وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

كتاب اللقطة .
إذا وجد الحر الرشيد لقطة يمكن حفظها وتعريفها كالذهب والفضة و الجواهر و الثياب فإن كان ذلك في غير الحرم جاز التقاطه للتملك لما روى عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي ( ص ) سئل عن اللقطة فقال ما كان منها في طريق مئتاء فعرفها حولا فإن جاء صاحبها و إلا فهي لك وما كان منها في خراب ففيها وفي الركاز الخمس وله أن يلتقطها للحفظ على صاحبها لقوله تعالى { وتعاونوا على البر والتقوى } [ المائدة : 2 ] و لما روى أبو هريرة أن النبي ( ص ) قال : [ من كشف عن مسلم كربة من كرب الدنيا كشف الله عنه كربة من كرب يوم القيامة والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه ] وإن كانت في الحرم لم يجز أن يأخذها إلا للحفظ على صاحبها ومن أصحابنا من قال يجوز التقاطها للتملك لأنها أرض مباحة فجاز أخذ لقطتها للتملك كغير الحرم والمذهب الأول لما روى ابن عباس Bه أن النبي ( ص ) قال : [ إن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السموات والأرض فهو حرام إلى يوم القيامة لم يحل لأحد قبلي ولا يحل لأحد بعدي ولم يحل لي إلا ساعة من نهار فهو حرام إلى يوم القيامة لا ينفر صيدها ولا يعضد شجرها ولا تلتقط لقطتها إلا لمعرف ] و يلزمه المقام للتعريف وإن لم يمكنه المقام دفعها إلى الحاكم ليعرفها من سهم المصالح .
فصل : وهل يجب أخذها ؟ روى المزني أنه قال لا أحب تركها وقال في الأم لا يجوز تركها فمن أصحابنا من قال فيه قولان : أحدهما لا يجب لأنها أمانة فلم يجب أخذها كالوديعة والثاني يجب لما روى ابن مسعود أن النبي ( ص ) قال : [ حرمة مال المؤمن كحرمة دمه ] ولو خاف على نفسه لوجب حفظها فكذلك إذا خاف على ماله وقال أبو العباس و أبو إسحاق و غيرهما : إن كانت في موضع لا يخاف عليها لأمانة أهله لم يجب عليه لأن غيره يقوم مقامه في حفظها وإن كان في موضع يخاف عليها لقلة أمانة أهله وجب لأن غيره لا يقوم مقامه فتعين عليه وحمل القولين على هذين الحالين فإن تركها ولم يأخذها لم يضمن لأن المال إنما يضمن باليد أو بالإتلاف ولم يوجد شيء من ذلك ولهذا لا يضمن الوديعة إذا ترك أخذها فكذلك اللقطة .
فصل : وإن أخذها اثنان كانت بينهما كما لو أخذا صيدا كان بينهما فإن أخذها واحدا و ضاعت منه ووجدها غيره وجب عليه ردها إلى الأول لأنه سبق إليها فقدم كما لو سبق إلى موات فتحجره .
فصل : وإذا أخذها عرف عفاصها - وهو الوعاء الذي تكون فيه - ووكاءها - وهو الذي تشد به - وجنسها و قدرها لما روى زيد بن خلد الجهني أن النبي ( ص ) سئل عن اللقطة فقال : [ أعرف عفاصها ووكاؤها وعرفها سنة فإن جاء من يعرفها وإلا فاخلطها بمالك ] فنص على العفاص والوكاء وقسنا عليهما الجنس والقدر ولأنه إذا عرف هذه الأشياء لم تختلط بماله وتعرف به صدق من يدعيها وهل يلزمه أن يشهد عليها وعلى اللقيط ؟ فيه ثلاثة أوجه : أحدها لا يجب لأنه دخول في أمانة فلم يجب الإشهاد عليه كقبول الوديعة والثاني يجب لما روى عياض بن حمار Bه أن النبي ( ص ) قال : [ من التقط لقطة فليشهد ذا عدل أو ذوي عدل ولا يكتم ولا يغيب ] ولأنه إذا لم يشهد لم يؤمن أن يموت فتضيع اللقطة أو يسترق اللقيط والثالث أنه لا يجب على اللقطة لأنه اكتساب مال فلم يجب الإشهاد عليه كالبيع و يجب على اللقيط لأنه يحفظ به النسب فوجب الإشهاد عليه كالنكاح وإن أخذها وأراد الحفظ على صاحبها لم يلزمه التعريف لأن التعريف للتملك فإذا لم يرد التملك لم يجب التعريف فإن أراد أن يتملكها نظرت فإن كان مالا له قد يرجع من ضاع منه في طلبه لزمه أن يعرفه سنة لحديث عبد الله بن عمرو وحديث زيد بن خالد وهل يجوز تعريفها سنة متفرقة ؟ فيه وجهان : أحدهما لا يجوز ومتى قطع استأنف لأنه إذا قطع لم يظهر أمرها ولم يظهر طالبها والثاني يجوز لأن اسم السنة يقع عليها ولهذا لو نذر صوم سنة جاز أن يصوم سنة متفرقة ويجب أن يكون التعريف في أوقات اجتماع الناس كأوقات الصلوات وغيرها وفي المواضع التي يجتمع الناس فيها كالأسواق وأبواب المساجد لأن المقصود لا يحصل إلا بذلك ويكثر منه في الموضع الذي وجدها فيه لأن من ضاع منه شيء يطلبه في الموضع الذي ضاع فيه ولا يعرفها في المساجد لما روى جابر قال : سمع رسول الله ( ص ) رجلا ينشد ضالة في المسجد فقال له النبي ( ص ) [ لا وجدت ] وذلك لأنه كان يكره أن ترفع فيه الأصوات ويقول من ضاع منه شيء أو ضاع منه دنانير ولا يزيد عليها حتى لا يضبطها رجل فيدعيها فإن ذكر النوع والقدر والعفاص والوكاء ففيه وجهان : أحدهما لا يضمن لأن بمجرد الصفة لا يجب الدفع والثاني يضمن لأنه لا يؤمن أن يحفظ ذلك رجل ثم يرافعه إلى من يوجب الدفع بالصفة فإن لم يوجد من يتطوع بالنداء كانت الأجرة على الملتقط لأنه يتملك به وإن كانت اللقطة مما لا يطلب كالتمرة واللقمة لم تعرف لما روى أنس قال : مر رسول الله ( ص ) على تمرة في الطريق مطروحة فقال : [ لولا أن أخشى أن تكون من الصدقة لأكلتها ] وإن كان مما يطلب إلا أنه قليل ففيه ثلاثة أوجه : أحدها يعرف القليل والكثير سنة وهو ظاهر النص لعموم الأخبار والثاني لا يعرف الدينار لما روي أن عليا كرم الله وجهه وجد دينارا فعرفه ثلاثا فقال له النبي ( ص ) : [ كله أو شأنك به ] والثالث يعرف ما يقطع فيه السارق ولا يعرف ما دونه لأنه تافه ولهذا قالت عائشة Bها : ما كانت اليد تقطع على عهد رسول الله ( ص ) في الشيء التافه .
فصل : فإن عرفها فلم يجد صاحبها ففيه وجهان : أحدهما تدخل في ملكه بالتعريف لحديث عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي ( ص ) قال : [ فإن جاء صاحبها وإلا فهي له ] ولأنه كسب مال بفعل فلم يعتبر فيه اختيار التملك كالصيد والثاني أنه يملكه باختيار التملك لما روي في حديث زيد بن خالد الجهني أن النبي ( ص ) قال : [ فإن جاء صاحبها وإلا فشأنك بها ] فجعله إلى اختياره ولأنه تملك ببدل فاعتبر فيه اختيار التملك كالملك بالبيع و حكى فيه وجهان آخران : أحدهما أنه يملك بمجرد النية والثاني يملكه بالتصرف ولا وجه لواحد منهما ولا فرق في ملكها بين الغني والفقير لقوله ( ص ) [ فإن جاء صاحبها وإلا فشأنك بها ] ولم يفرق لأنه ملك بعوض فاستوى فيه الغني والفقير كالملك في القرض والبيع .
فصل : فغن حضر صاحبها قبل أن يملكها نظرت فإن كانت العين باقية وجب ردها مع الزيادة المتصلة والمنفصلة لأنها باقية على ملكه وإن كانت تالفة لم يلزم الملتقط ضمانها لأنه يحفظ لصاحبها فلم يلزم ضمانها من غير تفريط كالوديعة وإن حضر بعد ما ملكها فإن كانت باقية وجب ردها وإن كانت تالفة وجب عليه بدلها وقال الكرابيسي لا يلزمه ردها ولا ضمان بدلها لأنه مال لا يعرف له مالك فإذا ملكه لم يلزمه رده ولا ضمان بدلها لأنه مال لا يعرف له مالك فإذا ملكه لم يلزمه رده ولا ضمان بدله كالركاز والمذهب الأول لما روى أبو سعيد الخدري أن عليا كرم الله وجهه وجد دينارا فجاء صاحبه فقال النبي ( ص ) : [ أده ] قال علي قد أكلته فقال النبي ( ص ) [ إذا جاء ناشئ أديناه ] ويخلف الركاز فإنه مال لكافر لا حرمة له وهذا مال مسلم ولهذا لا يلزمه تعريف الركاز ويلزمه تعريف اللقطة فإن كانت العين باقية فقال الملتقط أنا أعطيك البدل لم يجبر المالك على قبوله لأنه يمكنه الرجوع إلى عين ماله فلا يجبر على قبول البدل وإن حضر وقد باعها الملتقط وبينهما خيار ففيه وجهان : أحدهما يفسخ البيع ويأخذ لأنه يستحق العين والعين باقية والثاني لا يجوز له أن يفسخ لأن الفسخ حق للعاقد فلا يجوز لغيره من غير إذنه وإن حضر وقد زادت العين فإن كانت زيادة متصلة رجع فيها مع الزيادة وإن كانت زيادة منفصلة رجع فيها دون الزيادة لأنه فسخ ملك فاختلفت فيه الزيادة المتصلة والمنفصلة كالرد بالعيب .
فصل : وإن جاء من يدعيها ووصفها فإن غلب على ظنه أنها له أن يدفع إليه ولا يلزمه الدفع لأنه مال للغير فلا يجب تسليمه بالوصف كالوديعة فإن دفع إليه بالوصف ثم جاء غيره وأقام البينة أنها له قضى بالبينة لأنها حجة توجب الدفع فقدمت على الوصف فإن كانت باقية ردت على صاحب البينة وإن كانت تالفة فله أن يضمن الملتقط لأنه دفع ماله بغير حق وله أن يضمن الآخذ لأنه أخذ ماله بغير حق فإن ضمن الآخذ لم يرجع على الملتقط لأنه إن كان مستحقا عليه فقد دفع ما وجب عليه فلم يرجع وإن كان مظلوما لم يجز أن يرجع على غير من ظلمه فلا يرجع على من لم يظلمه وإن لم يقر له ولكنه قال يغلب على ظني أنها لك فله الرجوع لأنه بان بأنه لم يكن له وقد تلف في يده فاستقر الضمان عليه .
فصل : وإن وجد ضالة لم يخل إما أن تكون في برية أو بلد فإن كانت في برية نظرت فإن كانت مما يمتنع على صغار السباع بقوته كالإبل والبقر والخيل والبغال والحمير أو ببعد أثره لسرعته كالظباء والأرانب أو بجناحه كالحمام والدراج لم يجز التقاطه للتملك لما روى زيد بن خالد الجهني قال : سئل رسول الله ( ص ) عن ضالة الإبل فغضب واحمرت عيناه وقال : [ ما لك ولها معها الحذاء والسقاء تأكل من الشجر وترد الماء حتى يأتي ربها ] وسئل عن ضالة الغنم فقال : [ خذها هي لك أو لأخيك أو للذئب ] وهل يجوز أخذها للحفظ ؟ ينظر فيه فإن كان الواجد هو السلطان جاز لأن للسلطان ولاية في حفظ أموال المسلمين ولهذا روي أنه كان لعمر حظيرة يضع فيها الضوال فإن كان له حمى تركها في الحمى وأشهد عليها ويسمها بسمة الضوال للتميز عن غيرها من الأموال وإن لم يكن له حمى فإن كان يطمع في مجيء صاحبها بأن يعرف أنها من نعم قوم يعرفهم حفظها اليومين والثلاثة وإن لم يعرف أو عرف ولم يجئ صاحبها باعها وحفظ ثمنها لأنه إذا تركها احتاجت إلى نفقة وفي ذلك إضرار وإن كان الواجد لها من الرعية ففيه وجهان : أحدهما يجوز لأنه يأخذها للحفظ على صاحبها فجاز كالسلطان والثاني لا يجوز لأنه لا ولاية له على صاحبها بخلاف السلطان فإن أخذها للتملك أو للحفظ وقلنا إنه لا يجوز ضمنها لأنه تعدى بأخذها فضمنها كالغاصب وإن دفعها إلى السلطان ففيه وجهان : أحدهما لا يبرأ من الضمان لأنه لا ولاية للسلطان على رشيد والثاني يبرأ وهو المذهب لأن للسلطان ولاية على الغائب في حفظ ما يخاف عليه من ماله ولهذا لو وجدها السلطان جاز له أخذها للحفظ على مالكها فإذا أخذها غيره وسلمها إليه بريء من الضمان وإن كان مما لا يمتنع من صغار السباع كالغنم وصغار الإبل والبقر أخذها لحديث زيد بن خالد الجهني أن رسول الله ( ص ) قال في ضالة الغنم : [ خذها هي لك أو لأخيك أو للذئب ] ولأنه إذا تركها أخذها غيره أو أكلها الذئب فكان أخذها أحوط لصاحبها وإذا أخذها فهو بالخيار بين أن يمسكها ويتطوع بالإنفاق عليها ويعرفها حولا ثم يملكها وبين أن يبيعها ويحفظ ثمنها ويعرفها ثم بمالك الثمن وبين أن يأكلها ويغرم بدلها ويعرفها لأنه إذا لم يفعل ذلك احتاج إلى نفقة دائمة وفي ذلك إضرار بصاحبها والإمساك أولى من البيع والأكل لأنه يحفظ العين على صاحبها ويجري فيها على سنة الإلتقاط في التعريف والتملك والبيع أولى من الأكل لأنه إذا أكل استباحها قبل الحول وإذا باع لم يملك الثمن إلا بعد الحول فكان البيع أشبه بأحكام اللقطة فإن أراد البيع ولم يقدر على الحاكم باعها بنفسه لأنه موضع ضرورة وإن قدر على الحاكم ففيه وجهان : أحدهما لا يبيع إلا بإذنه لأن الحاكم له ولاية ولا ولاية للملتقط والثاني يبيع من غير إذنه لأنه قد قام مقام المال فقام مقامه في البيع وإن أكل فهل له أن يعزل البدل مدة التعريف ؟ فيه وجهان : أحدهما لا يلزمه لأن كل حالة جاز أن يستبيح أكل اللقطة يلزمه عزل البدل كما بعد الحول ولأنه إذا لم يعزل كان البدل قرضا في ذمته وإذا عزله كان أمانة والقرض أحوط من الأمانة والثاني يلزمه عزل البدل لأنه أشبه بأحكام اللقطة فإن من حكم اللقطة أن تكون أمانة قبل الحول وقرضا بعد الحول فيصير البدل كاللقطة إن شاء حفظها له وإن شاء عرفها ثم تملك وإن أفلس الملتقط كان صاحبها أحق بها من سائر الغرماء وإن وجد ذلك في بلد فقد روى المزني أن الصغار والكبار في البلد لقطة فمن أصحابنا من قال المذهب ما رواه المزني لأن النبي ( ص ) إنما رفق بين الصغار والكبار في البرية لأن الكبار لا يخاف عليها لأنها ترد الماء وترعى الشجر وتتحفظ بنفسها والصغار يخاف عليها لأنها لا ترد الماء والشجر فتهلك وأما في البلد فالكبار كالصغار في الخوف عليها فكان الجميع لقطة ومن أصحابنا من قال فيه قول آخر إن البلد كالبرية فالصغار فيه لقطة والكبار ليست بلقطة لعموم الخبر فإن قلنا إن البلد كالبرية فالحكم فيه على ما ذكرناه إلا في الأكل فله أن يأكل الصغار في البرية وليس له أكلها في البلد لأن في البرية إذا لم يأكل الصغار هلكت لأنه لا يمكن بيعها وفي البلد يمكن بيعها فلم يجز الأكل وإن قلنا إن الجميع في البلد لقطة فالحكم في الكبار كالحكم في الصغار في البرية إلا في الأكل فإنه لا يأكل في البلد ويأكل الصغار في البرية لما ذكرناه .
فصل : وإن وجد عبدا صغيرا لا تمييز له جاز أن يلتقطه لأنه كالغنم يعرفه حولا ثم يملكه وإن وجد جارية صغيرة لا تمييز لها فإن كان لا يحل له وطؤها جاز له أن يلتقطها للتملك كما يجوز أن يقترضها وإن كانت تحل له لم يجز أن يلتقطها للتملك كما لا يجوز أن يقترضها .
فصل : وإن وجد كلب صيد لم يجز أن ينتفع به قبل الحول فإن عرفه حولا ولم يجد صاحبه جاز له أن ينتفع به لأن الانتفاع بالكلب كالتصرف في المال والتصرف في المال يقف على التعريف في الحول فكذلك الإنتفاع بالكلب .
فصل : وإن وجد مالا يبقى كالشواء والطبيخ والخيار والبطيخ فهو الخيار بين أن يأكله ويغرم البدل وبين أن يبيعه ويحفظ الثمن على ما ذكرناه في الغنم في بيعه وحفظ ثمنه وأكله وعزل بدله وخرج المزني فيه قولا آخر أنه يلزمه البيع ولا يجوز الأكل والمذهب الأول لأنه معرض للهلاك فخير فيه بين البيع والأكل كالغنم وإن وجد ما لا يبقى ولكن يمكن التوصل إلى حفظه كالرطب والعنب فإن كان الأنفع لصاحبه أن يباع بيع وإن كان الأنفع أن يجفف جفف وإن احتاج إلى مؤنة في تخفيفه ولم يوجد من يتطوع بيع بعضه وأنفق عليه .
فصل : وإن وجد خمرا أراقها صاحبها لم يلزمه تعريفها لأن إراقتها مستحقة فلم يجز التعريف فإن صارت عنده خلا ففيه وجهان : أحدهما أنها لمن أراقها لأنها عادت إلى الملك السابق والملك السابق للذي أراق فعاد إليه كما لو غصبه من رجل فصار في يده خلا والثاني أنه للملتقط لأن الأول أسقط منها فصارت في يد الثاني ويخالف المغصوبة لأنها أخذت بغير رضاه فوجب ردها إليه .
فصل : فأما العبد إذا وجد لقطة ففيه قولان : أحدهما له أن يلتقط لأنه كسب بفعل فجاز للعبد كالإصطياد والثاني لا يجوز لأن الإلتقاط يقتضي ولاية قبل الحول وضمانا بعد الحول والعبد ليس من أهل الولاية ولا له ذمة يستوفى منها الحق إلى أن يعتق ويوسر فإن قلنا إنه يجوز أن يلتقط فهلك في يده من غير تفريط لم يضمن وإن هلك بتفريط ضمنها في رقبته فتباع فيها وإن عرفها صح تعريفه ولا يملك به لأنه في أحد القولين لا يملك المال وفي الثاني يملك إذا ملكه السيد وههنا لم يملكه السيد فإن قلنا إن الملتقط يملك بالتعريف من غير اختيار التملك دخل في ملك السيد كما يدخل في ملكه ما التقطه وعرفه وإن قلنا لا يملك إلا باختيار التملك وقف على اختياره فإن تملكها العبد وتصرف فيها ففيه وجهان : أحدهما يضمنها في ذمته ويتبع بها إذا عتق كما لو اقترض شيئا والثاني يضمنها في رقبته لأنه مال لزمه بغير رضا من له الحق فتعلق برقبته كأرش الجناية وإن علم السيد نظرت فإن لم يكن عرفها العبد عرفها السيد حولا ثم تملك وإن عرفها العبد تملكها السيد في الحال لأن تعريف العبد كتعريفه فإن عرفها العبد بعض الحول عرفها السيد ما بقي ثم تملك وإن أقرها في يد العبد نظرت فإن كان العبد أمينا لم يضمن كما لا يضمن ما التقطه بنفسه وسلمه إلى عبده وإن كان خائنا ضمنها كما لو التقطها بنفسه وسلمها إليه وهو خائن وإن قلنا إنه لا يجوز أن يلتقط فالتقط ضمنها في رقبته لأنه أخذ مال غيره بغير حق فأشبه إذا غصبه وإن عرفها لم يصح تعريفه لأنها ليست في يده بحكم اللقطة فإن علم السيد نظرت فإن أخذها صارت في يده أمانة لأنه ما يجوز له أخذه بحكم الإلتقاط فصار كما لو وجد لقطة فالتقطها ويبرأ العبد من الضمان لأنه دفعها إلى من يجوز الدفع إليه فبرئ من الضمان كما لو دفعها إلى الحاكم وإن أراد أن يتملك ابتدأ التعريف ثم يتملك ابتدأ التعريف ثم تملك فإن أقرها في يد العبد ليعرفها فإن كان أمينا لم يضمن كما لو استعان به في تعريف ما التقطه بنفسه وإن لم يأخذها ولا أقرها في يده ولكنه أهملها فقد روى المزني أنه يضمنها في رقبة العبد وروى الربيع أنه يضمنها في ذمته ورقبة العبد فمن أصحابنا من قال : الصحيح ما رواه المزني أنه يختص برقبته لأن الذي أخذ هو العبد فاختص الضمان برقبته فعلى هذا إن تلف العبد سقط الضمان و قال أبو إسحاق : الصحيح ما رواه الربيع وأنه يتعلق بذمة السيد ورقبة العبد لأن العبد تعدى بالأخذ والسيد تعدى بالترك فاشتركا في الضمان فعلى هذا إن تلف العبد لم يسقط الضمان وإن التقط العبد لقطة ولم يعلم السيد بها حتى أعتقه فعلى القولين إن قلنا إنه يجوز للعبد أن يلتقط كان للسيد أن يأخذها منه لأنه كسب له حصل في حال الرق فكان للسيد كسائر أكسابه وإن قلنا لا يجوز للعبد أن يلتقط كان للسيد أن يأخذها منه لأنه كسب له حصل له في حال الرق فكان السيد كسائر أكسابه وإن قلنا لا يجوز أن يلتقط لم يكن للسيد أن يأخذها منه لأنه لم يثبت للعبد عليه الإلتقاط فعلى هذا يكون العبد لأنها في يده وهو من أهل الالتقاط ويحتمل أن لا يكون أحق بها لأن يده يد ضمان فلا تصير يد أمانة .
فصل : وإن وجد المكاتب لقطة فالمنصوص أنه كالحر واختلف أصحابنا فيه فمنهم من قال : إنه كالحر قولا واحدا لأنه يملك التصرف في المال وله ذمة يستوفي منها الحق فهو كالحر ومنهم من قال : هو كالعبد لأنه ناقص بالرق كالعبد فيكون في التقاطه قولان : فإن قلنا إنه كالحر أو قلنا إنه كالعبد وجوزنا التقاطه صح تعريفه فإذا عرفها ملكها لأنه من أهل الملك وإذا قلنا إنه كالعبد ولم نجوز التقاطه صار ضامنا لأنه تعدى بالأخذ ويجب أن يسلمها إلى السلطان لأنه لا يمكن إقرارها في يده لأنها في يده بغير حق ولا يمكن تسليمها إلى السيد لأنه لا حق له في إكسابه فوجب تسليمها إلى السلطان فإن أخذها السلطان برئ المكاتب من الضمان فتكون في يده السلطان أبدا إلى أن يجد صاحبها .
فصل : وإن وجد اللقطة من نصفه حر ونصفه عبد فالمنصوص أنه كالحر فمن أصحابنا من قال : هو كالحر قولا واحدا لأنه تملك ملكا تاما وله ذمة صحيحة فهو كالحر ومنهم من قال هو كالعبد القن لما فيه من نقص الرق فيكون على قولين فإذا قلنا إنه كالحر نظرت فإن لم يكن بينه وبين السيد مهايأة كانا شريكين فيها كسائر أكسابه وإن كانت بينهما مهايأة فإن قلنا إن الكسب النادر لا يدخل في المهايأة كانت اللقطة بينهما لأنه بمنزلة ما لم يكن بينهما مهايأة وإن قلنا إن الكسب النادر يدخل في المهايأة كانت اللقطة لمن وجدها في يومه .
فصل : وإن وجد المحجور عليه لسفه أو جنون أو صغر لقطة صح التقاطه لأنه كسب بفعل فصح المحجور عليه كالإصطياد وعلى الناظر في أمره أن ينتزعها منه ويعرفها لأن اللقطة في مدة التعريف أمانة والمحجور عليه ليس من أهل الأمانة فإن كان ممن يجوز الاقتراض عليه تملكها له وإن كان ممن لا يجوز الاقتراض عليه لم يتملك له لأن التملك بالالتقاط كالتملك بالاقتراض في ضمان البدل .
فصل : وإن وجد الفاسق لقطة لم يأخذها لأنه لا يؤمن أن لا يؤدي الأمانة فيها فإن التقطها ففيه قولان : أحدهما لا تقر في يده وهو الصحيح لأن الملتقط قبل الحول كالولي في حق الصغير والفاسق ليس من أهل الولاية في المال والثاني تقر في يده لأنه كسب بفعل فأقر في يده كالصيد فعلى هذا يضم إليه من يشرف عليه وهل يجوز أن ينفرد بالتعريف فيه قولان : أحدهما يجوز لأن التعريف لا يفتقر إلى الأمانة والثاني لا يجوز حتى يكون معه من يشرف عليه لأنه لا يؤمن أن يفرط في التعريف فإذا عرفه ملكه لأنه من أهل التملك .
فصل : وإن التقط كافر لقطة في دار الإسلام ففيه وجهان : أحدهما يملك بالتعريف لأنه كسب بالفعل فاستوى فيه الكافر والمسلم كالصيد والثاني لا يملك لأن تصرفه بالحفظ والتعريف بالولاية والكافر لا ولاية له على المسلم