وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

باب استيفاء القصاص .
من ورث المال ورث الدية لما روى الزهري عن سعيد بن المسيب قال : كان عمر Bه يقول : لا ترث المرأة من دية زوجها حتى قال له الضحاك بن قيس : كتب إلي رسول الله A أن ورث امرأة أشيم الضبابي من دية زوجها فرجع عمر Bه عن ذلك ويقضي من الدية دينه وينفذ منها وصيته وقال أبو ثور : لا يقضي منها الدين ولا ينفذ منها الوصية لأنها تجب بعد الموت والمذهب الأول لأنه مال يملكه الوارث من جهة فقضى منه دينه ونفذت منه وصيته كسائر أمواله ومن ورث المال ورث القصاص والدليل عليه ما روى أبو شريح الكعبي أن رسول الله A قال : [ ثم أنتم يا خزاعة قد قتلتم هذا القتيل من هذيل وأنا والله عاقل فمن قتل بعده قتيلا فأهله بين خيرتين إن أحبوا قتلوا وإن أحبوا أخذوا الدية ] وإن قطع مسلم طرف مسلم ثم ارتد ومات في الردة وقلنا بأصح القولين أنه يجب القصاص في طرفه فقد نقل المزني أنه قال : يقتص وليه المسلم وقال المزني C لا يقتص غير الإمام لأن المسلم لا يرثه فمن أصحابنا من قال : لا يقتص غير الإمام كما قال المزني وحمل قول الشافعي رحمة الله عليه على الإمام وقال عامة أصحابنا : يقتص المناسب لأن القصد من القصاص التشفي ودرك الغيظ والذي يتشفى هو المناسب ويجوز أن يثبت القصاص لمن لا يرث شيئا كما لو قتل من له وارث وعليه دين محيط بالتركة فإن القصاص للوارث وإن لم يرث شيئا وإن كان الوارث صغيرا أو مجنونا لم يستوف له الولي لأن القصد من القصاص التشفي ودرك الغيظ وذلك لا يحصل باستيفاء الولي ويحبس القاتل إلى أن يبلغ الصغير أو يعقل المجنون لأن فيه حظا للقاتل بأن لا يقتل وفيه حظا للمولى عليه ليحصل له التشفي فإن أقام القاتل كفيلا ليخلي لم يجز تخليته لأن فيه تغريرا بحق المولى عليه بأن يهرب فيضيع الحق وإن ركب الصبي أو المجنون على القاتل فقتله ففيه وجهان : أحدهما أن يصير مستوفيا لحقه كما لو كانت له وديعة عند رجل فأتلفها والثاني لا يصير مستوفيا لحقه وهو الصحيح لأنه ليس من أهل استيفاء الحقوق ويخالف الوديعة فإنها لو تلفت من غير فعل برئ منها المودع ولو هلك الجاني من غير فعل لم يبرأ من الجناية وإن كان القصاص بين صغير وكبير لم يجز للكبير أن يستوفي وإن كان بين عاقل ومجنون لم يجز للعاقل أن يستوفي لأنه مشترك بينهما فلا يجوز لأحدهما أن ينفرد به فإن قتل من لا وارث له كان القصاص للمسلمين واستيفاؤه إلى السلطان وإن كان له من يرث منه بعض القصاص كان استيفاؤه إلى الوارث والسلطان ولا يجوز لأحدهما أن ينفرد به لما ذكرناه .
فصل : وإن قتل رجل وله اثنان من أهل الاستيفاء فبدر أحدهما وقتل القاتل من غير إذن أخيه ففيه قولان : أحدهما لا يجب عليه القصاص وهو الصحيح لأن له في قتله حقا فلا يجب عليه القصاص بقتله كما لا يجب الحد على أحد الشريكين في وطء الجارية المشتركة والثاني يجب عليه القصاص لأنه اقتص في أكثر من حقه فوجب عليه القصاص كما لو وجب له القصاص في طرفه فقتله ولأن القصاص يجب بقتل بعض النفس إذا عرى عن الشبهة ولهذا يجب على كل واحد من الشريكين في القتل وإن كان قاتلا لبعض النفس والنفس والنصف الذي لأخيه لا شبهة فيه فوجب القصاص عليه بقتله وإن عفا أحدهما عن حقه من القصاص ثم قتله الآخر بعد العلم بالعفو نظرت فإن كان بعد حكم الحاكم بسقوط القود عنه وجب عليه القصاص لأنه لم يبق له شبهة وإن كان قبل حكم الحاكم بسقوط القود عنه فإن قلنا يجب عليه القود إذا قتله قبل العفو فلأن يجب عليه إذا قتله بعد العفو أولى وإن قلنا لا يجب عليه قبل العفو ففيما بعد العفو قولان : أحدهما يجب عليه لأنه لا حق له في قتله فصار كما لو عفوا ثم قتله أحدهما والثاني لا يجب لأن على مذهب مالك رحمة الله عليه يجب له القود بعد عفو الشريك فيصير ذلك شبهة في سقوط القود فإذا قلنا إنه يجب القصاص على الابن القاتل وجب دية الأب في تركة قاتله نصفها للأخ الذي لم يقتل ونصفها للأخ القاتل ولورثته بعده وإذا قلنا لا يجب القصاص على الابن القاتل وجب عليه نصف دية المقتول لأنه قتله وهو يستحق نصف النفس وللأخ الذي لم يقتل نصف الدية وفيمن يجب عليه قولان : أحدهما يجب على الابن القاتل لأن نفس القاتل كانت مستحقة لهما فإذا أتلفها أحدهما لزمه ضمان حق الآخر كما لو كانت لهما وديعة عند رجل فأتلفها أحدهما فعلى هذا إن أبرأ لابن الذي لم يقتل ورثة قاتل أبيه من نصفه لم يصح إبراؤه لأنه أبرأ من لا حق له عليه وإن أبرأ أخاه صح إبراؤه لأنه أبرأ من عليه الحق والقول الآخر أنه يجب ذلك في تركة قاتل أبيه لأنه قود سقط إلى مال فوجب في تركة القاتل كما لو قتله أجنبي ويخالف الوديعة فإنه لو أتلفها أجنبي وجب حقه عليه والقاتل لو قتله أجنبي لم يجب حقه عليه فعلى هذا لو أبرأ أخاه لم يصح إبراؤه وإن أبرأ ورثة قاتل أبيه صح إبراؤه ولورثة قاتل الأب مطالبة الابن القاتل بنصف الدية لأن ذلك حق لهم عليه فلا يسقط ببراءتهم عن الابن الآخر .
فصل : ولا يجوز استيفاء القصاص إلا بحضرة السلطان لأنه يفتقر إلى الاجتهاد ولا يؤمن فيه الحيف مع قصد التشفي فإن استوفاه من غير حضرة السلطان عزره على ذلك ومن أصحابنا من قال : لا يعزر لأنه استوفى حقه والمنصوص أنه يعزر لأنه افتيات على السلطان والمستحب أن يكون بحضرة شاهدين حتى لا ينكر المجني عليه الاستيفاء وعلى السلطان أن يتفقد الآلة التي يستوفى بها القصاص فإن كانت كالة منع من الاستيفاء بها لما روى شداد بن أوس Bه أن النبي A قال : [ إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته ] وإن كانت مسمومة منع من الاستيفاء بها لأنه يفسد البدن ويمنع من غسله فإن عجل واستوفى بآلة كالة أو بآلة مسمومة عزر فإن طلب من له القصاص أن يستوفي بنفسه فإن كان في الطرف لم يمكن منه لأنه لا يؤمن مع قصد التشفي أن يجني عليه بما لا يمكن تلافيه وإن كان في النفس فإن كان يكمل للاستيفاء بالقوة والمعرفة مكن منه لقوله تعالى : { ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل إنه كان منصورا } ] الإسراء : 33 [ ولقوله A : [ فمن قتل بعده قتيلا فأهله بين خيرتين إن أحبوا قتلوا وإن أحبوا أخذوا الدية ] لأن القصد من القصاص التشفي ودرك الغيظ فمكن منه وإن لم يكمل للاستيفاء أمر بالتوكيل فإن يكن من يستوفي بغير عوض استؤجر من خمس المصالح من يستوفي لأن ذلك من المصالح وإن لم يكن خمس أو كان ولكنه يحتاج إليه لما هو أهم منه وجبت الأجرة على الجاني لأن الحق عليه فكانت أجرة الاستيفاء عليه كالبائع في كيل الطعام المبيع فإن قال الجاني أقتص لك بنفسي ولا أؤدي الأجرة لم يجب تمكينه لأن القصاص أن يؤخذ منه مثل ما أخذ ولأن من لزمه إيفاء حق لغيره لم يجز أن يكون هو المستوفي كالبائع في كيل الطعام المبيع فإن كان القصاص لجماعة وهم من أهل الاستيفاء وتشاحوا أقرع بينهم لأنه لا يجوز اجتماعهم على القصاص لأن في ذلك تعذيبا للجاني ولا مزية لبعضهم على بعض فوجب التقديم بالقرعة .
فصل : وإن كان القصاص على امرأة حامل لم يقتص منها حتى تضع لقوله تعالى : { ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل } ] الإسراء : 33 [ وفي قتل الحامل إسراف في القتل لأنه يقتل من قتل ومن لم يقتل وروى عمران بن الحصين Bه أن امرأة من جهينة أتت النبي A وقالت إنها زنت وهي حبلى فدعا النبي A وليها فقال له : [ أحسن إليها فإذا وضعت فجيء بها ] فلما أن وضعت جاء بها فأمر بها النبي A فرجمت ثم أمرهم فصلوا عليها وإذا وضعت لم تقتل حتى تسقي الولد اللبأ لأنه لا يعيش إلا به وإن لم يكن من يرضعه لم يجز قتلها حتى ترضعه حولين كاملين لأن النبي A قال للعامرية : [ اذهبي حتى ترضعيه ] ولأنه لما أخر القتل لحفظه وهو حمل فلأن يؤخر لحفظه وهو مولود أولى وإن وجد له مرضعة راتبة جاز أن يقتص لأنه يستغني بها عن الأم وإن وجد مرضعات غير رواتب أو وجدت بهيمة يسقي من لبنها فالمستحب لولي الدم أن لا يقتصر حتى ترضعه لأن اختلاف اللبن عليه والتربية بلبن البهيمة يفسد طبعه فإن لم يصبر اقتص منها لأن الولد يعيش بالألبان المختلفة وبلبن البهيمة وإن ادعت الحمل قال الشافعي C تحبس حتى يتبين أمرها واختلف أصحابنا فيه فقال أبو سعيد الإصطخري رحمة الله عليه لا تحبس حتى يشهد أربع نسوة بالحمل لأن القصاص وجب فلا يؤخر بقولها وقال أكثر أصحابنا تحبس بقولها لأن الحمل وما يدل عليه من الدم وغيره يتعذر إقامة البينة عليه فقبل قولها فيه .
فصل : وإن كان القصاص في الطرف فالمستحب أن لا يستوفي إلا بعد استقرار الجناية بالاندمال أو بالسراية إلى النفس لما روى عمرو بن دينار عن محمد بن طلحة قال : طعن رجل رجلا بقرن في رجله فجاء النبي A فقال : أقدني فقال [ دعه حتى يبرأ ] فأعادها عليه مرتين أو ثلاثا والنبي A يقول : [ حتى يبرأ ] فأبى فأقاده منه ثم عرج المستقيد فجاء النبي A فقال : برئ صاحبي وعرت رجلي فقال النبي A : [ لا حق لك ] فذلك حين نهى أن يستقيد أحد من جرح حتى يبرأ صاحبه فإن استوفى قبل الاندمال جاز للخبر وهل يجوز أخذ الأرش قبل الاندمال فيه قولان : أحدهما يجوز كما يجوز استيفاء القصاص قبل الاندمال والثاني لا يجوز لأن الأرش لا يستقر قبل الاندمال لأنه قد يسري إلى النفس ويدخل في دية النفس وقد يشاركه غيره في الجناية فينقص بخلاف القصاص فإنه لا يسقط بالسراية ولا تؤثر فيه المشاركة فإذا قلنا يجوز ففي القدر الذي يجوز أخذه وجهان : أحدهما يجوز أخذه بالغا ما بلغ لأنه قد وجب في الظاهر فجاز أخذه والثاني وهو قول أبي إسحاق أنه يأخذ أقل الأمرين من أرش الجناية أو دية النفس لأن ما زاد على دية النفس لا يتيقن استقراره لأنه ربما سقط فعلى هذا إن قطع يديه ورجليه وجب في الظاهر ديتان وربما سرت الجناية إلى النفس فرجع إلى دية فيأخذ دية فإن سرت الجناية إلى النفس فقد أخذ حقه وإن اندملت أخذ دية أخرى .
فصل : وإن قلع سن صغير لم يثغر أو سن كبير قد أثغر وقال أهل الخبرة أنه يرجى أن ينبت إلى مدة لم يقتص منه قبل الإياس من نباته لأنه لا يتحقق الإتلاف فيه قبل الإياس كما لا يتحقق إتلاف الشعر قبل الإياس من نباته فإن مات قبل الإياس لم يجب القصاص لأنه لم يتحقق الإتلاف فلم يقتص مع الشك .
فصل : إذا قتل بالسيف لم يقتص منه إلا بالسيف لقوله تعالى : { فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم } ] البقرة : 194 [ ولأن السيف أرجى الآلات فإذا قتل به واقتص بغيره أخذ فوق حقه لأن حقه في القتل وقد قتل وعذب فإن أحرقه أو أغرقه أو رماه بحجر أو رماه من شاهق أو ضربه بخشب أو حبسه ومنعه من الطعام والشراب فمات فللولي أن يقتص بذلك لقوله تعالى : { وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به } [ النحل : 126 ] ولما روى البراءة Bه أن النبي A قال : [ من حرق حرقناه ومن غرق غرقناه ] ولأن القصاص موضوع على الماثلة والمماثلة ممكنة بهذه الأسباب فجاز أن يستوفي بها القصاص وله أن يقتص منه بالسيف لأنه قد وجب له القتل والتعذيب فإذا عدل إلى السيف فقد ترك بعض حقه فجاز فإن قتله بالسحر قتل بالسيف لأن عمل السحر محرم فسقط وبقي القتل فقتل بالسيف وإن قتله باللواط أو بسقي الخمر ففيه وجهان : أحدهما وهو قول أبي إسحاق أنه إن قتله بسقي الخمر قتله بقيء الماء وإن قتله باللواط فعل به مثل ما فعله بخشبه لأنه تعذر مثله حقيقة ففعل به ما هو أشبه بفعله والثاني أنه يقتله بالسيف لأنه قتله بما هو محرم في نفسه فاقتص بالسيف كما لو قتله بالسحر وإن ضرب رجلا بالسيف فمات فضرب بالسيف فلم يمت كرر عليه الضرب بالسيف لأن قتله مستحق وليس هاهنا ما هو أرجى من السيف فقتل به وإن قتله بمثقل أو رماه من شاهق أو منعه من الطعام والشراب مدة ففعل به مثل ذلك فلم يمت ففيه قولان : أحدهما يكرر عليه ذلك إلى أن يموت كما قلنا في السيف والثاني أنه يقتل بالسيف لأنه فعل به مثل ما فعل وبقي إزهاق الروح فوجب بالسيف وإن جنى عليه جناية يجب فيها القصاص بأن قطع كفه أو أوضح رأسه فمات فللولي أن يستوفي القصاص بما جنى فيقطع كفه ويوضح رأسه لقوله تعالى : { والجروح قصاص } [ المائدة45 ] فإن مات به فقد استوفى حقه وإن لم يمت قتل بالسيف لأنه لا يمكن أن يقطع منه عضوا آخر ولا أن يوضع في موضع آخر لأنه يصير قطع عضوين بعضو وإيضاح موضحتين بموضحة وإن جنى عليه جناية لا يجب فيها القصاص كالجائفة وقطع اليد من الساعد فمات منه ففيه قولان : أحدهما يقتل بالسيف ولا يقتص منه في الجائفة ولا في قطع اليد من الساعد لأنه جناية لا يجب فيها القصاص فلا يستوفي بها القصاص كاللواط والثاني يقتص منه في الجائفة وقطع اليد من الساعد لأنه جهة يجوز القتل بها في غير القصاص فجاز القتل بها في القصاص كالقطع من المفصل وحز الرقبة إن اقتص بالجائفة أو قطع اليد من الساعد فلم يمت قتل بالسيف لأنه لا يمكن أن يجاف جائفة أخرى ولا أن يقطع منه عضو آخر فتصير جائفتان وقطع عضوين بعضو .
فصل : وإن أوضح رأسه بالسيف اقتص منه بحديدة ماضية كالموسى ونحوه ولا يقتص منه بالسيف لأنه لا يؤمن أن يهشم العظم .
فصل : وإن جنى عليه جناية ذهب منها ضوء عينيه نظرت فإن كانت جناية لا يجب فيها القصاص كالهاشمة عولج بما يزيل ضوء العين من كافور يطرح في العين أو حديدة حامية تقرب منها لأنه تعذر استيفاء القصاص فيه بالهاشمة ولا يقلع الحدقة لأنه قصاص في غير محل الجناية فعدل إلى أسهل ما يمكن كما قلنا في القتل باللواط وإن كانت جناية يمكن فيها القصاص كالموضحة اقتص منه فإن ذهب الضوء فقد استوفى حقه وإن لم يذهب عولج بما يزيل الضوء على ما ذكرناه في الهاشمة وإن لطمه فذهب الضوء فقد قال بعض أصحابنا إنه يلطم كما لطم فإن ذهب الضوء فقد استوفى حقه وإن لم يذهب عولج على ما ذكرناه وقال الشيخ الإمام : ويحتمل عندي أنه لا يقتص منه باللطمة بل يعالج بما يذهب الضوء على ما ذكرناه في الهاشمة والدليل عليه ما روى يحيى بن جعده أن أعرابيا قدم بجلوبة له إلى المدينة فساومه فيها مولى لعثمان بن عفان Bه فنازعه فلطمه ففقأ عينه فقال له عثمان هل لك أن أضعف لك الدية وتعفو عنه فأبى فرفعهما إلى علي فدعا علي Bه بمرآة فأحماها ثم وضع القطن على عينه الأخرى ثم أخذ المرآة بكلبتين فأدناها من عينه حتى سال إنسان عينه ولأن اللطم لا يمكن اعتبار المماثلة فيه ولهذا فهو انفراد من إذهاب الضوء لم يجب فيه القصاص فلا يستوفي به القصاص في الضوء كالهاشمة وإن قلع عين رجل بالأصبع فأراد المجني عليه أن يقتص بالإصبع ففيه وجهان : أحدهما يجوز لأنه يأتي على ما تأتي عليه الحديدة مع المماثلة والثاني لا يجوز لأن الحديد أرجى فلا يجوز بغيره .
فصل : وإن وجب له القصاص بالسيف فضربه فأصاب غير الموضع وادعى أنه أخطأ فإن كان يجوز في مثله الخطأ فالقول قوله مع يمينه لأن ما يدعيه محتمل وإن كان لا يجوز في مثله الخطأ لم يقبل قوله ولا يسمع فيه يمينه لأنه يتحمل ما يدعيه وإن أراد أن يعود ويقتص فقد قال في موضع : لا يمكن وقال في موضع يمكن ومن أصحابنا من قال هما قولان : أحدهما لا يمكن لأنه لا يؤمن في الثاني والثاني أنه يمكن لأن الحق له والظاهر أنه لا يعود إلى مثله ومن أصحابنا من قال إن كان يحسن مكن لأن الظاهر أنه لا يعود إلى مثله ومن أصحابنا من قال إن كان يحسن مكن لأن الظاهر أنه لا يعود إلى مثله وإن لم يحسن لم يمكن لأنه لا يؤمن أن يعود إلى مثله وحمل القولين على هذين الحالين وإن وجب له القصاص في موضحة فاستوفى أكثر من حقه أو وجب له القصاص في أنملة فقطع أنملتين فإن كان عامدا وجب عليه القود في الزيادة وإن كان خطأ وجب عليه الأرش كما لو فعل ذلك في غير القصاص وإن استوفى أكثر من حقه باضطراب الجاني لم يلزمه شيء لأنه حصل بفعله فهدر .
فصل : وإن اقتص من الطرف بحديدة مسمومة فمات لم يجب عليه القصاص لأنه تلف من جائز وغير جائز ويجب نصف الدية لأنه هلك من مضمون وغير مضمون فسقط النصف ووجب النصف .
فصل : وإن وجب له القصاص في يمينه فقال أخرج يمينك فأخرج اليسار من كم اليمين فإن قال : تعمدت إخراج اليسار وعلمت أنه لا يجوز قطعها عن اليمين لم يجب على القاطع ضمان لأنه قطعهما ببذله ورضاه وإن قال ظننتها اليمين أو ظننت أنه يجوز قطعها عن اليمين نظرت في المستوفى فإن جهل أنها اليسار لم يجب عليه القصاص لأنه موضع شبهة وهل يجب عليه الدية فيه وجهان : أحدهما لا تجب عليه لأنه قطعها ببذل صاحبها والثاني يجب وهو المذهب لأنه بذل على أن يكون عوضا عن اليمين فإذا لم يصح العوض وتلف المعوض وجب له بدله كما لو اشترى سلعة بعوض فاسد وتلفت عنده فإن علم أنه اليسار وجب عليه ضمانه وفيما يضمن وجهان : أحدهما وهو قول أبي حفص بن الوكيل أنه يضمن بالقود لأنه تعمد قطع يد محرمة والثاني وهو المذهب أنه لا يجب القود لأنه قطعها ببذل الجاني ورضاه وتلزمه الدية لأنه قطع يدا لا يستحقها مع العلم به فإن وجب له القود في اليمين فصالحه على اليسار لم يصح الصلح لأن الدماء لا تستباح بالعوض وهل يسقط القصاص في اليمين فيه وجهان : أحدهما يسقط لأن عدوله إلى اليسار رضا بترك القصاص في اليمين والثاني أنه لا يسقط لأنه أخذ اليسار على أن يكون بدلا عن اليمين ولم يسلم البدل فبقي حقه في المبدل فإذا قلنا لا يسقط القصاص فله على المقتص دية اليسار وللمقتص عليه القصاص في اليمين وإن قلنا إنه يسقط القصاص فله دية اليمين وعليه دية اليسار وإن كان القصاص على مجنون فقال له المجني عليه أخرج يمينك فأخرج يساره فقطعها وجب عليه القصاص إن كان عالما أو الدية إن كان جاهلا لأن بذل المجنون لا يصح فصار كما لو بدأ بقطعه .
فصل : إذا اقتص في الطرف فسرى إلى نفس الجاني فمات لم يجب ضمان السراية لما روي أن عمرا وعليا Bهما قالا في الذي يموت من القصاص : لا دية له وإن جنى على طرف رجل فاقتص منه ثم سرت الجناية إلى نفس الجاني قصاصا عن سراية الجناية إلى نفس المجني عليه لأنه لما كانت السراية كالمباشرة في إيجاب القصاص كانت كالمباشرة في استيفاء القصاص وإن سرى القصاص إلى نفس الجاني ثم سرت الجناية إلى نفس المجني عليه ففيه وجهان : أحدهما أن السراية قصاص لأنها سراية قصاص فوقعت عن القصاص كما لو سرت الجناية ثم سرى القصاص والثاني وهو الصحيح أن السراية هدر ولا تكون قصاصا لأنها سبقت القصاص فلا يجوز أن تكون قصاصا عما وجب بعدها فعلى هذا يجب تركة الجاني نصف الدية لأنه قد أخذ منه بقدر نصف الدية وبقية النصف .
فصل : من وجب عليه قتل بكفر أو ردة أو زنا أو قصاص فالتجأ إلى الحرم قتل ولم يمنع الحرم من قتله والدليل عليه قوله عز و جل : { واقتلوهم حيث وجدتموهم } ( النساء : 89 ) ولأنه قتل لا يوجب الحرم ضمانه فلم يمنع منه كقتل الحية و العقرب .
فصل : ومن وجب عليه القصاص في النفس فمات عن مال أو وجب عليه قصاص في الطرف فزال الطرف وله مال ثبت حق المجني عليه في الدية لأن ما ضمن بسببين على سبيل البدل إذا تعذر أحدهما ثبت الآخر كذوات الأمثال