وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

باب القصاص في الجروح و الأعضاء .
يجب القصاص فيما دون النفس من الجروح والأعضاء والدليل قوله تعالى : { وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص } المائدة : 45 وروى أنس Bه أن الربيع بنت النضر بن أنس كسرت ثنية جارية فعرضوا عليهم الأرش فأبوا وطلبوا العفو فأبوا فأتوا النبي A فأمر بالقصاص فجاء أخوها أنس بن النضر فقال يا رسول الله أتكسر ثنية الربيعة والذي بعثك بالحق لا تكسر ثنيتها فقال النبي A : [ كتاب الله القصاص ] قال : فعفا القوم ثم قال رسول الله A : [ إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبر قسمه ] ولأن ما دون النفس كالنفس في الحاجة إلى حفظه بالقصاص فكان كالنفس في وجوب القصاص .
فصل : ومن لا يقاد بغيره في النفس لا يقاد به فيما دون النفس ومن اقتيد بغيره في النفس اقتيد به فيما دون النفس لأنه لما كان ما دون النفس كالنفس في وجوب القصاص كان كالنفس فيما ذكرناه .
فصل : وإن اشترك جماعة في إبانة عضو دفعة واحدة وجب عليهم القصاص لأنه أحد نوعي القصاص فجاز أن يجب على الجماعة بالجناية ما يجب على واحد كالقصاص في النفس وإن تفرقت جناياتهم بأن قطع واحد بعض العضو وأبانه الآخر لم يجب القصاص على واحد منهما لأن جناية كل واحد منهما في بعض العضو فلا يجوز أن يقتص منه في جميع العضو .
فصل : والقصاص فيما دون النفس شيئين في الجروح وفي الأطراف فأما الجروح فينظر فيها فإن كانت لا تنتهي إلى عظم كالجائفة وما دون الموضحة من الشجاج أو كانت الجناية على عظم ككسر الساعد والعضد والمأمومة والمنقلة لم يجب فيها القصاص لأنه لا تمكن المماثلة فيه ولا يؤمن أن يستوفى أكثر من الحق فسقط فإن كانت الجناية تنتهي إلى عظم فإن كانت موضحة في الرأس أو للوجه وجب فيها القصاص لأنه تمكن المماثلة فيه ويؤمن أن يستوفى أكثر من حقه وإن كانت فيما سوى الرأس والوجه كالساعد والعضد والساق والفخذ وجب فيها القصاص ومن أصحابنا من قال : لا يجب لأنه لما خالف موضحة الرأس والوجه في تقدير الأرش فخالفهما في وجوب القصاص والمنصوص هو الأول لأنه يمكن استيفاء القصاص فيها من غير حيف لانتهائها إلى العظم فوجب فيها القصاص كالموضحة في الرأس والوجه .
فصل : وإن كانت الجناية موضحة وجب القصاص بقدرها طولا وعرضا لقوله D : { والجروح قصاص } ] المائدة : 45 [ والقصاص هوالمماثلة ولا تمكن المماثلة في الموضحة إلا بالمساحة في الطول والعرض فإن كانت في الرأس حلق موضعها من رأس الجاني وعلم على القدر المستحق بسواد أو غيره ويقتص منه فإن كانت الموضحة في مقدم الرأس أو في مؤخره أو في قزعته وأمكن أن يستوفي قدرها في موضعها من رأس الجاني لم يستوف في غيرها وإن كان قدرها يزيد على مثل موضعها من رأس الجاني استوفى بقدرها وإن جاوز الموضع الذي شجه في مثله لأن الجميع رأس وإن كان قدرها يزيد على رأس الجاني لم يجز أن ينزل إلى الوجه والقفا لأنه قصاص في غير العضو الذي جنى عليه ويجب فيما بقي الأرش لأنه تعذر فيه القصاص فوجب البدل فإن أوضح جميع رأسه ورأس الجاني أكبر فللمجني عليه أن يبتدئ بالقصاص من أي جانب شاء من رأس الجاني لأن الجميع محل للجناية وإن أراد أن يستوفي بعض حقه من مقدم الرأس وبعضه من مؤخره فقد قال بعض أصحابنا : أنه لا يجوز لأنه يأخذ موضحتين بموضحة قال الشيخ الإمام : ويحتمل عندي أنه يجوز لأنه لا يجاوز موضع الجناية ولا قدرها إلا أن يقول أهل الخبرة إن في ذلك زيادة ضرر أو زيادة شين فيمنع لذلك وإن كانت الموضحة في غير الوجه والرأس وقلنا بالمنصوص أنه يجب فيها القصاص اقتص فيها على ما ذكرناه في الرأس فإن كانت في الساعد فزاد قدرها على ساعد الجاني لم ينزل إلى الكف ولم يصعد إلى العضد وإن كانت في الساق فزادت على قدر ساق الجاني لم ينزل إلى القدم ولم يصعد إلى الفخذ كما لا ينزل في موضحة الرأس إلى الوجه والقفا .
فصل : وإن كانت الجناية هاشمة أو منقلة أو مأمومة فله أن يقتص في الموضحة لأنها داخلة في الجناية ويمكن القصاص فيها ويأخذ الأرش في الباقي لأنه تعذر فيه القصاص فانتقل إلى البدل .
فصل : وأما الأطراف فيجب فيها القصاص في كل ما ينتهي منها إلى مفصل فتؤخذ العين بالعين لقوله تعالى : { وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص } ] المائدة : 45 [ ولأنه يمكن المماثلة فيها لانتهائها إلى مفصل فوجب فيها القصاص ولا يجوز أن يأخذ صحيحة بقائمة لأنه يأخذ أكثر من حقه ويجوز أن يأخذ القائمة بالصحيحة لأنه يأخذ دون حقه وإن أوضح رأسه فذهب ضوء عينه فالمنصوص أنه يجب فيه القصاص وقال فيمن قطع إصبع رجل فتأكل كفه أنه لا قصاص في الكف فنقل أبو إسحاق قوله في الكف إلى العين ولم ينقل قوله في العين إلى الكف فقال في ضوء العين قولان : أحدهما لا يجب فيه القصاص لأنه سراية فيما دون النفس فلم يجب فيه القصاص كما لو قطع إصبعه فتأكل الكف والثاني يجب لأنه لا يمكن إتلافه إلا بالمباشرة فوجب القصاص فيه بالسراية كالنفس ومن أصحابنا من حمل المسألتين على ظاهرهما فقال يجب القصاص في الضوء قولا واحدا ولا يجب في الكف لأن الكف يمكن إتلافه بالمباشرة فلم يجب القصاص فيه بالسراية بخلاف الضوء .
فصل : ويؤخذ الجفن بالجفن لقوله تعالى : { والجروح قصاص } ] المائدة : 45 [ ولأنه يمكن القصاص فيه لانتهائه إلى مفصل فوجب فيه القصاص ويؤخذ جفن البصير بجفن الضرير وجفن الضرير بجفن البصير لأنهما متساويان في السلامة من النقص وعدم البصر نقص في غيره .
فصل : ويؤخذ الأنف بالأنف لقوله تعالى : { والأنف بالأنف } ولا يجب القصاص إلا في المارن لأنه ينتهي إلى مفصل ويؤخذ الشام بالأخشم والأخشم بالشام لأنهما متساويان في السلامة من النقص وعدم الشم نقص في غيره ويؤخذ البعض بالبعض وهو أن يقدر ما قطعه بالجزء كالنصف والثلث ثم يقتص بالنصف والثلث من مارن الجاني ولا يؤخذ قدره بالمساحة لأنه ربما يكون أنف الجاني صغيرا وأنف المجني عليه كبيرا فإذا اعتبرت المماثلة بالمساحة قطعنا جميع المارن بالبعض وهذا لا يجوز ويؤخذ المنخر بالمنخر والحاجز بين المنخرين بالحاجز لأنه يمكن القصاص فيه لانتهائه إلى مفصل ولا يؤخذ مارن صحيح بمارن سقط بعضه بجذام أو انخرام لأنه يأخذ أكثر من حقه فإن قطع من سقط بعض مارنه صحيحا فللمجني عليه أن يأخذ الموجود فينتقل بالباقي إلى البدل لأنه وجد بعض حقه وعدم البعض فأخذ الموجود وانتقل في الباقي إلى البدل وإن قطع الأنف من أصله اقتص من المارن لأنه داخل في الجناية يمكن القصاص فيه وينتقل في الباقي إلى الحكومة لأنه لا يمكن القصاص فيه فانتقل فيه إلى البدل .
فصل : وتؤخذ الأذن بالأذن لقوله D : { والأذن بالأذن } ولا يمكن استيفاء القصاص فيه لانتهائه إلى حد فاصل تأخذ أذن السميع بأذن الأصم وأذن الأصم بأذن السميع لأنهما متساويان في السلامة من النقص وعدم السمع نقص في غيره ويؤخذ الصحيح بالمثقوب والمثقوب بالصحيح لأن الثقب ليس بنقص وإنما تثقب للزينة ويؤخذ البعض بالبعض على ما ذكرناه في الأنف ولا يؤخذ صحيح بمخروم لأنه يأخذ أكثر من حقه ويؤخذ المخروم بالصحيح ويؤخذ معه من الدية بقدر ما سقط منه لما ذكرناه في الأنف ولا يؤخذ غير المستحشف بالمستحشف وفيه قولان : أحدهما أنه لا يؤخذ كما لا تؤخذ اليد الصحيحة بالشلاء والثاني يؤخذ لأنهما متساويان في المنفعة بخلاف اليد الشلاء فإنها لا تساوي الصحيحة في المنفعة فإن قطع بعض أذنه وألصقه المقطوع فالتصق لم يجب القصاص لأنه لم يمكن المماثلة فيما قطع منه وإن قطع أذنه حتى جعلها معلقة على خده وجب القصاص لأن المماثلة فيه ممكنة بأن يقطع أذنه حتى تصير معلقة على خده وإن أبان أذنه فأخذه المقطوع وألصقه فالتصق لم يسقط القصاص لأن القصاص يجب بالإبانة وما حصل من الالصاق لا حكم له لأنه يجب إزالته ولا تجوز الصلاة معه وإن قطع أذنه فاقتص منه وأخذ الجاني أذنه فألصقه فالتصق لم يكن للمجني عليه أن يطالبه بقطعه لأنه اقتص منه بالإبانة وما فعله من الإلصاق لا حكم له لأنه يستحق إزالته للصلاة وذلك إلى السلطان وإن قطع أذنه فقطع المجني عليه ببعض أذن الجاني فألصقه الجاني فالتصق فللمجني عليه أن يعود فيقطعه لأنه يستحق الإبانة ولم يوجد ذلك وإن جنى على رأسه فذهب عقله أو على أنفه فذهب شمه أو على أذنه فذهب سمعه لم يجب القصاص في العقل والشم والسمع لأن هذه المعاني في غير محل الجناية فلم يمكن القصاص فيها .
فصل : وتؤخذ الشفة بالشفة وهو ما بين جلد الذقن والخدين علوا وسفلا ومن أصحابنا من قال لا يجب فيه القصاص لأنه قطع لحم لا ينتهي إلى عظم فلم يجب فيه القصاص كالباضعة والمتلاحمة والصحيح هو الأول لقوله تعالى : { والجروح قصاص } ] المائدة : 45 [ ولأنه ينتهي إلى حد معلوم يمكن القصاص فيه فوجب فيه القصاص .
فصل : ويؤخذ السن بالسن لقوله تعالى : { والسن بالسن } ولما رويناه في أول الباب في حديث الربيع بنت النضر بن أنس ولأنه محدود في نفسه يمكن القصاص فيه فوجب فيه القصاص ولا يؤخذ سن صحيح بسن مكسور لأنه يأخذ أكثر من حقه ويؤخذ المكسور بالصحيح ويؤخذ معه من الدية بقدر ما انكسر منه لما ذكرناه في الأنف والأذن ويؤخذ الزائد إذا اتفق محلهما لأنهما متساويان وإن قلع سنا زائدة وليس للجاني مثلها وجبت على الحكومة لأنه تعذر المثل فوجب البدل وإن كان له مثلها في غير موضع المقلوع لم يؤخذ كما لا يؤخذ سن أصلي بسن أخرى وإن كسر نصف سنه وأمكن أن يقتص منه نصف سنه اقتص منه فإن لم يمكن وجب بقدره من دية السن وإن وجب له القصاص في السن فاقتص ثم نبت له مكانه سن آخر ففيه قولان : أحدهما أن النابت هو المقلوع من جهة الحكم لأنه مثله في محله فصار كما لو قلع سن صغير ثم نبت فعلى هذا يجب على المجني عليه دية سن الجاني لأنه قلع سنه بغير سن والقول الثاني أن النابت هبة مجددة لأن الغالب أنه لا يستخلف فعلى هذا وقع القصاص موقعه ولا يجب عليه شيء للجاني وإن قلع سن رجل فاقتص منه ثم نبت للجاني سن في مكان السن الذي اقتص منه فإن قلنا إن النابت هبة مجددة لم يكن للمجني عليه قلعه لأنه استوفى ما كان له وإن قلنا إن النابت هو المقلوع من جهة الحكم فهل يجوز للمجني عليه قلعه فيه وجهان : أحدهما أن له أن يقلعه ولو نبت ألف مرة لأنه أعدمه السن فاستحق أن يعدم سنه والثاني ليس له قلعه لأنه يجوز أن يكون هبة مجددة ويجوز أن يكون هو المقلوع فلم يجز قلعه مع الشك .
فصل : ويؤخذ اللسان باللسان لقوله تعالى : { والجروح قصاص } ولأن له حدا ينتهي إليه فاقتص فيه فلا يؤخذ لسان الناطق بلسان الأخرس لأنه يأخذ أكثر من حقه ويؤخذ لسان الأخرس بلسان الناطق لأنه يأخذ بعض حقه وإن قطع نصف لسانه أو ثلثه اقتص من لسان الجاني في نصفه أو ثلثه وقال أبو إسحاق : لا يقتص منه لأنه لا يأمن أن يجاوز القدر المستحق والمذهب أنه يقتص منه للآية ولأنه إذا أمكن القصاص في جميعه أمكن في بعضه .
فصل : وتأخذ اليد باليد والرجل بالرجل والأصابع بالأصابع والأنامل بالأنامل لقوله تعالى : { والجروح قصاص } ولأن لها مفاصل يمكن القصاص فيها من غير حيف فوجب فيها القصاص وإن قطع يده من الكوع اقتص منه لأنه مفصل وإن قطع من نصف الساعد فله أن يقتص من الكوع لأنه داخل في جناية يمكن القصاص فيها ويأخذ الحكومة في الباقي لأنه كسر عظم لا تمكن المماثلة فيه فانتقل فيه إلى البدل وإن قطع من المرفق فله أن يقتص مثله لأنه مفصل وإن أراد أن يقتص من الكوع ويأخذ الحكومة في الباقي لم يكن له ذلك لأنه يمكنه أن يستوفي جميع حقه بالقصاص في محل الجناية فلا يجوز أن يأخذ القصاص في غيره وإن قطع يده من نصف العضد فله أن يقتص من المرفق ويأخذ الحكومة في الباقي وله أن يقتص في الكوع ويأخذ الحكومة في الباقي لأن الجميع مفصل داخل في الجناية ويخالف إذا قطعها من المرفق وأراد أن يقتص من الكوع لأن هناك يمكنه أن يقتص في الجميع في محل الجناية وهاهنا لا يمكنه أن يقتص في موضع الجناية وإن قطع يده من الكتف وقال أهل الخبرة إنه يمكنه أن يقتص منه من غير جائفة اقتص منه لأنه مفصل يمكن القصاص فيه من غير حيف وإن أراد أن يقتص من المرفق أو الكوع لم يجز لأنه يمكنه أن يقتص من محل الجناية فلا يجوز أن يقتص في غيره وإن قال أهل الخبرة إنه يخاف أن يحصل به جائفة لم يجز أن يقتص فيه لأنه لا يأمن أن يأخذ زيادة على حقه وله أن يقتص في المرفق ويأخذ الحكومة في الباقي وله أن يقتص في الكوع ويأخذ الحكومة في الباقي لما ذكرناه وحكم الرجل في القصاص من مفاصلها من القدم والركبة والورك وما يجب فيما بينهما من الحكومات حكم اليد وقد بيناه .
فصل : ولا تؤخذ يد صحيحة بيد شلاء ولا رجل صحيحة برجل شلاء لأنه يأخذ فوق حقه وإن أراد المجني عليه أن يأخذ الشلاء بالصحيحة نظرت فإن قال أهل الخبرة إنه إن قطع لم تنسد العروق ودخل الهواء إلى البدن وخيف عليه لم يجز أن يقتص منه لأنه يأخذ نفسا بطرف وإن قالوا لا يخاف عليه فله أن يقتص لأنه يأخذ دون حقه فإن طلب مع القصاص الأرش لنقص الشلل لم يكن له لأن الأشلاء كالصحيحة في الخلقة وإنما تنقص عنها في الصفة فلم يؤخذ الأرش للنقص مع القصاص كما لا يأخذ ولي المسلم من الذي مع القصاص أرشا لنقص الكفر وفي أخذ الأشل بالأشل وجهان : أحدهما أنه يجوز لأنهما متساويان والثاني لا يجوز وهو قول أبي إسحاق لأن الشلل علة والعلل يختلف تأثيرها في البدن فلا تتحقق المماثلة بينهما .
فصل : ولا تؤخذ يد كاملة بيد ناقصة الأصابع فإن قطع من له خمس أصابع كف من له أربع أصابع أو قطع من له ست أصابع كف من له خمس أصابع لم يكن للمجني عليه أن يقتص منه لأنه يأخذ أكثر من حقه وله أن يقطع من أصابع الجاني مثل أصابعه لأنها داخلة في الجناية و يمكن استيفاء القصاص فيها وهل يدخل أرش ما تحت الأصابع من الكف في القصاص فيه وجهان : أحدهما أن يدخل كما يدخل في ديتها والثاني وهو قول أبي إسحاق أنه لا يدخل بل يأخذ من القصاص الحكومة ما تحتها ولهذا لو قطع أصابعه والدية أن الكف يتبع الأصابع في الدية ولا يتبعها في القصاص ولهذا لو قطع أصابعه وتأكل منها الكف واختار الدية لم يلزمه أكثر من دية الأصابع ولو طلب القصاص قطع الأصابع ويأخذ الحكومة في الكف وتؤخذ يد ناقصة الأصابع بيد كاملة الأصابع فإن قطع من له أربع أصابع كف من له خمسة أصابع أو قطع من له خمسة أصابع كف من له ست أصابع فللمجني عليه أن يقتص منه لأنه يأخذ أكثر من حقه وله أن يقطع من أصابع الجاني مثل أصابعه لأنها داخلة في الجناية ويمكن استيفاء القصاص فيها وهل يدخل أرش ما تحت الأصابع من الكف في القصاص فيه وجهان : أحدهما يدخل كما يدخل في ديتها والثاني وهو قول أبي إسحاق أنه لا يدخل بل يأخذ مع القصاص الحكومة ما تحتها والفرق بين القصاص والدية أن الكف يتبع الأصابع في الدية ولا يتبعها في القصاص ولهذا لو قطع أصابعه وتأكل منها الكف واختار الدية لم يلزمه أكثر من دية الأصابع ولو طلب القصاص قطع الأصابع ويأخذ الحكومة في الكف وتؤخذ يد ناقصة الأصابع بيد كاملة الأصابع فإن قطع من له أربع أصابع كف من له خمس أصابع أو قطع من له خمس أصابع كف من له ست أصابع فللمجني عليه أن يقتص من الكف ويأخذ دية الأصابع الخامسة أو الحكومة في الأصبع السادسة لأنه وجد بعض حقه وعدم البعض فأخذ الموجود وانتقل في المعدوم إلى البدل كما لو قطع عضوين ووجد أحدهما .
فصل : ولا يؤخذ أصلي بزائد فإن قطع من له خمس أصابع أصلية كف من له أربع أصابع أصلية وإصبع زائد لم يكن للمجني عليه أن يقتص من الكف لأنه يأخذ أكثر من حقه ويجوز أن يقتص من الأصابع الأصلية لأنها داخلة في الجناية ويأخذ الحكومة في الأصبع الزائدة وما تحت الزائدة من الكف يدخل في حكومتها وهل يدخل ما تحت الأصابع التي اقتص منها في قصاصها على الوجهين ويجوز أن يأخذ الزائد بالأصلي فإن قطع من له أربع أصابع أصلية وإصبع زائدة كف من له خمس أصابع أصلية فللمجني عليه أن يقتص من الكف لأنه دون حقه ولا شيء له لنقصان الإصبع الزائدة لأن الزائدة كالأصلية في الخلقة وإن كان لكل واحد منهما إصبع زائدة نظرت فإن لم يختلف محلهما أخذ أحدهما بالأخرى لأنهما متساويان وإن اختلف محلهما لم تؤخذ إحداهما بالأخرى لأنهما مختلفان في أصل الخلقة .
فصل : وإن قطع من له يد صحيحة كف رجل له إصبعان شلاوان لم يقتص منه في الكف لأنه يأخذ كاملا بناقص ويجوز أن يقتص في الأصابع الثلاث الصحيحة لأنها مساوية لأصابعه ويأخذ الحكومة في الشلاوين لأنه لا يجد ما يأخذ به ويدخل في حكومة الشلاوين أرش ما تحتهما من الكف وهل يدخل أرش ما تحت الثلاثة في قصاصها على الوجهين .
فصل : ولا تؤخذ يد ذات أظفار بيد لا أظفار لها لأن اليد بلا أظفار ناقصة فلا تؤخذ بها يد كاملة وتؤخذ يد لا أظفار لها بيد لها أظفار لأنه يأخذ بعض حقه .
فصل : فإن قطع أصبع رجل فتأكل منه الكف وجب القصاص في الإصبع لأنه أتلفه بجناية عمد ولا يجب في الكف لأنه لم يتلفه بجناية عمد لأن العمد فيه أن يباشره بالإتلاف ولم يوجد ذلك ويجب عليه دية كل إصبع من الأصابع لأنها تلفت بسبب جنايته ويدخل في دية كل إصبع أرش ما تحته من الكف لأن الكف تابع للأصابع في الدية وهل يدخل ما تحت الأصبع التي اقتص منها في قصاصها على الوجهين .
فصل : وتؤخذ الأليتان وهما الناتئتان بين الظهر والفخذ وقال بعض أصحابنا : لا تؤخذ وهو قول المزني رحمة الله عليه لأنه لحم متصل بلحم فأشبه لحم الفخذ والمذهب الأول لقوله تعالى : { والجروح قصاص } ] المائدة : 45 [ ولأنهما ينتهيان إلى حد فاصل فوجب فيهما القصاص كالدين .
فصل : ويقطع الذكر بالذكر لقوله تعالى : { والجروح قصاص } ولأنه ينتهي إلى حد فاصل يمكن القصاص فيه من غير حيف فوجب فيه القصاص ويؤخذ بعضه ببعضه وقال أبو إسحاق لا يؤخذ بعضه ببعض كما قال في اللسان والمذهب الأول لأنه إذا أمكن القصاص في جميعه أمكن في بعضه ويؤخذ ذكر الفحل بذكر الخصي لأنه كذكر الفحل في الجماع وعدم الإنزال لمعنى في غيره ويقطع الأغلف بالمختون لأنه يزيد على المختون بجلدة يستحق إزالتها بالختان ولا يؤخذ صحيح بأشل لأن الأشل ناقص الشلل فلا يؤخذ بكامله .
فصل : ويقطع الأنثيان بالأنثيين لقوله تعالى : { والجروح قصاص } ولأنه ينتهي إلى حد فاصل يمكن القصاص فيه فوجب فيه القصاص فإن قطع إحدى الأنثيين وقال أهل الخبرة إنه أخذها من غير إتلاف الأخرى اقتص منه وإن قالوا إنه يؤدي قطعها إلى إتلاف الأخرى لم يقتص منه لأنه يقتص من أنثيين بواحدة .
فصل : واختلف أصحابنا في الشفريين فمنهم من قال لا قصاص فيهما وهو قول الشيخ أبي حامد الإسفرايني C لأنه لحم وليس له مفصل ينتهي إليه فلم يجب فيه القصاص كلحم الفخذ ومنهم من قال : يجب فيه القصاص وهو المنصوص في الأم لأنهما لحمان محيطان بالفرج من الجانبين يعرف انتهاؤهما فوجب فيهما القصاص .
فصل : وإن قطع رجل ذكر خنثى مشكل وأنثييه وشفريه وطلب حقه قبل أن يتبين حاله أنه ذكر أو أنثى نظرت فإن طلب القصاص لم يكن له لجواز أن يكون امرأة فلا يجب لها عليه في شيء من ذلك القصاص وإن طلب المال نظرت فإن عفا عن القصاص أعطى أقل حقيه وهو حق امرأة فيعطي دية عن الشفرين وحكومة في الذكر والأنثيين فإن بان أنه امرأة فقد استوفت حقها وإن بان أنه رجل تمم له الباقي من دية الذكر والأنثيين وحكومة عن الشفرين فإن لم يعف عن القصاص وقف القصاص إلى أن يتبين لأنه يجوز أن يكون امرأة فلا يجب عليه القصاص أما المال ففيه وجهان : أحدهما وهو قول أبي علي بن أبي هريرة أنه لا يعطى لأن دفع المال لا يجب مع القود وهو مطالب بالقود فسقطت المطالبة بالمال والوجه الثاني وهو قول أكثر أصحابنا أنه لا يعطي أقل ما يستحق مع القود لأنه يستحق القود في عضو والمال في غيره فلم يكن دفع المال عفوا عن القود فيعطي حكومة في الشفرين ويوقف القود في الذكر والأنثيين وقال القاضي أبو حامد المروروذي في جامعه يعطي دية الشفرين وهذا خطأ لأنه ربما بان أنه رجل فيجب القود في الذكر والأنثيين والحكومة في الشفرين .
فصل : وما وجب فيه القصاص من الأعضاء وجب فيه القصاص وإن اختلف العضوان في الصغر والكبر والطول والقصر والصحة والمرض لأنا لو اعتبرنا المساواة في هذه المعاني سقط القصاص في الأعضاء لأنه لا يكاد أن يتفق العضوان في هذه الصفات فسقط اعتبارها .
فصل : وما انقسم من الأعضاء إلى يمين ويسار كالعين واليد وغيرهما لم تؤخذ اليمين فيه باليسار ولا اليسار باليمين وما انقسم إلى أعلى وأسفل كالشفة والجفن لم يؤخذ الأعلى بالأسفل ولا الأسفل بالأعلى ولا تؤخذ سن بسن غيرها ولا أصبع بأصبع غيرها ولا أنملة بأنملة غيرها لأنها جوارح مختلفة المنافع والأماكن فلم يؤخذ بعضها ببعض كالعين بالأنف واليد بالرجل وما لا يؤخذ بعضه ببعض مما ذكرناه لا يؤخذ وإن رضي الجاني والمجني عليه وكذلك ما لا يؤخذ من الأعضاء الكاملة بالأعضاء الناقصة كالعين الصحيحة بالقائمة واليد الصحيحة بالشلاء لا يؤخذ وإن رضي الجاني والمجني عليه بأخذها لأن الدماء لا تستباح بالإباحة .
فصل : وإن جنى على رجل جناية يجب فيها القصاص ثم قتله وجب القصاص فيهما عند الاجتماع كقطع اليد والرجل .
فصل : وإن قتل واحد جماعة أو قطع عضوا من جماعة لم تتداخل حقوقهم لأنها حقوق مقصودة لآدميين فلم تتداخل كالديون فإن قتل أو قطع واحدا بعد واحد اقتص منه الأول لأن له مزية بالسبق وإن سقط حق الأول بالعفو اقتص للثاني وإن سقط حق الثاني اقتص للثالث وعلى هذا وإذا اقتص منه لواحد بعينه تعين حق الباقين في الدية لأنه فاتهم القود بغير رضاهم فانتقل حقهم إلى الدية كما لو مات القاتل أو زال طرفه وإن قتلهم أو قطعهم دفعة واحدة أو أشكل الحال أقرع بينهم فمن خرجت له القرعة اقتص له لأنه لا مزية لبعضهم على بعض فقدم بالقرعة كما قلنا فيمن أراد السفر ببعض نسائه فإن خرجت القرعة لواحد فعفا عن حقه أعيدت القرعة للباقين لتساويهم وإن ثبت القصاص لواحد منهم بالسبق أو القرعة فبدر غيره واقتص صار مستوفيا لحقه وإن أساء في التقدم على من هو أحق منه كما قلنا قيمن قتل مرتدا بغير إذن الإمام أنه يصير مستوفيا لقتل الردة وإن أساء في الافتيات على الإمام وإن قتل رجل جماعة في المحاربة ففيه وجهان : أحدهما أن حكمه حكم ما لو قتله في غير المحاربة والثاني أنه يقتل بالجميع لأن قتل المحاربة لحق الله تعالى ولهذا لا يسقط بالعفو فتداخل كحدود الله تعالى .
فصل : وإن قطع يد رجل وقتل آخر قطع للمقطوع ثم قتل للمقتول تقدم القطع أو تأخر لأنا إذا قدمنا القتل سقط حق المقطوع وإن قدمنا القطع لم يسقط حق المقتول وإذا أمكن الجمع بين الحقين من غير نقص لم يجز إسقاط أحدهما ويخالف إذا قتل اثنين لأنه لا يمكن إبقاء الحقين فقدم السبق وإن قطع إصبعا من يمين رجل ثم قطع يمين آخر قطع الإصبع للأول ثم قطعت اليد للثاني ويدفع إليه أرش الأصبع ويخالف إذا قطع ثم قتل حيث قلنا إنه يقطع للأول ويقتل للثاني ولا يلزمه لنقصان اليد شيء لأن النفس لا تنقص لنقصان اليد ولهذا يقتل صحيح بمقطوع اليد واليد تنقص بنقصان الأصبع ولهذا لا تقطع اليد الصحيحة بيد ناقصة الأصابع وإن قطع يمين رجل ثم قطع إصبعا من يد رجل آخر قطعت يمينه للأول لأن حقه سابق ويخالف إذا قتل رجلا ثم قطع يد آخر حيث أخرنا القتل وإذا كان سابقا لأن هناك يمكن إبقاء الحقين من غير نقص يدخل على ولي المقتول بقطع اليد وهاهنا يدخل النقص على صاحب اليد بنقصان الإصبع .
فصل : وإن قتل رجلا وارتد أو قطع يمين رجل وسرق قدم حق الآدمي من القتل والقطع وسقط حق الله تعالى لأن حق الآدمي مبني على التشديد فقدم على حق الله تعالى