وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

كتاب الوقف .
الوقف قربة مندوب إليها لما روى عبد الله بن عمر أن عمر Bه أتى النبي ( ص ) وكان قد ملك مائة سهم من خيبر فقال : قد أصبت مالا لم أصب مثله وقد أردت أن أتقرب به لله تعالى فقال : [ حبس الأصل وسبل الثمرة ] .
فصل : و يجوز وقف كل عين ينتفع بها على الدوام كالعقار والحيوان والأساس والسلاح لما روى أبو هريرة Bه أنه ذكر للنبي ( ص ) أنه منع ابن جميل وخالد بن الوليد والعباس بن عبد المطلب يعني الصدقة فقال رسول الله ( ص ) : [ ما نقم بن جميل إلا أنه كان كان فقيرا فأغناه الله ورسوله ] فأما خالد فإنكم تظلمون خالدا إن خالدا قد حبس أدرعه وأعتده معا في سبيل الله ولأنه لما أمر عمر Bه بتحبيس الأصل وتسبيل الثمرة دل ذلك على جواز وقف كل ما يبقى وينتفع به وأما ما لا ينتفع به على الدوام كالطعام وما يشم من الريحان وما تحطم وتكسر من الحيوان فلا يجوز وقفه لأنه لا يمكن الانتفاع به على الدوام و يجوز وقف الصغير من الرقيق والحيوان لأنه يرجى الانتفاع به على الدوام ولا يجوز وقف الحمل لأنه تمليك منجز فلم يصح في الحمل وحده كالبيع .
فصل : واختلف أصحابنا في الدراهم والدنانير فمن أجاز إجارتها أجاز وقفها ومن لم يجز إجارتها لم يجز وقفها واختلفوا في الكلب فمنهم من قال : لا يجوز وقفه لأن الوقف تمليك والكلب لا يملك ومنهم من قال : يجوز الوقف لأن القصد من الوقف المنفعة وفي الكلب منفعة فجاز وقفه واختلفوا في أم الولد فمنهم من قال : يجوز وقفها ولأنه ينتفع بها على الدوام فهي كالأم القنة ومنهم من قال لا يجوز لأنها لا تملك .
فصل : ولا يصح الوقف إلا في عين معينة فإن وقف عبدا غير معين أو فرسا غير معين فالوقف باطل لأنه إزالة ملك على وجه القربة فلم يصح في عين في الذمة كالعتق والصدقة .
فصل : وما جاز وقفه جاز وقف جزء منه مشاع لأن عمر Bه وقف مائة سهم من خيبر بإذن رسول الله ( ص ) لأن القصد بالوقف حبس الأصل وتسبيل المنفعة والمشاع كالمقسوم في ذلك و يجوز وقف علو الدار دون سفلها وسفلها دون علوها لأنهما عينان يجوز وقفهما فجاز وقف أحدهما دون الآخر كالعبدين .
فصل : ولا يصح الوقف إلا على بر ومعروف كالقناطر والمساجد والفقراء والأقارب فإن وقف على ما لا قربة فيه كالبيع والكنائس وكتب التوراة والإنجيل وعلى من يقطع الطريق أو يرتد عن الدين لم يصح لأن القصد بالوقف القربة وفيما ذكرناه إعانة على المعصية وإن وقف على ذمي جاز لأنه في موضع القربة ولهذا يجوز التصدق عليه فجاز الوقف عليه وفي الوقف على المرتد والحربي وجهان : أحدهما يجوز لأنه يجوز تمليكه فجاز الوقف عليه كالذمي والثاني لا يجوز لأن القصد بالوقف نفع الموقوف عليه والمرتد والحربي مأمور بقتلهما فلا معنى للوقف عليهما وإن وقف على دابة رجل ففيه وجهان : أحدهما لا يجوز لأن مؤونتها على صاحبها والثاني يجوز لأنه كالوقف على مالكها .
فصل : ولا يجوز أن يقف على نفسه ولا أن يشرط لنفسه منه شيئا وقال أبو عبد الله الزبيدي : يجوز لأن عثمان Bه وقف بئر رومة وقال دلوي كدلاء المسلمين وهذا خطأ لأن الوقف يقتضي حبس العين وتمليك المنفعة والعين محبوسة عليه ومنفعتها مملوكة له فلم يكن للوقف معنى ويخالف وقف عثمان Bه لأن ذلك وقف عام و يجوز أن يدخل في العام ما لا يدخل في الخاص والدليل عليه أن رسول الله ( ص ) كان يصلي في المساجد وهي وقف على المسلمين وإن كان لا يجوز أن يخص بالصدقة ولأن في الوقف العام يدخل فيه من غير شرط ولا يدخل في الوقف الخاص فدل على الفرق بينهما .
فصل : و لا يجوز الوقف على من لا يملك كالعبد والحمل لأنه تمليك منجز فلم يصح على من لا يملك كالهبة والصدقة .
فصل : ولا يصح الوقف على مجهول كالوقف لعى رجل غير معين و الوقف على من يختاره فلان لأنه تمليك منجز فلم يصح في مجهول كالبيع والهبة .
فصل : ولا يصح تعليقه على شرط مستقبل لأنه عقد يبطل بالجهالة فلم يصح تعليقه على شرط مستقبل كالبيع ولا يصح بشرط الخيار وبشرط أن يرجع فيه إذا شاء أو يبيعه إذا احتاج أو يدخل فيه من شاء أو يخرج منه من شاء لأنه إخراج مال على وجه القربة فلم يصح مع هذه الشروط كالصدقة .
فصل : ولا يجوز إلى مدة لأنه إخراج مال على وجه القربة فلم يجز إلى مدة كالعتق والصدقة .
فصل : ولا يجوز إلا على سبيل لا ينقطع وذلك من وجهين : أحدهما أنه يقف على من لا ينقرض كالفقراء والمجاهدين وطلبة العلم وما أشبهها والثاني أن يقف على من ينقرض ثم من بعده على من لا ينقرض مثل أن يقف على رجل بعينه ثم على الفقراء أو على رجل ثم على عقبه ثم على الفقراء فأما إذا وقف وقفا منقطع الإبتداء والإنتهاء كالوقف على عبده أو على ولده ولا ولد له فالوقف باطل لأن العبد لا يملك والولد الذي لم يخلق لا يملك فلا يفيد الوقف عليها شيئا وإن وقف وقفا متصل الإبتداء منقطع الإنتهاء بأن وقف على رجل بعينه ولم يزد عليه أو على رجل بعينه ثم على عقبه ولم يزد عليه ففيه قولان : أحدهما أن الوقف باطل لأن القصد بالوقف أن يتصل الثواب على الدوام وهذا لا يوجد في هذا الوقف لأنه قد يموت الرجل وينقطع عقبه والثاني أنه يصح ويصرف بعد انقراض الموقوف عليه إلى أقرب الناس إلى الواقف لأن مقتضى الوقف الثواب على التأبيد فحمل فيما سماه على ما شرطه وفيما سكت عنه على مقتضاه ويصير كأنه وقف مؤبد ويقدم المسمى على غيره فإذا اقرض المسمى صرف إلى أقرب الناس إلى الواقف لأنه من أعظم جهات الثواب والدليل عليه قول النبي ( ص ) أنه قال : [ لا صدقة وذو رحم محتاج ] وروى سليمان بن عامر عن النبي ( ص ) قال : [ صدقتك على المساكين صدقة وعلى ذي الرحم اثنتان صدقة وصلة ] وهل يختص به فقراؤهم أو يشترك فيه الفقراء والأغنياء ؟ فيه قولان : أحدهما يختص به الفقراء لأن مصرف الصدقات إلى الفقراء والثاني يشترك فيه الفقراء والأغنياء لأن في الوقف الغني والفقير سواء وإن وقف وقفا منقطع الإبتداء متصل الإنتهاء بأن وقف على عبد ثم على الفقراء أو على رجل غير معين ثم على الفقراء ففيه طريقان : من أصحابنا من قال : يبطل قولا واحدا لأن الأول باطل والثاني فرع الأصل باطل فكان باطلا ومنهم من قال فيه قولان : أحدهما أنه باطل لما ذكرناه والثاني أنه يصح لأنه لما بطل الأول صار كأن لم يكن وصار الثاني أصلا فإذا قلنا إنه يصح فإن كان الأول لا يملك اعتبار انقراضه كرجل غير معين صرف إلى من بعده وهم الفقراء لأنه لا يمكن اعتبار انقراضه فسقط حكمه وإن كان يمكن اعتبار انقراضه كالعبد ففيه ثلاثة أوجه : أحدها ينقل في الحال إلى من بعده لأن الذي وقف عليه في الابتداء لم يصح الوقف عليه فصار كالمعدوم والثاني وهو المنصوص أنه للواقف ثم لوارثه إلى أن ينقرض الموقوف عليه ثم يجعل لمن بعده لأنه لم يوجد شرط الانتقال إلى الفقراء فبقي على ملكه والثالث أنه يكون لأقرباء الواقف إلى أن ينقرض الموقوف عليه ثم يجعل للفقراء لأنه لا يمكن تركه على الواقف لأنه أزال الملك فيه ولا يمكنأن يجعل للفقراء لأنه لم يوجد شرط الانتقال إليهم فكان أقرباء الواقف أحق وهل يختص به فقراؤهم أو يشترك فيه الفقراء والأغنياء على ما ذكرناه من القولين .
فصل : وإن وقف وقفا مطلقا ولم يذكر سبيله ففيه قولان : أحدهما أن الوقف باطل لأنه تمليك فلا يصح مطلقا كما لو قال بعت داري ووهبت مالي والثاني يصح وهو الصحيح لأنه إزالة ملك على وجه القربة فصح مطلقا كالأضحية فعلى هذا يكون حكمه حكم الوقف المتصل الإبتداء المنقطع الإنتهاء وقد بيناه .
فصل : ولا يصح الوقف إلا بالقول فإن بنى مسجدا وصلى فيه أو أذن للناس بالصلاة فيه لم يصر وقفا لأنه إزالة ملك على وجه القربة فلم يصح من غير قول مع القدرة كالعتق وألفاظه ستة : وقفت وحبست وسبلت وتصدقت وأبدت وحرمت فأما الوقف والحبس والتسبيل فهي صريحة فيه لأن الوقف موضوع له ومعروف به والتحبيس والتسبيل ثبت لهما عرف الشرع فإن النبي ( ص ) قال لعمر Bه : [ حبس الأصل وسبل الثمرة ] وأما التصدق فهو كناية فيه لأنه مشترك بين الوقف وصدقة التطوع فلم يصح الوقف بمجرده وإن اقترنت به نية الواقف أو لفظ من الألفاظ الخمسة بأن يقول تصدقت به صدقة موقوفة أو محبوسة أو مسبلة أو مؤبدة أو محرمة أو حكم الوقف بأن يقول صدقة لا تباع ولا توهب ولا تورث صار وقفا لأنه مع هذه القرائن لا يحتمل غير الوقف وأما قوله حرمت وأبدت ففيه قولان : أحدهما أنه كناية فلا يصح به الوقف إلا بإحدى القرائن التي ذكرنا لأنه لم يثبت له عرف الشرع ولا عرف اللغة فلم يصح الوقف بمجرده كالتصدق والثاني أنه صريح لأن التأبيد والتحريم في غير الأبضاع لا يكون إلا بالوقف فحمل عليه .
فصل : وإذا صح الوقف لزم وانقطع تصرف الواقف فيه لما روى ابن عمر Bهما أن النبي ( ص ) قال لعمر Bه : [ إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها ] لا تباع ولا توهب ولا تورث ويزول ملكه عن العين ومن أصحابنا من خرج فيه قولا آخر أنه لا يزول ملكه عن العين لأن الوقف حبس العين وتسبيل المنفعة وذلك لا يوجب زوال الملك والصحيح هو الأول لأنه سبب يزيل ملكه عن التصرف في العين والمنفعة فأزال الملك كالعتق واختلف أصحابنا فيمن ينتقل الملك إليه فمنهم من قال : ينتقل إلى الله تعالى قولا واحدا لأنه حبس عين وتسبيل منفعة على وجه القربة أزال الملك إلى الله تعالى كالعتق ومنهم من قال فيه قولان : أحدهما أنه ينتقل إلى الله تعالى وهو الصحيح لما ذكرناه والثاني أنه ينتقل إلى الموقوف عليه لأن ما أزال الملك عن العين لم يزل المالية ينقل إلى الآدمي كالصدقة .
فصل : ويملك الموقوف عليه غلة الوقف فإن كان الموقوف شجرة ملك ثمرتها وتجب عليه زكاتها لأنه يملكها ملكا تاما فوجب زكاتها عليه فإن كان حيوانا ملك صوفه ولبنه لأن ذلك من غلة الوقف وفوائده فهو كالثمرة وهل يملك ماتلده فيه وجهان : أحدهما يملكه لأنه نماء الوقف فأشبه الثمرة وكسب العبد والثاني أنه موقوف كالأم لأن كل حكم ثبت فيه للأم يتبعه فيه الولد كحرمة الاستيلاد في أم الولد وإن كان جارية ملك مهرها لأنه بدل منفعتها ولا يملك وطأها لأنها في أحد القولين لا يملكها وفي الثاني يملكها ملكا ضعيفا فلم يملك به الوطأ فإن وطئها لم يلزمه الحد لأنه في أحد القولين يملكها وفي الثاني له شبهة ملك وفي تزويجها وجهان : أحدهما لا يجوز لأنه ينقص قيمتها وربما تلفت من الولاد فيدخل الضرر على من بعده من أهل الوقف والثاني يجوز لأنه عقد على منفعتها فأشبه الإجارة فإن قلنا إنها للموقوف عليه كان تزويجها إليه وإن قلنا إنها تنتقل إلى الله تعالى كان تزويجها إلى الحاكم كالحرة التي لا ولي لها ولا يزوجها الحاكم إلا بإذن الموقوف عليه لأن له حقا في منفعتها فلم يملك التصرف فيها بغير إذنه فإن أتت بولد مملوك كان الحكم فيه كالحكم فيما تلد البهيمة .
فصل : وإن أتلفه الواقف أو أجنبي فقد اختلف أصحابنا فيه على طريقين : فمنهم من قال يبني على القولين فإن قلنا إنه للموقوف عليه وجبت القيمة له لأنه بدل ملكه وإن قلنا إنه لله تعالى اشترى به مثله ليكون وقفا لله تعالى وقال الشيخ أبو حامد الإسفرايني : يشتري بها مثله ليكون وقفا مكانه قولا واحدا لأنا وإن قلنا إنه ينتقل إلى الموقوف عليه إلا أنه لا يملك الإنتفاع برقبته وإنما يملك الإنتفاع بمنفعته ولأن في ذلك إبطال حق البطن الثاني من الوقف وإن أتلفه الموقوف عليه فإن قلنا إنه إذا أتلفه غيره كانت القيمة له لم تجب عليه لأنها تجب له وإن قلنا يشتري بها ما يكون وقفا مكانه أخذت القيمة منه واشترى بها ما يكون مكانه وإن كان الوقف جارية فوطئها رجل بشبهة فأتت منه بولد ففي قيمة الولد ما ذكرناه من الطريقين في قيمة الوقف إذا أتلف وإن كان الوقف عبدا فجنى جناية توجب المال لم يتعلق برقبته لأنها ليست بمحل للبيع فإن قلنا إنه للموقوف عليه وجب الضمان عليه وإن قلنا إنه لله تعالى ففيه ثلاثة أوجه : أحدها يلزم الواقف وهو قول أبي إسحاق وهو الصحيح لأنه منع من بيعه ولم يبلغ به حالة يتعلق الأرش بذمته فلزمه أن يفيده كأم الولد والثاني أنه يجب في بيت المال لأنه لا يمكن إيجابه على الواقف لنه لا يملكه ولا على الموقوف عليه لأنه لا يملكه فلم يبق إلا بيت المال والثالث أنه يجب في كسبه لأنه كان محله الرقبة ولا يمكن تعليقه عليها فتعلق بكسبه لأنه مستفاد من الرقبة ويجب أقل الأمرين من قيمته أو أرش الجناية لأنه لا يمكن بيعه كأم الولد .
فصل : وتصرف الغلة على شرط الواقف من الأثرة والتسوية والتفضيل والتقديم والتأخير والجمع الترتيب وإدخال من شاء وإخراجه بصفة لأن الصحابة Bهم وقفوا وكتبوا شروطهم فكتب عمر بن الخطاب Bه صدقة للسائل والمحروم والضيف ولذي القربى وابن السبيل وفي سبيل الله وكتب علي كرم الله وجهه بصدقته ابتغاء مرضاة الله ليولجني الجنة ويصرف النار عن وجهي ويصرفني عن النار في سبيل الله وذي الرحم والقريب والبعيد لا يباع ولا يورث وكتبت فاطمة Bها بنت رسول الله ( ص ) لنساء رسول الله ( ص ) وفقراء بني هاشم وبني المطلب .
فصل : فإن قال وقفت على أولادي دخل فيه الذكر والأنثى والخنثى لأن الجميع أولاده ولا يدخل فيه ولد الولد لأن ولده حقيقة ولده من صلبه فإن كان له حمل لم يدخل فيه حتى ينفصل فإذا انفصل استحق ما يحدث من الغلة بعد الانفصال دون ما كان حدث قبل الانفصال لأنه قبل الانفصال لا يسمى ولدا وإن وقف على ولده وله ولد فنفاه باللعان لم يدخل فيه وقال أبو إسحاق : يدخل فيه لأن اللعان يسقط النسب في حق الزوج ولا يتعلق به حكم سواه ولهذا تنقضي به العدة والمذهب الأول لأن الوقف على ولده باللعان قد بان أنه ليس بولده فلم يدخل فيه وإن وقف على أولاد أولاده دخل فيه أولاد البنين وأولاد البنات لأن الجميع أولاد أولاده فإن قال على نسلي أو عقبي أو ذريتي دخل فيه أولاد البنين وأولاد البنات قربوا أو بعدوا لأن الجميع من نسله وعقبه وذريته ولهذا قال الله تعالى : { ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزي المحسنين * وزكريا ويحيى وعيسى } [ الأنعام : 84 ] فجعل هؤلاء كلهم من ذريته وهو ينسب إليه بالأم فإن وقف على عترته فقد قال ابن الأعرابي وثعلب هم ذريته وقال القتيبي هم عشيرته وإن وقف على من ينسب إليه لم يدخل فيه أولاد البنات لأنهم لا ينسبون إليه ولهذا قال الشاعر : .
( بنونا بنو أبنائنا وبناتنابنوهن أبناء الرجال الأجانب ) .
وإن وقف على البنين لم يدخل فيه الخنثى المشكل لأنا لا نعلم أنه من البنين فإن وقف على البنات لم يدخل فيه لأنا لا نعلم أنه من البنات فإن وقف على البنين والبنات ففيه وجهان : أحدهما أنه لا يدخل فيه لأنه ليس من البنين ولا من البنات والثاني أنه يدخل لأنه لا يخلو من أن يكون ابنا أو بنتا وإن شكل علينا فإن وقف على بني زيد لم يدخل فيه بناته فإن وقف على بني تميم وقلنا إن الوقف صحيح ففيه وجهان : أحدهما لا يدخل فيه البنات لأن البنين اسم للذكور حقيقة والثاني يدخلن فيه لأنه إذا أطلق اسم القبيلة دخل فيه كل من ينسب إليها من الرجال والنساء .
فصل : وإن قال وقفت على أولادي فإن انقرض أولادي وأولاد أولادي فعلى الفقراء لم يدخل فيه ولد الولد ويكون هذا وقفا منقطع الوسط فيكون على قولين كالوقف المنقطع الانتهاء ومن أصحابنا من قال يدخل فيه أولاد الأولاد بعد انقراض ولد الصلب لأنه لما شرط انقراضهم دل على أنهم يستحقون كولد الصلب والصحيح هو الأول لأنه لم يشرط شيئا وإنما شرط انقراضهم لاستحقاق غيرهم .
فصل : وإن وقف على أقاربه دخل فيه كل من تعرف قرابته فإن كان للواقف أب يعرف به وينسب إليه دخل في وقفه كل من ينسب إلى ذلك الأب ولا يدخل فيه من ينسب إلى أخي الأب أو أبيه فإن وقف الشافعي C لأقاربه دخل فيه كل من ينسب إلى شافع بن السائب لأنهم يعرفون بقرابته ولا يدخل فيه من ينسب إلى علي وعباس بن السائب ولا من ينسب إلى السائب لأنهم لا يعرفون بقرابته ويستوي فيه من قرب وبعد من أقاربه ويستوي فيه الذكر والأنثى لتساوي الجميع في القرابة فإن حدث قريب بعد الوقف دخل فيه وذكر البويطي أنه لا يدخل فيه وهذا غلط من البويطي لأنه لا خلاف أنه إذا وقف على أولاده دخل فيه من يحدث من أولاده .
فصل : وإن وقف على أقرب الناس إليه ولم يكن له أبوان صرف إلى الولد ذكرا كان أو أنثى لأنه أقرب من غيره لأنه جزء منه فإن لم يكن له ولد فإلى ولد الولد من البنين والبنات فإن لم يكن ولد ولا ولد ولد وله أحد الأبوين صرف إليه لأنهما أقرب من غيرهما فإن اجتمعا استويا فإن لم يكن صرف إلى أبيهما الأقرب فالأقرب فإن كان له أب وابن ففيه وجهان : أحدهما أنهما سواء لأنهما في درجة واحدة في القرب والثاني يقدم الابن لأنه أقوى تعصيبا من الأب فإن قلنا إنهما سواء قدم الأب على ابن الابن لأنه أقرب منه وإن قلنا يقدم الابن قدم ابن الابن على الأب لأنه أقوى تعصيبا منه فإن لم يكن أبوان ولا ولد وله إخوة صرف إليهم لأنهم أقرب من غيرهم فإن اجتمع أخ من أب وأخ من أم استويا وإن كان أحدهما من الأب والأم والآخر من أحدهما قدم الذي من الأب والأم لأنه أقرب فإن لم يكن له إخوة صرف إلى بني الإخوة على ترتيب آبائهم فإن كان له جد وأخ ففيه قولان : أحدهما أنهما سواء لتساويهما في القرب ولهذا سوينا بينها في الإرث والثاني يقدم الأخ لأن تعصيبه تعصيب الأولاد فإذا قلنا إنهما سواء قدم الجد على ابن الأخ وإن قلنا يقدم الأخ فابن الأخ وإن سفل أولى من الجد فإن لم يكن إخوة وله أعمام صرف إليهم ثم إلى أولادهم على ترتيب الإخوة وأولادهم فإن كان له عم وأبو جد فعلى القولين في الجد والأخ وإن كان له عم وخال أو عمة وخالة أو ولدهما فهما سواء فإن كان له جدتان إحداهما تدلي بقرابتين والأخرى بقرابة فالتي تدلي بقرابتين أولى لأنها أقرب ومن أصحابنا من قال إن قلنا إن السدس بينهما في الميراث استويا في الوقف .
فصل : وإن وقف على جماعة من أقرب الناس إليه صرف إلى ثلاثة من أقرب الأقارب فإن وجد بعض الثلاثة في درجة والباقي في درجة أبعد استوفى ما أمكن من العدد من الأقرب وتمم الباقي من الدرجة الأبعد لأنه شرط الأقرب والعدد فوجب اعتبارهما .
فصل : وإن وقف على مواليه وله مولى من أعلى ومولى من أسفل ففيه ثلاثة أوجه : أحدها يصرف إليهما لأن الاسم يتناولهما والثاني يصرف إلى المولى من أعلى لأن له مزية بالعتق والتعصيب والثالث أن الوقف باطل لأنه ليس حمله على أحدهما بأولى من حمله على الآخر ولا يجوز الحمل عليهما لأن المولى في أحدهما بمعنى وفي الآخر بمعنى آخر فلا تصح إرادتهما بلفظ واحد فبطل .
فصل : وإن وقف على زيد وعمرو وبكر ثم على الفقراء فمات زيد صرف إلى من بقي من أهل الوقف فإذا انقرضوا صرف إلى الفقراء وقال أبو علي الطبري : يرجع إلى الفقراء لأنه لما جعل لهم إذا انقرضوا وجب أن تكون حصة كل واحد منهم لهم إذا انقرض والمنصوص في حرملة هو الأول لأنه لا يمكن نقله إلى الفقراء لأنه قبل انقراضهم لم يوجد شرط النقل إلى الفقراء ولا يمكن رده إلى الواقف لأنه أزال ملكه عنه فكان أهل الوقف أحق به .
فصل : وإن وقف مسجدا فخرب المكان وانقطعت الصلاة فيه لم يعد إلى الملك ولم يجز له التصرف فيه لأن ما زال الملك فيه لحق الله تعالى لا يعود إلى الملك بالاختلال كما لو أعتق عبدا ثم زمن وإن وقف نخلة فجفت أو بهيمة فزمنت أو جذوعا على مسجد فتكسرت ففيه وجهان : أحدهما لا يجوز بيعه لما ذكرناه في المسجد والثاني يجوز بيعه لأنه لا يرجى منفعته فكان بيعه أولى من تركه بخلاف المسجد فإن المسجد يمكن الصلاة فيه مع خرابه وقد يعمر الموضع فيصلى فيه فإن قلنا تباع كان الحكم في ثمنه حكم القيمة التي توجد من متلف الوقف وقد بيناه وإن وقف شيئا على ثغر فبطل الثغر كطرسوس أو على مسجد فاختل المكان حفظ الارتفاع ولا يصرف إلى غيره لجواز أن يرجع كما كان .
فصل : وإن احتاج الوقف إلى نفق أنفق عليه من حيث الواقف لأنه لما اعتبر شرطه في سبيله اعتبر شرطه في نفقته كالمالك في أمواله وإن لم يشترط أنفق عليه من غلته لأنه لا يمكن الانتفاع به إلا بالنفقة فحمل الوقف عليه وإن لم يكن له غلة فهو على القولين إن قلنا إنه لله تعالى كانت نفقته في بيت المال كالحر المعسر الذي لا كسب له وإن قلنا للموقوف عليه كانت نفقته عليه .
فصل : والنظر في الوقف إلى من شرطه الواقف لأن الصحابة Bهم وقفوا وشرطوا من ينظر فجعل عمر Bه إلى حفصة Bها وإذا توفيت فإنه إلى ذوي الرأي من أهلها ولأن سبيله إلى شرطه فكان النظر إلى من شرطه وإن وقف ولم يشرط الناظر ففيه ثلاثة أوجه : أحدها أنه إلى الواقف لأنه كان النظر إليه فإذا لم يشرطه بقي على نظره والثاني أنه للموقوف عليه لأن الغلة له فكان النظر إليه والثالث إلى الحاكم لأنه يتعلق به حق الموقوف عليه وحق من ينتقل إليه فكان الحاكم أولى فإن جعل الواقف النظر إلى اثنين من أفاضل ولده ولم يوجد فيهم فاضل إلا واحد ضم الحاكم إليه آخر لأن الواقف لم يرض فيه بنظر واحد .
فصل : إذا اختلف أرباب الوقف في شروط الوقف وسبيله ولا بينة جعل بينهم بالسوية فإن كان الواقف حيا رجع إلى قوله لأنه ثبت بقوله فرجع إليه