وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

كتاب الجنايات .
باب تحريم القتل ومن يجب عليه القصاص ومن لا يجب عليه القتل بغير حق حرام وهو من الكبائر العظام والدليل عليه قوله D : { ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما } ] النساء : 93 [ وروى أبو هريرة Bه أن النبي A قال : [ لقتل مؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا ] وروى ابن عباس Bه أن النبي A قال : [ لو أن أهل السماوات والأرض اشتركوا في قتل مؤمن لعذبهم الله D إلا أن لا يشاء ذلك ] .
فصل : ويجب القصاص بجناية العبد وهو أن يقصد الإصابة بما يقتل غالبا فيقتله والدليل عليه قوله تعالى : { وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص } ] المائدة : 45 [ وقوله تعالى : { كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد } ] البقرة : 179 [ الآية وقوله تعالى : { ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب } [ وروى عثمان Bه أن النبي A قال : [ لا يحل دم امريء مسلم إلا بإحدى ثلاث الزاني المحصن والمرتد عن دينه وقاتل النفس ] ولأنه لو لم يجب القصاص أدى ذلك إلى سفك الدماء وهلاك الناس ولا يجب بجناية الخطأ وهو أن يقصد غيره فيصيبه فيقتله لقوله عليه السلام : [ رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ] ولأن القصاص عقوبة مغلظة فلا يستحق مع الخطأ ولا يجب في عمد الخطأ وهو أن يقصد الإصابة بما لا يقتل غالبا فيموت منه لأنه لم يقصد القتل فلا يجب عليه عقوبة القتل كما لا يجب حد الزنا في الوطء الشبهة حيث لم يقصد الزنا .
فصل : ولا يجب القصاص على صبي ولا مجنون لقوله A : [ رفع القلم عن ثلاثة عن الصبي حتى يبلغ وعن النائم حتى يستيقظ وعن المجنون حتى يفيق ] ولأنه عقوبة مغلظة فلم يجب على الصبي والمجنون كالحدود والقتل بالكفر وفي السكران طريقان من أصحابنا من قال يجب عليه القصاص قولا واحدا ومنهم من قال فيه قولان وقد بيناه في كتاب الطلاق .
فصل : ويقتل المسلم بالمسلم والذمي بالذمي والحر بالحر والعبد بالعبد والذكر بالذكر والأنثى بالأنثى لقوله تعالى : { كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى } ويقتل الذمي بالمسلم والعبد بالحر والأنثى بالذكر لأنه إذا قتل كل واحد منهم بمن هو مثله فلأن يقتل بمن هو أفضل منه أولى ويقتل الذكر بالأنثى لما روى أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده أن رسول الله A كتب إلى أهل اليمن بكتاب فيه الفرائض والسنن أن الرجل يقتل بالمرأة ولأن المرأة كالرجل في حد القذف فكانت كالرجل في القصاص .
فصل : ولا يجب القصاص على المسلم بقتل الكافر ولا على الحر بقتل العبد لما روي عن علي كرم الله وجهه أنه قال من السنة أن لا يقتل مسلم بكافر ومن السنة أن لا يقتل حر بعبد فإن جرح ذمي ذميا ثم أسلم الجاني أو جرح عبد عبدا ثم أعتق الجاني اقتص منه لأنهما متكافئان منه حال الوجوب والاعتبار بحال الوجوب لأن القصاص كالحد والحد يعتبر بحال الوجوب بدليل أنه إذا زنى وهو بكر ثم أحصن أقيم عليه حد البكر ولو زنى وهو عبد ثم أعتق عليه حد العبد فوجب أن يعتبر القصاص أيضا بحال الوجوب وإن قطع مسلم يد ذمي ثم أسلم ثم مات أو قطع حر يد عبد ثم أعتق ثم مات لم يجب القصاص لأن التكافؤ معدوم عند وجود الجناية فإن جرح مسلم مسلما ثم ارتد المجروح ثم أسلم ثم مات فإن أقام في الردة زمانا يسري الجرح في مثله لم يجب القصاص لأن الجناية في الإسلام توجب القصاص والسراية في الردة تسقط القصاص فغلب الإسقاط كما لو جرح جرحا عمدا وجرحا خطأ فإن لم يقم قي الردة زمانا يسري في الجرح ففيه قولان : أحدهما لا يجب فيه القصاص لأنه أتى عليه زمان لو مات فيه لم يجب القصاص فسقط والثاني يجب القصاص وهو الصحيح لأن الجناية والموت وجدا في حال الإسلام وزمان الردة لم يسر فيه الجرح فكان وجوده كعدمه وإن قطع يده ثم ارتد ثم مات ففيه قولان : أحدهما يسقط القصاص في الطرف لأنه تابع للنفس فإذا لم يجب القصاص في النفس لم يجب في الطرف والثاني وهو الصحيح أنه يجب لأن القصاص في الطرف يجب مستقرا فلا يسقط بسقوطه في النفس والدليل عليه أنه لو قطع طرف إنسان ثم قتله من لا قصاص عليه لم يسقط القصاص في الطرف وإن سقط في النفس .
فصل : وإن قتل مرتد ذميا ففيه قولان : أحدهما أنه يجب القصاص وهو اختيار المزني لأنهما كافران فجرى القصاص بينهما كالذميين والثاني لا يجب لأن حرمة الإسلام باقية في المرتد بدليل أنه يجب عليه قضاء العبادات ويحرم استرقاقه وإن كانت امرأة لم يجز للذمي نكاحها فلا يجوز قتله بالذمي وإن جرح مسلم ذميا ثم ارتد الجاني ثم مات المجني عليه لم يجب القصاص قولا واحدا لأنه عدم التكافؤ في حال الجناية فلم يجب القصاص وإن وجد التكافؤ بعد ذلك كما لو جرح حر عبدا ثم أعتق العبد وإن قتل ذمي مرتدا فقد اختلف أصحابنا فيه فمنهم من قال يجب عليه القصاص إن كان القتل عمدا والدية إن كان خطأ لأن الذمي لا يقتل المرتد تدينا وإنما يقتله عنادا فأشبه إذا قتل مسلما وقال أبو إسحاق لا يلزمه قصاص ولا دية وهو الصحيح لأنه مباح الدم فلم يضمن بالقتل كما لو قتله مسلم وقال أبو سعيد الاصطخري إن قتله عمدا وجب القصاص لأنه قتله عنادا وإن قتله خطأ لم تلزمه الدية لأنه لا حرمة له .
فصل : وإن حبس السلطان مرتدا فأسلم وخلاه فقتله مسلم لم يعلم بإسلامه ففيه قولان : أحدهما لا قصاص عليه لأنه لم يقصد قتل من يكافئه والثاني يجب عليه القصاص لأن المرتد لا يخلى إلا بعد الإسلام فالظاهر أنه مسلم فوجب القصاص بقتله وإن قتل المسلم الزاني المحصن ففيه وجهان : أحدهما يجب عليه القصاص لأن قتله لغيره فوجب عليه القصاص بقتله كما لو قتل رجل رجلا فقتله غير ولي الدم والثاني لا يجب وهو المنصوص لأنه مباح الدم فلا يجب القصاص بقتله كالمرتد .
فصل : ولا يجب القصاص على الأب بقتل ولده ولا على الأم بقتل ولدها لما روى عمر بن الخطاب Bه أن النبي A قال : [ لا يقاد الأب من ابنه ] فإذا ثبت هذا في الأب ثبت في الأم لأنها كالأب في الولادة ولا يجب على الجد وإن علا ولا على الجدة وإن علت بقتل ولد الولد وإن سفل لمشاركتهم الأب والأم في الولادة وأحكامها وإن ادعى رجلان نسب لقيط ثم قتلاه قبل أن يلحق نسبه بأحدهما لم يجب القصاص لأن كل واحد منهما يجوز أن يكون هو الأب وإن رجعا في الدعوى لم يقبل رجوعهما لأن النسب حق وجب عليهما فلا يقبل رجوعهما فيه بعد الإقرار وإن رجع أحدهما وجب عليه القصاص لأنه ثبتت الأبوة للآخر ولقطع نسبه من الراجع وإن اشترك رجلان في وطء امرأة وأتت بولد يمكن أن يكون من كل واحد منهما وقتلاه قبل أن يلحق بأحدهما لم يجب القصاص وإن أنكر أحدهما النسب لم يقبل إنكاره ولم يجب عليه القصاص لأن بإنكاره لا ينقطع النسب عنه ولا يلحق بالآخر بخلاف المسألة قبلها فإن هناك لحق النسب الآخر وانقطع عن الراجع وإن قتل زوجته وله منها ابن لم يجب عليه القصاص لأنه إذا لم يجب له عليه بجنايته عليه فلا يجب له عليه بجنايته على أمه وإن كان لهما ابنان أحدهما منه والآخر من غيره لم يجب عليه القصاص لأن القصاص لا تبعض فإذا سقط نصيب ابنه سقط نصيب الآخر كما لو وجب لرجلين على رجل قصاص فعفا أحدهما عن حقه وإن اشترى المكاتب أباه وعنده عبد فقتل أبوه العبد لم يجز للمكاتب أن يقتص منه لأنه إذا لم يجب له القصاص عليه بجنايته عليه لم يجب بجنايته على عبده .
فصل : ويقتل الابن بالأب لأنه إذا قتل بمن يساويه فلأن يقتل بمن هو أفضل منه أولى وإن جنى المكاتب على أبيه وهو في ملكه ففيه وجهان : أحدهما لا يقتص منه لأن المولى لا يقتص منه لعبده والثاني يقتص منه وإليه أومأ الشافعي C في بعض كتبه لأن المكاتب ثبت له حق الحرية بالكتابة وأبوه ثبت له حق الحرية بالابن ولهذا لا يملك بيعه فصار كالابن الحر إذا جنى على أبيه الحر .
فصل : وإن قتل مسلم ذميا أو قتل حر عبدا أو قتل الأب ابنه في المحاربة ففيه قولان : أحدهما لا يجب عليه القصاص لما ذكرناه من الأخبار ولأن من لا يقتل بغيره إذا قتله في غير المحاربة لم يقتل به إذا قتله في المحاربة كالمخطيء والثاني أنه يجب لأن القتل في المحاربة تأكد لحق الله تعالى حتى لا يجوز فيه عفو الولي فلم يعتبر فيه التكافؤ كحد الزنا .
فصل : وتقتل الجماعة بالواحد إذا اشتركوا في قتله وهو أن يجني كل واحد منهم جناية لو انفرد بها ومات أضيف القتل إليه ووجب القصاص عليه والدليل عليه ما روى سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب Bه قتل سبعة أنفس من أهل صنعاء قتلوا رجلا وقال : لو تمالأ فيه أهل صنعاء لقتلتهم ولأنا لو لم نوجب القصاص عليهم جعل الاشتراك طريقا إلى إسقاط القصاص وسفك الدماء فإن اشترك جماعة في القتل وجناية بعضهم عمدا وجناية البعض خطأ لم يجب القصاص على واحد منهم لأنه لم يتمحض قتل العمد فلم يجب القصاص وإن اشترك الأب والأجنبي في قتل الابن وجب القصاص على الأجنبي لأن مشاركة الأب لم تغير صفة العمد في القتل فلم يسقط القود عن شريكه كمشاركة غير الأب وإن اشترك صبي وبالغ في القتل فإن قلنا عمد الصبي خطأ لم يجب القصاص على البالغ لأن شريكه مخطئ وإن قلنا إن عمده عمد وجب لأن شريكه عامد فهو كشريك الأب وإن جرح رجل نفسه وجرحه آخر أو جرحه سبع وجرحه آخر ومات ففيه قولان : أحدهما يجب القصاص على الجارح لأنه شاركه في القتل عامدا فوجب عليه القصاص كشريك الأب والثاني لا يجب لأنه إذا لم يجب على شريك المخطيء وجنايته مضمونة فلأن لا يجب على شريك الجارح نفسه والسبع وجنايتهما غير مضمونة أولى وإن جرحه رجل جراحة وجرحه آخر مائة جراحة وجب القصاص عليهما لأن الجرح له سراية في البدن وقد يموت من جرح واحد ولا يموت من جراحات فلم تمكن إضافة القتل إلى واحد بعينه ولا يمكن إسقاط القصاص فوجب على الجميع وإن قطع أحدهما يده وجز الآخر رقبته أو قطع حلقومه ومريئه أو شق بطنه فأخرج حشوته فالأول قاطع يجب عليه ما يجب على القاطع والثاني قاتل لأن الثاني قطع سراية القطع فصار كما لو اندمل الجرح ثم قتله الآخر وإن قطع أحدهما حلقومه ومريئه أو شق بطنه وأخرج حشوته ثم حز الآخر رقبته فالقاتل هو الأول لأنه لا تبقى بعد جنايته حياة مستقرة وإنما يتحرك حركة مذبوح ولهذا يسقط حكم كلامه في الإقرار والوصية والإسلام والتوبة وإن أجافه جائفة يتحقق الموت منها إلا أن الحياة فيه مستقرة ثم قتله الآخر كان القاتل هو الثاني لأن حكم الحياة باق ولهذا أوصى عمر Bه بعد ما سقى اللبن وخرج من الجرح ووقع الأياس منه فعمل بوصيته فجرى مجرى المريض الميؤوس منه إذا قتل وإن جرحه رجل فداوى جرحه بسم غير موح إلا أنه يقتل في الغالب أو خاط جرحه في لحم حي أو خاف التآكل فقطعه فمات ففي وجوب القتل على الجاني طريقان : من أصحابنا من قال فيه قولان : أحدهما يجب عليه القتل والثاني لا يجب لأنه شاركه في القتل من لا ضمان عليه فكان في قتله قولان كالجارح إذا شاركه المجروح أو السبع في الجرح ومنهم من قال : لا يجب عليه القتل قولا واحدا لأن المجروح هاهنا لم يقصد الجناية وإنما قصد المداواة فكان فعله عمد خطأ فلم يجب القتل على شريكه والمجروح هناك والسبع قصدا الجناية فوجب القتل على شريكهما وإن كان على رأس مولى عليه سلعة فقطعها وليه أو جرحه رجل فداواه الولي بسم غير موح أو خاط جرحه في لحم حي ومات ففيه قولان : أحدهما يجب على الولي القصاص لأنه جرح جرحا مخوفا فوجب عليه القصاص كما لو فعله غير الولي والثاني لا قصاص عليه لأنه لم يقصد الجناية وإنما قصد المداواة وله نظر في مداواته فلم يجب عليه القصاص فإن قلنا يجب عليه القصاص وجب على الجارح لأنهما شريكان في القتل وإن قلنا لا قصاص عليه لم يجب على الجارح لأنه شارك من فعله عمد خطأ