وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

باب ما يصح به النكاح .
لا يصح النكاح إلا بولي فإن عقدت المرأة لم يصح وقال أبو ثور : إن عقدت بإذن الولي صح ووجهه أنها من أهل التصرف وإنما منعت من النكاح لحق الولي فإذا أذن زال المنع كالعبد إذا أذن له المولى في النكاح وهذا خطأ لما روى أبو هريرة Bه رفعه : ولا تنكح المرأة المرأة ولا تنكح المرأة نفسها ولأنها غير مأمونة على البضع لنقصان عقلها وسرعة انخداعها فلم يجز تفويضه إليها كالمبذر في المال ويخالف العبد فإنه منع لحق المولى فإنه ينقص قيمته بالنكاح ويستحق كسبه في المهر والنفقة فزال المنع بإذنه فإن عقد النكاح بغير ولي وحكم به الحاكم ففيه وجهان : أحدهما وهو قول أبو سعيد الاصطخري أنه ينقض حكمه لأنه مخالف لنص الخبر وهو ما روت عائشة Bها أن النبي ( ص ) قال : [ أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له ] فإن أصابها فلها مهرها بما استحل من فرجها والثاني لا ينقض وهو الصحيح لأنه مختلف فيه فلم ينقض فيه حكم الحاكم كالشفعة للجار وأما الخبر فليس بنص لأنه محتمل للتأويل فهو كالخبر في شفعة الجار فإن وطئها الزوج قبل الحكم بصحته لم يجب الحد وقال أبو بكر الصيرفي : إن كان الزوج شافعيا يعتقد تحريمه وجب عليه الحد كما لو وطئ امرأة في فراشه وهو يعلم أنها أجنبية والمذهب الأول لأنه وطء مختلف في إباحته فلم يجب به الحد كالوطء في النكاح بغير شهود ويخالف من وطئ امرأة في فراشه وهو يعلم أنها أجنبية لأنه لا شبهة له في وطئها وإن طلقها لم يقع الطلاق وقال أبو إسحاق يقع لأنه نكاح مختلف في صحته فوقع فيه الطلاق كنكاح المرأة في عدة أختها والمذهب الأول لأنه طلاق في غير ملكه فلم يصح كما لو طلق أجنبية .
فصل : وإن كانت المنكوحة أمة فوليها مولاها لأنه عقد على منفعتها فكان إلى المولى كالإجارة وإن كانت الأمة لامرأة زوجها من يزوج مولاتها لأنه نكاح في حقها فكان إلى وليها كنكاحها ولا يزوجها الولي إلا بإذنها لأنه تصرف منفعتها فلم يجز من غير إذنها فإن كانت المولاة غير رشيدة نظرت فإن كان وليها غير الأب والجد لم يملك تزويجها لأنه لا يملك التصرف في مالها وإن كان الأب أو الجد ففيه وجهان : أحدهما لا يملك لأن فيه تغريرا بمالها ولأنها ربما حبلت وتلفت والثاني وهو قول أبي إسحاق أنه يملك تزويجها لأنها تستفيد به المهر والنفقة واسترقاق ولدها وإن كانت المنكوحة حرة فوليها عصباتها وأولاهم الأب ثم الجد ثم الأخ ثم ابن الأخ ثم العم ثم ابن العم لأن الولاية في النكاح تثبت لدفع العار عن النسب والنسب إلى العصبات فإن لم يكن لها عصبة زوجها المولى المعتق ثم عصبة المولى ثم مولى المولى ثم عصبته لأن الولاء كالنسب في التعصيب فكان كالنسب في التزويج فإن لم يكن فوليها السلطان لقوله ( ص ) : [ فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له ] ولا أحد من الأولياء وهناك من هو أقرب منه لأنه حق يستحق بالتعصيب فقدم فيه الأقرب فالأقرب كالميراث وإن استوى اثنان في الدرجة وأحدهما يدلي بالأبوين والآخر بأحدهما كأخوين أحدهم من الأب والأم والآخر من الأب ففيه قولان : قال في القديم هما سواء لأن الولاية بقرابة الأب وهما في قرابة الأب سواء وقال في الجديد يقدم من يدلي في الأبوين لأنه حق يستحق بالتعصيب فقدم من يدلي بالأبوين على من يدلي بأحدهما كالميراث فإن استويا في الدرجة والإدلاء فالمستحب أن يقدم أسنهما وأعلمهما وأورعهما لأن الأسن أخبر والأعلم أعرف بشروط العقد والأورع أحرص على طلب الحظ فإن زوج الآخر صح لأن ولايته ثابتة وإن تشاحا أقرع بينهما لأنهما تساويا في الحق فقدم بالقرعة كما لو أراد أن يسافر بإحدى المرأتين فإن خرجت القرعة لأحدهما فزوج الآخر ففيه وجهان : أحدهما يصح لأن خروج القرعة لأحدهما لا يبطل ولاية الآخر والثاني لا يصح لأنه يبطل فائدة القرعة .
فصل : ولا يجوز للابن أن يزوج أمه بالبنوة لأن الولاية ثبتت للأولياء لدفع العار عن النسب ولا نسب بين الابن والأم وإن كان للابن تعصيب بأن كان ابن ابن عمها جاز له أن يزوجها لأنهما يشتركان في النسب فإن كان لها ابنا ابن عم أحدهما ابنها فعلى القولين في أخوين أحدهما من الأب والأم والآخر من الأب .
فصل : و لا يجوز أن يكون الولي صغيرا و لا مجنونا ولا عبدا لأنه لا يملك العقد لنفسه فلا يملكه لغيره واختلف أصحابنا في المحجور عليه لسفه فمنهم من قال يجوز أن يكون وليا لأنه إنما حجر عليه في المال خوفا من إضاعته وقد أمن ذلك في تزويج ابنته فجاز له أن يعقد كالمحجور عليه للفلس ومنهم من قال : لا يجوز لأنه ممنوع من عقد النكاح لنفسه فلم يجز أن يكون وليا لغيره ولا يجوز أن يكون فاسقا على المنصوص لأنها ولاية فلم تثبت مع الفسق كولاية المال ومن أصحابنا من قال : إن كان أبا أو جدا لم يجز وإن كان غيرهما من العصيات جاز لأنه يعقد بالإذن فجاز أن يكون فاسقا كالوكيل ومن أصحابنا من قال : فيه قولان : أحدهما لا يجوز لما ذكرناه والثاني يجوز لأنه حق يستحق بالتعصيب فلم يمنع منه الفسق كالميراث والتقدم في الصلاة على الميت وهل يجوز أن يكون أعمى فيه وجهان : أحدهما يجوز لأن شعيبا عليه السلام كان أعمى وزوج ابنته من موسى ( ص ) والثاني لا يجوز لأنه يحتاج إلى البصر في اختيار الزوج و لا يجوز للمسلم أن يزوج ابنته الكافرة ولا للكافر أن يزوج ابنته المسلمة لأن الموالاة بينهما منقطعة والدليل عليه قوله تعالى : { والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض } [ التوبة : 71 ] وقوله سبحانه { والذين كفروا بعضهم أولياء بعض } ولهذا لا يتوارثان و يجوز للسلطان أن يزوج نساء أهل الذمة لأن ولايته تعم المسلمين وأهل الذمة ولا يجوز للكافر أن يزوج أمته المسلمة وهل يجوز للمسلم أن يزوج أمته الكافرة فيه وجهان : أحدهما يجوز وهو قول أبي إسحاق و أبي سعيد الاصطخري وهو المنصوص لأنها ولاية مستفادة بالملك فلم يمنع منها اختلاف الدين كالولاية في البيع والإجارة والثاني لا يجوز وهو قول أبي القاسم الداركي لأنه إذا لم يملك تزويج الكافرة بالنسب فلأن لا يملك بالملك أولى .
فصل : وإن خرج الولي عن أن يكون من أهل الولاية بفسق أو جنون انتقلت الولاية إلى من بعده من الأولياء لأنه بطلت ولايته فانتقلت الولاية إلى ممن بعده كما لو مات فإن زال السبب الذي بطلت فيه الولاية عادت الولاية لزوال السبب الذي أبطل الولاية فإن زوجها من انتقلت إليه قبل أن يعلم بعود ولاية الأول ففيه وجهان بناء على القولين في الوكيل إذا باع ما وكل في بيعه قبل أن يعلم بالعزل وإن دعت المنكوحة إلى كفؤ فعضلها الولي زوجها السلطان لقوله ( ص ) : [ فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له ] ولأنه حق توجه عليه تدخله النيابة فإذا امتنع قام السلطان مقامه كما لو كان عليه دين فامتنع عن أدائه وإن غاب الولي إلى مسافة تقصر فيها الصلاة زوجها السلطان ولم يكن لمن بعده من الأولياء أن يزوج لأن ولاية الغائب باقية ولهذا لو زوجها في مكانه صح العقد وإنما تعذر من جهته فقام السلطان مقامه كما لو حضر وامتنع من تزويجها فإن كان على مسافة لا تقصر فيها الصلاة ففيه وجهان : أحدهما لا يجوز تزويجها إلا بإذنه لأنه كالحاضر والثاني يجوز للسلطان أن يزوجها لأنه تعذر استئذانه فأشبه إذا كان في سفر بعيد ويستحب للحاكم إذا غاب الولي وصار التزويج إليه أن يأذن لمن تنتقل الولاية إليه ليزوجها ويخرج من الخلاف فإن عند أبي حنيفة أن الذي يملك التزويج هو الذي تنتقل الولاية إليه .
فصل : و يجوز للأب والجد تزويج البكر من غير رضاها صغيرة كانت أو كبيرة لما روى ابن عباس Bه أن النبي ( ص ) قال : [ الثيب أحق بنفسها من وليها والبكر يستأمرها أبوها في نفسها ] فدل على أن الولي أحق بالبكر وإن كانت بالغة فالمستحب أن يستأذنها للخبر وإذنها صماتها لما روى ابن عباس Bه أن النبي ( ص ) قال : [ الأيم أحق بنفسها من وليها والبكر تستأذن في نفسها وإذنها صماتها ] ولأنها تستحي أن تأذن لأبيها فجعل صماتها إذنا و لا يجوز لغير الأب والجد تزويجها إلا أن تبلغ وتأذن لما روى نافع أن عبد الله بن عمر Bه تزوج بنت خاله عثمان بن مظعون فذهبت أمها إلى رسول الله ( ص ) وقالت : إن ابنتي تكره ذلك فأمره رسول الله ( ص ) أن يفارقها وقال : [ لا تنكحوا اليتامى حتى تستأمروهن فإن سكتن فهو إذنهن ] فتزوجت بعد عبد الله بن المغيرة بن شعبة ولأنه ناقص الشفقة ولهذا لا يملك التصرف في مالها بنفسه ولا يبيع مالها بنفسه فلا يملك التصرف في بضعها بنفسها فإن زوجها بعد البلوغ ففي إذنها وجهان : أحدهما أن إذنها بالنطق لأنه لما افتقر تزويجها إلى إذنها افتقر إلى نطقها بخلاف الأب والجد والثاني وهو المنصوص في الإملاء وهو الصحيح أن إذنها بالسكوت لحديث نافع وأما الثيب فإنها إن ذهبت بكارتها بالوطء فإن كانت بالغة عاقلة لم يجز لأحد تزويجها إلا بإذنها لما روت خنساء بنت خذام الأنصارية أن أباها زوجها وهي ثيب فكرهت ذلك فذكرت لرسول الله ( ص ) فرد نكاحها وإذنها بالنطق لحديث ابن عباس Bه أن النبي ( ص ) قال : [ والبكر تستأذن في نفسها وإذنها صماتها ] فدل على أن إذن الثيب بالنطق وإن كانت صغيرة لم يجز تزويجها حتى تبلغ وتأذن لأن إذنها معتبر في حال الكبر فلا يجوز الإفتيات عليها في حال الصغر وإن كانت مجنونة جاز للأب والجد تزويجها صغيرة كانت أو كبيرة لأنه لا يرجى لها حال تستأذن فيها ولا يجوز لسائر العصبات تزويجها لأن تزويجها إجبار وليس لسائر العصبات غير الأب والجد ولاية الإجبار فأما الحاكم فإنها إن كانت صغيرة لم يملك تزويجها لأنه لا حاجة بها إلى النكاح وإن كانت كبيرة جاز له تزويجها إن رأى ذلك لأنه قد يكون في تزويجها شفاء لها وإن ذهبت بكرتها بغير الوطء ففيه وجهان : أحدهما أنها كالموطوءة لعموم الخبر والثاني وهو المذهب أنها تزوج تزويج الأبكار لأن الثيب إنما اعتبر إذنها لذهاب الحياء بالوطء والحياء لا يذهب بغير الوطء .
فصل : وإن كانت المنكوحة أمة فللمولى أن يزوجها بكرا كانت أم ثيبا صغيرة كانت أو كبيرة عاقلة كانت أو مجنونة لأنه عقد يملكه عليها بحكم الملك فكان إلى المولى كالإجارة وإن دعت الأمة المولى إلى النكاح فإن كان يملك وطأها لم يلزمه تزويجها لأنه يبطل عليه حقه من الاستمتاع وإن لم يملك وطأها ففيه وجهان : أحدهما لا يلزمه تزويجها لأنه تنقص قيمتها بالنكاح والثاني يلزمه لأنه لا حق له في وطئها وإن كانت مكاتبة لم يملك السيد تزويجها بغير إذنها لأنه لا حق له في منفعتها فإن دعت السيد إلى تزويجها ففيه وجهان : أحدهما يجبر لأنها تستعين بالمهر والنفقة على الكتابة والثاني لا يجبر لأنها ربما عادت إليه وهي ناقصة بالنكاح .
فصل : وإن كان ولي المرأة ممن يجوز له أن يتزوجها كابن عم والمولى المعتق لم يجز أن يزوجها من نفسه فيكون موجبا قابلا لأنه يملك الإيجاب بالإذن فلم يجز أن يملك شطري العقد كالوكيل في البيع فإن أراد أن يتزوجها فإن كان هناك من يشاركه في الولاية زوجها منه وإن لم يكن هناك من يشاركه في الولاية زوجها الحاكم منه وإن أراد الإمام أن يتزوج امرأة لا ولي لها غيره ففيه وجهان : أحدهما أن له أن يزوجها من نفسه لأنه إذا فوض إلى غيره كان غيره وكيلا والوكيل قائم مقامه فكان إيجابه كإيجابه والثاني يرفعه إلى حاكم ليزوجه منها لأن الحاكم يزوج بولاية الحكم فيصير كما لو زوجها منه ولي ويخالف الوكيل لأنه يزوجها بوكالته ولهذا يملك عزله إذا شاء ولا يملك عزل الحاكم من غير سبب وإذا مات انعزل الوكيل ولا ينعزل الحاكم وإن كان لرجل ابن ابن وبنت ابن وهما صغيران فزوج بنت الابن بابن الابن ففيه وجهان : أحدهما لا يجوز وهو قول أبي العباس ابن القاص لما روت عائشة Bها أن النبي ( ص ) قال : [ كل نكاح لم يحضره أربعة فهو سفاح خاطب وولي وشاهدان ] والثاني وهو قول أبي بكر ابن الحداد المصري أنه يجوز كما يجوز أن يلي شطري العقد في بيع ماله من ابنه فعلى هذا يحتاج أن يقول : زوجت بنت ابني بابن ابني وهل يحتاج إلى القبول فيه وجهان : أحدهما يحتاج إلى القبول وهو أن يقول بعد الإيجاب وقبلت نكاحها له وهو قول أبي بكر بن الحداد لأنه يتولى ذلك بولايتين فقام فيه مقام الاثنين والثاني لا يحتاج إلى لفظ القبول وهو قول أبي بكر القفال لأنه قام مقام اثنين فقام لفظه مقام لفظين .
فصل : وإن وكل الولي رجلا في التزويج فهل يلزمه أن يعين الزوج فيه قولان : أحدهما لا يلزمه لأنه من ملك التوكيل في عقد لم يلزمه تعيين من يعقد معه كالموكل في البيع والثاني يلزمه لأن الولي إنما جعل إليه اختيار الزوج لكمال شفقته ولا يوجد كمال الشفقة في الوكيل فلم يجعل اختيار الزوج إليه .
فصل : ولا يجوز للولي أن يزوج المنكوحة من غير كفء إلا برضاها ورضى سائر الأولياء لما روت عائشة Bها قالت : قال رسول الله ( ص ) : [ تخيروا لنطفكم فانكحوا الأكفاء وأنكحوا إليهم ] ولأن في ذلك إلحاق عار بها وبسائر الأولياء فلم يجز من غير رضاهم .
فصل : وإن دعت المنكوحة إلى غير كفء لم يلزم الولي تزويجها لأنه يلحقه العار فإن رضيا جميعا جاز تزويجها لما روت فاطمة بنت قيس قالت أتيت النبي ( ص ) فأخبرته أن أبا الجهم يخطبني ومعاوية فقال : أما أبو الجهم فأخاف عليك عصاه وأما معاوية فشاب من شباب قريش لا شيء له ولكني أدلك على من هو خير لك منهما قلت : من يا رسول الله ؟ قال : أسامة قلت : أسامة ؟ قال : نعم أسامة فتزوجي أبا زيد فبورك لأبي زيد في وبورك لي في أبي زيد وقال عبد الرحمن بن مهدي : أسامة من الموالي وفاطمة قرشية ولأن المنع من نكاح غير الكفء لحقهما فإن رضيا زال المنع فإن زوجت المرأة من غير كفء من غير رضاها أو من غير رضا سائر الأولياء فقد قال في الأم : النكاح باطل وقال في الإملاء : كان للباقين الرد وهذا يدل على أنه صحيح فمن أصحابنا من قال فيه قولان : أحدهما أنه باطل لأنه عقد في حق غيره من غير إذن فبطل كما لو باع مال غيره بغير إذنه والثاني أنه صحيح ويثبت فيه الخيار لأن النقص يوجب الخيار دون البطلان كما لو اشترى شيئا معيبا ومنهم من قال العقد باق قولا واحدا لما ذكرناه وتأول قوله في الإملاء على أنه أراد بالرد المنع من العقد ومنهم من قال : إنه عقد وهو يعلم أنه ليس بكفء بطل العقد كما لو اشترى الوكيل سلعة وهو يعلم بعيبها وإن لم يعلم صح العقد وثبت الخيار كما لو اشترى الوكيل سلعة ولم يعلم بعيبها وحمل القولين على هذين الحالين .
فصل : والكفاءة في الدين والنسب والحرية والصنعة فأما الدين فهو معتبر فالفاسق ليس بكفء للعفيف لما روى أبو حاتم المزني أن رسول الله ( ص ) قال : [ إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض ] وأما النسب فهو معتبر فالأعجمي ليس بكفء للعربية لما روي عن سلمان Bه أنه قال : لا نؤمكم في صلاتكم ولا ننكح نساءكم وغير القرشي ليس بكفء للقرشية لقوله ( ص ) : [ قدموا قريشا ولا تتقدموها ] وهل تكون قريش كلها أكفاء ففيه وجهان : أحدهما أن للجميع أكفاءكما أن الجميع في الخلافة أكفاء والثاني أنهم يتفاضلون فعلى هذا غير الهاشمي والمطلبي ليس بكفء للهاشمية والمطلبية لما روى واثلة بن الأسقع أن رسول الله ( ص ) قال : [ إن الله اصطفى كنانة من بني اسماعيل واصطفى من كنانة قريشا واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم ] وأما بنو هاشم وبنو المطلب فهم أكفاء لأن النبي ( ص ) سوى بينهم في الخمس وقال : [ إن بني هاشم وبني المطلب شيء واحد ] وأما الحرية فهي معتبرة فالعبد ليس بكفء للحرة لقوله تعالى : { ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيء ومن رزقناه منا رزقا حسنا فهو ينفق منه سرا وجهرا هل يستوون } ولأن الحرة يلحقها العار بكونها تحت عبد وأما الصنعة فهي معتبرة فالحائك ليس بكفء للبزاز والحجام ليس بكفء للخراز لأن الحياكة والحجامة يسترذل أصحابها واختلف أصحابنا في اليسار فمنهم من قال : يعتبر فالفقير ليس بكفء للموسر لما روى سمرة قال : قال رسول الله ( ص ) : [ الحسب المال والكرم التقوى ] ولأن نفقة الفقير دون نفقة الموسر ومنهم من قال : لا يعتبر لأن المال يروح ويغدو لا يفتخر به ذوو المروءات ولهذا قال الشاعر : .
( غنينا زمانا بالتصعلك والغنىوكلا سقاناه بكأسيهما الدهر ) .
( فما زادنا بغيا على ذي قرابةغنانا ولا أزرى بأحسابنا الفقر ) .
فصل : وإن كان للمرأة وليان وأذنت لكل واحد منهما في تزويجها فزوجها كل واحد منهما من رجل نظرت فإن كان العقدان في وقت واحد أو لم يعلم متى عقدا أو علم أن أحدهما قبل الآخر ولكن لم يعلم عين السابق منهما بطل العقدان لأنه لا مزية لأحدهما على الآخر وإن علم السابق ثم نسي وقف الأمر لأنه قد يتذكر وإن علم السابق وتعين فالنكاح هو الأول والثاني باطل لما روى سمرة Bه قال : قال رسول الله ( ص ) : [ أيما امرأة زوجها وليان فهي للأول منهما ] فإن ادعى كل واحد من الزوجين أنه هو الأول وادعيا علم المرأة به فإن أنكرت العلم فالقول قولها مع يمينها لأن الأصل عدم العلم وإن أقرت لأحدهما سلمت إليه وهل تحلف للآخر فيه قولان : أحدهما لا تحلف لأن اليمين تعرض على المنكر حتى يقر ولو أقرت للثاني بعدما أقرت للأول لم يقبل فلم يكن في تحليفها له فائدة والثاني تحلف لأنه ربما نكلت وأقرت للثاني فيلزمها المهر فعلى هذا إن حلفت سقط دعوى الثاني وإن أقرت للثاني لم يقبل رجوعها ويجب عليها المهر للثاني وإن نكلت رددنا اليمين على الثاني فإن لم يحلف استقر النكاح للأول وإن حلف حصل مع الأول إقرار ومع الثاني يمين ونكول المدعى عليه فإن قلنا إنه كالبينة حكم بالنكاح للثاني لأن البينة تقدم على الإقرار وإن قلنا إنه بمنزلة الإقرار وهو الصحيح ففيه وجهان : أحدهما يحكم ببطلان النكاحين لأن مع الأول إقرارا ومع الثاني ما يقوم مقام الإقرار فصار كما لو أقرت لهما في وقت واحد والثاني أن النكاح للأول لأنه سبق الإقرار له فلم يبطل بإقرار بعده ويجب عليها المهر الثاني كما لو أقرت للأول ثم أقرت للثاني .
فصل : و يجوز لولي الصبي أن يزوجه إذا رأى ذلك لما روي أن عمر Bه زوج ابنا له صغيرا ولأنه يحتاج إليه إذا بلغ فإن زوجه ألف حفظ الفرج وهل له أن يزوجه بأكثر من امرأة ففيه وجهان : أحدهما لا يجوز لأن حفظ الفرج يحصل بامرأة والثاني يجوز أن يزوجه بأربع لأنه قد يكون له فيه حفظ وأما المجنون فإنه إن كان له حال إفاقة لم يجز تزويجه بغير إذنه لأنه يمكن استئذانه فلا يجوز الافتيات عليه وإن لم يكن له حال إفاقة ورأى الولي تزويجه للعفة أو الخدمة زوجه لأن له فيه مصلحة وأما المحجور عليه للسفه فإنه رأى الولي تزويجه زوجه لأن ذلك من مصلحته فإن كان كثير الطلاق سراه بجارية لأنه لا يقدر على إعتاقها وإن طلب التزويج وهو محتاج إليه فامتنع الولي فتزوج بغير إذنه ففيه وجهان : أحدهما أنه لا يصح لأنه تزوج بغير إذنه فلم يصح منه كما لو تزوج قبل الطلب والثاني يصح لأنه حق وجب له يجوز أن يستوفيه بإذن من هو عليه فإذا امتنع جاز له أن يستوفيه بنفسه كما لو كان له على رجل دين وامتنع من أدائه وأما العبد فإنه إن كان بالغا فهل يجوز لمولاه أن يزوجه بغير رضاه فيه قولان : أحدهما له ذلك لأنه مملوك يملك بيعه وإجارته فملك تزويجه من غير رضاه كالأمة والثاني ليس له ذلك لأن النكاح يقصد به الاستمتاع فلم يملك إجباره عليه كالقسم وإن كان صغيرا ففيه طريقان : أحدهما أنه على القولين لأنه تصرف بحق الملك فاستوى فيه الصغير والكبير كالبيع والإجارة والثاني أنه يملك تزويجه قولا واحدا لأنه ليس من أهل التصرف فجاز تزويجه كالابن الصغير وإن دعا العبد البالغ مولاه إلى النكاح ففيه قولان : أحدهما يلزمه تزويجه لأنه مكلف مولى عليه فإذا طلب التزويج وجب تزويجه كالسفيه والثاني لا يلزمه لأنه يملك بيعه وإجارته فلم يلزمه تزويجه كالأمة وأما المكاتب فلا يملك المولى إجباره على النكاح لأنه سقط حقه من رقبته ومنفعته فإن دعا يجب عليه تزويج العبد ففي المكاتب وجهان : أحدهما لا يجب لأنه مملوك فلم يلزمه تزويجه كالعبد والثاني يجب لأنه لا حق له في كسبه بخلاف العبد فإن كسبه للمولى فإذا زوجه بطل عليه كسبه للمهر والنفقة .
فصل : ولا يصح النكاح إلا بشاهدين وقال أبو ثور : يصح من غير شهادة لأنه عقد فصح من غير شهادة كالبيع وهذا خطأ لما روت عائشة Bها أن النبي ( ص ) قال : [ كل نكاح لم يحضره أربعة فهو سفاح خاطب وولي وشاهدان ] ويخالف البيع فإن القصد منه المال والقصد من النكاح الاستمتاع وطلب الولد ومبناهما على الاحتياط ولا يصح إلا بشاهدين ذكرين فإن عقد برجل وامرأتين لم يصح لحديث عائشة Bها ولا يصح إلا بعدلين لما روى ابن مسعود Bه أن النبي ( ص ) قال : [ لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل ] فإن عقد بمجهولي الحال ففيه وجهان : أحدهما وهو قول أبي سعيد الاصطخري أنه لا يصح لأنه ما افتقر ثبوته إلى الشهادة لم يثبت بمجهولين كالإثبات عند الحاكم والثاني يصح وهو المذهب لأنا لو اعتبرنا العدالة الباطنة لم تصح أنكحة العامة إلا بحضرة الحاكم لأنهم لا يعرفون شروط العدالة وفي ذلك مشتقة فاكتفى بالعدالة الظاهرة كما اكتفى في الحوادث في حقهم بالتقليد حين شق عليهم إدراكها بالدليل فإن عقد بمجهولين ثم بان أنهما كانا فاسقين لم يصح لأن حكمنا بصحته في الظاهر إذا بان خلافه حكم بإبطاله كما لو حكم الحاكم باجتهاده ثم وجد النص بخلافه ومن أصحابنا من قال فيه قولان بناء على القولين في الحاكم إذا حكم بشهادة شاهدين ثم بان أنهما كانا فاسقين وإن عقد بشهادة أعميين ففيه وجهان : أحدهما أنه يصح لأن الأعمى يجوز أن يكون شاهدا والثاني لا يصح لأنه لا يعرف العاقد فهو كالأصم الذي لا يسمع لفظ العاقد ويصح بشهادة ابني أحد الزوجين لأنه يجوز أن يثبت النكاح بشهادتهما وهو إذا جحد الزوج الآخر وهل يصح بشهادة ابنيهما أو بشهادة ابن الزوج وابن الزوجة فيه وجهان : أحدهما يصح لأنهما من أهل الشهادة والثاني لا يصح لأنه لا يثبت هذا النكاح بشهادتهما بحال .
فصل : وإذا اختلف الزوجان فقالت الزوجة عقدنا بشاهدين فاسقين وقال الزوج عقدنا بعدلين ففيه وجهان : أحدهما أن القول قول الزوج لأن الأصل بقاء العدالة والثاني أن القول قول الزوجة لأن الأصل عدم النكاح وإن تصادقا على أنهما تزاوجا بولي وشاهدين وأنكر الولي والشاهدان لم يلتفت إلا إنكارهم لأن الحق لهما دون الولي والشاهدين .
فصل : ولا يصح إلا على زوجين معينين لأن المقصود بالنكاح أعيانهما فوجب تعيينهما فإن كانت المنكوحة حاضرة فقال زوجتك هذه صح وإن قال زوجتك هذه فاطمة واسمها عائشة صح لأن مع التعيين بالإشارة لا حكم للاسم فلم يؤثر الغلط فيه وإن كانت المنكوحة غائبة فقال زوجتك ابنتي وليس له غيرها صح وإن قال زوجتك ابنتي فاطمة وهي عائشة صح لأنه لا حكم للاسم مع التعيين بالنسب فلم يؤثر الخطأ فيه وإن كان له اثنتان فقال زوجتك ابنتي لم يصح حتى يعينها بالاسم أو بالصفة وإن قال زوجتك عائشة وقبل الزوج ونويا ابنته أو قال زوجتك ابنتي وقبل الزوج ونويا الكبيرة صح لأنها تعينت بالنية وإن قال زوجتك ابنتي ونوى الكبيرة وقبل الزوج ونوى الصغيرة لم يصح لأن الإيجاب في امرأة والقبول في أخرى وإن قال زوجتك ابنتي عائشة ونوى الصغيرة وقبل الزوج ونوى الكبيرة صح النكاح في عائشة في الظاهر ولم يصح في الباطن لأن الزوج قبل في غير ما أوجب الولي .
فصل : ويستحب أن يخطب قبل العقد لما روي عن عبد الله قال : علمنا رسول الله ( ص ) خطبة الحاجة الحمد لله نحمده ونستعينه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله قال عبد الله ثم تصل خطبتك بثلاث آيات : { اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون } [ آل عمران : 102 ] { اتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا } [ النساء : 1 ] { اتقوا الله وقولوا قولا سديدا } [ الأحزاب : 70 ] فإن عقد من غير خطبة جاز لما روى سهل ابن سعد الساعدي أن النبي ( ص ) قال للذي خطب الواهبة : [ زوجتكها بما معك من القرآن ] ولم يذكر الخطبة ويستحب أن يدعو لهما بعد العقد لما روى أبو هريرة Bه أن النبي ( ص ) كان إذا رفأ الإنسان إذا تزوج قال : [ بارك الله لك وبارك عليك وجمع بينكما في خير ] .
فصل : ولا يصح العقد إلا بلفظ التزويج أو الإنكاح لأن ما سواهما من الألفاظ كالتمليك والهبة لا يأتي على معنى النكاح ولأن الشهادة شرط في النكاح فإذا عقد بلفظ الهبة لم تقع الشهادة على النكاح واختلف أصحابنا في نكاح النبي ( ص ) بلفظ الهبة فمنهم من قال : لا يصح لأن كل لفظ لا ينعقد به نكاح غيره لم ينعقد به نكاحه كلفظ الإحلال ومنهم من قال : يصح لأنه لما خص بهبة البضع من غير بدل خص بلفظها وإن قال زوجني فقال زوجتك صح لأن الذي خطب الواهبة من رسول الله ( ص ) قال : زوجنيها فقال النبي ( ص ) : [ زوجتكها بما معك من القرآن ] وإن قال زوجتك فقال قبلت ففيه قولان : أحدهما يصح لأن القبول يرجع إلى ما أوجبه الولي كما يرجع في البيع إلى ما أوجبه البائع والثاني لا يصح لأن قوله قبلت ليس بصريح في النكاح فلم يصح به كما لو قال زوجتك فقال : نعم وإن عقد بالعجمية ففيه ثلاثة أوجه : أحدها لا يصح لقوله ( ص ) : [ استحللتم فروجهن بكلمة الله ] وكلمة الله بالعربية فلا تقوم العجمية مقامها كالقرآن والثاني وهو قول أبي سعيد الاصطخري إنه إن كان يحسن بالعربية لم يصح وإن لم يحسن صح لأن ما اختص بلفظ غير معجز جاز بالعجمية عند العجز عن العربية ولم يجز عند القدرة كتكبير الصلاة والثالث وهو الصحيح أنه يصح سواء أحسن بالعربية أو لم يحسن لأن لفظ النكاح بالعجمية يأتي على ما يأتي عليه لفظه بالعربية فقام مقامه ويخالف القرآن فإن القصد منه النظم المعجز وذلك لا يوجد في غيره والقصد بالتكبيرة العبادة ففرق فيه بين العجز والقدرة كأفعال الصلاة والقصد بالنكاح تمليك ما يقصد بالنكاح والعجمية كالعربية في ذلك فإن فصل بين القبول والإيجاب بخطبة بأن قال الولي زوجتك وقال الزوج بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ( ص ) قبلت نكاحها ففيه وجهان : أحدهما وهو قول الشيخ أبي حامد الإسفرايني C أنه يصح لأن الخلية مأمور بها للعقد فلم تمنع صحته كالتيمم بين صلاتي الجمع والثاني لا يصح لأنه فصل بين الإيجاب والقبول فلم يصح كما لو فصل بينهما بغير الخطبة ويخالف التيمم فإنه مأمور به بين الصلاتين والخطبة مأمور بها قبل العقد .
فصل : وإذا انعقد العقد لزم ولم يثبت فيه خيار المجلس ولا خيار الشرط لأن العادة في النكاح أنه يسأل عما يحتاج إليه قبل العقد فلا حاجة فيه إلى الخيار بعد ه والله أعلم