وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

كتاب الأيمان .
تصح اليمين من كل مكلف مختار قاصد إلى اليمين لقوله تعالى : { لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم و لكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان } ( المائدة : 89 ) و أما غير المكلف كالصبي و المجنون و النائم فلا تصح يمينه لقوله صلى الله عليه و سلم : [ رفع القلم عن ثلاثة عن الصبي حتى يبلغ و عن النائم حتى يستيقظ و عن المجنون حتى يفيق ] و لأنه قول يتعلق به وجوب حق فلا يصح من غير مكلف كالبيع و فيمن زال عقله بالسكر طريقان على ما ذكرناه في الطلاق و أما المكره فلا تصح يمينه لما روى واثلة بن الأسقع و أبو أمامة Bهما أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : [ ليس على مقهور يمين ] و لأنه قول حمل عليه بغير حق فلم يصح كما لو أكره على كلمة الكفر و أما من لا يقصد اليمين و هو الذي يسبق لسانه إلى اليمين أو أراد اليمين على شيء فسبق لسانه إلى غيره فلا تصح يمينه لقوله عز و جل : { لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم } و روي عن ابن عمر و ابن عباس و عائشة Bهم أنهم قالوا هو قول الرجل لا و الله و بلى و الله ولأن ما سبق إليه اللسان من غير قصد لا يؤاخذ به كما لو سبق لسانه إلى كلمة الكفر .
فصل : و يصح اليمين على الماضي و المستقبل فإن حلف على ماض و هو صادق فلا شيء عليه لأن النبي صلى الله عليه و سلم جعل اليمين على المدعى عليه و لا يجوز أن يجعل اليمين عليه إلا و هو صادق فدل على أنه يجوز أن يحلف على ما هو صادق فيه و روى محمد ابن كعب القرظي أن عمر بن الخطاب Bه قال و هو على المنبر و في يده عصا : يا أيها الناس لا يمنعكم اليمين عن أخذ حقوقكم فوالذي نفسي بيده إن في يدي عصا و إن كان كاذبا و هو أن يحلف على أمر أنه كان و لم يكن أو على امرأته لم و كان أثم بذلك و هو اليمين الغموس و الدليل عليه ما روي عن الشعبي Bه عن عبد الله ابن عمر قال : جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال : يا رسول الله ما الكبائر قال : [ الشرك بالله قال ثم ماذا ؟ قال : عقوق الوالدين قال ثم ماذا ؟ قال : اليمين الغموس ] قيل للشعبي ما اليمين الغموس ؟ قال : الذي يقتطع بها مال امرئ و هو فيها كاذب و روى عبد الله ابن مسعود Bه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : [ من حلف على يمين و هو فاجر ليقتطع بها مال امرئ مسلم لقي الله عز و جل و هو علي غضبان ] و إن كان على مستقبل نظرت فإن كان على أمر مباح ففيه وجهان : أحدهما الأولى أن لا يحنث لقوله عز و جل : { و لا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها } ( النحل : 91 ) و الثاني أن الأولى أن يحنث لقوله عز و جل : { لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم } ( المائدة : 87 ) فإن حلف على فعل مكروه أو ترك مستحب فالأولى أن يحنث لما روت أم سلمة Bها أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : [ من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليكفر عن يمينه ثم ليفعل الذي هو خير ] .
فصل : و تكره اليمين بغير الله عز و جل فإن حلف بغيره كالنبي و الكعبة و الآباء و الأجداد لم تنعقد يمينه لما روى ابن عمر Bه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : [ من كان حالفا فلا يحلف إلا بالله تعالى ] و روي عن عمر Bه قال : سمعني رسول الله صلى الله عليه و سلم أحلف بأبي فقال : إن الله عز و جل ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم فقال عمر Bه و الله ما حلفت بها ذاكرا و لا آثرا و إن قال إن فعلت كذا و كذا فأنا يهودي أو نصراني أو أنا بريء من الله أو من الإسلام لم ينعقد يمينه لما روى بريد أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : [ من حلف أنه بريء من الإسلام فإن كان كاذبا فقد قال و إن كان صادقا فلم يرجع إلى الإسلام سالما ] لأنه يمين بمحدث فلم ينعقد كاليمين بالمخلوقات .
فصل : و تجوز اليمين بأسماء الله و صفاته فإن حلف من أسمائه بالله انعقدت يمينه لما روى ابن عباس Bه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : [ و الله لأغزون قريشا و الله لأغزون قريشا و الله لأغزون قريشا ثم قال إن شاء الله ] و إن حلف بالرحمن أو بالإله أو بخالق الخلق أو ببارئ النسمة أو بالحي القيوم أو بالحي الذي لا يموت أو برب السموات و الأرضين أو بمالك يوم الدين أو برب العالمين و ما أشبه ذلك من الأسماء التي لا يشاركه فيها أحد انعقدت يمينه لأنه لا يسمى بها غيره و لا يوصف بها سواه فصار كما لو قال و الله فإن حلف بالرحيم و الرب القادر و القاهر و الملك و الجبار و الخالق و المتكبر و لم ينو به غير الله عز و جل انعقدت به يمينه لأنه لا تطلق هذه الأسماء إلا عليه و إن نوى به غيره لم ينعقد لأنه قد تستعمل في غيره مع التقييد لأنه يقال فلان رحيم القلب و رب الدار و قادر على المشي و قاهر للعدو و خالق للكذب و مالك البلد و جبار متكبر فجاز أن تصرف إليه بالنية فإن قال و الحي و الموجود و العالم و المؤمن و الكريم لم تنعقد يمينه إلا أن ينوي به الله تعالى لأن هذه الأسماء مشتركة بين الله تعالى و بين الخلق مستعملة في الجميع استعمالا واحدا فلم تنصرف إلى الله تعالى من غير نية كالكنايات في الطلاق و إن حلف بصفة من صفاته نظرت فإن حلف بعظمة الله أو بعزته أو بكبريائه أو بجلاله أو ببقائه أو بكلامه انعقدت يمينه لأن هذه الصفات للذات لم يزل موصوفا بها و لا يجوز وصفه بضدها فصار كاليمين بأسمائه و إن قال و علم الله و لم ينو به المعلوم أو بقدرة الله و لم ينو به المقدور انعقدت يمينه لأن العلم و القدرة من صفات الذات لم يزل موصوفا بهما و لا يجوز وصفه بضدهما فصارا كالصفات الستة فإن نوى بالعلم المعلوم أو بالقدرة المقدور لم ينعقد يمينه لأنه قد يستعمل العلم في المعلوم و القدرة في المقدور ألا ترى أنك تقول اغفر لنا علمك فينا و تريد المعلوم و تقول انظروا إلى قدرة الله و تريد به المقدور فانصرف إليه بالنية فإن قال و حق الله و أراد به العبادات لم ينعقد يمينه لأنه يمين بمحدث و إن لم ينو العبادات انعقدت يمينه لأن الحق يستعمل فيما يستحق من العبادات و يستعمل فيما يستحقه الباري من الصفات و ذلك من صفات الذات و قد انضم إليه العرف في الحلف به فانعقدت به اليمين من غير نية .
فصل : و إن قال علي عهد الله و ميثاقه و كفالته و أمانته فإن أراد به ما أخذ علينا من العهد في العبادات فليس بيمين لأنه يمين بمحدث و إن أراد بالعهد استحقاقه ما تعبدنا به فهو يمين لأنه صفة قديمة و إن لم يكن له نية ففيه وجهان : أحدهما أنه يمين لأن العادة الحلف بها و التغليظ بصفاته كالطالب الغالب و ترك المهلك و الثاني ليس بيمين لأنه يحتمل العبادات و يحتمل ما ذكرناه من استحقاقه و لم يقترن بذلك عرف عام و إنما يحلف به بعض الناس و أكثرهم لا يعرفونه فلم يجعل يمينا .
فصل : و إن قال بالله لأفعلن كذا بالباء المعجمة من تحت فإن أراد بالله إني أستعين بالله أو أثق بالله في الفعل الذي أشار إليه لم يكن يمينا لأن ما نواه ليس بيمين و اللفظ يحتمله فلم يجعل يمينا و إن لم يكن له نية كان يمينا لأن الباء من حروف القسم فحمل إطلاق اللفظ عليه و إن قال تالله لأفعلن كذا بالتاء المعجمة من فوق فالمنصوص في الأيمان و الإيلاء أنه يمين و روى المزني في القسامة أنه ليس بيمين و اختلف أصحابنا فيه فمنهم من قال المذهب ما نص عليه في الأيمان و الإيلاء لأن التاء من حروف القسم و الدليل عليه قوله عز و جل : { و تالله لأكيدن أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين } ( الأنبياء : 57 ) و قوله تعالى : { لقد آثرك الله علينا و إن كنا لخاطئين } ( يوسف : 91 ) فصار كما لو قال و الله و بالله و ما رواه المزني صحف فيه و الذي قال المزني في القسامة بالباء المجمعة من تحت و تعليله يدل عليه فإنه قال لأنه دعاء و تالله ليس بدعاء و من أصحابنا من قال إن كان في الأيمان و الإيلاء فهو يمين لأنه يلزمه حق و إن كان في القسامة لم يكن يمينا لأنه يستحق به المال فلم يجعل يمينا و إن قال الله لأفعلن كذا فإن أراد به اليمين فهو يمين لأنه قد تحذف حروف القسم و لهذا روي أن عبد الله بن مسعود Bه أخبر النبي صلى الله عليه و سلم أنه قتل أبا جهل فقال آلله إنك قتلته قال آلله إني قتلته و إن لم يكن له نية لم يكن يمينا لأنه لم يأت بلفظ القسم و إن قال لاها الله و نوى به اليمين فهو يمين لما روي أن أبا بكر الصديق Bه قال في سلب قتيل قتله أبو قتادة لاها الله إذا لا يعمد إلى أسد من أسد الله تعالى يقاتل عن دين الله و رسوله فيعطيك سلبه فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : [ صدق ] و إن لم ينو اليمين لم يكن يمينا لأنه غير متعارف في اليمين فلم يجعل يمينا من غير نية و إن قال و ايم الله و نوى به اليمين فهو يمين لأن النبي صلى الله عليه و سلم قال في أسامة بن زيد : [ و ايم الله إنه لخليق بالإمارة ] فإن لم يكن له فيه لم يكن يمينا لأنه لم يقترن به عرف و لا نية .
فصل : و إن قال لعمر الله و نوى به اليمين فهو يمين لأنه قد قيل معناه بقاء الله و قيل حق الله و قيل علم الله و الجميع من الصفات التي تنعقد بها اليمين فإن لم يكن له نية ففيه وجهان : أحدهما أنه يمين لأن الشرع ورد به في اليمين و هو قول الله عز و جل : { لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون } و الثاني أنه ليس بيمين و هو ظاهر النص لأنه غير متعارف في اليمين .
فصل : و إن قال أقسمت بالله أو أقسم بالله لأفعلن كذا و لم ينو شيئا فهو يمين لأنه ثبت له عرف الشرع و عرف العادة فالشرع قوله عز و جل : { فيقسمان بالله لشهادتنا أحق من شهادتهما } ( المائدة : 107 ) و قوله عز و جل : { و أقسموا بالله جهد أيمانهم } ( المائدة : 53 ) و عرف العادة أن الناس يحلفون بها كثيرا و إن قال أردت بقولي أقسمت بالله الخبر عن يمين متقدمة و بقولي أقسم بالله الخبر عن يمين مستأنفة قبل قوله فيما بينه و بين الله تعالى لأن ما يدعيه يحتمله اللفظ فأما في الحكم فالمنصوص في الأيمان أنه يقبل و قال في الإيلاء إذا قال لزوجته أقسمت بالله لا وطئتك و قال أردت به في زمان متقدم أنه لا يقبل فمن أصحابنا من قال لا يقبل قولا واحدا و ما يدعيه خلاف ما يقتضيه اللفظ في عرف الشرع و عرف العادة و قوله في الأيمان أنه يقبل إرادته فيما بينه و بين الله عز و جل و منهم من قال لا يقبل في الإيلاء و يقبل في غيره من الأيمان لأن الإيلاء يتعلق به حق المرأة فلم يقبل منه خلاف الظاهر و الحق في سائر الأيمان لله عز و جل فقبل قوله و منهم من نقل جوابه في كل واحدة من المسألتين إلى الأخرى و جعلهما على قولين : أحدهما يقبل لأن ما يدعيه يحتمله اللفظ و الثاني لا يقبل لأن ما يدعيه خلاف ما يقتضيه اللفظ في عرف الشرع و عرف العادة فإن قال شهدت بالله أو أشهد بالله لأفعلن كذا فإن نوى به اليمين فهو يمين لأنه قد يراد بالشهادة اليمين و إن نوى بالشهادة بالله الأيمان بها فليس بيمين لأنه قد يراد به ذلك و إن لم يكن له نية ففيه وجهان : أحدهما أنه يمين لأنه ورد به القرآن و المراد به اليمين و هو قوله عز و جل : { فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين } ( النور : 6 ) و الثاني أنه ليس بيمين لأنه ليس في اليمين بها عرف من جهة العادة و أما في الشرع فقد ورد و المراد به اليمين و ورد و المراد به الشهادة فلم يجعل يمينا من غير نية و إن قال أعزم بالله لأفعلن كذا فإن أراد به اليمين فهو يمين لأنه يحتمل أن أقول أعزم ثم يبتدئ اليمين بقوله بالله لأفعلن كذا و إن أراد إني أعزم بالله أي بمعونته و قدرته لم يكن يمينا و إن لم ينو شيئا لم يكن يمينا لأنه يحتمل اليمين و يحتمل العزم على الفعل بمعونة الله فلم يجعل يمينا من غير نية و لا عرف و إن قال أقسم أو أشهد أو أعزم و لم يذكر اسم الله تعالى لم يكن يمينا نوى به اليمين أو لم ينو لأن اليمين لا ينعقد إلا باسم معظم أو صفة معظمة ليتحقق المحلوف عليه و ذلك لم يوجد .
فصل : و إن قال أسألك بالله أو أقسم عليك بالله لتفعلن كذا فإن أراد به الشفاعة بالله عز و جل في الفعل لم يكن يمينا و إن أراد أن يحلف عليه ليفعلن ذلك صار حالفا لأنه يحتمل اليمين و هو أن يبتدئ بقوله بالله لتفعلن كذا و إن أراد أن يعقد للمسؤول بذلك يمينا لم ينعقد لواحد منهما لأن السائل صرف اليمين عن نفسه و المسؤول لم يحلف .
فصل : إذا قال و الله لأفعلن كذا إن شاء زيد أن أفعله فقال زيد قد شئت أن يفعله انعقدت يمينه لأنه علق عقد اليمين على مشيئته و قد وجدت ثم يقف البر و الحنث على فعل الشيء و تركه و إن قال زيد لست أشاء أن يفعله لم تنعقد اليمين لأنه لم يوجد شرط عقدها و إن فقدت مشيئته بالجنون أو الغيبة أو الموت لم ينعقد اليمين لأنه لم يتحقق شرط الانعقاد و لا ينعقد اليمين به و الله أعلم