وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

كتاب الوديعة .
يستحب لمن قدر على حفظ الوديعة وأداء الأمانة فيها أن يقبلها لقوله تعالى : { وتعاونوا على البر والتقوى } [ المائدة : 2 ] ولما روى أبو هريرة Bه أن النبي ( ص ) قال : [ من كشف عن مسلم كربة من كرب الدنيا كشف الله عنه كربة من كرب يوم القيامة والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه ] فإن لم يكن من يصلح لذلك غيره وخاف إن لم يقبل أن تهلك تعين عليه قبولها لأن حرمة المال كحرمة النفس والدليل عليه ما روى ابن مسعود أن النبي ( ص ) قال : [ حرمة مال المؤمن كحرمة دمه ] ولو خاف على دمه لوجه عليه حفظه فكذلك إذا خاف على ماله وإن كان عاجزا عن حفظها أو لا يأمن أن يخون فيها فلم يجز له قبولها لأنه يغرر بها ويعرضها للهلاك فلم يجز له أخذها .
فصل : ولا يصح الإيداع إلا من جائز التصرف في المال فإن أودعه صبي أو سفيه لم يقبل لأنه تصرف في المال فلم يصح من الصبي والسفيه كالبيع فإن أخذها منه ضمنها ولأنه أخذ ماله من غير إذن فضمنه كما لو غصبه ولا يبرأ من الضمان إلا بالتسليم إلى الناظر في ماله كما تقول فيما غصبه من ماله وإن خاف المودع أنه إن لم يأخذ منه استهلكه فأخذه ففيه وجهان : بناء على القولين في المحرم إذا خلص طائرا من جارحة وأمسكه ليحفظه : أحدهما لا يضمن لأنه قصد حفظه والثاني يضمن لأنه ثبتت يده عليه من غير ائتمان .
فصل : ولا يصح إلا عند جائز التصرف فإن أودع صبيا أو سفيها لم يصح الإيداع لأن القصد من الإيداع الحفظ والصبي والسفيه ليسا من أهل الحفظ فإن أودع واحدا منهما فتلف عنده لم يضمن لأنه لا يلزمه حفظه فلا يضمنه كما لو تركه عند بالغ من غير إيداع فتلف وإن أودعه فأتلفه ففيه وجهان : أحدهما يضمن لأنه لم يسلطه على إتلافه فضمنه بالإتلاف كما لو أدخله دراه فتلف ماله والثاني لا يضمن لأنه مكنه من إتلافه فلم يضمنه كما لو باع منه شيئا وسلمه إليه فأتلفه .
فصل : وتنعقد الوديعة بما تنعقد به الوكالة من الإيجاب بالقول والقبول بالفعل وتنفسخ كما تنفسخ به الوكالة من العزل والجنون والإغماء والموت كما تنفسخ الوكالة لأنه وكالة في الحفظ فكان كالوكالة في العقد والفسخ .
فصل : والوديعة أمانة في يد المودع فإن تلفت من غير تفريط لم تضمن لما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله ( ص ) قال : [ من أودع وديعة فلا ضمان عليه ] وروى ذلك أبو بكر وعمر وعلي وابن مسعود وجابر Bهم وهو إجماع فقهاء الأمصار ولأنه يحفظها للمالك فكانت يده كيده ولأن حفظ الوديعة معروف وإحسان فلو ضمنت من غير عدوان زهد الناس في قبولها فيؤدي إلى قطع المعروف فإن أودعه وشرط عليه الضمان لم يصر مضمونا لأنه أمانه فلا يصير مضمونا بالشرط كالمضمون لا يصير أمانة بالشرط وإن ولدت الوديعة ولدا كان الولد أمانة لأنه يوجد فيه سبب يوجب الضمان لا بنفسه ولا بأمه وهل يجوز إمساكه فيه وجهان : أحدهما لا يجوز بل يجب أن يعلم صاحبه كما لو ألقت الريح ثوبا في داره والثاني لا يجوز لأن إيداع الأم إيداع لما يحدث منها .
فصل : ومن قبل الوديعة نظرت فإن لم يعين المودع الحرز لزمه حفظها في حرز مثلها فإن أخر إحرازها فتلفت لزمه الضمان لأنه ترك الحفظ من غير عذر فضمنها فإن وضعها في حرز دون حرز مثلها ضمن لأن الإيداع يقتضي الحفظ فإذا أطلق حمل على التعارف وهو حرز المثل فإذا تركها فيما دون حرز مثلها فقط فرط فلزمه الضمان وإن وضعها في حرز فوق حرز مثلها لم يضمن لأن من رضي بحرز المثل رضي بما فوقه فإن قال لا تقفل عليه فأقفل عليه أو قال لا تقفل عليه قفلين فأقفل قفلين أو قال لا ترقد عليه فرقد عليه فالمذهب أنه لا يضمن لأنه زاده في الحرز ومن أصحابنا من قال يضمن لأنه نبه اللص عليه وأغراه به .
فصل : وإن عين له الحرز فقال احفظها في هذا البيت فنقلها إلى ما دونه ضمن لأن من رضي حرزا لم يرض بما دونه وإن نقلها إلى مثله أو إلى ما هو أحرز منه لم يضمن لأن من رضي حرزا رضي مثله وما هو أحرز منه وإن قال له احفظها في هذا البيت ولا تنقلها فنقلها إلى ما دونه ضمن لأنه لم يرض بما دونه وإن نقلها إلى مثلها أو إلى ما هو أحرز منه ففيه وجهان : قال أبو سعيد الاصطخري لا يضمن لأنه جعله في مثله فأشبه إذا لم ينهه عن النقل وقال أبو إسحاق يضمن لأنه نهاه عن النقل فضمنه بالنقل فإن خاف عليه في الحرز المعين من نهب أو حريق نظرت فإن كان النهي مطلقا لزمه النقل ولا يضمن لأن النهي عن النقل للاحتياط في حفظها والاحتياط في هذا الحال أن تنقل فلزمه النقل فإن لم ينقلها حتى تلفت ضمنها لأنه فرط في الترك وإن قال له لا تنقل وإن خفت عليه الهلاك فنقلها لم يضمن لأنه زاده خيرا وإن تركها حتى تلفت ففيه وجهان : قال أبو العباس و أبو إسحاق لا يضمن لأن نهيه مع خوف الهلاك أبرأ من الضمان وقال أبو سعيد الاصطخري يضمن لأن نهيه عن النقل مع خوف الهلاك لا حكم له لأنه خلاف الشرع فيصير كما لو لم ينهه والأول أظهر لأن الضمان يجب لحقه فسقط بقوله وإن خالف الشرع كما لو قال لغيره اقطع يدي أو أتلف مالي .
فصل : فإن أودعه شيئا فربطه في كمه لم يضمن فإن تركه في كمه ولم يربطه نظرت فإن كان خفيفا إذا سقط لم يعلم به ضمنه لأنه مفرط في حفظه وإن كان ثقيلا إذا سقط علم به لم يضمن لأنه غير مفرط وإن تركه في جيبه فإن كان مزررا أو كان الفتح ضيقا لم يضمن لأنه لا تناله اليد وإن كان واسعا غير مزرر ضمن لأن اليد تناله وإن أودعه شيئا فقال اربطه في كمك فأمسكه في يده فتلف فقد روى المزني أنه لا يضمن وروى الربيع في الأم أنه يضمن فمن أصحابنا من قال : هو على قولين : أحدهما لا يضمن لأن اليد أحرز من الكم لأنه قد يسرق من الكم ولا يسرق من اليد والثاني أنه يضمن لأن الكم أحرز من اليد لأن اليد حرز مع الذكر دون النسيان والكم حرز مع النسيان والذكر ومن أصحابنا من قال إن ربطها في كمه وأمسكها بيده لم يضمن لأن اليد مع الكم أحرز من الكم وإن تركها في يده ولم يربطها في كمه ضمن لأن الكم أحرز من اليد وحمل الروايتين على هذين الحالين وإن أمره أن يحرزها في جيبه فأحرزها في كمه ضمن لأن الجيب أحرز من الكم لأن الكم قد يرسله فيقع منه ولا يقع من الجيب وإن قال احفظها في البيت فشدها في ثوبه وخرج ضمنها لأن البيت أحرز فإن شدها في عضده فإن كان الشد مما يلي أضلاعه لم يضمن لأنه أحرز من البيت وإن كان من الجانب الآخر ضمن لأن البيت أحرز منه وإن دفعها إليه في السوق وقال احفظها في البيت فقام في الحال ومضى إلى البيت فأحرزها لم يضمن وإن قعد في السوق وتوانى ضمنها لأنه حفظها فيما دون البيت وإن أودعه خاتما وقال احفظه في البنصر فجعله في الخنصر ضمن لأن الخنصر دون البنصر في الحرز لأن الخاتم في الخنصر أوسع فهي إلى الوقوع أسرع وإن قال اجعله في الخنصر فجعله في البنصر لم يضمن لأن البنصر أحرز لأنه أغلظ والخاتم فيه أحفظ وإن قال اجعله في الخنصر فلبسه في البنصر فانكسر ضمن لأنه تعدى فيه .
فصل : وإن أراد المودع السفر ووجد صاحبها أو كيله سلمها إليه فإن لم يجد سلمها إلى الحاكم لأنه لا يمكن منعه من السفر ولا قدرة على المالك ولا وكيله فوجب الدفع إلى الحاكم كما لو حضر من يخطب المرأة والولي غائب فإن الحاكم ينوب عنه في التزويج فإن سلم إلى الحاكم مع وجود المالك أو وكيله ضمن لأن الحاكم لا ولاية له مع وجود المالك أو وكيله كما لا ولاية له في تزويج المرأة مع حضور الولي أو وكيله فإن لم يكن حاكم سلمها إلى أمين لأن النبي ( ص ) كانت عنده ودائع فلما أراد الهجرة سلمها إلى أم أيمن واستخلف عليا كرم الله وجهه في ردها وإن سلم إلى أمين مع وجود الحاكم ففيه وجهان : أحدهما لا يضمن وهو ظاهر النص وهو قول أبي إسحاق لأنه أمين فأشبه الحاكم والثاني يضمن وهو ظاهر قوله في الرهن وهو قول أبو سعيد الاصطخري لأن أمانة الحاكم مقطوع بها وأمانة الأمين غير مقطوع بها فلا يجوز ترك ما يقطع به بما لا يقطع به كما لا يترك النص للاجتهاد فإن لم يكن أمين لزمه أن يسافر بها لأن السفر في هذه الحال أحوط فإن وجد المالك أو الحاكم أو الأمين فسافر ضمن لأن الإيداع يقتضي الحفظ في الحرز وليس السفر من مواضع الحفظ لأنه إما أن يكون مخوفا أو آمنا لا يوثق بأمنه فلا يجوز مع عدم الضرورة وإن دفنها ثم سافر نظرت فإن كان في موضع لا يد فيه لأحد ضمن لأن ما تتناوله الأيدي معرض للأخذ فإن كان في موضع مسكون فإن لم يعلم بها أحدا ضمن لأنه ربما أدركته المنية في السفر فلا تصل إلى صاحبها فإن أعلم بها من لا يسكن في الموضع ضمن لأن ما في البيت إنما يكون محفوظا بحافظ فإن أعلم بها من يسكن في الموضع فإن كان غير ثقة ضمن لأنه عرضه للأخذ وإن كان ثقة فهو كما لو استودع ثقة ثم سافر وقد بينا حكم من استودع ثم سافر .
فصل : وإن حضره الموت فهو بمنزلة من حضره السفر لأنه لا يمكنه الحفظ مع الموت بنفسه كما لا يمكنه الحفظ مع السفر وقد بينا حكمه وإن قال في مرضه عندي وديعة ووصفها ولم يوجد ذلك في تركته فقد اختلف أصحابنا فيه فقال أبو إسحاق : لا يضرب المقر له مع الغرماء بقيمتها لأن الوديعة أمانة فلا يضمن بالشك ومن أصحابنا من قال يضرب المقر له بقيمتها مع الغرماء وهو ظاهر النص لأن الأصل وجوب ردها فلا يسقط ذلك بالشك .
فصل : وإن أودع الوديعة غيره من غير ضرورة ضمنها لأن المودع لم يرض بأمانة غيره فإن هلكت عند الثاني جاز لصاحبها أن يضمن الأول لأنه سلم ما لم يكن له تسليمه وله أن يضمن الثاني لأنه أخذ ما لم يكن له أخذه فإن ضمن الثاني نظرت فإن كان قد علم بالحال لم يرجع بما ضمنه على الأول لأنه دخل على أنه يضمن فلم يرجع فإن لم يعلم ففيه وجهان : أحدهما أنه يرجع لأنه دخل على أنه أمانة فإذا ضمن رجع على من غره والثاني أنه لا يرجع لأنه هلك في يده فاستقر الضمان عليه فإن ضمن الأول فإن قلنا إن الثاني إذا ضمن يرجع على الأول لم يرجع الأول عليه وإن قلنا إنه لا يرجع رجع الأول عليه فأما إذا استعان بغيره في حملها ووضعها في الحرز أو سقاها أو علفها فإنه لا يضمن لأن العادة قد جرت بالاستعانة ولأنه ما أخرجها عن يده ولا فوض حفظها إلى غيره .
فصل : وإن أودعه دراهم فخلطها بمثلها من ماله ضمن لأن صاحبها لم يرض أن يخلط ماله بمال غيره فإن خلطها بدراهم لصاحب الدراهم ففيه وجهان : أحدهما لا يضمن لأن الجميع له والثاني أنه يضمن وهو الأظهر لأنه لم يرض أن يكون أحدهما مختلطا بالآخر وإن أودعه دراهم في كيس مشدود فحله أو خرق ما تحت الشد ضمن ما فيه لأنه هتك الحرز من غير عذر وإن أودعه دراهم في غير وعاء فأخذ منها درهما ضمن الدرهم لأنه تعدى فيه ولا يضمن الباقي لأنه لم يتعدى فيه فإن رد الدرهم فإن كان متميزا بعلامة لم يضمن غيره وإن لم يتميز بعلامة فقد قال الربيع يضمن الجميع لأنه خلط المضمون بغيره فضمن الجميع والمنصوص أنه لا يضمن الجميع لأن المالك رضي أن يختلط هذا الدرهم بالدراهم فلم يضمن وإن أنفق الدرهم ورد بدله فإن كان متميزا عن الدراهم لم يضمن الدراهم لأنها باقية كما كانت وإن كان غير متميز ضمن الجميع لأنه خلط الوديعة بما لا يتميز عنها فضمن الجميع .
فصل : فإن أودعه دابة فلم يسقها ولم يعلفها حتى ماتت ضمنها لأنها ماتت بسبب تعدى به فضمنها وإن قال لا تسقها ولا تعلفها فلم يسقها ولم يعافها حتى ماتت ففيه وجهان : قال أبو سعيد الاصطخري يضمن لأنه لاحكم لنهيه لأنه يجب عليه سقيها وعلفها فإذا ترك ضمن كما لو لم ينه عن السقي والعلف وقال أبو العباس و أبو إسحاق لا يضمن لأن الضمان يجب لحق المالك وقد رضي بإسقاطه .
فصل : إذا أخرج الوديعة من الحرز لمصلحة لها كإخراج الثياب للتشرير لم يضمن لأن ذلك من مصلحة الوديعة ومقتضى الإيداع فلم يضمن به وإن أخرجها لينتفع بها ضمنها لأنه تصرف في الوديعة بما ينافي مقتضاها فضمن به كما لو أحرزها في غير حرزها فإن كان دابة فأخرجها للسقي والعلف إلى خارج الحرز فإن كان المنزل ضيقا لم يضمن لأنه مضطر إلى الإخراج وإن كان المنزل واسعا ففيه وجهان : أحدهما يضمن وهو المنصوص وهو قول أبي سعيد الاصطخري لأنه أخرج الوديعة من حرزها من غير حاجة فضمنها كما لو أخرجها ليركبها والثاني أنه لا يضمن وهو قول أبي إسحاق لأن العادة قد جرت بالسقي والعلف خارج المنزل وحمل النص عليه إذا كان الخارج غير آمن وإن نوى إخراجها للانتفاع بها كاللبس والركوب أو نوى ألا يردها على صاحبها ففيه ثلاثة أوجه : أحدها وهو قول أبي العباس أنه يضمن كما يضمن اللقطة إذا نوى تملكها والثاني وهو قول القاضي أبي حامد المروروذي أنه إن نوى إخراجها للانتفاع بها لم يضمن وإن نوى أن لا يردها ضمن لأن هذه النية صار ممسكا لها على نفسه وبالنية الأولى لا يصير ممسكا على نفسه والثالث وهو قول أكثر أصحابنا أنه لا يضمن لأن الضمان إنما يكون بفعل يوقع في العين وذلك لم يوجد .
فصل : وإن أخذت الوديعة منه قهرا لم يضمن لأنه غير مفرط في ذلك وإن أكره حتى سلمها ففيه وجهان بناء على القولين فيمن أكره حتى أكل في الصوم : أحدهما أنه يضمن لأنه فوت الوديعة على صاحبها لدفع الضرر عن نفسه فأشبه إذا أنفقها على نفسه لخوف التلف من الجوع والثاني أنه لا يضمن لأنه مكره فأشبه إذا أخذت بغير فعل من جهته .
فصل : وإن طالبه المودع برد الوديعة فأخر من غير عرف ضمن لأنه مفرط فإن أخرها لعذر لم يضمن لأنه غير مفرط .
فصل : وإن تعدى في الوديعة فضمنها ثم ترك التعدي في الوديعة لم يبرأ من الضمان لأنه ضمن العين بالعدوان فلم يبرأ بالرد إلى المكان كما لو غصب من داره شيئا ثم رده إلى الدار فإن قال المودع أبراتك من الضمان أو أذنت لك في حفظها ففيه وجهان : أحدهما يبرأ من الضمان وهو ظاهر النص لأن الضمان يجب لحقه فسقط بإسقاطه والثاني أنه لا يبرأ حتى يردها إليه لأن الإبراء إنما يكون عن حق في الذمة ولا حق له في الذمة فلم يصح الإبراء .
فصل : إذا اختلف المودع والمودع فقال أودعتك وديعة وأنكرها المودع فالقول قوله لما روى ابن عباس Bه أن النبي ( ص ) قال [ لوأن الناس أعطوا بدعاويهم لادعى ناس من الناس دماء ناس وأموالهم ولكن اليمين على المدعى عليه والبينة على من أنكر ] ولأن الأصل أنه لم يودعه فكان القول قوله .
فصل : وإن ادعى أنها تلفت نظرت فإن ادعى التلف بسبب ظاهر كالنهب والحريق فلم يقبل حتى يقيم البينة على وجود النهب والحريق لأن الأصل أن لا نهب ولا حريق ويمكن إقامة البينة عليها فلم يقبل قوله من غير بينة فإن أقام البينة على ذلك أو ادعى الهلاك بسبب يخفى فالقول قوله مع اليمين أنها هلكت لأن الهلاك يتعذر إقامة البينة عليه فقبل قوله مع يمينه .
فصل : وإن اختلفا في الرد فالقول قوله مع يمينه لأنه أخذ العين لمنفعة المالك فكان القول في الرد قوله وإن ادعى عليه أنه أودعه فأنكر الإيداع فأقام المودع بينة بالإيداع فقال المودع صدقت البينة أودعتني ولكنها تلفت أو رددتها لم يقبل قوله لأنه صار خائنا ضامنا فلا يقبل قوله في البراءة بالرد والهلاك فإن قال أنا أقيم البينة بالتلف أو الرد ففيه وجهان : أحدهما أنها تسمع لأنه لو صدقه المدعي ثبتت براءته فإذا قامت البينة سمعت والثاني لا تسمع لأنه كذب البينة بإنكاره الإيداع فأما إذا ادعى عليه أنه أودعه فقال : ماله عندي شيء فأقام البينة بالإيداع فقال صدقت البينة أودعتني ولكنها تلفت أو رددتها قبل قوله مع اليمين لأنه صادق في إنكاره أنه لا شيء عنده لأنها إذا تلفت أو ردها عليه لم يبق له عنده شيء والله أعلم