وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

كتاب اللقيط .
التقاط المنبوذ فرض على الكفاية لقوله تعالى : { وتعاونوا على البر والتقوى } [ المائدة : 2 ] ولأنه تخليص آدمي له حرمة من الهلاك فكان فرضا كبذل الطعام للمضطر .
فصل : وإن وجد لقيط مجهول الحال حكم بحريته لما روى سنين أبو جميلة قال : أخذت منبوذا على عهد عمر Bه فذكره عريفي لعمر Bه فأرسل إلي فدعاني والعريف عنده فلما رآني قال عسى الغوير أبؤسا فقال عريفي : إنه لا يتهم فقال عمر ما حملك على ما صنعت قلت وجدت نفسا بمضيعة فأحببت أن يأجرني الله تعالى فيه فقال : هو حر وولاؤه لك وعلينا رضاعه ولأن الأصل في الناس الحرية فإن كان عليه ثياب أو حلي أو تحته فراش أو في يده دراهم أو عنان فرس أو كان في دار ليس فيها غيره فهي له لأنه حر فكان ما في يده له كالبالغ وإن كان على بعد منه مال مطروح أو فرس مربوط لم يكن له لأنه لا يد له عليه وإن كان بالقرب منه وليس هناك غيره ففيه وجهان : أحدهما ليس له لأنه لا يد له عليه والثاني لأن الإنسان قد يترك ماله بقربه فإذا لم يكن هناك غيره فالظاهر أنه له وإن كان تحته مال مدفون لم يكن له لأن البالغ لو جلس على الأرض وتحته دفين لم يكن له ذلك فكذلك اللقيط .
فصل : وإن وجد في بلد من بلاد المسلمين وفيه مسلم فهو مسلم لأنه اجتمع له حكم الدار وإسلام من فيها وإن كان في بلد الكفار ولا مسلم فيه فهو كافر لأن الظاهر أنه ولد بين كافرين وإن كان فيه مسلم ففيه وجهان : أحدهما أنه كافر تغليبا لحكم الدار والثاني أنه مسلم تغليبا لإسلام المسلم الذي فيه وإن التقطه حر مسلم أمين مقيم موسر أقر في يده لما ذكرناه من حديث عمر Bه ولأنه لا بد من أن يكون في يد من يكفله فكان الملتقط أحق به لحق السبق .
فصل : فإن كان له مال كانت نفقته في ماله كالبالغ ولا يجوز للملتقط أن ينفق من ماله بغير إذن الحاكم فإن أنفق عليه من غير إذنه ضمنه لأنه لا ولاية له عليه إلا في الكفاية فلم يملك الإنفاق بنفسه كالأم وإن فوض إليه الحاكم أن ينفق عليه مما وجده معه فقد قال في كتاب اللقيط يجوز وقال في كتاب اللقطة إذا أنفق الواحد على الضالة ليرجع به لم يجز حتى يدفع إلى الحاكم ثم يدفع الحاكم إليه ما ينفق عليه فمن أصحابنا من نقل جواب كل واحدة من المسألتين إلى الأخرى وجعلهما على قولين : أحدهما لا يجوز لأنه لا يلي بنفسه فلم يجز أن يكون وكيلا لغيره في القبض له من نفسه كما لو كان عليه دين ففوض إليه صاحب الدين قبض ماله عليه من نفسه والثاني يجوز لأنه جعل أمينا على الطفل فجاز أن ينفق عليه مما له في يده كالوصي ومنهم من قال يجوز في اللقيط ولا يجوز في الضالة لأن اللقيط لا ولي به في الظاهر فجاز أن يجعل الواحد وليا له والضالة لها مالك هو ولي عليها فلا يجوز أن يجعل الواحد وليا عليها وإن لم يكن حاكم فأنفق من غير إشهاد ضمن وإن أشهد ففيه قولان : أحدهما يضمن لأنه لا ولاية له فضمن كما لو كان الحاكم موجودا والثاني لا يضمن لأنه موضع ضرورة وإن لم يكن له مال وجب على السلطان القيام بنفقته لأنه آدمي له حرمة يخشى هلاكه فوجب على السلطان القيام بحفظه كالفقير الذي لا كسب له ومن أين تجب النفقة فيه قولان : أحدهما من بيت المال لما روي عن عمر Bه أنه استشار الصحابة في نفقة اللقيط فقالوا من بيت المال ولأن من لزم حفظه بالإنفاق ولم يكن له مال وجبت نفقته من بيت المال كالفقير الذي لا كسب له فعلى هذا لا يرجع على أحد بما أنفق عليه والقول الثاني : لا يجب من بيت المال لأن مال بيت المال لا يصرف إلا فيما لا وجه له غيره واللقيط يجوز أن يكون عبدا فنفقته على مولاه أو حرا له مال أو فقيرا له من تلزمه نفقته فلم يلزم من بيت المال فعلى هذا يجب على الإمام أن يقترض له ما ينفق من بيت المال أو من رجل من المسلمين فإن لم يكن في بيت المال ولا وجد من يقرضه جمع الإمام من له مكنة وعد نفسه فيهم وقسط عليهم نفقته فإن بان أنه عبد رجع على مولاه وإن بان أن له أبا موسرا رجع عليه بما اقترض له فإن لم يكن له أحد وله كسب رجع في كسبه وإن لم يكن له كسب قضى سهم من ثري من المساكين أو الغارمين .
فصل : وأما إذا التقطه عبد فإن كان بإذن السيد وهو من أهل الإلتقاط جاز لأن الملتقط هو السيد والعبد نائب عنه وإن كان بغير إذنه لم يقر في يده لأنه لا يقدر على حضانته مع خدمة السيد وإن علم به السيد وأقره في يده كان ذلك التقاطا من السيد والعبد نائب عنه .
فصل : وإن التقطه كافر نظرت فإن كان اللقيط محكوما بإسلامه لم يقر في يده لأن الكفالة ولاية ولا ولاية للكافر على المسلم ولأنه لا يؤمن أن يفتنه عن دينه وإن كان محكوما بكفره أقر في يده لأنه على دينه وإن التقطه فاسق لم يقر في يده لأنه لا يؤمن أن يسترقه وأن يسيء في تربيته ولأن الكفالة ولاية الفاسق ليس من أهل الولاية .
فصل : وإن التقطه ظاعن يريد أن يسافر به نظرت فإن لم تختبر أمانته في الباطن لم يقر في يده لأنه لا يؤمن أن يسترقه إذا غاب وإن اختبرت أمانته في الباطن فإن كان اللقيط في الحضر والملتقط من أهل البدو ويريد أن يخرج به إلى البدو ومنع منه لأنه ينقله من العيش في الرخاء إلى العيش في الشقاء ومن طيب المنشأ إلى موضع الجفاء وفي الخبر : من بدا فقد جفا وإن أراد أن يخرج به إلى بلد آخر ففيه وجهان : أحدهما يجوز وهو ظاهر النص لأن البلد كالبلد والثاني لا يجوز لأن البلد الذي وجد فيه أرجى لظهور نسبه فيه وإن كان الملتقط في بدو فإن كان الملتقط من أهل الحضر وأراد أن يخرج به إلى الحضر جاز لأن الحضر أرفق به وأنفع له وإن كان من البادية فإن كانت حلته في مكان لا ينتقل عنه أقر في يده لأن الحلة كالقرية وإن كان يظعن في طلب الماء والكلأ ففيه وجهان : أحدهما يقر في يده لأنه أرجى لظهور نسبه والثاني لا يقر في يده لأنه يشقى بالتنقل في البدو .
فصل : وإن التقطه فقير ففيه وجهان : أحدهما لا يقر في يده لأنه لا يقدر على القيام بحضانته وفي ذلك إضرار باللقيط والثاني يقر في يده لأن الله تعالى يقوم بكفاية الجميع .
فصل : وإن تنازع في كفالته نفسان من أهل الكفاية قبل أن يأخذاه أخذه السلطان وجعله في يد من يرى منهما أو من غيرهما لأنه لا حق لهما قبل الأخذ ولا مزية لهما عن غيرهما فكان الأمر فيه إلى السلطان وإن التقطاه وتشاحا أقرع بينهما فمن خرجت عليه القرعة أقر في يده وقال أبو علي بن خيران : لا يقرع بينهما بل يجتهد الحاكم فيقره في يد من هو أحظ له والمنصوص هو الأول لقوله تعالى : { وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم } [ آل عمران : 44 ] ولأنه لا يمكن أن يجعل في أيديهما لأنه لا يمكن أحدهما لأنهما متساويان في سبب الاستحقاق ولا يمكن أن يسلم إلى غيرهما لأنه قد ثبت لهما حق الالتقاط فلا يجوز إخراجه عنهما فأقرع بينهما كما لو أراد أن يسافر بإحدى نسائه وإن ترك أحدهما حقه من الحضانة ففيه وجهان : أحدهما يدفع إلى السلطان فيقره في يد من يرى لأن الملتقط لا يملك غير الحفظ فأما إقرار اللقيط في يد غيره فليس ذلك إليه ولهذا لو انفرد بالالتقاط لم يملك أن ينقله إلى غيره والثاني وهو المذهب أنه يقر في يد الآخر من غير إذن السلطان لأن الحضانة بحكم الإلتقاط لا تفتقر إلى إذن السلطان ولهذا لو انفرد كل واحد منهما بالإلتقاط ثبت له الحضانة من غير إذن فإذا اجتمعا وترك أحدهما حقه ثبت للآخر كالشفعة بين شفيعين .
فصل : فأما إذا اختلفا في الإلتقاط فادعى كل واحد منهما أنه الملتقط ولم تكن بينة فإن لم يكن لأحدهما عليه أقره السلطان في يد من يرى منهما أو من غيرهما لأنه لا حق لهما وإن كان في يد أحدهما فالقول قوله مع يمينه لأن اليد تشهد له وإن كان في يدهما تحالفا فإن حلفا أو نكلا صارا كالملتقطين يقرع بينهما على المذهب وعلى قول أبي علي ابن خيران يقره الحاكم في يد من هو أحظ له فإن كان لأحدهما بينة قضى له لأن البينة أقوى من اليد والدعوى وإن كان لكل واحد منهما بينة فإن كانت بينة أحدهما أقدم تاريخا قضى له لأنه قد ثبت له السبق إلى الإلتقاط وإن لم تكن له بينة أحدهما أقدم تاريخا فقد تعارضت البينتان ففي أحد القولين تسقطان فيصيران كما لو لم تكن بينة وقد بيناه وفي القول الثاني تستعملان وفي الاستعمال ثلاثة أقوال : أحدها القسمة والثاني القرعة والثالث الوقف ولا يجيء ههنا إلا القرعة لأنه لا يمكن اللقيط بينهما ولا يمكن الوقف لأن فيه إضرارا باللقيط فوجبت القرعة .
فصل : وإن ادعى حر مسلم نسبه لحق به وتبعه في الإسلام لأنه يقر له بحق لا ضرر فيه على أحد فقبل كما لو أقر له بمال وله أن يأخذه من الملتقط لأن الوالد أحق بكفالة الولد ومن الملتقط وإن كان الذي أقر بالنسب هو الملتقط فالمستحب أن يقال له من أين صار ابنك لأنه ربما اعتقد أنه بالإلتقاط صار أبا له وإن ادعى نسبه عبد لحق به لأن العبد كالحر في السبب الذي يلحق به النسب ولا يدفع إليه لأنه لا يقدر على حضانته لاشتغاله بخدمة مولاه وإن ادعى نسبه كافر لحق به لأن الكافر كالمسلم في سبب النسب وهل يصير اللقيط كافرا ؟ قال في اللقيط أحببت أن أجعله مسلما وقال في الدعوى والبينات أجعله مسلما فمن أصحابنا من قال إن أقام البينة حكم بكفره قولا واحدا وإن لم تقم البينة ففيه قولان : أحدهما يحكم بكفره لأنا لما حكمنا بثبوت نسبه فقد حكمنا بأنه ولد على فراشه والقول الثاني يحكم بإسلامه لأنه محكوم بإسلامه بالدار فلا يحكم بكفره بقول كافرن وقال أبو إسحاق : الذي قال في اللقيط أراد به إذا ادعاه وأقام البينة عليه لأنه قد ثبت بالبينة أنه ولد على فراش كافر والذي قال في الدعوى والبينات أراد إذا ادعاه من غير بينة لأنه محكوم بإسلامه بظاهر الدار فلا يصير كافرا بدعوى الكافر وهذا الطريق هو الصحيح لأنه نص عليه في الإملاء وإذا قلنا إنه يتبع الأب في الكفر فالمستحب أن يسلم إلى مسلم أن يبلغ احتياطا للإسلام فإن بلغ ووصف الكفر أقررناه على كفره وإن وصف الإسلام حكمنا بإسلامه من وقته .
فصل : وإن ادعت امرأة نسبة ففيه ثلاثة أوجه : أحدها يقبل لأنها أحد الأبوين فقبل إقرارها بالنسب كالأب والثاني لايقبل وهو ظاهر النص لأنه يمكن إقامة البينة على ولادتها من طريق المشاهدة فلا يحكم فيها بالدعوى بخلاف الأب فإنه لا يمكن إقامة البينة على ولادته من طريق المشاهدة فقبلت فيه دعواه ولهذا قلنا إنه إذا قال لامرأته إن دخلت الدار فأنت طالق لم يقبل قولها في دخول الدار إلا ببينة ولو قال لها إن حضت فأنت طالق قبل قولها في الحيض من غير بينة لما ذكرناه من الفرق فكذلك ههنا والثالث إن كانت فراشا لرجل لم يقبل قولها لأن إقرارها يتضمن إلحاق النسب بالرجل وإن لم تكن فراشا قبل لأنه لا يتضمن إلحاق النسب بغيرها .
فصل : وإن تداعى نسبه رجلان لم يجز إلحاقه بهما لأن الولد لاينعقد من اثنين والدليل عليه قوله تعالى : { إنا خلقناكم من ذكر وأنثى } [ الحجرات : 13 ] فإن لم يكن لواحد منهما بينة عرض الولد على القافة وهم قوم بني مدلج من كنانة فإن ألحقته بأحدهما لحق به لما روت عائشة Bها قالت : دخل علي رسول الله ( ص ) أعرف السرور في وجهه فقال ألم تري إلى مجزز المدلجي نظر إلى أسامة وزيد وقد غطيا رؤوسهما وقد بدت أقدامهما فقال إن هذه الأقدام بعضها من بعض فلو لم يكن ذلك حقا لما سر به رسول الله ( ص ) وهل يجوز أن يكون من غير بني مدلج ؟ فيه وجهان : أحدهما لا يجوز لأن ذلك ثبت بالشرع ولم يرد الشرع إلا في بني مدلج والثاني أنه يجوز وهو الصحيح لأنه علم يتعلم ويتعاطى فلم تختص به قبيلة كالعلم بالأحكام وهل يجوز أن يكون واحدا فيه وجهان : أحدهما أنه يجوز لأن النبي ( ص ) سر بقول مجزز المدلجي وحده ولأنه بمنزلة الحاكم لأنه يجتهد ويحكم كما يجتهد الحاكم ثم يحكم والثاني لا يجوز أقل من اثنين لأنه حكم بالشبه في الخلقة فلم يقبل من واحد كالحكم في المثل من جزاء الصيد ولا يجوز أن يكون امرأة ولا عبدا كما لا يجوز أن يكون الحاكم امرأة ولا عبدا ولا يقبل إلا قول من جرب وعرف بالقيافة حذقه كما لا يقبل في الفتيا إلا قول من عرف في العلم حذقه وإن ألحقته بهما أو نفته عنهما أو أشكل الأمر عليها أو لم تكن قافة ترك حتى يبلغ ويؤخذان بالنفقة عليه لأن كل واحد منهما يقول أنا الأب وعلى نفقته فإذا بلغ أمرناه أن ينتسب إلى من يميل طبعه إليه لما روي عن عمر Bه أنه قال للغلام الذي أحلقته القافة بهما : وال أيهما شئت ولأن الولد يجد لوالده مالا يجد لغيره فإذا تعذر العلم بقول القافة رجع إلى اختيار الولد وهل يصح أن ينتسب إذا صار متميزا ولم يبلغ ؟ فيه وجهان : أحدهما يصح كما يصح أن يختار الكون مع أحد الأبوين إذا صار مميزا والثاني لا يصح لأنه قول يتعين به النسب ويلزم الأحكام به فلا يقبل من الصبي ويخالف اختيار الكون مع أحد الأبوين لأن ذلك غير لازم ولهذا لو اختار أحدهما ثم انتقل إلى الآخر جاز و لا يجوز ذلك في النسب وإن كان لأحدهما بينة قدمت على القافة لأن البينة تخبر عن سماع أو مشاهدة والقافة تخبر عن اجتهاد فإن كان لكل واحد منهما متعارضتان لأنه لا يجوز أن يكون الولد من اثنين ففي أحد القولين يسقطان ويكون كما لو لم تكن بينة وقد بيناه وفي الثاني تستعملان فعلى هذا هل يقرع بينهما ؟ فيه وجهان : أحدهما يقرع بينهما فمن خرجت له القرعة قضى له لأنه لا يمكن قسمة الولد بينهما ولا يمكن الوقف لأن فيه إضرارا باللقيط فوجبت القرعة والثاني لا يقرع لأن معنا ما هو أقوى من القرعة وهي القافة فعلى هذا يصير كما لو لم يكن لهما بينة وليس موضع تسقط الأقوال الثلاثة في استعمال البينتين إلا في هذا الموضع على هذا المذهب وإن تداعت امرأتان نسبه وقلنا إنه يصح دعوى المرأة ولم تكن بينة فهل يعرض على القافة ؟ فيه وجهان : أحدهما يعرض لأن الولد يأخذ الشبه من الأم كما يأخذ من الأب فإذا جاز الرجوع إلى القافة في تمييز الأب من غيره بالشبه جاز في تمييز الأم من غيرها والثاني لا يعرض لأن الولد يمكن معرفة أمه يقينا فلم يرجع إلى القافة بخلاف الأب فإنه لا يمكن معرفته إلا ظنا فجاز أن يرجع فيه إلى الشبه .
فصل : وإن ادعى رجل رق اللقيط لم يقبل إلا ببينة لأن الأصل هو الحرية فإن شهدت له البينة نظرت فإن شهدت له بأنه ولدته أمته فقد قال في اللقيط جعلته له وقال في الدعوى والبينات إن شهدت له بأنه ولدته أمته في ملكه جعلته له فمن أصحابنا من قال يجعل له قولا واحدا وإن لم تقل ولدته في ملكه وما قال في الدعوى والبينات ذكره تأكيد لا شرطا لأن ما تأتي به أمته من غيره لا يكون إلا مملوكا له ومنهم من قال فيه قولان : أحدهما يجعل له بينة والثاني لا يجعل له لأنه يحتمل أن تكون الأمة ولدته قبل أن يملكها ثم ملكها فلم يملك ولدها وإن شهدت له البينة بالملك ولم تذكر سبب الملك ففيه قولان : أحدهما يحكم له كما يحكم له إذا شهدت له بملك مال وإن لم تذكر سببه والثاني لا يحكم لأن البينة قد تراه في يده فتشهد بأنه عبده بثبوت يده عليه بالإلتقاط أو غيره وإن شهدت البينة له باليد فإن كان المدعي هو الملتقط لم يحكم له لأنه قد عرف سبب يده وهو الإلتقاط ويد الإلتقاط لا تدل على الملك فلم يكن للشهادة تأثير وإن كان المدعي غيره ففيه قولان : أحدهما يحكم له مع اليمين لأن اليد قد ثبتت فإذا حلف حكم له كما لو كان في يده مال فحلف عليه والثاني لا يحكم له لأن ثبوت اليد على اللقيط لا تدل على الملك لأن الظاهر الحرية .
فصل : ومن حكم بإسلامه أو بأحد أبويه أو بالسابي فحكمه قبل البلوغ حكم سائر المسلمين في الغسل والصلاة والميراث والقصاص والدية لأن السبب الذي أوجب الحكم بإسلامه لم يزل فأشبه من أسلم بنفسه وبقي على إسلامه فإن بلغ ووصف الكفر فالمنصوص أنه مرتد فإن تاب وإلا قتل لأنه محكوم بإسلامه قطعا فأشبه من أسلم بنفسه ثم ارتد ومن أصحابنا من قال فيه قولان : أحدهما ما ذكرناه والثاني أنه يقر على الكفر لأنه لما بلغ زال حكم التتبع فاعتبر بنفسه فإن بلغ ولم يف الإسلام ولا الكفر فقتله قاتل فالمنصوص أنه لا قود على قاتله ومن أصحابنا من قال يجب القود لأنه محكوم بإسلامه فأشبه ما قبل البلوغ وهذا خطأ لأنه يحتمل أن يكون غير راض بالإسلام والقصاص يسقط بالشبهة فسقط ويخالف ما قبل البلوغ فإن إسلامه قائم قطعا وبعد البلوغ لا نعلم بقاء الإسلام فأما من حكم بإسلامه بالدار فإنه قبل البلوغ كالمحكوم بإسلامه بأبويه أو بالسابي فإن بلغ ووصف الكفر فإنه يفزع ويهدد على الكفر احتياطا فإن أقام على الكفر أقر عليه ومن أصحابنا من قال هو كالمحكوم بإسلامه بأبويه لأنه محكوم بإسلامه بغيره فصار كالمسلم بأبويه والمنصوص أنه يقر على الكفر لأنه محكوم بإسلامه من جهة الظاهر ولهذا لو ادعاه ذمي وأقام البينة حكم بكفره .
فصل : وإن بلغ اللقيط وقذفه رجل وادعى أنه عبد وقال اللقيط بل أنا حر ففيه قولان : أحدهما أن القول قول اللقيط لأن الظاهر من حاله الحرية والثاني أن القول قول القاذف لأنه يحتمل أن يكون عبدا والأصل براءة ذمة القاذف من الحد وإن قطع حر طرفه وادعى أنه عبد وقال اللقيط بل أنا حر فالمنصوص أن القول قول اللقيط فمن أصحابنا من قال : فيه قولان : كالقذف ومنهم من قال إن القول قول اللقيط قولا واحدا وفرق بينه وبين القذف بأن القصاص قد وجب في الظاهر ووجوب القيمة مشكوك فيه فإذا أسقطنا القصاص انتقلنا من الظاهر إلى الشك فلم يجز وفي القذف قد وجب الحد في الظاهر ووجوب التعزير يقين لأنه بعض الحد فإذا أسقطنا الحد انتقلنا من الظاهر إلى اليقين فجاز .
فصل : إذا بلغ اللقيط ووهب وأقبض وابتاع ونكح وأصدق وجنى وجني عليه ثم قامت البينة على رقه كان حكمه في التصرفات كلها حكم العبد القن يمضي ما يمضي من تصرفه وينقض ما ينقض من تصرفه فيما يضره ويضر غيره لأنه قد ثبت بالبينة أنه مملوك فكان حكمه حكم المملوك فإن أقر على نفسه بالرق لرجل فصدقه نظرت فإن كان قد تقدم منه إقرار بحريته لم يقبل إقراره بالرق لأنه لزمه بإقراره بالحرية أحكام الأحرار في العبادات والمعاملات فلم يقبل إقراره في إسقاطها وإن لم يتقدم منه إقرار بالحرية ففيه طريقان : من أصحابنا من قال فيه قولان : أحدهما لا يقبل إقراره بالرق لأنه محكوم بحريته فلم يقبل إقراره بالرق كما لو أقر بالحرية ثم أقر بالرق والثاني يقبل لأنا حكمنا بحريته في الظاهر وما ثبت بالظاهر يجوز إبطاله بالإقرار ولهذا لو ثبت إسلامه بظاهر الدار وبلغ وأقر بالكفر قبل منه فكذلك ههنا ومنهم من قال إقراره بالرق قولا واحدا لما ذكرناه ويكون حكمه في المستقبل حكم الرقيق فإما تصرفه بعد البلوغ وقبل الحكم برقه فعلى قولين : أحدهما يقال إقراره في جميعه لأن الرق هو الأصل وقد ثبت فوجب أن تثبت أحكامه كما لو ثبت بالبينة والثاني يقبل فيما يضره ولا يقبل فيما يضر غيره لأن إقراره يتضمن ما يضره ويضر غيره فقبل فيما يضره ولم يقبل فيما يضر غيره كما لو أقر بمال عليه وعلى غيره وهذا الطريق هو الصحيح وعليه التفريع فإن باع واشترى فإن قلنا يقبل إقراره في الجميع وقلنا إن عقود العبد من غير إذن المولى لا تصح كانت عقوده فاسدة فإن كانت الأعيان باقية وجب ردها وإن كانت تالفة وجب بدلها في ذمته يتبع به إذا عتق وإن قلنا يقبل فيما يضره ولا يقبل فيما يضر غيره لم يقبل قوله في إفساد العقود ويلزمه أعواضها فإن كان في يده مال استوفى منه فإن فضل في يده شيء كان لمولاه وإن كان اللقيط جارية فزوجها الحاكم ثم أقرت بالرق فإن قلنا يقبل إقرارها في الجميع فالنكاح باطل لأنه عقد بغير إذن المولى فإن كان قبل الدخول لم يجب على الزوج شيء وإن كان بعد الدخول وجب عليه مهر المثل لأنه وطء في نكاح فاسد وإن أتت بولد فهو حر لأنه دخل على أنه حر وعليه قيمته ويجب عليها عدة أمه وهي قرءان وإن قلنا لا يقبل فيما يضر غيره لم يبطل النكاح لأن فيه إضرارا بالزوج ولكنه في حق الزوج في حكم الصحيح وفي حقها في حكم الفاسد فإن كان قبل الدخول لم يجب لها مهر لأنها لا تدعيه وإن كان بعد الدخول وجب لها أقل الأمرين من مهر المثل أو المسمى لأنه إن كان المهر أقل لم يجب ما زاد لأن فيه إضرارا بالزوج وإن أتت منه بولد فهو حر ولا قيمة عليه لأنا لا نقبل قوله فيما يضره ونقول للزوج قد ثبت أن زوجتك أمة فإن اخترت إمساكها كان ما تلده مملوكا للسيد لأنك تطؤها على علم أنها أمة وإن طلقها اعتدت عدة حرة وهو ثلاثة أقراء وله فيها الرجعة لأنا لا نقبل قولها عليه فيما يضره وإن مات عنها لزمته عدة أمة وهي شهران وخمس ليال لأن عدة الوفاة تجب لحق الله تعالى لا حق له فيها ولهذا تجب من غير وطء وقول اللقيط يقبل فيما يسقط حق الله تعالى من العبادات وإن كان اللقيط غلاما فتزوج ثم أقر بالرق فإن قلنا يقبل إقراره في الجمع بطل النكاح من أصله لأنه بغير إذن المولى فإن لم يدخل بها لم يلزمه شيء وإن دخل بها لزمه أقل الأمرين من المسمى أو مهر المثل لأنه إن كان المسمى أقل لم يجب ما زاد لأنها لا تدعيه وإن كان مهر المثل أقل لم يجب ما زاد لأن قوله مقبول وإن ضر غيره وإن قلنا لا يقبل قوله فيما يضر غيره لم يقبل قوله إن النكاح باطل لأنه يضرها ولكن يحكم بانفساخه في الحال لأن أقر بتحريمها فإن كان قبل الدخول لزمه نصف المسمى وإن دخل بها لزمه جميعه لأنه لا يقبل قوله في إسقاط المسمى .
فصل : وإن جنى عمدا على عبد ثم أقر بالرق وجب عليه القصاص على القولين وإن جنى خطأ وجب الأرش في رقبته على القولين لأن وجوب القصاص ووجوب الأرش في رقبته يضره ولا يضر غيره وقبل قوله فيه وإن جنى عليه حر عمدا لم يجب القول على الجاني لأن ذلك مما يضره ولا يضر غيره فقبل قوله فيه وإن جنى عليه خطأ بأن قطع يده فإن الجاني يقر بنصف الدية واللقيط يدعي نصف القيمة فإن كان نصف القيمة أكثر من نصف الدية وجب نصف القيمة لأن ما زاد عليه لا يدعيه وإن كان أكثر من نصف الدية فعلى القولين : إن قلنا يقبل قوله في الجميع وجب على الجاني نصف القيمة وإن قلنا لا يقبل فيما يضره غيره وجب نصف الدية لأن فيما زاد إضرارا بالجاني .
فصل : وإن أقر اللقيط أنه عبد لرجل وكذبه الرجل سقط إقراره كما لو أقر له بدار فكذبه وإن أقر اللقيط بعد التكذيب بالرق لآخر لم يقبل وقال أبو العباس : يقبل كما لو أقر لرجل بدار فكذبه ثم أقر بها الآخر والمذهب الأول لأن بإقراره الأول قد أخبر أنه لم يملكه غيره فإذا كذبه المقر له رجع إلى الأصل وهو أنه حر فلم يقبل إقراره بالرق بعده ويخالف الدار لأنه إذا كذبه الأول رجع إلى الأصل وهي مملوكة فقبل الإقرار بها لغيره .
فصل : وإذا بلغ اللقيط فادعى عليه رجل أنه عبد فأنكره فالقول قوله لأن الأصل الحرية وإن طلب المدعي يمينه فهل يحلف ؟ يبنى على القولين في إقراره بالرق فإن قلنا يقبل حلف لأنه ربما خاف من اليمين فأقر له بالرق وإن قلنا لا يقبل لم يحلف لأن اليمين إنما تعرض ليخاف فيقر ولو أقر لم يقبل فلم يكن في عرض اليمين فائدة وبالله التوفيق