وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

باب جامع الايمان .
إذا حلف لا يسكن دارا و هو فيها فخرج في الحال بنية التحويل و ترك رحله فيها لم يحنث لأن اليمين على سكناه و قد ترك السكنى فلم يحنث بترك الرحل كما لو حلف لا يسكن في بلد فخرج و ترك رحله فيه و إن تردد إلى الدار لنقل الرحل لم يحنث لأن ذلك ليس بسكنى و إن حلف لا يسكنها و هو فيها أو لا يلبس هذا الثوب و هو لابسه أو لا يركب هذه الدابة و هو راكبها فاستدام حنث لأن الاسم يطلق على حال الاستدامة و لهذا تقول سكنت الدار شهرا و لبست الثوب شهرا و ركبت الدابة شهرا و إن حلف لا يتزوج و هو متزوج أو لا يتطهر و هو متطهر أو لا يتطيب و هو متطيب فاستدام لم يحنث لأنه لا يطلق الاسم عليه في حال الاستدامة و لهذا تقول تزوجت من شهر و تطهرت من شهر و تطيبت من شهر و لا تقول تزوجت شهرا و تطهرت شهرا و تطيبت شهرا و إن حلف لا يدخل الدار و هو فيها فاستدام ففيه قولان : قال في الأم : يحنث لأن استدامة الدخول كالإبتداء في التحريم في ملك الغير فكذلك في الحنث في اليمين كاللبس و الركوب و قال في حرملة : لا يحنث و هو الصحيح لأن الدخول لا يستعمل في الاستدامة و لهذا نقول دخلت الدار من شهر و لا تقول دخلتها شهرا فلم يحنث بالاستدامة كما لو حلف لا يتطهر أو لا يتزوج فاستدام فإن حلف لا يسافر و هو في السفر فأخذ في العود لم يحنث لأنه أخذ في ترك السفر و إن استدام السفر حنث لأنه مسافر .
فصل : و إن حلف لا يساكن فلانا و هما في مسكن واحد ففارق أحدهما الآخر في الحال و بقي الآخر لم يحنث لأنه زالت المساكنة و إن سكن كل واحد منهما في بيت من خان أو دار كبيرة و انفرد كل واحد منهما بباب و غلق لم يحنث لأنه ما ساكنه فإن حلف لا يدخل دارا فأدخل إحدى الرجلين أو أدخل رأسه إليها لم يحنث و إن حلف لا يخرج من دار فأخرج إحدى الرجلين أو أخرج رأسه منها لم يحنث لأن النبي صلى الله عليه و سلم كان معتكفا و كان يدخل رأسه إلى عائشة لترجله و لأن كمال الدخول و الخروج لا يحصل بذلك .
فصل : و إن حلف لا يدخل دارا فحصل في سطحها و هو غير محجر لم يحنث و قال أبو ثور : يحنث لأن السطح من الدار و هذا خطأ لأنه حاجز بين داخل الدار و خارجها فلم يصر بحصوله فيه داخلا فيها كما لو حصل على حائط الدار و إن كان محجرا ففيه وجهان : أحدهما يحنث لأنه يحيط به سور الدار و الثاني لا يحنث و هو ظاهر النص لأنه لم يحصل في داخل الدار و إن كان في الدار نهر فطرح نفسه في الماء حتى حمله إلى داخل الدار حنث لأنه دخل الدار و إن كان في الدار شجرة منتشرة الأغصان فتعلق بغصن منها و نزل فيها حتى أحاط به حائط الدار حنث و إن نزل فيه حتى حاذى السطح فإن كان غير محجر لم يحنث و إن كان محجرا فعلى الوجهين .
فصل : و إن حلف لا يدخل دار زيد هذه فباعها ثم دخلها حنث لأن اليمين على وجه عين مضافة إلى مالك فلم يسقط الحنث فيه بزوال الملك كما لو حلف لا يكلم زوجة فلان هذه فطلقها ثم كلمها و إن حلف لا يدخل دار زيد فدخل دارا لزيد و عمرو و لم يحنث لأن اليمين معقودة على دار جميعها لزيد و إن حلف لا يدخل دار زيد فدخل دارا يسكنها زيد بإعارة أو إجارة أو غصب فإن أراد مسكنه حنث لأنه يحتمل ما نوى و إن لم يكن له نية لم يحنث و قال أبو ثور : يحنث لأن الدار تضاف إلى الساكن و الدليل عليه قوله تعالى : { لا تخرجوهن من بيوتهن } ( الطلاق : 1 ) فأضاف بيوت أزواجهن إليهن بالسكنى و هذا خطأ لأن حقيقة الإضافة تقتضي ملك العين و لهذا لو قال هذه الدار لزيد جعل ذلك إقرارا له بملكها .
فصل : و إن حلف لا يدخل هذه الدار فانهدمت و صارت ساحة أو جعلت حانوتا أو بستانا فدخلها لم يحنث لأنه زال عنها اسم الدار و إن أعيدت بغير تلك الآلة لم يحنث بدخولها لأنها غير تلك الدار و إن أعيدت بتلك الآلة ففيه وجهان : أحدهما لا يحنث و هو قول أبي علي ابن أبي هريرة لأنها غير تلك الدار و الثاني أنه يحنث لأنها عادت كما كانت .
فصل : و إن حلف لا يدخل هذه الدار من هذا الباب فقلع الباب و نصبه في مكان آخر و بقي الممر الذي كان عليه الباب فدخلها من الممر حنث و إن دخلها من الموضع الذي نصب فيه الباب لم يحنث و من أصحابنا من قال إن دخل من الممر الذي كان فيه الباب لم يحنث لأنه لم يدخل من ذلك الباب لأن الباب نقل و هذا خطأ لأن الباب هو الممر الذي يدخل و يخرج منه دون المصراع المنصوب و الممر الأول باق فتعلق به الحنث و إن حلف لا يدخل هذه الدار من بابها أولا يدخل من باب هذه الدار فسد الباب و جعل الباب في مكان آخر فدخلها منه ففيه وجهان : أحدهما أنه يحنث و هو قول أبي علي ابن أبي هريرة و هو المنصوص في الأم لأن اليمين انعقدت على باب موجود مضاف إلى الدار و ذلك هو الباب الأول فلا يحنث بالثاني كما لو حلف لا يدخل دار زيد فباع زيد داره ثم دخلها و الثاني و هو قول أبي إسحاق أنه يحنث و هو الأظهر لأن اليمين معقودة على بابها و بابها الآن هو الثاني فتعلق الحنث به كما لو حلف لا يدخل دار زيد فباع زيد داره و اشترى أخرى فإن الحنث يتعلق بالدار الثانية دون الأولى .
فصل : و إن حلف لا يدخل بيتا فدخل مسجدا أو بيتا في الحمام لم يحنث لأن المسجد و بيت الحمام لا يدخلان إطلاق اسم البيت و لأن البيت اسم لما جعل للإيواء و السكنى و المسجد و بيت الحمام لم يجعل لذلك فإن دخل بيتا من شعر أو أدم نظرت فإن كان الحالف ممن يسكن بيوت الشعر و الأدم حنث و إن كان ممن لا يسكنها ففيه وجهان : أحدهما و هو قول أبي العباس بن سريج أنه لا يحنث لأن اليمين تحمل على العرف و لهذا لو حلف لا يأكل الرؤوس حل على ما يتعارف أكله منفردا و بيت الشعر و الأدم غير متعارف للقروي فلم يحنث به و الثاني و هو قول أبي إسحاق و غيره أنه يحنث لأنه بيت جعل للإيواء و السكنى فأشبه بيوت المدر و قولهم إنه غير متعارف في حق أهل القرى يبطل بالبيت من المدر فإنه غير متعارف في حق أهل البادية ثم يحنث به وخبز الأرز غير متعارف في حق غير الطبري ثم يحنث بأكله إذا حلف لا يأخذ الخبز .
فصل : و إن حلف لا يأكل هذه الحنطة فجعلها دقيقا أو لا يأكل هذا الدقيق فجعله عجينا أو لا يأكل هذا العجين فجعله خبزا لم يحنث بأكله و قال أبو العباس : يحنث لأن اليمين تعلقت بعينه فتعلق الحنث بها و إن زال الاسم كما لو حلف لا يأكل هذا الحمل فذبحه و أكله و المذهب الأول لأنه علق اليمين على العين و الاسم ثم لا يحنث بغير العين فكذلك لا يحنث بغير الاسم ويخالف الحمل لأنه لا يمكن أكله حيا و الحنطة يمكن أكلها حبا أو لأن الحمل ممنوع من أكله في حال الحياة من غير يمين فلم يدخل في اليمين و الحنطة غير ممنوع من أكلها فتعلق بها اليمين و إن حلف لا يأكل هذا الرطب فأكله و هو تمر أو لا يأكل هذا الحمل فأكله و هو كبش أو لا يكلم هذا الصبي فكلمه و هو شيخ ففيه وجهان : أحدهما و هو قول أبي علي ابن أبي هريرة أنه لا يحنث كما لا يحنث في الحنطة إذا صارت دقيقا فأكله و الثاني أنه يحنث لأن الانتقال حدث فيه من غير صنعة و في الحنطة الانتقال حدث فيها بصنعة و هذا لا يصح لأنه يبطل به إذا حلف لا يأكل هذا البيض فصار فرخا أو لا يأكل هذا الحب فصار زرعا فإنه لا يحنث و إن كان الانتقال حدث فيه من غير صنعة و إن حلف لا يشرب هذا العصير فصار خمرا أو لا يشرب هذا الخمر فصار خلا فشربه لم يحنث كما قلنا في الحنطة إذا صارت دقيقا و إن حلف لا يلبس هذا الغزل فنسج منه ثوبا حنث بلبسه لأن الغزل لا يلبس إلا منسوجا فصار كما لو حلف لا يأكل هذا الحيوان فذبحه و أكله .
فصل : و إن حلف لا يشرب هذا السويق فاستفه أو لا يأكل هذا الخبز فدقه و شربه أو ابتلعه من غير مضغ لم يحنث لأن الأفعال أجناس مختلفة كالأعيان ثم لو حلف على جنس من الأعيان لم يحنث بجنس آخر فكذلك إذا حلف على جنس من الأفعال لم يحنث بجنس آخر و إن حلف لا يذوق هذا الطعام فذاقه و لفظه ففيه وجهان : أحدهما لا يحنث لأنه لا يوجد حقيقة الذوق ما لم يزدرده و لهذا لا يبطل به الصوم و الثاني أنه لا يحنث الذوق معرفة الطعم و ذلك يحصل من غير ازدراد وإن حلف لا يذوقه فأكله أو شربه حنث لأنه قد ذاق وزاد عليه و إن حلف لا يأكل و لا يشرب و لا يذوق فأوجر في حلقه حتى وصل إلى جوفه لم يحنث لأنه لم يأكل و لم يشرب و لم يذق و إن قال و الله لا طعمت هذا الطعام فأوجر في حلقه حنث لأن معناه لا جعلته لي طعاما و قد جعله طعاما له .
فصل : و إن حلف لا يأكل اللحم حنث بأكل لحم كل ما يؤكل لحمه من النعم و الوحش و الطير لأن اسم اللحم يطلق على الجميع و لا يحنث بأكل السوك لأنه لا يطلق عليه اسم اللحم و هل يحنث بأكل لحم ما لا يؤكل لحمه ففيه وجهان : أحدهما يحنث لأنه يطلق عليه اسم اللحم و إن لم يحل كما أطلق على اللحم المغصوب و إن لم يحل و الثاني لا يحنث لأن القصد باليمين أن يمنع نفسه مما يستبيحه و لحم ما لا يؤكل لحمه ممنوع من أكله من غير يمين فلم يدخل في اليمين و إن حلف لا يأكل اللحم فأكل الشحم لم يحنث و إن حلف لا يأكل الشحم فأكل اللحم لم يحنث لأنهما جنسان مختلفان في الاسم و الصفة و إن حلف على اللحم فأكل سمين الظهر و الجنب و ما يعلو اللحم و يتخلله من البياض حنث لأنه لحم سمين و إن حلف على الشحم فأكل ذلك لم يحنث لأنه ليس بشحم و إن حلف على اللحم أو الشحم فأكل الكبد أو الطحال أو الرئة أو الكرش أو المخ لم يحنث لأنه مخالف للحم و الشحم في الاسم و الصفة و إن حلف على اللحم فأكل لحم الخد أو لحم الرأس أو اللسان ففيه وجهان : أحدهما يحنث لأنه لحم و الثاني لا يحنث لأن اللحم لا يطلق إلا على لحم البدن و اختلف أصحابنا في الألية فمنهم من قال : هو شحم يحنث به في اليمين على الشحم و لا يحنث به في اليمين على اللحم لأنه يشبه الشحم في بياضه و يذوب كما يذوب الشحم و منهم من قال : هو لحم فيحنث به في اليمين على اللحم و لا يحنث به في اليمين على الشحم لأنه نابت في اللحم و يشبهه في الصلابة و منهم من قال : ليس بلحم ولا شحم و لا يحنث به في اليمين على واحد منهما لأنه مخالف للجميع في الاسم و الصفة فصار كالكبد و الطحال و إن حلف على اللحم فأكل شحم العين لم يحنث لأنه مخالف للحم في الاسم و الصفة و إن حلف على الشحم فأكله ففيه وجهان : أحدهما يحنث به بدخوله في اسم الشحم و الثاني لا يحنث به لأنه لا يدخل في إطلاق اسمه كما لا يدخل لحم السمك في إطلاق اليمين على اللحم و لا التمر الهندي في إطلاق اليمين على التمر .
فصل : و إن حلف لا يأكل الرؤوس و لم يكن له نية حنث برؤوس الإبل و البقر و الغنم لأنها تباع مفردة و تؤكل مفردة عن الأبدان و لا يحنث برؤوس الطير فإنها لا تباع مفردة و لا تؤكل مفردة فإن كان في بلد يباع فيه رؤوس الصيد و رؤوس السمك مفردة حنث بأكلها لأنها تباع مفردة فهي كرؤوس الإبل و البقر و الغنم و هل يحنث بأكلها في سائر البلاد فيه وجهان : أحدهما لا يحنث لأنه لا يطلق عليها اسم الرؤوس إلا في البلد الذي يباع فيه و يعتاد أكله و الثاني يحنث بها لأن ما ثبت له العرف في مكان وقع الحنث به في كل مكان كخبز الأرز .
فصل : و إن حلف لا يأكل البيض حنث بأكل كل بيض يزايل بائضه في الحياة كبيض الدجاجة و الحمامة و النعامة لأنه يؤكل مفردا و يباع منفردا فيدخل في مطلق اليمين و لا يحنث بما لا يزايل بائضه كبيض السمك و الجراد لأنه لا يباع منفردا و لا يؤكل منفردا فلم يدخل في مطلق اليمين .
فصل : و إن حلف لا يأكل اللبن حنث بأكل لبن الأنعام و لبن الصيد لأن اسم اللبن يطلق على الجميع و إن كان فيه ما يقل أكله لتقذره كما يحنث في اليمين على اللحم بأكل لحم الجميع و إن كان فيه ما يقل أكله لتقذره و يحنث بالحليب و الرائب و ما جمد منه لأن الجميع لبن و لا يحنث بأكل الجبن و اللوز و اللبا و الزبد و السمن و المصل و الأقط و قال أبو علي ابن هريرة إذا حلف على اللبن حنث بكل ما يتخذ منه لأنه من اللبن و المذهب الأول لأنه لا يطلق عليه اسم اللبن فلم يحنث به و إن كان منه كما لو حلف لا يأكل الرطب فأكل التمر أو لا يأكل السمسم فأكل الشيرج فإنه لا يحنث و إن كان التمر من الرطب و الشيرج من السمسم .
فصل : و إن حلف لا يأكل السمن فأكله مع الخبز أو أكله في العصيدة و هو ظاهر فيها حنث و إن حلف لا يأكل اللبن فأكله في طبيخ و هو ظاهر فيه أو حلف لا يأكل الخل فأكله في طبيخ و هو ظاهر فيه حنث و قال أبو سعيد الإصطخري : إذا أكله مع غيره لم يحنث لأنه لم يفرده بالأكل فلم يحنث كما لو حلف لا يأكل طعاما اشتراه زيد فأكل طعاما اشتراه زيد و عمرو و المذهب الأول لأنه فعل المحلوف عليه و أضاف إليه غيره فحنث كما لو حلف لا يدخل على زيد فدخل على جماعة و هو فيهم .
فصل : و إن حلف لا يأكل أدما فأكل اللحم حنث لما روي أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : [ سيد الإدام اللحم ] و لأنه يؤتدم به في العادة فحنث به كالخل و المري فإن أكل التمر ففيه وجهان : أحدهما لا يحنث لأنه لا يؤتدم به في العادة و إنم يؤكل قوتا أو حلاوة و الثاني أنه يحنث به لأن النبي صلى الله عليه و سلم أعطى سائلا خبزا و تمرا و قال : [ هذا أدم هذا ] .
فصل : و إن حلف لا يأكل الفاكهة فأكل الرطب أو العنب أو الرمان أو الإترنج أو التوت أو النبق حنث لأنها ثمار أشجار فحنث بها كالتفاح و السفرجل و إن أكل البطيخ أو الموز حنث لأنه يتفكه به كما يتفكه بثمار الأشجار و إن أكل الخيار أو القثاء لم يحنث لأنهما من الخضروات .
فصل : و إن حلف لا يأكل بسرا و لا رطبا فأكل منصفا حنث في اليمين لأنه أكل البسر و الرطب و إن حلف لا يأكل بسرة و لا رطبة فأكل منصفا لم يحنث لأنه لم يأكل بسرة و لا رطبة .
فصل : و إن حلف لا يأكل قوتا فأكل التمر أو الزبيب أو اللحم و هو ممن يقتات ذلك حنث و هل يحنث به غيره على ما ذكرناه من الوجهين في بيوت الشعر و رؤوس الصيد .
فصل : و إن حلف لا يأكل طعاما حنث بأكل كل ما يطعم من قوت و أدم و فاكهة و حلاوة لأن اسم الطعام يقع على الجميع و الدليل عليه قوله تعالى : { كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه } ( آل عمران : 93 ) و هل يحنث بأكل الدواء ففيه وجهان : أحدهما لا يحنث لأنه لا يدخل في إطلاق اسم الطعام و الثاني يحنث لأنه يطعم في حال الاختيار و لهذا يحرم فيه الربا .
فصل : و إن حلف لا يشرب الماء فشرب ماء البحر احتمل عندي وجهين : أحدهما يحنث لأنه يدخل في اسم الماء المطلق و لهذا تجوز به الطهارة و الثاني لا يحنث لأنه لا يشرب و إن حلف لا يشرب ماء فراتا فشرب ماء دجلة أو غيره من المياه العذبة حنث لأن الفرات هو الماء العذب و الدليل عليه قوله تعالى : { و أسقيناكم ماء فراتا } ( المرسلات : 27 ) و أراد به العذب و إن حلف لا يشرب من ماء الفرات فشرب من ماء دجلة لم يحنث لأن الفرات إذا عرف بالألف و اللام فهو النهر الذي بين العراق و الشام .
فصل : و إن حلف لا يشم الريحان فشم الضميران و هو الريحان الفارسي حنث و إن شم ما سواه كالورد و البنفسج و الياسمين و الزعفران لم يحنث لأنه لا يطلق اسم الريحان إلا على الضميران و ما سواه لا يسمى إلا بأسمائها و إن حلف لا يشم المشموم حنث بالجميع لأن الجميع مشموم و إن شم الكافور أو المسك أو العود أو الصندل لم يحنث لأنه لا يطلب عليه اسم المشموم و إن حلف لا يشم الورد و البنفسج فشم دهنهما لم يحنث لأنه لم يشم الورد و البنفسج و إن جف الورد و البنفسج فشمهما ففيه وجهان : أحدهما لا يحنث كما لا يحنث إذا حلف لا يأكل الرطب فأكل التمر و الثاني يحنث لبقاء اسم الورد و البنفسج .
فصل : و إن حلف لا يلبس شيئا فلبس درعا أو جوشنا أو خفا أو فعلا ففيه وجهان : أحدهما يحنث لأنه ليس شيئا و الثاني لا يحنث لأن إطلاق اللبس لا ينصرف إلى غير الثياب .
فصل : و إن كان معه رداء فقال و الله لا لبست هذا الثوب و هو رداء فأرتدي به أو تعمم به أو اتزر به حنث لأنه لبسه و هو رداء فإن جعله قميصا أو سراويل ولبسه لم يحنث لأنه لم يلبسه وهو رداء فإن قال و الله لا لبست هذا الثوب و لم يقل و هو رداء فارتدى به أو تعمم به أو اتزر به أو جعله قميصا أو سراويل حنث و من أصحابنا من قال : لا يحنث لأنه حلف على لبسه و هو على صفة فلم يحنث بلبسه على غير تلك الصفة والصحيح هو الأول لأنه حلف على لبسه ثوبا فحمل على العموم كما لو قال : و الله لا لبست ثوبا .
فصل : و إن حلف لا يلبس حليا فلبس خاتما من ذهب أو فضة أو مخنقة من لؤلؤ أو غيره من الجواهر لأن الجميع حلي و الدليل عليه قوله عز و جل : { يحلون فيها من أساور من ذهب و لؤلؤا و لباسهم فيها حرير } ( الحج : 23 ) و إن لبس شيئا من الخرز أو السبج فإن كان ممن عادته التحلي بها كأهل السواد حنث لأنهم يسمونه حليا و هل يحنث به غيرهم على ما ذكرناه من الوجهين في بيوت الشعر و رؤوس الصيد و إن تقلد سيفا محلى لم يحنث لأن السيف ليس بحلى و إن لبس منطقة محلاة ففيه وجهان : أحدهما يحنث لأنه من حلي الرجال و الثاني لا يحنث لأنه ليس من الآلات المحلاة فلم يحنث به كالسيف و إن حلف لا يلبس خاتما فلبسها في غير الخنصر أو حلف لا يلبس قميصا فارتدى به أو لا يلبس قلنسوة فلبسها في رجله لم يحنث لأن اليمين يقتضي لبسا متعارفا و هذا غير متعارف .
فصل : و إن من عليه رجل فحلف لا يشرب له ماء من عطش فأكل له خبزا أو لبس له ثوبا أو شرب له ماء من غير عطش لم يحنث لأن الحنث لا يقع إلا على ما عقد عليه اليمين و الذي عقد عليه اليمين شرب الماء من عطش فلو حنثناه على ما سواه لحنثناه على ما نوى لا على ما حلف عليه و إن حلف لا يلبس له ثوبا فوهب له ثوبا فلبسه لم يحنث لأنه لم يلبس ثوبه .
فصل : و إن حلف لا يضرب امرأته فضربها ضربا غير مؤلم حنث لأنه يقع عليه اسم الضرب و إن عضها أو خنقها أو نتف شعرها لم يحنث لأن ذلك ليس بضرب و إن لكمها أو لطمها أو رفسها ففيه وجهان : أحدهما يحنث لأنه ضربها و الثاني لا يحنث لأن الضرب المتعارف ما كان يؤلم و إن حلف ليضرب عبده مائة سوط فشد مائة سوط فضربه بها ضربة واحدة فإن تيقن أنه أصابه لماءة بر في يمينه لأنه ضربه مائة سوط و إن تيقن أنه لم يصبه بالمائة لم يبر لأنه ضربه دون المائة و إن شك هل أصابه بالجميع أو لم يصبه بالجميع فالمنصوص أنه يبر و قال المزني : لا يبر كما قال الشافعي C فيمن حلف ليفعلن كذا في وقت إلا أن يشاء فلان فمات فلان حنث و إذا لم نجعله بارا للشك في المشيئة وجب أن لا نجعله بارا للشك في الإصابة و المذهب الأول لأن أيوب عليه السلام حلف ليضربن امرأته عددا فقال عز و جل : { و خذ بيدك ضغثا فاضرب به و لا تحنث } ( ص : 44 ) و يخالف ما قاله الشافعي C في المشيئة لأنه ليس الظاهر وجود المشيئة فإذا لم تكن مشيئة حنث بالمخالفة و الظاهر إصابته بالجميع فبر و إن حلف ليضربنه مائة مرة فضربه بالمائة المشدودة لم يبر لأنه لم يضربه إلا مرة فإن حلف ليضربنه مائة ضربة فضربه بالمائة المشدودة دفعة واحدة فأصابه الجميع ففيه وجهان : أحدهما لا يبر لأنه ما ضربه إلا ضربة و لهذا لو رمى بسبع حصيات دفعة واحدة إلى الجمرة لم يحتسب له سبعا و الثاني أنه يبر لأنه حصل بكل سوط ضربة و لهذا لو ضرب به في حد الزنا حسب بكل سوط جلدة .
فصل : و إن حلف لا يهب له فأعمره أو أرقبه أو تصدق عليه حنث لأن الهبة تمليك العين بغير عوض و إن كان لكل نوع منها اسم و إن وقف عليه و قلنا إن الملك ينتقل إليه حنث لأنه ملكه العين من غير عوض و إن باعه و حاباه لم يحنث لأنه ملكه بعوض و إن وصى به لم يحنث لأن التمليك بعد الموت و الميت لا يحنث .
فصل : و إن حلف لا يتكلم فقرأ القرآن لم يحنث لأن الكلام لا يطلق في العرف إلا على كلام الآدميي و إن حلف لا يكلم فلانا فسلم عليه حنث لأن السلام من كلام الآدميين و لهذا تبطل به الصلاة فإن كلمه و هو نائم أو ميت أو في موضع لا يسمع كلامه لم يحنث لأنه لا يقال في العرف كلمه و إن كلمه في موضع يسمع إلا أنه لم يسمع لاشتغاله بغيره حنث لأنه كلمه و لهذا يقال كلمه فلم يسمع و إن كلمه و هو أصم فلم يسمع الصمم ففيه وجهان : أحدهما يحنث لأنه كلمه و إن لم يسمع فحنث كما لو كلمه فلم يسمع لاشتغاله بغيره و الثاني لا يحنث و هو الصحيح لأنه كلمه و هو لا يسمع فأشبه إذا كلمه و هو غائب و إن كاتبه أو راسله ففيه قولان : قال في القديم يحنث و قال في الجديد لا يحنث و أضاف إليه أصحابنا إذا أشار إليه فجعلوا الجميع على قولين : أحدهما يحنث و الدليل عليه قوله عز و جل : { و ما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا } ( الشورى : 51 ) فاستثنى الوحي و هو الرسالة من الكلام فدل على أنها منه و قوله عز و جل : { قال آيتك أن لا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا } ( آل عمران : 41 ) فاستثنى الرمز و هو الإشارة من الكلام فدل على أنها منه و لأنه وضع لإفهام الآدميين فأشبه الكلام و القول الثاني أنه لا يحنث لقوله عز و جل : { فإما ترين من البشر أحدا فقولي إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا } ( مريم : 26 ) ثم قال : { يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء و ما كانت أمك بغيا * فأشارت إليه قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا } ( مريم : 28 - 29 ) فلو كانت الإشارة كلاما لم تفعله و قد نذرت أن لا تكلم و لأن حقيقة الكلام ما كان باللسان و لهذا يصح نفيه عما سواه بأن تقول ما كلمته و إنما كاتبته أو راسلته أو أشرت إليه و يحرم على المسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام لقوله عليه السلام : [ لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام و السابق أسبقهما إلى الجنة ] و إن كاتبه أو راسله ففيه وجهان : أحدهما لا يخرج من مأثم الهجران لأن الهجران ترك الكلام فلا يزول إلا بالكلام و الثاني و هو قول أبي علي ابن أبي هريرة أنه يخرج من مأثم الهجران لأن القصد بالكلام إزالة ما بينهما من الوحشة و ذلك يزول بالمكاتبة و المراسلة .
فصل : و إن حلف لا يسلم على فلان فسلم على قوم هو فيهم و نوى السلام على جميعهم حنث لأنه سلم عليه و إن استثناه بقلبه لم يحنث لأن اللفظ و إن كان عاما إلا أنه يحتمل التخصيص فجاز تخصيصه بالنية و إن أطلق السلام من غير نية ففيه قولان : أحدهما أنه يحنث لأن سلم عليهم فدخل كل واحد منهم فيه و الثاني أنه لا يحنث لأن اليمين يحمل على المتعارف و لا يقال في العرف لمن سلم على الجماعة و فيهم فلان إنه كلم فلانا و سلم على فلان و إن حلف لا يدخل على فلان في بيت فدخل على جماعة في بيت هو فيهم و لم يستثنه بقلبه حنث بدخوله عليهم و إن استثنى بقلبه عليهم ففيه وجهان : أحدهما أنه لا يحنث كما لو حلف لا يسلم عليه فسلم عليهم و استثناه بقلبه و الثاني أنه يحنث لأن الدخول فعل لا يتميز فلا يصح تخصيصه بالاستثناء والسلام قول فجاز تخصيصه بالاستثناء و لهذا لو قال سلام عليكم إلا على فلان صح و إن قال دخلت عليكم إلا على فلان لم يصح .
فصل : و إن حلف لا يصوم أو لا يصلي فدخل فيهما حنث لأنه بالدخول فيهما يسمى صائما و مصليا و إن حلف لا يبيع أو لا يتزوج أو لا يهب لم يحنث إلا بالإيجاب و القبول و من أصحابنا من قال : يحنث في الهبة بالإيجاب من غير قبول لأنه يقال وهب له و لم يقبل و الصحيح هو الأول لأن الهبة عقد تمليك فلم يحنث فيه من غير إيجاب و قبول كالبيع و النكاح و لا يحنث إلا بالصحيح فأما إذا باع بيعا فاسدا أو وهب هبة فاسدة لم يحنث لأن هذه العقود لا تطلق في العرف و الشرع إلا على الصحيح .
فصل : و إن قال و الله لا تسريت ففيه ثلاثة أوجه : أحدها أن يحنث بوطء الجارية لأنه قد قيل إن التسري مشتق من السراة و هو الظهر فيصير كأنه حلف لا يتخذها ظهرا و الجارية لا يتخذها ظهرا إلا بالوطء و قد قيل إنه مشتق من السر و هو الوطء فصار كما لو حلف لا يطؤها و الثاني أنه لا يحنث إلا بالتحصين عن العيون و الوطء لأنه مشتق من السر فكأنه حلف لا يتخذها أسرى الجواري و هذا لا يحصل إلا بالتحصين و الوطء و الثالث أنه لا يحنث إلا بالتحصين و الوطء و الإنزال لأن التسري في العرف اتخاذ الجارية لابتغاء الولد و لا يحصل ذلك إلا بما ذكرناه .
فصل : و إن حلف أنه لا مال له و له دين حال حنث لأن الدين الحال مال بدليل أنه تجب فيه الزكاة و يملك أخذه إذا شاء فهو كالعين في يد المودع و إن كان له دين مؤجل ففيه وجهان : أحدهما لا يحنث لأنه لا يستحق قبضه في الحال و الثاني أن يحنث لأنه يملك الحوالة به و الإبراء عنه و إن كان له مال مغصوب حنث لأنه على ملكه و تصرفه و إن كان له مال ضال ففيه وجهان : أحدهما يحنث لأن الأصل بقاؤه و الثاني لا يحنث لأنه لا يعلم بقاؤه فلا يحنث بالشك .
فصل : و إن حلف أنه لا يملك عبدا و له مكاتب فالمنصوص أنه لا يحنث و قال في الأم : و لو ذهب ذاهب إلى أنه عبد ما بقي عليه درهم إنما يعني أنه عبد في حال دون حال لأنه لو كان عبدا له لكان مسلطا على بيعه و أخذ كسبه فمن أصحابنا من جعل ذلك قولا آخر و قال أبو علي الطبري C إنه لا يحنث قولا واحدا و إنما ألزم الشافعي C نفسه شيئا و انفصل عنه فلا يجعل ذلك قولا له .
فصل : و إن حلف لا يرفع منكرا إلى فلان القاضي أو إلى هذا القاضي و لم ينو أنه لا يرفعه إليه و هو قاض فرفعه إليه بعد العزل ففيه وجهان : أحدهما أنه لا يحنث لأنه شرط أن يكون قاضيا فلم يحنث بعد العزل كما لو حلف لا يأكل هذه الحنطة فأكلها بعد ما صارت دقيقا و الثاني أنه يحنث لأنه علق اليمين على عينه فكان ذكر القضاء تعريفا لا شرطا كما لو حلف لا يدخل دار زيد هذه فدخلها بعد ما باعها زيد و إن حلف لا يرفع منكرا إلى قاض حنث بالرفع إلى كل قاض لعموم اللفظ و إن حلف لا يرفع منكرا إلى القاضي لم يحنث إلا بالرفع إلى قاضي البلد لأن التعريف بالألف و اللام يرجع إليه فإن كان في البلد قاض عند اليمين فعزل و ولي غيره فرفع إليه حنث .
فصل : و إن حلف لا يكلم فلانا حينا أو دهرا أو حقبا أو زمانا بر بأدنى زمان لأنه اسم للوقت و يقع على القليل و الكثير و إن حلف لا يكلمه مدة قريبة أو مدة بعيدة بر بأدنى مدة لأنه ما من مدة إلا و هي قريبة بالإضافة إلى ما هو أبعد منها بالإضافة إلى ما هو أقرب منها .
فصل : و إن حلف لا يستخدم فلانا فخدمه و هو ساكت لم يحنث لأنه حلف على فعله و هو طلب الخدمة و لم يوجد ذلك منه و إن حلف لا يتزوج أو لا يطلق فأمر غيره حتى تزوج له أو طلق عنه لم يحنث لأنه حلف على فعله نفسه و لم يفعل و إن حلف لا يبيع أو لا يضرب فأمر غيره ففعل فإن كان ممن يتولى ذلك بنفسه لم يحنث لما ذكرناه و إن كان ممن لا يتولى ذلك بنفسه كالسلطان فالمنصوص أنه لا يحنث و قال الربيع : فيه قول آخر أنه يحنث و وجهه أن العرف في حقه أن يفعل ذلك عنه بأمره و اليمين يحمل على العرف و لهذا لو حلف لا يأكل الرؤوس حملت على رؤوس الأنعام و الصحيح هو الأول لأن اليمين على فعله و الحقيقة لا تنتقل بعادة الحالف و لهذا لو حلف السلطان أنه لا يأكل الخبز أو لا يلبس الثوب فأكل خبز الذرة و لبس عباءة حنث و إن لم يكن ذلك من عادته و إن حلف لا يحلق رأسه فأمر من حلقه ففيه طريقان : أحدهما أنه على القولين كالبيع و الضرب في حق من يتولاه بنفسه و الثاني أنه يحنث قولا واحدا لأن العرف في الحلق في حق كل أحد أن يفعله غيره بأمره ثم يضاف الفعل إلى المحلوق .
فصل : و إن حلف لا يدخل دارين فدخل أحدهما أو لا يأكل رغيفين فأكل أحدهما أو لا يأكل رغيفا فأكله إلا لقمة أو لا يأكل رمانة فأكلها إلا حبة أو لا يشرب ماء حب فشربه إلا جرعة لم يحنث لأنه لم يفعل المحلوف عليه و إن حلف لا يشرب ماء هذا النهر أو ماء هذه البئر ففيه وجهان : أحدهما و هو قول أبي العباس أنه يحنث بشرب بعضه لأنه يستحيل شرب جميعه فانعقدت اليمين على ما لا يستحيل و هو شرب البعض و الثاني و هو قول أبي إسحاق أنه لا يحنث بشرب بعضه لأنه حلف على شرب جميعه فلم يحنث بشرب بعضه كما لو حلف على شرب ماء في الحب .
فصل : و إن حلف لا يأكل طعاما اشتراه زيد فأكل طعاما اشتراه زيد و عمر و لم يحنث لأن ليس فيه شيء يمكن أن يشار إليه إن اشتراه زيد دون عمر فلم يحنث و إن اشترى كل واحد منهما طعاما ثم خلطاه فأكل منه ففيه ثلاثة أوجه : أحدها أنه لا يحنث لأن ليس فيه شيء يمكن أن يقال هذا الطعام اشتراه زيد دون عمرو فلم يحنث كما لو اشترياه في صفقة واحدة و الثاني أنه إن أكل النصف فما دونه لم يحنث و إن أكل أكثر من النصف حنث لأن النصف فما دونه يمكن أن يكون مما اشتراه عمرو فلم يحنث بالشك و فيما زاد يتحقق أنه أكل مما اشتراه زيد و الثالث و هو قول أبي إسحاق أنه أكل الحبة و العشرين حبة لم يحنث لجواز أن يكون مما اشتراه عمرو و إن أكل الكف و الكفين حنث لأنه يستحيل فيما يختلط أن يتميز في الكف و الكفين ما اشتراه زيد عما اشتراه عمرو .
فصل : و إن حلف لا يدخل دار زيد فحمله غيره باختياره فدخل به حنث لأن الدخول ينسب إليه كما ينسب إذا دخلها راكبا على البهيمة أو دخلها برجله فإن دخلها ناسيا لليمين أو جاهلا بالدار أو أكره حتى دخلها ففيه وجهان : أحدهما يحنث لأنه فعل ما حلف عليه فحنث و الثاني لا يحنث و هو الصحيح لما روى ابن عباس Bه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : [ رفع عن أمتي الخطأو النسيان و ما استكرهوا عليه ] و لأن حال النسيان و الجهل و الإكراه لا يدخل في اليمين كما لا يدخل في الأمر و النهي في خطاب الله عز و جل و خطاب رسول الله صلى الله عليه و سلم و إذا لم يدخل في اليمين لم يحنث به و إن حمله غيره مكرها حتى دخل به ففيه طريقان : من أصحابنا من قال فيه قولان كما لو أكره حتى دخلها بنفسه لأنه لما كان في حال الاختيار دخوله بنفسه و دخوله محمولا واحدا لوجب أن يكون في حال الإكراه دخوله بنفسه و دخوله محمولا واحدا و منهم من قال : لا يحنث قولا واحدا لأن الفعل إنما ينسب إليه إما بفعله حقيقة أو بفعل غيره بأمره مجازا و ههنا لم يوجد واحد منهما فلم يحنث .
فصل : و إن حلف ليأكلن هذا الرغيف غدا فأكله من الغد بر في يمينه لأنه فعل ما حلف على فعله و إن ترك أكله في الغد حتى انقضى حنث لأنه فوت المحلوف عليه باختياره و إن أكل نصفه في الغد حنث لأنه قدر على أكل الجميع و لم يفعل و إن أكله في يومه حنث لأنه فوت المحلوف عليه باختياره فحنث كما لو ترك أكله حتى انقضى الغد و إن تلف الرغيف في يومه أو في الغد قبل أن يتمكن من أكله ففيه قولان كالمكره و إن تلف من الغد بعدما تمكن من أكله ففيه طريقان : من أصحابنا من قال يحنث قولا واحدا لأنه فوته باختياره و منهم من قال فيه قولان لأن جميع الغد وقت للأكل فلم يكن تفويته بفعله فإن حلف ليقضينه حقه عند رأس الشهر مع رأس الشهر فقضاه قبل رؤية الهلال حنث لأنه فوت القضاء باختياره و إن رأى الهلال و مضى زمان أمكنه فيه القضاء فلم يقضه حنث لأنه فوت القضاء باختياره و إن أخذ عند رؤية الهلال في كيله و تأخر الفراغ منه لكثرته لم يحنث لأنه لم يترك القضاء و إن أخر عن أول ليلة الشك ثم بان أنه كان من الشهر ففيه قولان كالناسي و الجاهل و إن قال و الله لأقضين حقه إلى شهر رمضان فلم يقضه حتى دخل الشهر حنث لأنه ترك ما حلف على فعله من غير ضرر و إن قال و الله لأفين حقه إلى أول الشهر فقد اختلف أصحابنا فيه فمنهم قال حكمها حكم ما لو قال و الله لأقضين حقه عند رأس الشهر و هو ظاهر النص و إن قضاه قبل رؤية الهلال حنث و إن رأى الهلال و مضى وقت يمكن فيه القضاء ثم قضاه حنث لأن إلى فد تكون للغاية كقوله عز و جل : { ثم أتموا الصيام إلى الليل } ( البقرة : 187 ) فلما احتمل أن تكون للغاية و احتمل أن تكون للمقارنة لم يجز أن نحنثه بالشك و يخالف قوله و الله لأقضين حقه إلى رمضان لأنه لا يحتمل أن تكون للمقارنة لأنه لا يمكن أن يقارن القضاء في جميع شهر رمضان فجعلناه للغاية .
فصل : و إن كان له على رجل حق فقال له و الله لا فارقتك حتى أستوفي حقي ففر منه الغريم لم يحنث الحالف و قال أبو علي ابن أبي هريرة فيه قولان كالقولين في المكره و هذا خطأ لأنه حلف على فعل نفسه و لم يوجد ذلك منه و لو قال و الله لا فارقتني حتى أستوفي حقي منك ففارقه الغريم مختارا ذاكرا لليمين حنث الحالف و إن فارقه مكرها أو ناسيا ففيه طريقان من أصحابنا من قال هي على القولين في المكره و الناسي و منهم من قال يحنث الحالف قولا واحدا لأن الاختيار و القصد يعتبر في فعل الحالف لا في فعل غيره و الصحيح هو الأول و أن يعتبر في فعل من حلف على فعله و إن كانت اليمين على فعل الحالف اعتبر الاختيار و القصد في فعله و إن كانت على فعل غيره اعتبر الاختيار و القصد في فعله و إن فارقه الحالف لم يحنث لأن اليمين على فعل الغريم و لم يوجد منه فعل و إن حلف لا يفارق غريمه حتى يستوفي حقه منه ثم أفلس و فارقه لما يعلم من وجوب إنظار المعسر حنث لأنه فعل المحلوف عليه مختارا ذاكرا لليمين فحنث و إن وجب الفعل بالشرع كما لو حلف لأرددت عليك المغصوب فرده حنث و إن وجب الرد بالشرع فإن ألزمه الحاكم مفارقته فعلى قولين .
فصل : و إن حلف لا يفارقه حتى يستوفي حقه منه فأحاله على غيره أو أبرأه من الدين أو دفع إليه عوضا عن حقه حنث في اليمين لأنه لم يستوف حقه و إن كان حقه دنانير فدفع إليه شيئا على أنه دنانير فخرج نحاسا فعلى القولين في الجاهل و إن قال من عليه الحق و الله لا فارقتك حتى أدفع إليك مالك و كان الحق عينا فوهبها منه فقبلت حنث لأنه فوت الدفع بقبوله و إن كان دينا فأبرأه منه و قلنا إنه لا يحتاج الإبراء إلى القبول على الصحيح من المذهب فعلى الطريقين فيمن حلف لا يدخل الدار فحمل إليه مكرها