وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

باب حكم المياه .
الماء اثنان : مباح وغير مباح فأما غير المباح فهو ما ينبع في أرض مملوكة فصاحب الأرض أحق به من غيره لأنه على المنصوص يملكه وعلى قول أبي إسحاق لا يملكه إلا أنه لا يجوز لغيره أن يدخل إلى ملكه بغير إذنه فكان أحق به وإن فضل عن حاجته واحتاج إليه الماشية لكلأ لزمه بدله من غير عوض وقال أبو عبيد بن حرب لا يلزمه بذله كما لا يلزمه بذل الكلأ للماشية ولا بذل الدلو والحبل ليستقي به الماء للماشية والمذهب الأول لما روى إياس بن عمرو أن النبي ( ص ) نهى عن بيع فضل الماء وروى أبو هريرة Bه أن رسول الله ( ص ) قال : [ من منع فضل الماء ليمنع به فضل الكلأ منعه الله فضل رحمته ] ويخالف الكلأ فإنه لا يستخلف عقيب أخذه وربما احتاج إليه لماشيته قبل أن يستخلف فتهلك ماشيته والماء يستخلف عقيب أخذه وما ينقص من الدلو والحبل لا يستخلف فيستضر والضرر لا يزال بالضرر ولا يلزمه بذل فضل الماء للزرع لأن الزرع لا حرمة له في نفسه والماشية لها حرمة في نفسها ولهذا لو كان الزرع له لم يلزمه سقيه ولو كانت الماشية لزمه سقيها وإن لم يفضل الماء عن حاجته لم يلزمه بذله لأن النبي ( ص ) علق الوعيد على من منع الفضل ولأن ما لا يفضل عن حاجته يستضر ببذله والضرر لا يزال بالضرر .
فصل : وأما المباح فهو الماء الذي ينبع في الموات فهو مشترك بين الناس لقوله ( ص ) : [ الناس شركاء في ثلاثة الماء والنار والكلأ ] فمن سبق منهم إلى شيء منه كان أحق به لقوله ( ص ) : [ من سبق إلى ما لم يسبق إليه فهو أحق ] فإن أراد أن يسقي منه أرضا فإن كان نهرا عظيما كالنيل والفرات وما أشبههما من الأودية العظيمة جاز أن يسقي منه ما شاء ومتى شاء لأنه لا ضرر فيه على أحد وإن كان نهرا صغيرا لا يمكن سقي الأرض منه إلا أن يحبسه فإن كانت الأرض متساوية بدأ من في أول النهر فيحبس الماء حتى يسقي أرضه إلى أن يبلغ الماء إلى الكعب ثم يرسله إلى من يليه وعلى هذا إلى أن تنتهي الأراضي لما روى عبادة بن الصامت Bه أن النبي ( ص ) قضى في شرب نهر من سيل أن للأعلى أن يشرب قبل الأسفل ويجعل الماء فيه إلى الكعب ثم يرسله إلى الأسفل الذي يليه كذلك حتى تنتهي الأرضون وروى عبد الله بن الزبير أن الزبير ورجلا من الأنصار تنازعا في شراج الحرة التي يسقى بها النخل فقال الأنصاري للزبير سرح الماء فأبى الزبير فاختصما إلى رسول الله ( ص ) فقال رسول الله ( ص ) للزبير : [ اسق أرضك ثم أرسل الماء إلى أرض جارك ] فقال الأنصاري : أن كان ابن عمتك يا رسول الله فتلون وجه رسول الله ( ص ) فقال : [ يا زبير اسق أرضك واحبس الماء إلى أن يبلغ الجدر ] وإن كانت الأرض بعضها أعلى من بعض ولا يقف الماء في الأرض العالية إلى الكعب حتى يقف في الأرض المستفلة إلى الوسط فيسقي المستفلة حتى يبلغ الماء إلى الكعب ثم يسدها ويسقي العالية حتى يبلغ الكعب فإن أحيا جماعة أرضا على هذا النهر وسقوا منه ثم جاء رجل فأحيا أرضا في أعلاه إذا سقى أرضه استضر أهل النهر منع من ذلك لأن من ملك أرضا ملكها بمرافقها والنهر من مرافق أرضهم فلا يجوز مضايقتهم فيه .
فصل : وإن اشترك جماعة في استنباط عين اشتركوا في مائها فإن دخلوا على أن يتساووا وتساووا في الإنفاق وإن دخلوا على أن يتفاضلوا تفاضلوا في الإنفاق ويكون الماء بينهم على قدر النفقة لأنهم استفادوا ذلك بالإنفاق فكان حقهم على قدره فإن أرادوا سقي أراضيهم بالمهأياة يوما يوما جاز وإن أرادوا قسمة الماء نصبوا خشبة مستوية قبل الأراضي وتفتح فيها كوى على قدر حقوقهم فتخرج حصة كل واحد منهم إلى أرضه فإن أراد أحدهم أن يأخذ حقه من الماء قبل المقسم في ساقية يحفرها إلى أرضه منع من ذلك لأن حريم النهر مشترك بينهم فلا يجوز لواحد منهم أن يحفر فيه فإن أراد أن ينصب رحا قبل المقسم ويديرها بالماء منع من ذلك لأنه يتصرف في حريم مشترك فإن أراد أن يأخذ الماء ويسقي به أرضا أخرى ليس لها رسم بشرب من هذا النهر منع منه لأنه يجعل لنفسه شربا لم يكن له كما لا يجوز لمن له داران متلاصقان في دربين أن يفتح من أحدهما بابا إلى الأخرى فيجعل لنفسه طريقا لم يكن له والله أعلم