وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

كتاب العارية .
الإعارة قربة مندوب إليها لقوله تعالى { وتعاونوا على البر والتقوى } [ المائدة : 2 ] وروى جابر Bه قال : سمعت رسول الله ( ص ) يقول [ ما من صاحب إبل لا يفعل فيها حقها إلا جاءت يوم القيامة أكثر ما كانت بقاع قرقر تشتد عليه بقوائمها وأخفافها قال رجل يا رسول الله ماحق الإبل ؟ قال : حلبها على الماء وإعارة دلوها وإعارة فحلها ] .
فصل : ولا تصح الإعارة إلا من جائز التصرف في المال فأما من لا يملك التصرف في المال كالصبي والسفيه فلا تصح منه لأنه تصرف في المال فلا يملكه الصبي والسفيه كالبيع .
فصل : وتصح الإعارة في كل عين ينتفع بها مع بقائها كالدور والعقار والعبيد والجواري والثياب والدواب والفحل للضراب لما روى جابر Bه أن النبي ( ص ) ذكر إعارة دلوها وإعارة فحلها ورى أنس أن النبي ( ص ) استعار من أبي طلحة فرسا فركبه وروى صفوان أن النبي ( ص ) استعار منه أدرعا في غزاة حنين فثبت في هذه الأشياء بالخبر وقسنا عليها كل ما كان ينتفع به مع بقاء عينه .
فصل : ولا يجوز إعارة جارية ذات جمال لغير ذي رحم محرم لأنه لا يأمن أن يخلو بها فيواقعها فإن كانت قبيحة أو كبيرة لا تشتهى لم يحرم لأنه يؤمن عليها الفساد ولا تجوز إعارة العبد المسلم من الكافر لأنه لا يجوز أن يخدمه ولا تجوز إعارة الصيد من المحرم لأنه لا يجوز له إمساكه ولا التصرف فيه ويكره أن يستعير أحد أبويه للخدمة لأنه يكره أن يستخدمهما فكره استعارتهما لذلك .
فصل : ولا تنعقد إلا بإيجاب وقبول لأنه إيجاب حق لآدمي فلا يصح إلا بالإيجاب والقبول كالبيع والإجارة وتصح بالقول من أحدهما والفعل من الآخر فإن قال المستعير أعرني فسلمها إليه انعقد وإن قال المعير أعرتك فقبضها المستعير انعقد لأنه إباحة للتصرف في مال فصلح بالقول من أحدهما والفعل من الآخر كإباحة الطعام .
فصل : وإذا قبض العين ضمنها لما روى صفوان أن النبي ( ص ) استعار منه أدرعا يوم حنين فقال أغصبا يا محمد قال : [ بل عارية مضمونة ] ولأنه مال لغيره أخذه لمنفعة نفسه لا على وجه الوثيقة فضمنها كالمغصوب فإن هلكت نظرت فإن كان مما لا مثل له ففي ضمانها وجهان : أحدهما يضمنها بأكثر ما كانت قيمتها من حين القبض إلى حين التلف كالمغصوب وتصير الأجزاء تابعة للعين إن سقط ضمانها بالرد سقط ضمان الأجزاء وإن وجب ضمانها بالتلف وجب ضمان الأجزاء والثاني أنها تضمن بقيمتها يوم التلف وهو الصحيح لأنا لو ألزمناه قيمتها أكثر ما كانت من حين القبض إلى حين التلف أوجبنا ضمان الأجزاء التالفة بالإذن وهذا لا يجوز ولهذا لو كانت العين باقية وقد نقصت أجزاؤها بالاستعمال لم يجب ضمانها وإن كان مما له مثل فإن قلنا فيما لا مثل له أنه يضمن بأكثر ما كانت قيمته لزمه مثلها وإن قلنا إنه يضمن بقيمته يوم التلف ضمنها بقيمتها واختلف أصحابنا في ولد المستعارة فمنهم من قال إنه مضمون لأنها مضمونة فضمن ولدها كالمغصوبة ومنهم من قال لا يضمن لأن الولد لم يدخل في الإعارة فلم يدخل في الضمان ويخالف المغصوبة فإن الولد يدخل في الغصب فدخل في الضمان فإن غصب عينا فأعارها من غيره ولم يعلم المستعير وتلفت عنده فضمن المالك المستعير لم يرجع بما غرم على الغاصب لأنه دخل على أنه يضمن العين وإن ضمنه أجرة المنفعة فهل يرجع على الغاصب ؟ فيه قولان : بناء على القولين فيمن غصب طعاما وقدمه إلى غيره : أحدهما يرجع لأنه غره والثاني لا يرجع لأن المنافع تلفت تحت يده .
فصل : و يجوز للمعير أن يرجع في العارية بعد القبض و يجوز للمستعير أن يرد لأنه إباحة فجاز لكل واحد منهما رده كإباحة الطعام وإذا فسخ العقد وجب الرد على المستعير لما روى ابن عباس Bه أن النبي ( ص ) استعار من صفوان بن أمية أدرعا وسلاحا فقال : أعارية مؤداة قال : [ عارية مؤداة ] ويجب ردها إلى المعير أو إلى وكيله فإن ردها إلى المكان الذي أخذها منه لم يبرأ من الضمان لأن ما وجب رده وجب رده إلى المالك أو إلى وكيله كالمغصوب والمسروق .
فصل : ومن استعار عينا جاز له أن يستوفي منفعتها بنفسه أو بوكيله لأن الوكيل نائب عنه وهل له أن يعير غيره ؟ فيه وجهان : أحدهما يجوز كما يجوز للمستأجر أن يؤجر والثاني لا يجوز وهو الصحيح لأنه إباحة فلا يملك بها الإباحة لغيره وكإباحة الطعام ويخالف المستأجر فإنه يملك المنافع ولهذا يملك أن يأخذ عليه العوض فملك نقله إلى غيره كالمشتري للطعام والمستعير لا يملك ولهذا لا يملك أخذ العوض عليه فلا يملك نقله إلى غيره كمن قدم إليه الطعام .
فصل : وتجوز الإعارة مطلقا ومعينا لأنه إباحة فجاز مطلقا ومعينا كإباحة الطعام فإن قال أعرتك هذه الأرض لتنتفع بها جاز له أن يزرع و يغرس و يبني لأن الإذن مطلق وإن استعار للبناء أو للغرس جاز له أن يزرع لأن الزرع أقل ضررا من الغراس والبناء فإذا رضي بالبناء والغراس رضي بالزرع ومن أصحابنا من قال إن استعار للبناء لم يزرع لأن في الزرع ضررا ليس في البناء وهو أنه يرخي الأرض وإن استعار للزرع لم يغرس ولم يبن لأن الغراس والبناء أكثر ضررا من الزرع فلا يكون الإذن في الزرع إذنا في الغراس والبناء وإن استعار للحنطة زرع الحنطة وما ضرره ضرر الحنطة لأن الرضا بزراعة الحنطة رضا بزراعة مثله وإن استعار للغراس والبناء ملك ما أذن فيه منهما وهل يملك الآخر فيه وجهان : أحدهما أنه يملك الآخر لأن الغراس والبناء يتقاربان في البقاء والتأييد فكان الإذن في أحدهما إذنا في الآخر والثاني أنه لا يجوز لأنه في كل واحد منهما ضررا ليس في الآخر فإن ضرر الغراس في باطن الأرض أكثر وضرر البناء في ظاهر الأرض أكثر فلا يملك بالإذن في أحدهما الآخر .
فصل : وإن أعاره أرضا للغراس أو البناء فغرس وبنى ثم رجع لم يجز أن يغرس ويبني شيئا آخر لأنه يملك الغراس والبناء بالإذن وقد زال الإذن فأما ما غرس وبنى فينظر فإن كان قد شرط عليه القلع أجبر على القلع لقوله ( ص ) [ والمؤمنون عند شروطهم ] و لأنه رضي بالتزام الضرر الذي يدخل عليه بالقلع فإذا قلع لم تلزمه تسوية الأرض لأنه لما شرط عليه القلع رضي بما يحصل بالقلع من الحفر ولأنه مأذون فيه فلا يلزمه ضمان ما حصل به من النقص كاستعمال الثوب لا يلزمه ضمان ما يبليه منهن وإن لم يشرط القلع نظرت فإن لم تنقص قيمة الغراس والبناء بالقلع قلع لأنه يمكن رد العارية فارغة من غير إضرار فوجب ردها فإن نقصت قيمة الغراس بالقلع نظرت فإن اختار المستعير القلع كان له ذلك لأنه ملكه فملك نقله فإذا قلعه فهل تلزمه تسوية الأرض فيه وجهان : أحدهما لا تلزمه لأنه لما أعاره من العلم بأن له أن يقلع كان ذلك رضا بما يحصل بالقلع من التخريب فلم تلزمه التسوية كما لو شرط القلع والثاني تلزمه لأن القلع باختياره فإنه لو امتنع لم يجبر عليه فلزمه تسوية الأرض كما لو أخرب أرض غير ه من غير غراس وإن لم يختر القلع نظرت فإن بذل المعير قيمة الغراس والبناء ليأخذه مع الأرض أجبر المستعير عليه لأنه رجوع في العاريو من غير إضرار وإن ضمن أرش النقص بالقلع أجبر المستعير على القلع لأنه رجوع في العارية من غير إضرار وإن بذل المعير القيمة ليأخذه مع الأرض وبذل المستعير قيمة الأرض ليأخذها مع الغراس قدم المعير لأن الغراس يتبع الأرض في البيع فجاز أن يتبعها في التملك والأرض لا تتبع الغراس في البيع فلم تتبعه في التملك وإن امتنع المعير من بذل القيمة وأرش النقص وبذل المستعير أجرة الأرض لم يجبر على القلع لقوله ( ص ) : [ ليس لعرق ظالم حق ] وهذا ليس بظالم فوجب أن يكون له حق ولأنه غراس مأذون فيه فلا يجوز الإضرار به في قلعه وإن لم يبذل المستعير الأجرة ففيه وجهان : أحدهما لا يقلع لأن الإعارة تقتضي الانتفاع من غير ضمان والثاني يقلع لأن بعد الرجوع لا يجوز الانتفاع بماله من غير أجرة .
فصل : إذا أقررنا الغراس في ملكه فأراد المعير أن يدخل إلى الأرض للتفرج أو يستظل بالغراس لم يكن للمستعير منعه لأن الذي استحق المستعير من الأرض موضع الغراس فأما البياض فلا حق للمستعير فيه فجاز للمالك دخوله وإن أراد المستعير دخولها نظرت فإن كان للتفرج والاستراحة لم يجز لأنه قد رجع في الإعارة فلا يجوز دخولها من غير إذن وإن كان لإصلاح الغراس أو أخذ الثمار ففيه وجهان : أحدهما لا يملك لأن حقه إقرار الغراس والبناء دون ما سواه والثاني أنه يملك وهو الصحيح لأن الإذن في الغراس إذن فيه فيما يعود بصلاحه وأخذ ثماره وإن أراد المعير بيع الأرض جاز لأنه لا حق فيها لغيره فجاز له بيعها وإن أراد المستعير بيع الغراس من غير المعير ففيه وجهان : أحدهما يجوز لأنه ملك له لا حق فيه لغيره والثاني لا يجوز لأن ملكه غير مستقر لأن للمعير أن يبذل له قيمة الغراس والبناء فيأخذهما والصحيح هو الأول لأن عدم الاستقرار لا يمنع البيع كالشقص المشفوع يجوز للمشتري بيعه وإن جاز أن ينتزعه الشفيع بالشفعة .
فصل : وإن حمل السيل طعام رجل إلى أرض آخر فنبت فيه فهل يجبر صاحب الطعام على القلع مجانا ؟ فيه وجهان : أحدهما لا يجبر لأنه غير مفرط في إنباته والثاني يجبر وهو الصحيح لأنه شغل ملك غيره بملكه من غير إذن فأجبر على إزالته كما لو كان في داره شجرة فانتشرت أغصانها في هواء دار غيره .
فصل : وإن أعاره أرضا للزراعة فزرعها ثم رجع في العارية قبل أن يدرك الزرع وطالبه بالقلع ففيه وجهان : أحدهما أنه كالغراس في التبقية والقلع والأرش والثاني أنه يجبر المعير على التبقية إلى الحصاد بأجرة المثل لأن للزرع وقتا ينتهي إليه فلو أجبرنا على التبقية عطلنا عليه أرضه .
فصل : وإن أعاره حائطا ليضع عليه أجذاعا فوضعها لم يملك إجباره على قلعها لأنه تراد للبقاء فلا يجبر على قلعها كالغراس وإن ضمن المعير قيمة الأجذاع ليأخذها لم يجبر المستعير على قبولها لأن أحد طرفيها في ملكه فلم يجبر على أخذ قيمته وإن تلفت الأجذاع وأراد أن يعيد مثلها على الحائط فلم يجز أن يعيد إلا بالإذن لأن الأذن تناول الأول دون غيره فإن انهدم الحائط وبناه بتلك الآلة لم يجز أن يضع الأجذاع على الثاني لأن الإذن تناول الأول من أصحابنا من قال يجوز لأن الإعارة اقتضت التأييد والمذهب الأول .
فصل : وإن وجدت أجذاع على الحائط ولم يعرف سببها ثم تلفت جاز إعادة مثلها لأن الظاهر أنها بحث ثابت .
فصل : إذا استعار من رجل عبدا ليرهنه فأعاره ففيه قولان : أحدهما أنه ضمان وإن المالك للرهن ضمن الدين عن الراهن في رقبة عبده لأن العارية ما يستحق به منفعة العين والمنفعة ههنا للمالك فدل على أنه ضمان والثاني أنه عارية لأنه استعاره ليقضي به حاجته فهو كسائر العواري فإن قلنا إنه ضمان لم يصح حتى يتعين جنس الدين وقدره ومحله لأنه ضمان فاعتبر فيه العلم بذلك وإن قلنا إنه عارية لم يفتقر إلى ذلك لأنه عارية فلا يعتبر فيه العلم فإن عين له جنسا وقدرا ومحلا تعين على ا لقولين لأن الضمان والعارية يتعينان بالتعيين فإن خالفه في الجنس لم يصح لأنه عقد على ما لم يأذن له فيه وإن خالفه في المحل بأن أذن له في دين مؤجل فرهنه بدين حال لم يصح لأنه قد لا يجد ما يفك به الرهن في الحال وإن أذن له في دين حال فرهنه بدين مؤجل لم يصح لأنه لا يرضى أن يحال بينه وبين عبده إلى أجل فإن خالفه في القدر بأن أذن له في الرهن بعشرة فرهن بما دونها جاز لأن من رضي أن يقضي عن غيره عشرة رضي أن يقضي ما دونه وإن رهنه بخمسة عشر لم يصح لأن من رضي بقضاء عشرة لم يرض بما زاد .
فصل : وإن رهن العبد بإذنه بدين حال جاز للسيد مطالبته بالفكاك على القولين في الحال لأن للمعير أن يرجع في العارية وللضامن أن يطالب بتخليصه من الضمان فإن رهنه بدين مؤجل بإذنه فإن قلنا إنه عارية جاز له المطالبة بالفكاك لأن للمعير أن يرجع متى شاء وإن قلنا إنه ضمان لم يطالب قبل المحل لأن الضامن إلى أجل لا يملك المطالبة قبل المحل .
فصل : وإن بيع في الدين فإن قلنا إنه عارية رجع السيد على الراهن بقيمته لأن العرية تضمن بقيمتها وإن قلنا إنه ضمان رجع بما بيع سواء بقدر قيمته أو بأقل أو بأكثر لأن الضامن يرجع بما غرم ولم يغرم إلا ما بيع به .
فصل : وإن تلف العبد فإن قلنا إنه عارية ضمن قيمته لأن العارية مضمونة بالقيمة وإن قلنا إنه ضمان لم يضمن شيئا لأنه لم يغرم شيئا .
فصل : وإن استعار رجل من رجلين عبدا فرهنه عند رجل بمائة ثم قضى خمسين على أن تخرج حصة أحدهما من الرهن ففيه قولان : أحدهما لا تخرج لأنه رهنه بجميع الدين في صفقة فلا ينفك بعضه دون بعض والثاني يخرج نصفه لأنه لم يأذن كل واحد منهما إلا في رهن نصيبه بخمسين فلا يصير رهنا بأكثر منه .
فصل : إذا ركب دابة غيره ثم اختلفا فقال المالك أكريتها فعليك الأجرة وقال الراكب بل أعرتنيها فلا أجرة لك فقد قال في العارية القول قول الراكب وقال في المزارعة إذا دفع أرضه إلى رجل فزرعها ثم اختلفا فقال المالك أكريتكها وقال الزارع بل أعرتنيها فالقول قول المالك فمن أصحابنا من حمل المسألتين على ظاهرهما فقال في الدابة القول قول الراكب وقال في الأرض القول قول المالك لأن العادة أن الدواب تعار فالظاهر فيها مع الراكب والعادة في الأرض أنها تكرى ولا تعار فالظاهر فيها مع المالك ومنهم من نقل الجواب في كل واحدة منهما الأخرى وجعلهما على قولين وهو اختيار المزني : أحدهما أن القول قول المالك لأن المنافع كالأعيان في الملك والعقد عليها ثم لو اختلفا في عين فقال المالك بعتكها وقال الآخر بل وهبتنيها كان القول قول المالك فكذلك إذا اختلفا في المنافع والثاني أن القول قول المتصرف لأن المالك أقر بالمنافع له ومن أقر لغيره بملك ثم ادعى عليه عوضا لم يقبل قوله فإن قلنا إن القول قول المالك حلف ووجبت له الأجرة وفي قدر الأجرة وجهان : أحدهما يجب المسمى لأنه قبل قوله فيها وحلف عليها والثاني أنها تجب أجرة المثل وهو المنصوص لأنهما لو اتفقا على الأجرة واختلفا في قدرها وجبت أجرة المثل فلأن تجب أجرة المثل وقد اختلفا في الأجرة أولى فإن نكل عن اليمين لم يرد على المتصرف لأن اليمين إنما ترد ليستحق بها حق والمتصرف لا يدعي حقا فلم ترد عليه وإن قلنا إن القول قول المتصرف حلف وبريء من الأجرة فإن نكل رد اليمين على المالك فإن حلف استحق المسمى وجها واحدا لأن يمينه بعد النكول كالبينة في أحد القولين وكالإقرار في الآخر وأيهما كان وجب المسمى وإن تلفت الدابة بعد الركوب ثم اختلفا فإن قلنا إن القول قول المالك حكم له بالأجرة وإن قلنا القول قول الراكب فهل يلزمه أقل الأمرين من الأجرة أو القيمة ؟ فيه وجهان : أحدهما يلزمه لاتفاقهما على استحقاقه والثاني لا يحكم له بشيء لأنه لا يدعي القيمة ويستحق الأجرة .
فصل : وإن قال المالك غصبتنيها فعليك الأجرة وقال المتصرف بل أعرتنيها فلا أجرة علي فإن المزني نقل أن القول قول المستعير واختلف أصحابنا فيه فمنهم من قال المسألة على طريقين كما ذكرنا في المسألة قبلها أحدهما الفرق بين الأرض والدابة والثاني أنهما على قولين لأن الخلاف في المسألتين جميعا في وجوب الأجرة والمالك يدعي وجوبها والمتصرف ينكر فيجب أن لا يختلفا في الطريقين ومنهم من قال إن القول قول المالك وما نقل المزني غلط لأن في تلك المسألة أقر المالك للمتصرف بملك المنافع فلا يقبل قوله في دعوى العوض وههنا اختلفا أن الملك للمالك أو للمتصرف والأصل أنها للمالك .
فصل : وإن اختلفا فقال المالك أعرتكها وقال الراكب أجرتنيها فالقول قول المالك لأنهما اتفقا أن الملك له واختلفا في صفة انتقال اليد فكان القول قول المالك فإن كانت العين باقية حلف وأخذ وإن كانت تالفة نظرت فإن لم تمض مدة لمثلها أجرة حلف واستحق القيمة وإن مضت مدة لمثلها أجرة فالمالك يدعي القيمة والراكب بقوله بالأجرة فإن كانت القيمة أكثر من الأجرة لم يستحق شيئا ثم يحلف وإن كانت القيمة مثل الأجرة أو أقل منها ففيه وجهان : أحدهما يستحق من غير يمين لأنهما متفقان على استحقاقه والثاني لا يستحق من غير يمين لأنه أسقط حقه من الأجرة وهو يدعي القيمة بحكم العارية والراكب منكر فلم يستحق من غير يمين .
فصل : وإن اختلفا فقال المالك غصبتنيها فعليك ضمانها وأجرة مثلها وقال الراكب بل أجرتنيها فلا يلزمني ضمانها ولا أجرة مثلها فالقول قول المالك مع يمينه لأن الأصل أنه ما أجره فإن اختلفا وقد تلفت العين حلف واستحق القيمة وإن بقيت في يد الراكب مدة ثم اختلفا فإن المالك يدعي أجرة المثل والراكب يقر بالمسمى فإن كانت أجرة المثل أكثر من المسمى لم يستحق الزيادة حتى يحلف وإن لم تكن أكثر استحق من غير يمين لأنهما متفقان على استحقاقه والله أعلم