة لأنه حصل به نقص وإن لم تعد إلى ما كانت الحكومة أكثر لأن النقص أكثر فإن قال الجاني أنا أعيد خلعها وأعيدها مستقيمة منع من ذلك لأنه استئناف جناية أخرى فإن كابر وخلعه فعاد مستقيما وجب عليه بهذا الخلع حكومة ولا يسقط ما وجب من الحكومة الأولى لأنها حكومة استقرت بالجناية وما حصل من الاستقامة حصل بمعنى آخر فلم يسقط ما وجب ويخالف إذا جنى على العين فذهب الضوء ثم عاد لأنا نتيقن أن الضوء لم يذهب .
فصل : وإن كان لرجل كفان من ذراع فإن كان ليبطش بواحد منهما لم يجب فيهما قود ولا دية لأن منافعهما قد بطلت فصارا كاليد الشلاء ويجب فيهما حكومة لأن فيهما جمالا وإن كان أحدهما يبطش دون الآخر فالذي يبطش به هو الأصل فيجب فيه القود أو الدية والآخر خلقة زائدة ويجب فيها الحكومة وإن كان أحدهما أكثر بطشا كان الأصلي هو أكثرهما بطشا سواء كان الباطش على مستوى الذراع أو منحرفا عنه لأن الله تعالى جعل البطش في الأصلي فوجب أن يرجع في الاستدلال عليه إليه كما يرجع في الخنثى إلى قوله وإن استويا في البطش فإن كان أحدهما على مستوى الذراع والآخر منحرفا عن مستوى الذراع فالأصلي هو الذي على مستوى الذراع فيجب فيه القود أو الدية ويجب في الآخر الحكومة فإن استويا في ذلك فإن كان أحدهما تام الأصابع والآخر ناقص الأصابع فالأصلي هو التام الأصابع فيجب فيه القود أو الدية والآخر خلقة زائدة ويجب فيها الحكومة وإن استويا في تمام الأصابع إلا أن في أحدهما زيادة أصبع لم ترجح الزيادة ولأنه قد يكون الأصبع الزائدة في غير اليد الأصلية فإذا استويا في الدلائل فهما يد واحدة فإن قطعهما قاطع وجب عليه القود أو الدية ووجب عليه للزيادة حكومة فإن قطع إحداهما لم يجب القود لعدم المماثلة وعليه نصف دية يد وزيادة حكومة لأنها نصف يد زائدة وإن قطع أصبعا من إحداهما فعليه نصف دية أصبع وزيادة حكومة لأنها نصف أصبع زائدة وإن قطع أنملة أصبع من إحداهما وجب عليه نصف دية أنملة وزيادة حكومة لأنها نصف أنملة زائدة .
فصل : ويجب في الأليتين الدية لأن فيهم جمالا كاملا ومنفعة كاملة فوجب فيهما الدية كاليدين ويجب في إحدهما نصف الدية لأن ما وجبت الدية في اثنين منه وجب نصفها في أحدهما كاليدين وإن قطع بعضها وجب فيه من الدية بقدره وإن جهل قدره وجبت فيه الحكومة .
فصل : وإن كسر صلبه انتظر فإن جبر وعاد إلى حالته لزمته حكومة الكسر وإن احدودب لزمه حكومة للشين الذي حصل به وإن ضعف مشيه أو احتاج إلى عصا لزمته حكومة لنقصان مشيه وإن عجز عن المشي وجبت عليه الدية لما روى الزهري عن سعيد ابن المسيب أنه قال : مضت السنة أن في الصلب الدية وفي اللسان الدية وفي الذكر الدية وفي الأثنيين الدية ولأنه أبطل عليه منفعة مقصودة فوجبت عليه الدية وإن كسر صلبه وعجز عن الوطء وجبت عليه الدية لأنه أبطل عليه منفعة مقصودة وإن ذهب مشيه وجماعه فففيه وجهان : أحدهما لا تلزمه إلا دية واحدة لأنهما منفعتا عضو واحد والثاني يلزمه ديتان وهو ظاهر النص لأنه يجب في كل واحد منهما الدية عند الانفراد فوجبت فيهما ديتان عند الاجتماع كما لو قطع أذنيه فذهب سمعه أو قطع أنفه فذهب شمه .
فصل : ويجب في الذكر الدية لما روي أن النبي A كتب مع عمرو بن حزم إلى اليمن وفي الذكر الدية ويجب ذلك في ذكر الشيخ والطفل والخصي والعنين لأن العضو في نفسه سليم ولا تجب في ذكر أشل لأنه بطلب منفعته فلم تكمل ديته ويجب فيه الحكومة لأنه أتلف عليه جماله وإن جنى على ذكره فشل وجبت ديته لأن المقصود بالعضود هو المنفعة فوجب في إتلاف منفعته ما وجب في إتلافه وإن قطع الحشفة وجبت الدية لأن منفعة الذكر تكمل بالحشفة كما تكمل منفعة الكف بالأصابع فكملت الدية بقطعها وإن قطع الحشفة وجاء آخر فقطع الباقي وجبت فيه حكومة كما لو قطع الأصابع وجاء آخر وقطع الكف وإن قطع بعض الحشفة وجب عليه من الدية بقسطها وهل تتقسط على الحشفة وحدها أو على جميع الذكر فيه قولان : أحدهما تقسط على الحشفة لأن الدية تكمل بقطعها فقسطت عليها كدية الأصابع والثاني يقسط على الجميع لأن الذكر هو الجميع فقسطت الدية على الجميع .
فصل : ويجب في الأثنيين الدية لما روي أن النبي A كتب إلى أهل اليمن مع عمرو بن حزم وفي الأنثيين الدية ويجب في أحدهما نصف الدية لأن ما وجب في اثنين منه الدية وجبت في أحدهما نصفها كاليد .
فصل : وما اشترك فيه الرجل والمرأة من الجروح والأعضاء ففيه قولان : قال في القديم تساوي المرأة الرجل إلى ثلث الدية فإذا زادت على ذلك كانت المرأة على النصف من الرجل لما روى نافع عن ابن عمر أنه قال : تستوي دية الرجل والمرأة إلى ثلث الدية ويختلفان فيما سوى ذلك وقال في الجديد هي على النصف من الرجل في جميع الأروش وهو الصحيح لأنهما شخصان مختلفان في الدية النفس فاختلفا في أروش الجنايات كالمسام والكافر ولأنه جناية يجب فيها أرش مقدر فكانت المرأة على النصف من الرجل في أرشها كقطع اليد والرجل وقول ابن عمر يعارضه قول علي كرم الله وجهه في جراحات الرجال والنساء سواء على النصف فيما قل أو كثر .
فصل : ويجب في ثديي المرأة الدية لأن فيهما جمالا ومنفعة فوجب فيهما الدية كاليدين والرجلين ويجب في إحداهما نصف الدية لما ذكرناه في الأثنيين وإن جنى عليهما فشلتا وجبت عليه الدية لأن المقصود بالعضو هو المنفعة فكان إتلاف منفعته كإتلافه وإن كانتا ناهدين فاسترسلتا وجبت الحكومة لأنه نقص جمالهما وإن كان لها لبن فجنى عليهما فانقطع لبنها وجبت عليه الحكومة لأنه قطع اللبن بجنايته وإن جنى عليهما قبل أن ينزل لها لبن فولدت ولم ينزل لها لبن سئل أهل الخبرة فإن قالوا لا ينقطع إلا بالجناية وجبت الحكومة وإن قالوا قد ينقطع من غير جناية لم تجب الحكومة لجواز أن يكون انقطاعه لغير الجناية فلا تجب الحكومة بالشك وتجب الدية في حلمتيهما وهو رأس الثدي لأن منفعة الثديين بالحلمتين لأن الصبي بها يمص اللبن وبذهابهما تتعطل منفعة الثديين فوجب فيهما ما يجب في الثديين كما يجب في الأصابع ما يجب في الكف وأما حلمتا الرجل فقد قال في موضع يجب فيه حكومة وقال في موضع قد قيل إن فيهما الدية فمن أصحابنا من قال فيه قولان : أحدهما تجب فيهما الدية لأن ما وجبت فيه الدية من المرأة وجبت فيه الدية من الرجل كاليدين والثاني وهو الصحيح أنه يجب فيهما الحكومة لأنه إتلاف جمال من غير منفعة فوجبت فيه الحكومة ومنهم من قال يجب فيه الحكومة قولا واحدا وقوله قد قيل إن فيهما الدية حكاية عن غيره .
فصل : ويجب في اسكتي المرأة وهما الشفران المحيطان بالفرج الدية لأن فيهما جمالا ومنفعة في المباشرة ويجب في أحدهما نصف الدية لأن كل ما وجب في اثنين منه الدية وجب في أحدهما نصفها كاليدين .
فصل : قال الشافعي C : إذا وطئ امرأة فأفضاها وجبت عليه الدية واختلف أصحابنا في الإفضاء فقال بعضهم هو أن يزيل الحاجز الذي بين الفرج وثقبة البول وهو قول الشيخ أبي حامد الإسفرايني رحمة الله عليه وقال بعضهم هو أن يزيل الحاجز الذي بين الفرج والدبر وهو قول أبي علي ابن أبي هريرة وشيخنا أبي الطيب الطبري لأن الدية لا تجب إلا بإتلاف منفعة كاملة ولا يحصل ذلك إلا بإزالة الحاجز بين السبيلين فأما إزالة الحاجز بين الفرج وثقبة البول فلا تتلف بها المنفعة وإنما تنقص بها المنفعة فلا يجوز أن يجب بها دية كاملة وإن أفضاها واسترسل البول وجب مع دية الإفضاء حكومة للنقص الحاصل باسترسال البول وإن أفضاها والتأم الجرح وجبت الحكومة دون الدية وإن أجاف جائفة والتأمت لم يسقط أرشها والفرق بينهما أن أرش الجائفة وجب باسمها فلم يسقط بالإلتئام ودية الإفضاء وجبت بإزالة الحاجز وقد عاد الحاجز فلم تجب الدية .
فصل : ولا يجب في إتلاف الشعور غير الحكومة لأنه إتلاف جمال من غير المنفعة فلم تجب فيه غير الحكومة كإتلاف العين القائمة واليد الشلاء .
فصل : ويجب في تعويج الرقبة وتصغير الوجه الحكومة لأنه إذهاب جمال من غير منفعة فوجبت فيه الحكومة فإن كسر الترقوة أو كسر ضلعا فقد قال في موضع آخر يجب فيه جمل وقال في موضع تجب فيه الحكومة واختلف فيه أصحابنا فقال أبو إسحاق و أبو علي ابن أبي هريرة تجب فيه الحكومة قولا واحدا والذي قال فيه جمل أراد على سبيل الحكومة لأن تقدير الأرش لا يجوز إلا بنص أو قياس على أصل وليس في هذا نص ولا له أصل يقاس عليه وقال المزني وغيره هو على قولين وهو الصحيح أحدهما أنه يجب فيه جمل لما روى أسلم مولى عمر Bه أنه قضى في الترقوة بجمل وفي الضلع بجمل وقول الصحابي في قوله القديم حجة تقدم على القياس والقول الثاني وهو الصحيح أنه يجب فيه الحكومة لأنه كسر عظم في غير الرأس والوجه فلم يجب فيه أرش مقدر ككسر عظم الساق وما روي عن عمر يحتمل أنه قضى به على سبيل الحكومة ولأن قول الصحابي ليس بحجة في قوله الجديد .
فصل : وإن لطم رجلا أو لكمه أو ضربه بمثقل فإن لم يحصل به أثر لم يلزمه أرش لأنه لم يحصل به نقص في جمال ولا منفعة فلم يلزمه أرش وإن حصل به شين بأن اسود أو اخضر وجبت فيه الحكومة لما حصل به من الشين فإن قضى في بالحكومة ثم زال الشين سقطت الحكومة كما لو جنى على عين فابيضت ثم زال البياض وإن فزع إنسان فأحدث في الثياب لم يلزمه ضمان مال لأن المال إنما يجب في الجناية إذا أحدثت نقصا في جمال أو منفعة ولم يوجد شيء من ذلك .
فصل : إذا جنى على حر جناية ليس فيها أرش مقدر نظرت فإن كان حصل بها نقص في منفعة أو جمال وجبت فيها حكومة وهو أن يقوم المجني عليه قبل الجناية ثم يقوم بعد اندمال الجناية فإن نقص العشر من قيمته وجب العشر من ديته وإن نقص الخمس من قيمته وجب الخمس من ديته لأنه ليس في أرشه نص فوجب التقدير بالاجتهاد ولا طريق إلى معرفة قدر النقصان من جهة الاجتهاد إلا بالتقويم وهذا كما قلنا في المحرم إذا قتل صيدا وليس في جزائه نص أنه يرجع إلى ذوي عدل في معرفة مثله إن كان له مثل من النعم أو إلى قيمته إذا لم يكن له مثل ويجب القدر الذي نقص من قيمته من الدية لأن النفس مضمونة بالدية فوجب القدر الناقص منها كما يقوم المبيع عند الرجوع بأرش العيب ثم يؤخذ القدر الناقص من الثمن حيث كان المبيع مضمونا بالثمن وقال أصحابنا يعتبر نقص الجناية من دية العضو المجني عليه لا من دية النفس فإن كان الذي نقص هو العشر والجناية على اليد وجب عشر دية وإن كانت على أصبع وجب عشر دية الأصبع وإن كانت على الرأس فيما دون الموضحة وجب عشر أرش الموضحة وإن كانت على الجسد فيما دون الجائفة وجب عشر أرش الجائفة لأنا لو اعتبرناه من دية النفس لم نأمن أن تزيد الحكومة في عضو على دية العضو والمذهب الأول وعليه التفريغ لأنه لما وجب تقويم النفس وجب أن يعتبر النقص من دية النفس ولأن اعتبار النقص من دية العضو يؤدي إلى أن يتقارب الجنايتان ويتباعد الأرشان بأن تكون الحكومة في السمحاق فتوجب فيه عشر أرش الموضحة فيتباعد ما بينها وبين أرش الموضحة مع قربها منها فإن كانت الجناية على أصبع فبلغت الحكومة فيها أرش الأصبع أو على الرأس فبلغت الحكومة فيها أرش الموضحة نقص الحاكم من أرش الأصبع ومن أرش الموضحة شئيا على قدر ما يؤدي إليه الاجتهاد لأنه لا يجوز أن يكون فيما دون الأصبع الموضحة ما يجب فيها وإن كانت الجناية في الكف فبلغت الحكومة أرش الأصابع نقص شئيا من أرش الأصابع لأن الكف تابع للأصابع في الجمال والمنفعة فلا يجوز أن يجب فيه ما يجب في الأصابع .
فصل : وإن لم يحصل بالجناية نقص في جمال ولا منفعة بأن قطع أصبعا زائدة أو قلع سنا زائدة أو أتلف لحية امرأة واندمل الموضع من غير نقص ففيه وجهان : أحدهما وهو قول أبي العباس بن سريج أنه لا شيء عليه لأنه جناية لم يحصل بها نقص فلم يجب بها أرش كما لو لطم وجهه فلم يؤثر والثاني وهو قول أبي إسحاق أنه يجب فيه الحكومة لأنه إتلاف جزء من مضمون فلا يجوز أن يعري من أرش فعلى هذا إن كان قد قطع أصبعا زائدة قوم المجني عليه قبل الجناية ثم يقوم في أقرب أحواله إلى الاندمال ثم يجب ما بينهما من الدية لأنه لما سقط اعتبار قيمته بعد الاندمال قوم في أقرب الأحوال إليه وهذا كما قلنا في ولد المغرور بها لما تعذر تقويمه حال العلوق قوم في أقرب حال يمكن فيه التقويم بعد العلوق وهو عند الوضع فإن قوم ولم ينقص قوم قبيل الجناية ثم يقوم والدم جار لأنه لا بد أن تنقص قيمته لما يخاف عليه فيجب بقدر ما بينهما من الدية وإن قلع سنا زائدة ولم تنقص قيمته قوم وليس له خلف الزائدة سن أصلية ثم يقوم وليس له سن أصلية ولا زائدة ويجب بقدر ما بينهما من الدية وإن أتلف لحية امرأة قوم لو كان رجلا وله لحية ثم يقوم ولا لحية له ويجب بقدر ما بينهما من الدية .
فصل : وإن جنى على رجل جناية لها أرش مقدر ثم قتله قبل الاندمال دخل أرش الجناية في دية النفس وقال أبو سعيد الإصطخري لا يدخل لأن الجناية انقطعت سرايتها بالقتل فلم يسقط ضمانها كما لو اندملت ثم قتله والمذهب الأول لأنه مات بفعله قبل استقرار الأرش فدخل في ديته كما لو مات من سراية الجناية ويخالف إذا اندملت فإن هناك استقر الأرش فلم تسقط .
فصل : ويجب في قتل العبد قيمته بالغة ما بلغت لأنه مال مضمون بالإتلاف لحق الآدمي بغير جنسه فضمنه بقيمته بالغة ما بلغت كسائر الأموال وما ضمن مما دون النفس من الجزء بالدية كالأنف واللسان والذكر والأنثيين والعينين واليدين والرجلين ضمن من العبد بقيمته وما ضمن من الحر بجزء من الدية كاليد والأصبع والأنملة والموضحة والجائفة ضمن من العبد بمثله من القيمة لأنهما متساويان في ضمان الجناية بالقصاص والكفارة فتساويا في اعتبار ما دون النفس ببدل النفس كالرجل والمرأة والمسلم والكافر .
فصل : وإن قطع يد عبد ثم أعتق ثم مات من سراية القطع وجبت عليه دية حر لأن الجناية استقرت في حال الحرية ويجب للسيد من ذلك أقل الأمرين من أرش الجناية وهو نصف القيمة أو كمال الدية فإن كان نصف القيمة أقل لم يستحق أكثر منه لأنه هو الذي وجب في ملكه والزيادة حصلت في حال لا حق له فيها وإن كانت الدية أقل لم يستحق أكبر منها لأن ما نقص من نصف القيمة بسبب من جهته وهو العتق .
فصل : وإن فقأ عيني عبد أو قطع يديه وقيمته ألفا دينار ثم أعتق ومات بعد اندمال الجناية وجب على الجاني أرش الجناية وهو قيمة العبد سواء كان الاندمال قبل العتق أو بعده لأن الجرح إذا اندمل استقر حكمه ويكون ذلك لمولاه لأنه أرش جناية كانت في ملكه وإن لم يندمل وسرى إلى نفسه وجب على الجانب دية حر وقال المزني يجب الأرش وهو ألفا دينار لأن السيد ملك هذا القدر بالجناية فلا ينقص وهذا خطأ لأن الاعتبار في الأرش بحال الاستقرار ولهذا لو قطع يدي رجل ورجليه وجب عليه ديتان فإذا سرت الجناية إلى النفس وجب دية اعتبارا بحال الاستقرار وفي حال الاستقرار هو حر فوجبت فيه الدية ودليل قول المزني يبطل بمن قطع يدي رجل ورجلين ثم مات فإنه وجبت ديتان ثم نقصت بالموت .
فصل : وإن قطع حر يد عبد فأعتق ثم قطع حر آخر يده الأخرى ومات لم يجب على الأول قصاص لعدم التكافؤ في حال الجناية وعليه نصف الدية لأن المجني عليه حر في وقت استقرار الجناية وأما الثاني ففيه وجهان : أحدهما وهو قول أبي الطيب بن سلمة أنه يجب عليه القصاص في الطرف ولا يجب في النفس لأن الروح خرجت من سراية قطعين : وأحدهما يوجب القود والآخر لا يوجب فسقط كحرين قتلا من نصفه حر ونصفه عبد والثاني وهو المذهب أنه يجب عليه القصاص في الطرف والنفس لأنهما متكافئان في حال الجناية وقد خرجت الروح عن عمد محض مضمون وإنما سقط القود عن أحدهما لمعنى في نفسه فلم يسقط عن الآخر كما لو اشترك حر و عبد في قتل عبد و يخالف الحرين اذا قتلا من نصفه حر ونصفه عبد لأن كل واحد منهما غير مكافئ له حال الجناية فان عفى على مال كان عليه نصف الديه لأنهما شريكان في القتل وللمولى الأقل من نصف قيمته يوم الجناية الأولى أو نصف الدية فإن كان نصف القيمة أقل أو مثله كان له ذلك وإن كان أكثر فله نصف الدية لأن الحرية نقصت ما زاد عليه والفرق بينه وبين المسألة قبلها أن الجناية هناك من واحد وجميع الدية عليه فقوبل بين أرش الجناية وبين الدية والجناية ههنا من اثنين والدية عليهما والثاني جنى عليه في حال الحرية فقوبل بين أرش الجناية وبين النصف المأخوذ من الجاني على ملكه وكان الفاضل لورثته .
فصل : وإن قطع حر يد عبد ثم أعتق ثم قطع يده الأخرى نظرت فإن اندمل الجرحان لم يجب في اليد الأولى قصاص لأنه جنى عليه وهو غير مكافئ له ويجب فيها نصف ديته ويكون للمولى ويجب في اليد الأخرى القصاص لأنه قطعها وهو مكافئ له وإن عفى على المال وجب عليه نصف الدية وإن مات من الجراحتين قبل الاندمال وجب القصاص في اليد الأخرى التي قطعت بعد عتقه ولم يجب القصاص في النفس لأنه مات من جنايتين إحداهما توجب القصاص والأخرى لا توجب فإن اقتص منه في اليد وجب عليه نصف الدية لأنه مات بجنايته وقد استوفى منه ما يقابل نصف الدية ويكون للمولى أقل الأمرين من نصف القيمة وقت الجناية أو نصف الدية وإن عفى عن القصاص على مال وجب كمال الدية ويكون للمولى أقل الأمرين من نصف القيمة وقت الجناية أو نصف الدية ولورثته الباقي لأن الجناية الثانية في حال الحرية .
فصل : وإن قطع حر يد عبد فأعتق ثم قطع آخر يده الأخرى ثم قطع ثالث رجله ومات لم يجب على الأول القصاص في النفس و لا في الطرف لعدم التكافؤ ويجب عليه ثلث الدية ويجب على الآخرين القصاص في الطرف وفي النفس على المذهب فإن عفى عنهما كان عليهما ثلثا الدية وفيما يستحق المولى قولان : أحدهما أقل الأمرين من أرش الجناية أو ما يجب على هذا الجاني في ملكه وهو ثلث الدية لأن الواجب بالجناية هو الأرش فإذا أعتق انقلب وصار ثلث الدية فيجب أن يكون له أقل الأمرين فإن كان الأرش أقل لم يكن له أكثر منه لأنه هو الذي وجب بالجناية في ملكه وما زاد بالسراية في حال الحرية لا حق له فيه وإن كان ثلث الدية أقل لم يكن له أكثر منه لأنه هو الذي يجب على الجاني في ملكه ونقص الأرش بسبب من جهته وهو العتق فلم يستحق أكثر منه والقول الثاني يجب له أقل الأمرين من ثلث الدية أو ثلث القيمة لأن الجاني على ملكه هو الأول والآخر لا حق له في جنايتهما فيجب أن يكون له أقل الأمرين من ثلث الدية أو ثلث القيمة فإن كان ثلث القيمة أقل لم يكن له أكثر منه لأنه لما كان عبدا كان له هذا القدر وما زاد وجب في حال الحرية فلم يكن له فيها حق وإن كان ثلث الدية أقل لم يكن له أكثر منه لأن ثلث القيمة نقص وعاد إلى ثلث الدية بفعله فلم يستحق أكثر منه .
فصل : إذا ضرب بطن مملوكة حامل بمملوك فألقت جنينا ميتا وجب فيه عشر قيمة الأم لأن جنين آدمية سقط ميتا بجنايته فضمن بعشر بدل الأم كجنين الحرة واختلف أصحابنا في الوقت الذي يعتبر فيه قيمة الأم فقال المزني و أبو سعيد الإصطخري : تعتبر قيمتها يوم الإسقاط لأنه حال استقرار الجناية والاعتبار في قدر الضمان بحال استقرار الجناية والدليل عليه أنه لو قطع يد نصراني ثم أسلم ومات وجب فيه دية مسلم وقال أبو إسحاق تعتبر قيمتها يوم الجناية وهو المنصوص لأن المجني عليه لم يتغير حاله فكان أولى الأحوال باعتبار قيمتها يوم الجناية لأنه حال الوجوب ولهذا لو قطع يد عبد ومات على الرق وجبت قيمته يوم الجناية لأنه حال الوجوب وإن ضرب بطن أمة ثم أعتقت وألقت جنينا ميتا وجب فيه دية جنين حر لأن الضمان يعتبر بحال استقرار الجناية والجنين حر عند استقرار الجناية فضمن بالدية