وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

باب ما يجب به القصاص من الجنايات .
إذا جرحه بما يقطع الجلد واللحم كالسيف والسكين والسنان أو بما حدد من الخشب والحجر والزجاج وغيرها أو بما له مور وبعد غور كالمسلة والنشاب وما حدد من الخشب والقصب ومات منه وجب عليه القود لأنه قتله بما يقتل غالبا وإن غرز فيه إبرة فإن كان في مقتل كالصدر والخاصرة والعين وأصول الأذن فمات منه وجب عليه القود لأن الإصابة بها في المقتل كالإصابة بالسكين والمسلة في الخوف عليه وإن كان في غير مقتل كالإلية والفخذ نظرت فإن بقي منه ضمنا إلى أن مات وجب عليه القود لأن الظاهر أنه مات منه وإن مات في الحال ففيه وجهان : أحدهما وهو قول أبي إسحاق أنه يجب عليه القود لأنه له غور وسراية في البدن وفي البدن مقاتل خفية والثاني وهو قول أبي العباس و أبي سعيد الأصطخري أنه يجب لأنه لا يقتل في الغالب فلا يجب به القود كما لو ضربه بمثقل صغير ولأن في المثقل فرقا بين الصغير والكبير فكذلك في المحدد .
فصل : و إن ضربه بمثقل نظرت فإن كان كبيرا من حديد أو خشب أو حجر فمات منه وجب عليه القود لما روى أنس Bه أن يهوديا قتل جارية على أوضاح لها بحجر فقتله رسول الله A بين حجرين ولأنه يقتل غالبا فلو لم يجب فيه القود جعل طريقا إلى إسقاط القصاص و سفك الدماء وإن قتله بمثقل صغير لا يقتل مثله كالحصاة و القلم فمات لم يجب القود ولا الدية لأنا نعلم أنه لم يمت من ذلك وإن كان بمثقل قد يموت منه وقد لا يموت كالعصا فإن كان في مقتل وفي مريض أو في صغير أو في حر شديد أو في برد شديد أو والى عليه الضرب فمات وجب القود لأن ذلك يقتل غالبا فوجب القود فيه وإن رماه من شاهق أو رمى عليه حائطا فمات وجب القود فيه لأن ذلك يقتل في الغالب وإن خنقه خنقا شديدا أو عصر خصيتيه عصرا شديدا أو غمه بمخدة أو وضع يده على فيه و منعه التنفس إلى أن مات وجب القود لأن ذلك يقتل في الغالب وإن خنقه ثم خلاه وبقي منه متألما إلى أن مات وجب القود لأنه مات من سراية جنايته فهو كما لو جرحه و تألم منه إلى أن مات إن تنفس وصح ثم مات لم يجب القود لأن الظاهر أنه لم يمت منه فلم يجب القود كما لو جرحه و اندمل الجرح ثم مات .
فصل : وإن طرحه في نار أو ماء ولا يمكنه التخلص منه لكثرة الماء أو النار أو لعجزه عن التخلص بالضعف أو بأن كتفه و ألقاه فيه و مات وجب القود لأنه يقتل غالبا وإن ألقاه في ماء يمكنه التخلص منه فالتقمه حوت لم يجب القود لأن الذي فعله لا يقتل غالبا وإن كان في لجة لا يتخلص منها فالتقمه حوت قبل أن يصل إلى الماء ففيه قولان : أحدهما يجب القود لأنه ألقاه في مهلكة فهلك والثاني لا يجب لأن هلاكه لم يكن بفعله .
فصل : وإن حبسه ومنعه الطعام و الشراب مدة لا يبقى فيها من غير طعام ولا شراب فمات وجب عليه القود لأنه يقتل غالبا وإن أمسكه على رجل ليقتله فقتله وجب القود على القاتل دون الممسك لما روى أبو شريح الخز اعي أن النبي A قال : [ إن من أعتي الناس على الله عز و جل من قتل غير قاتله أو طلب بدم الجاهلية في الإسلام أو بصر عينيه في النوم ما لم تبصر ] وروي عن النبي A أنه قال : [ ليقتل القاتل ويصبر الصابر ] ولأنه سبب غير ملجئ ضمانه مباشرة فتعلق الضمان دون السبب كما لو حفر بئرا فدفع فيها آخر رجلا فمات .
فصل : وإن كتف رجلا و طرحه في أرض مسبعة أو بين يدي سبع فقتله لم يجب القود لأنه سبب غير ملجئ فصار كمن أمسكه على من يقتله فقتله وإن جمع بينه وبين السبع في زريبة أو بيت صغير ضيق فقتله وجب عليه القود لأن السبع يقتل إذا اجتمع مع الآدمي في موضع ضيق و إن كتفه و تركه في موضع فيه حيات فنهسته فمات لم يجب القود ضيقا كان المكان أو واسعا لأن الحية تهرب من الآدمي فلم يكن تركه معها ملجئا إلى قتله وإن أنهشه سبعا أو حية يقتل مثلها غالبا فمات وجب عليه القود لأنه ألجأه إلى قتله وإن كانت حية لا يقتل مثلها غالبا ففيه قولان : أحدهما يجب القود لأن خنس الحيات يقتل غالبا والثاني لا يجب لأن الذي ألسعه لا يقتل غالبا .
فصل : وإن سقاه سما مكرها فمات وجب عليه القود لأنه يقتل غالبا فهو كما لو جرحه جرحا يقتل غالبا وإن خلطه بطعام و تركه في بيته فدخل فأكله ومات لم يجب عليه القود كما لو حفر بئرا في داره فدخل رجل بغير إذنه فوقع فيها ومات وإن قدمه إليه أو خلطه بطعام فأكله فمات ففيه قولان : أحدهما لا يجب عليه القود لأنه أكله باختياره فصار كما لو قتل نفسه بسكين والثاني يجب لما روى أبو هريرة Bه قال رسول الله A يقبل الهدية و لا يقبل الصدقة فأهدت إليه يهودية بخيبر شاة مصلية فأكل منها رسول الله A وأصحابه ثم قال : [ ارفعوا أيديكم فإنها قد أخبرتني أنها مسمومة ] فأرسل إلى اليهودية فقال : [ ما حملك على ما صنعت ] قالت : قلت إن تكن نبيا لم يضرك الذي صنعت وإن كنت ملكا أرحت الناس منك فأكل منها بشر بن البراءة بن معرور فمات فأرسل عليها فقتلها فقال رسول الله A : [ ما زلت أجد من الأكلة التي أكلت بخيبر فهذا أوان انقطاع أبهري ] ولأنه سبب يفضي إلى القتل غالبا فصار كالقتل بالسلاح وإن سقاه سما وادعى أنه لم يعلم أنه قاتل ففيه قولان : أحدهما أنه يجب عليه القود لأن السم يقتل غالبا والثاني لا يجب لأنه يجوز أن يخفى عليه أنه قاتل وذلك شبهة فسقط بها القود .
فصل : وإن قتله بسحر يقتل غالبا وجب عليه القود لأنه قتله بما يقتل غالبا فأشبه إذا قتله بسكين وإن كان مما يقتل ولا يقتل لم يجب القود لأنه عمد خطأ فهو كما لو ضربه بعصا فمات .
فصل : وإن أكره رجل على قتل رجل بغير حق فقتله وجب القود على المكره لأنه تسبب إلى قتله بمعنى يفضي إلى القتل غالبا فأشبه إذا رماه بسهم فقتله وأما المكره ففيه قولان : أحدهما لا يجب عليه القود لأنه قتله للدفع عن نفسه فلم يجب عليه القود كما لو قصده رجل ليقتله فقتله للدفع عن نفسه والثاني أنه يجب عليه القود وهو الصحيح لأنه قتله ظلما لاستبقاء نفسه فأشبه إذا اضطر إلى الأكل فقتله ليأكله وإن أمر الإمام بقتل رجل بغير حق فإن كان المأمور لا يعلم أن قتله بغير حق وجب ضمان القتل من الكفارة والقصاص والدية على الإمام لأن المأمور معذور في قتله لأن الظاهر أن الإمام لا يأمر إلا بالحق وإن كان يعلم أنه يقتله بغير حق وجب ضمان القتل من الكفارة والقصاص أو الدية على المأمور لأنه لا يجوز طاعته فيما لا يحل والدليل عليه ما روي أن النبي A قال : [ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ] وقد روى الشافعي C أن النبي A قال : [ من أمركم من الولاة بغير طاعة الله فلا تطيعوه ] فصار كما لو قتله بغير أمره وإن أمره بعض الرعية بالقتل فقتل وجب على المأمور القود علم أنه يقتله بغير حق أو لم يعلم لأنه لا تلزمه طاعته فليس الظاهر أنه يأمره بحق فلم يكن له عذر في قتله فوجب عليه القود وإن أمر بالقتل صبيا لا يميز أو أعجميا لا يعلم أن طاعته لا تجوز في القتل بغير حق فقتل وجب القصاص على الآمر لأن المأمور هاهنا كالآلة للآمر ولو أمره بسرقة مال فسرقه لم يجب الحد على الآمر لأن الحد لا يجب إلا بالمباشرة والقصاص يجب بالتسبب والمباشرة .
فصل : وإن شهد شاهدان على رجل بما يوجب القتل فقتل بشهادتهما بغير حق ثم رجعا عن شهادتهما وجب القود على الشهود لما روى القاسم بن عبد الرحمن أن رجلين شهدا عند علي كرم الله وجهه على رجل أنه سرق فقطعه ثم رجعا عن شهادتهما فقال : لو أعلم أنكما تعمدتما لقطعت أيدكما وأغرمهما دية يده ولأنهما توصلا إلى قتله بسبب يقتل غالبا فوجب عليهما القود كما لو جرحاه فمات