وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

باب ما يحرم من النكاح وما لا يحرم .
من ارتد عن الدين لم يصح نكاحه لأن النكاح يراد للاستمتاع ولا يوجد ذلك في نكاح المرتد ولا يصح نكاح الخنثى المشكل لأنه إذا تزوج امرأة لم يؤمن أن يكون امرأة وإن تزوج رجلا ولا يصح نكاح المحرم لما بيناه في الحج .
فصل : ويحرم على الرجل من جهة النسب : الأم والبنت والأخت والعمة والخالة وبنت الأخ وبنت الأخت لقوله D : { حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت } [ النساء : 23 ] ومن حرم عليه مما ذكرناه بنسب حرم عليه بذلك النسب كل من يدلي به وإن بعد فتحرم عليه الأم وكل من يدلي بالأمومة من الجدات من الأب والأم وإن علون وتحرم عليه البنت وكل من ينتسب إليه بالبنوة من بنات الأولاد وأولاد الأولاد وإن سفلن وتحرم عليه الأخت من الأب والأخت من الأم والأخت من الأب والأم وتحرم عليه العمة وكل من يدلي إليه بالعمومة من أخوات الآباء والأجداد من الأب والأم أو من الأب أو من الأم وإن علون وتحرم عليه بنت الأخ وكل من ينتسب إليه ببنوة الأخ من بنات أولاده وأولاد أولاده وإن سفلن وتحرم عليه بنت الأخت وكل من ينتسب إليه ببنوة الأخت من أولادها وأولاد أولادها وإن سفلن لأن الاسم يطلق على ما قرب وبعد والدليل عليه قوله سبحانه وتعالى : { يا بني آدم } [ الأعراف : 19 ] وغيرها وقوله تعالى : { ملة أبيكم إبراهيم } [ الحج : 78 ] وقوله سبحانه وتعالى : { ملة آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب } [ يوسف : 38 ] فأطلق عليهم اسم الآباء مع البعد وقال ( ص ) لقوم من أصحابه يرمون : [ إرموا فإن أباكم إسماعيل عليه السلام كان راميا ] فسمى إسماعيل أباهم مع البعد ولأن من بعد منهم كمن قرب في الحكم والدليل عليه أن ابن الابن كالابن والجد كالأب في الميراث والولاية والعتق بالملك ورد الشهادة فلأن يكون كالابن والأب في التحريم ومبناه على التغليب أولى .
فصل : وتحرم عليه من جهة المصاهرة أم المرأة دخل بها أم لم يدخل لقوله تعالى : { أمهات نسائكم } [ النساء : 23 ] ويحرم عليه كل من يدلي إلى امرأته بالأمومة من الجدات من الأب والأم لما بيناه في الفصل قبله ويحرم عليه ابنة المرأة بنفس العقد تحريم جمع لأنه إذا حرم عليه الجمع لأنه إذا حرم عليه الجمع بين المرأة وأختها فلأن يحرم عليه الجمع بين المرأة وابنتها أولى فإن بانت الأم قبل الدخول حلت له البنت وإن دخل بالأم حرمت عليه البنت على التأبيد لقوله تعالى : { وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم } وتحرم عليه كل من ينتسب إلى امرأته بالبنوة من بنات أولادها وأولاد أولادها وإن سفلن من وجد منهن ومن لم يوجد كما تحرم البنت وتحرم عليه حليلة الابن لقوله تعالى : { وحلائل أبنائكم } [ النساء : 23 ] وتحرم عليه حليلة كل من ينتسب إليه بالنبوة من بني الأولاد وأولاد الأولاد لما بيناه وتحرم عليه حليلة الأب لقوله تعالى : { ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء } [ النساء : 22 ] وتحرم عليه حليلة كل من يدلي إليه بالأبوة من الأجداد لما ذكرناه .
فصل : ومن حرم عليه بنكاحه أو بنكاح أبيه أو ابنه حرم عليه بوطئه أو وطء أبيه أو ابنه في ملك أو شبهة لأن الوطء معنى تصير به المرأة فراشا فتعلق به تحريم المصاهرة كالنكاح ولأن الوطء في إيجاب التحريم آكد من العقد بدليل أن الربيبة تحرم بالعقد تحريم جمع وتحرم بالوطء على التأبيد فإذا ثبت تحريم المصاهرة بالعقد فلأن يثبت بالوطء أولى واختلف قوله في المباشرة فيما دون الفرج بشهوة في ملك أو شبهة فقال في أحد القولين هو كالوطء في التحريم لأنها مباشرة لا تستباح إلا بملك فتعلق بها تحريم المصاهرة كالوطء والثاني لا يحرم بها ما يحرم بالوطء لقوله تعالى : { فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم } [ النساء : 23 ] ولأنه مباشرة لا توجب العدة فلا يتعلق بها التحريم كالمباشرة بغير شهوة وإن تزوج امرأة ثم وطئ أمها أو بنتها أو وطئها أبوه أو ابنه بشبهة انفسخ النكاح لأنه معنى يوجب تحريما مؤبدا فإذا طرأ على النكاح أبطله كالرضاع .
فصل : وإن زنى بامرأة لم يحرم عليه نكاحها لقوله تعالى : { وأحل لكم ما وراء ذلكم } [ النساء : 24 ] وروت عائشة Bها أن النبي ( ص ) سئل عن رجل زنى بامرأة فأرد أن يتزوجها أو ابنتها فقال : [ لا يحرم الحرام الحلال إنما يحرم ما كان بنكاح ] ولا تحرم بالزنا أمها أو ابنتها ولا تحرم هي على ابنه ولا على أبيه للآية والخبر ولأنه معنى تصير به المرأة فراشا فلم يتعلق به تحريم المصاهرة كالمباشرة بغير شهوة وإن لاط بغلام لم تحرم عليه أمه وابنته للآية والخبر وإن زنى بامرأة فأتت منه ببينة فقد قال الشافعي C : أكره أن يتزوجها فإن تزوجها لم أفسخ فمن أصحابنا من قال : إنما كره خوفا من أن تكون منه فعلى هذا إن علم قطعا أنها منه بأن أخبره النبي ( ص ) في زمانه لم تحل له ومنهم من قال : إنما كره ليخرج من الخلاف لأن أبا حنيفة يحرمها فعلى هذا لو تحقق أنها منه لم تحرم وهو الصحيح لأنها ولادة لا يتعلق بها ثبوت النسب فلم يتعلق بها التحريم كالولادة لما دون ستة أشهر من وقت الزنا واختلف أصحابنا في المنفي باللعان فمنهم من قال : يجوز للملاعن نكاحها لأنها منفية عنه فهي كالبنت من الزنا ومنهم من قال : لا يجوز للملا عن نكاحها لأنه غير منفية عنه قطعا ولهذا لو أقر بها ثبت النسب .
فصل : ويحرم عليه أن يجمع بين أختين في النكاح لقوله عز و جل : { وأن تجمعوا بين الأختين } [ النساء : 23 ] ولأن الجمع بينهما يؤدي إلى العداوة وقطع الرحم ويحرم عليه أن يجمع بين المرأة وعمتها وبين المرأة وخالتها لما روى أبو هريرة أن النبي ( ص ) قال : [ لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها ] ولأنهما امرأتان لو كانت إحداهما ذكرا لم يحل له نكاح الأخرى فلم يجز الجمع بينهما في النكاح كالأختين فإن جمع بين الأختين أو بين المرأة وعمتها وبين المرأة وخالتها في عقد واحد بطل نكاحهما لأنه ليست إحداهما بأولى من الأخرى فبطل نكاحهما وإن تزوج إحداهما بعد الأخرى بطل نكاح الثانية لأنها اختصت بالتحريم وإن تزوج إحداهما ثم طلقها فإن كان طلاقا بائنا حلت له الأخرى لأنه لم يجمع بينهما في الفراش وإن كان رجعيا لم تحل لأنها باقية على الفراش وإن قال أخبرتني بانقضاء العدة وأنكرت المرأة لم يقبل قوله في إسقاط النفقة والسكنى لأنه حق لها ويقبل قوله في جواز نكاح أختها لأن الحق لله تعالى وهو مقلد فيما بينه وبينه فإن نكح وثني وثنية ودخل بها ثم أسلم وتزوج بأختها في عدتها لم يصح قال المزني : النكاح موقوف على إسلامها فإن لم تسلم حتى انقضت العدة صح كما يقف نكاحها على إسلامها وهذا خطأ لأنها جارية إلى بينونة فلم يصح نكاح أختها كالرجعية ويخالف هذا نكاحها فإن الموقوف هناك الحل والنكاح يجوز أن يقف حله ولا يقف عقده ولهذا يقف حل نكاح المرتدة على انقضاء العدة ولا يقف نكاحها على الإسلام ويقف حل نكاح الرجعية على العدة ولا يقف نكاح أختها على العدة .
فصل : ومن حرم عليه نكاح امرأة بالنسب له أو بالمصاهرة أو بالجمع حرم عليه وطؤها بملك اليمين لأنه إذا حرم النكاح فلأن يحرم الوطء وهو المقصود أولى وإن ملك أختين فوطئ إحداهما حرمت عليه الأخرى حتى تحرم الموطوءة ببيع أو عتق أو كتابة أو نكاح فإن خالف ووطئها لم يعد إلى وطئها حتى تحرم الأولى والمستحب أن لا يطأ الأولى حتى يستبرئ الثانية حتى لا يكون جامعا للماء في رحم أختين وإن تزوج امرأة ثم ملك أختها لم تحل له المملوكة لأن أختها على فراشه وإن وطئ مملوكة ثم تزوج أختها حرمت المملوكة وحلت المنكوحة لأن فراش المنكوحة أقوى لأنه يملك به حقوق لا تملك بفراش المملوكة من الطلاق والظهار والإيلاء واللعان فثبت الأقوى وسقط الأضعف كملك اليمين لما ملك به لا يملك بالنكاح من الرقبة والمنفعة إذا طرأ على النكاح ثبت وسقط النكاح .
فصل : وما حرم من النكاح والوطء بالقرابة حرم بالرضاع لقوله تعالى : { وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة } [ النساء : 23 ] فنص على الأم والأخت وقسنا عليهما من سواهما وروت عائشة Bها أن النبي ( ص ) قال : [ يحرم من الرضاع ما يحرم من الولادة ] .
فصل : ومن حرم عليه نكاح امرأة على التأبيد برضاع أو نكاح أو وطء مباح صار لها محرما في جواز النظر والخلوة لأنها محرمة عليه على التأبيد بسبب غير محرم فصار محرما لها كالأم والبنت ومن حرمت عليه بوطء شبهة لم يصر محرما لأنها حرمت عليه بسبب غير مباح ولم تلحق بذوات المحارم والأنساب .
فصل : ويحرم على المسلم أن يتزوج ممن لا كتاب له من الكفار كعبدة الأوثان ومن ارتد عن الإسلام لقوله تعالى : { ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن } [ البقرة : 211 ] ويحرم عليه أن يطأ إماءهم بملك اليمين لأن كل صنف حرم وطء حرائرهم بعقد النكاح حرم وطء إمائهم بملك اليمين كالأخوات والعمات ويحل له نكاح حرائر أهل الكتاب وهم اليهود والنصارى ومن دخل في دينهم قبل التبديل لقوله تعالى : { وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم } [ المائدة : 5 ] ولأن الصحابة Bهم تزوجوا من أهل الذمة فتزوج عثمان Bه نائلة بنت الفرافصة الكلبية وهي نصرانية وأسلمت عنده وتزوج حذيفة Bه بيهودية من أهل المدائن وسئل جابر Bه عن نكاح المسلم اليهودية والنصرانية فقال : تزوجنا بهن زمان الفتح بالكوفة مع سعد بن أبي وقاص ويحل له وطء إمائهم بملك اليمين لأن كل جنس حل نكاح حرائرهم حل وطء إمائهم كالمسلمين ويكره أن يتزوج حرائرهم وأن يطأ إماءهم بملك اليمين لأنا لا نأمن أن يميل إليها فتفتنه عن الدين أو أن يتولى أهل دينها فإن كانت حربية فالكراهية أشد لأنه لا يؤمن ما ذكرناه ولأنه يكثر سواد أهل الحرب ولأنه لا يؤمن أن يسبي ولده منها فيسترق .
فصل : وأما غير اليهود والنصارى من أهل الكتاب كمن يؤمن بزبور داود عليه السلام وصحف شيث فلا يحل للمسلم أن ينكح حرائرهم ولا أن يطأ إماءهم بملك اليمين لأنه قيل إن ما معهم ليس من كلام الله D وإنما هو شيء نزل به جبريل عليه السلام كالأحكام التي نزل بها على النبي ( ص ) من غير القرآن وقيل إن الذي معهم ليس بأحكام وإنما هي مواعظ والدليل عليه قوله تعالى : { إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا } [ الأنعام : 156 ] ومن دخل في دين اليهود والنصارى بعد التبديل لا يجوز للمسلم أن ينكح حرائرهم ولا أن يطأ إماءهم بملك اليمين لأنهم دخلوا في دين باطل فهم كمن ارتد من المسلمين ومن دخل فيهم ولا يعلم أنهم دخلوا قبل التبديل أو بعده كنصارى العرب وهم تنوخ وبنو تغلب وبهراء لم يحل نكاح حرائرهم ولا وطء إمائهم بملك اليمين لأن الأصل في الفروج الحظر فلا تستباح مع الشك .
فصل : واختلف أصحابنا في السامرة والصابئين فقال أبو إسحاق : السامرة من اليهود والصابئين من النصارى واستفتى القاهر أبا سعيد الاصطخري في الصابئين فأفتى بقتلهم لأنهم يعتقدون أن الكواكب السبعة مدبرة والمذهب أنهم وافقوا اليهود والنصارى في أصول الدين من تصديق الرسل والإيمان بالكتب كانوا منهم وإن خالفوهم في أصول الدين لم يكونوا منهم وكان حكمهم حكم عبدة الأوثان واختلفوا في المجوس فقال أبو ثور : يحل نكاحهم لأنهم يقرون على دينهم بالجزية كاليهود والنصارى وقال أبو إسحاق : إن قلنا أنهم كان لهم كتاب حل نكاح حرائرهم ووطء إمائهم والمذهب أنه لا يحل لأنهم غير متمسكين بكتاب فهم كعبدة الأوثان وأما حقن الدم فلأن لهم شبهة كتاب والشبهة في الدم تقتضي الحقن وفي البضع تقتضي الحظر وأما ما قال أبو إسحاق فلا يصح لأنه لو جاز نكاحهم على هذا القول لجاز قتلهم على القول الآخر .
فصل : ويحرم عليه نكاح من ولد بين وثني وكتابية لأن الولد من قبيلة الأب ولهذا ينسب إليه ويشرف بشرفه فكان حكمه في النكاح حكمه ومن ولد بين كتابي ووثنية ففيه قولان : أحدهما أنها لا تحرم عليه لأنها من قبيلة الأب والأب من أهل الكتاب والثاني أنها تحرم لأنه لم تتمحض كتابية فأشبهت المجوسية .
فصل : ولا يحل له نكاح الأمة الكتابية لقوله تعالى : { ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات } [ النساء : 25 ] ولأنها إن كانت لكافر استرق ولده منها وإن كانت لمسلم لم يؤمن أن يبيعها من كافر فيسترق ولده منها وأما الأمة المسلمة فإنه إن كان الزوج حرا نظرت فإن لم يخش العنت وهو الزنا لم يحل نكاحها لقوله تعالى : { ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات } إلى قوله D : { ذلك لمن خشي العنت منكم } [ النساء : 25 ] فدل على أنها لا تحل لمن لم يخش العنت وإن خشي العنت ولم تكن عنده حرة ولا يجد طولا وهو ما يتزوج به حرة ولا ما يشتري به أمة جاز له نكاحها للآية وإن وجد ما يتزوج به حرة مسلمة لم يحل له نكاح الأمة لقوله تعالى : { ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم } [ النساء : 25 ] فدل على أنه إذا استطاع ما ينكح به محصنة مؤمنة أنه لاينكح الأمة وإن وجد ما يتزوج به حرة كتابية أو يشتري به أمة ففيه وجهان : أحدهما يجوز لقوله تعالى : { ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم } وهذا غير مستطيع أن ينكح المحصنات المؤمنات والثاني لا يجوز لقوله تعالى : { ذلك لمن خشي العنت منكم } وهذا لا يخشى العنت وإن كانت عنده حرة لا يقدر على وطئها لصغر أو لرتق أو لضنى من مرض ففيه وجهان : أحدهما يحل له نكاح الأمة لأنه يخشى العنت والثاني لا يحل له لأن تحته حرة فلا يحل هل نكاح الأمة والصحيح هو الأول فإن لم تكن عنده حرة ولم يقدر على طول حرة وخشي العنت فتزوج أمة ثم تزوج حرة أو وجد طول حرة أو أمن العنت لم يبطل نكاح الأمة وقال المزني : إذا وجد صداق حرة بطل نكاح الأمة لأن شرط الإباحة قد زال وهذا خطأ لأن زوال شرط الإباحة قد زال وهذا خطأ لأن زوال الشرط لا حكم له كما لو أمن العنت بعد العقد وإن كان الزوج عبدا حل له نكاح الأمة وإن وجد صداق حرة ولم يخف العنت لأنها مساوية له فلم يقف نكاحها على خوف العنت وعدم صداق الحرة كالحرة في حق الحر .
فصل : ويحرم على العبد نكاح مولاته لأن أحكام الملك والنكاح تتناقض فإن المرأة بحكم الملك تطالبه بالسفر إلى المشرق والعبد بحكم النكاح يطالبها بالسفر إلى المغرب والمرأة بحكم النكاح تطالبه بالنفقة والعبد بحكم الملك يطالبها بالنفقة وإن تزوج العبد حرة ثم اشترته انفسخ النكاح لأن ملك اليمين أقوى لأنه يملك به الرقبة والمنفعة فأسقط النكاح ويحرم على المولى أن يتزوج أمته لأن النكاح يوجب للمرأة حقوقا يمنع منها ملك اليمين فبطل وإن تزوج جارية ثم ملكها انفسخ النكاح لما ذكرناه في العبد إذا تزوج حرة ثم اشترته .
فصل : ويحرم على الأب نكاح جارية ابنه لأن له فيها شبهة تسقط الحد بوطئها فلم يحل له نكاحها كالجارية المشتركة بينه وبين غيره فإن تزوج جارية أجنبي ثم ملكها ابنه ففيه وجهان : أحدهما أنه يبطل النكاح لأن ملك الابن كملكه في إسقاط الحد وحرمة الاستيلاد فكان كملكه في إبطال النكاح والثاني لا يبطل لأنه لا يملكها بملك الابن فلم يبطل النكاح .
فصل : ولا يجوز نكاح المعتدة من غيره لقوله تعالى : { ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله } [ البقرة : 235 ] ولأن العدة وجبت لحفظ النسب لو جوزنا فيها النكاح اختلط النسب وبطل المقصود ويكره نكاح المرتابة بالحمل بعد انقضاء العدة لأنه لا يؤمن أن تكون حاملا من غيره فإن تزوجها ففيه وجهان : أحدهما وهو قول أبي العباس أن النكاح باطل لأنها مرتابة بالحمل فلم يصح نكاحها كما لو حدثت الريبة قبل انقضاء العدة والثاني وهو قول أبي سعيد و أبي إسحاق أنه يصح وهو الصحيح لأنها ريبة حدثت بعد انقضاء العدة فلم تمنع صحة العقد كما لو حدثت بعد النكاح و يجوز نكاح الحامل من الزنا لأن حملها لا يلحق بأحد فكان وجوده كعدمه .
فصل : ويحرم على الحر أن يتزوج بأكثر من أربع نسوة لقوله تعالى : { فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع } [ النساء : 3 ] وروى عبد الله بن عمر Bهما أن غيلان بن سلمة أسلم وتحته عشر نسوة فقال له النبي ( ص ) : [ خذ منهن أربعا ] ويحرم على العبد أن يجمع بين أكثر من امرأتين وقال أبو ثور : يحل له أن يجمع بين أربع وهذا خطأ لما روي أن عمر Bه خطب وقال : من يعلم ماذا يحل للمملوك من النساء فقال رجل : أنا فقال : كم ؟ قال : ثنتان فسكت عمر وروي ذلك عن علي وعبد الرحمن بن عوف Bهما .
فصل : ولا يجوز نكاح الشغار وهو أن يتزوج الرجل ابنته أو أخته من رجل على أن يزوجه ذلك ابنته أو أخته ويكون بضع كل واحدة منهما صداقا للأخرى لما روى ابن عمر Bه أن رسول الله ( ص ) نهى عن الشغار والشغار أن يزوج الرجل ابنته من رجلين فأما إذا قال زوجتك ابنتي على أن تزوجني ابنتك صح النكاحان لأنه لم يحصل التشريك في البضع وإنما حصل الفساد في الطلاق وهو أنه جعل الصداق أن يزوجه ابنته فبطل الصداق وصح النكاح زإن قال زوجتك ابنتي بمائة على أن تزوجني ابنتك بمائة صح النكاحان ووجب مهر المثل لأن الفساد في الصداق وهو شرطه مع المائة تزويج ابنته فأشبه المسألة قبلها وإن قال زوجتك ابنتي بمائة على أن تزوجني ابنتك بمائة ويكون بضع كل واحدة منهما صداقا للأخرى ففيه وجهان : أحدهما يصح لأن الشغار هو الخالي من الصداق وههنا لم يخل من الصداق والثاني لا يصح وهو المذهب لأن المبطل هو التشريك في البضع وقد اشترك في البضع .
فصل : ولا يجوز نكاح المتعة وهو أن يقول زوجتك ابنتي يوما أو شهرا لما روى محمد بن علي Bهما انه سمع أباه علي بن أبي طالب كرم الله وجهه وقد لقي ابن عباس وبلغه أنه يرخص في متعة النساء فقال علي كرم الله وجهه : إنك امرؤ تائه إن رسول الله ( ص ) نهى عنها يوم خيبر وعن لحوم الحمر الإنسية لأنه عقد يجوز مطلقا فلم يصح مؤقتا كالبيع ولأنه نكاح لا يتعلق به الطلاق والظهار والإرث وعدة الوفاة فكان باطلا كسائر الأنكحة الباطلة .
فصل : ولا يجوز نكاح المحلل وهو أن ينكحها على أنه إذا وطئها فلا نكاح بينهما وأن يتزوجها على أن يحللها للزوج الأول لما روى هزيل بن عبد الله قال : لعن الرسول ( ص ) الواصلة والموصولة والواشمة والموشومة والمحلل والمحلل له وآكل الربا ومطعمه ولأنه نكاح شرط انقطاعه دون غايته فشابه نكاح المتعة وإن تزوجها على أنه إذا وطئها طلقها ففيه قولان : أحدهما أنه باطل لما ذكرناه من العلة والثاني أنه يصح لأن النكاح مطلق وإنما شرط قطعه بالطلاق فبطل الشرط وصح العقد فإن تزوجها واعتقد أنه يطلقها إذا وطئها كره ذلك لما روى أبو مرزوق التجيبي أن رجلا أتى عثمان Bه فقال : إن جاري طلق امرأته في غضبه ولقي شدة فأردت أن أحتسب نفسي ومالي فأتزوجها ثم أبني بها ثم أطلقها فترجع إلى زوجها الأول فقال له عثمان Bه لا تنكحها إلا بنكاح رغبة فإن تزوج على هذه النية صح النكاح لأن العقد إنما يبطل بما شرط لا بما قصد ولهذا لو اشترى عبدا بشرط أن لا يبيعه بطل ولو اشتراه بنية أن لا يبيعه لم يبطل .
فصل : وإن تزوج بشرط الخيار بطل العقد لأنه عقد يبطله التوقيت فبطل بالخيار الباطل كالبيع وإن شرط أن لا يتسرى عليها أو لا ينقلها من بلدها بطل الشرط لأنه يخالف مقتضى العقد و لا يبطل العقد لأنه لا يمنع مقصود العقد وهو الاستمتاع فإن شرط أن لا يطأها ليلا بطل الشرط لقوله ( ص ) : [ المؤمنون على شروطهم إلا شرطا أحل حراما أوحرم حلالا ] فإن كان الشرط من جهة المرأة بطل العقد وإن كان من جهة الزوج لم يبطل لأن الزوج يملك الوطء ليلا ونهارا وله أن يترك فإذا شرط أن لا يطأها فقد شرط ترك ماله تركه والمرأة يستحق عليها الوطء ليلا ونهارا فإذا شرطت ان لا يطأها فقد شرطت منع الزوج من حقه وذلك ينافي مقصود العقد فبطل .
فصل : و يجوز التعريض بخطبة المعتدة عن الوفاة والطلاق الثلاث لقوله تعالى : { ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء } [ البقرة : 235 ] ولما روت فاطمة بنت قيس أن أبا حفص بن عمرو طلقها ثلاثا فأرسل إليها النبي ( ص ) لا تسبقيني بنفسك فزوجها بأسامة Bه ويحرم التصريح بالخطبة لأنه لما أباح التعريض دل على أن التصريح محرم ولأن التصريح لا يحتمل غير النكاح فلا يؤمن أن يحملها الحرص على النكاح فتخبر بانقضاء العدة والتعريض يحتمل غير النكاح فلا يدعوها إلى الإخبار بانقضاء العدة وإن خالعها زوجها فاعتدت لم يحرم على الزوج التصريح بخطبتها لأنه يجوز له نكاحها فهو معها كالأجنبي مع الأجنبية في غير العدة ويحرم على غيره التصريح بخطبتها لأنها محرمة عليه وهل يحرم التعريض فيه قولان : أحدهما يحرم لأن الزوج يملك أن يستبيحها في العدة فلم يجز لغيره التعريض بخطبتها كالرجعية والثاني لا يحرم لأنها معتدة بائن فلم يحرم التعريض بخطبتها كالمطلقة ثلاثا والمتوفى عنه زوجها والمرأة في الجواب كالرجل في الخطبة فيما يحل وفيما يحرم لأن الخطبة للعقد فلا يجوز أن يختلفا في تحليله وتحريمه والتصريح أن يقول إذا انقضت عدتك تزوجتك أو ما أشبهه والتعريض أن يقول رب راغب فيك وقال الأزهري : أنت جميلة وأنت مرغوب فيك وقال مجاهد : مات رجل وكانت امرأته تتبع الجنازة فقال لها رجل لا تسبقينا بنفسك فقال : قد سبقك غيرك ويكره التعريض بالجماع لقوله تعالى : { ولكن لا تواعدوهن سرا } [ البقرة : 235 ] وفسر الشافعي C السر بالجماع فسماه سرا لأنه يفعل سرا وأنشد فيه قول امرئ القيس : .
( ألا زعمت بسبابة اليوم أنني ... كبرت وأن لا يحس السر أمثالي ) .
ولأن ذكر الجماع دناءة وسخف .
فصل : ومن خطب امرأة فصرح له بالإجابة حرم على غيره خطبتها إلا أن يأذن فيه الأول لما روى ابن عمر Bه أن رسول الله ( ص ) نهى أن يخطب الرجل على خطبة أخيه حتى يترك الخاطب الأول أو يأذن له فيخطب وإن لم يصرح له بالإجابة ولم يعرض له لم يحرم على غيره لما روي أن فاطمة بنت قيس قالت لرسول الله ( ص ) : إن معاوية وأبا الجهم خطباني فقال رسول الله ( ص ) : [ أما أبو الجهم لا يضع العصا عن عاتقه و أما معاوية فصعلوك لا مال له ] فانكحي أسامة وإن عرض له بالإجابة ففيه قولان : قال في القديم : تحرم خطبتها لحديث ابن عمر Bه ولأن فيه إفساد المتقارب بينهما وقال في الجديد : لا تحرم لأنه لم يصرح له بالإجابة فأشبه إذا سكت عنه فإن خطب على خطبة أخيه في الموضع الذي لا يجوز فتزوجها صح النكاح لأن المحرم سبق العقد فلم يفسد به العقد وبالله التوفيق