وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وضمير ( إنه لقرآن كريم ) راجع إلى غير مذكور في الكلام لكونه معلوما مستحضرا لهم .
والقرآن : الكلام المقروء أي المتلو المكرر أي هو كلام متعظ به محل تدبر وتلاوة وقد تقدم ذلك عند قوله تعالى ( وما تكون في شأن وما تتلوا منه من قرآن ) في سورة يونس .
والكريم : النفيس الرفيع في نوعه كما تقدم عند قوله تعالى ( إني ألقي إلي كتاب كريم ) في سورة النمل .
وهذا تفضيل للقرآن على أفراد نوعه من الكتب الإلهية مثل التوراة والإنجيل والزبور ومجلة لقمان . وفضله عليها بأنه فاقها في استيفاء أغراض الدين وأحوال المعاش والماد وإثبات المعتقدات بدلائل التكوين . والإبلاغ في دحض الباطل دحضا لم يشتمل على مثله كتاب سابق وخاصة الاعتقاد وفي وضوح معانيه وفي كثرة دلالته مع قلة ألفاظه وفي فصاحته وفي حسن آياته وحسن مواقعها في السمع وذلك من آثار ما أراد الله به من عموم الهداية به والصلاحية لكل أمة ولكل زمان فهذا وصف للقرآن بالرفعة على جميع الكتب حقا لا يستطيع المخالف طعنا فيه .
وبعد أن وصف القرآن ب ( كريم ) وصف وصفا ثانيا بأنه ( في كتاب مكنون ) وذلك وصف كرامة لا محالة فليس لفظ ( كتاب ) ولا وصف ( مكنون ) مرادا بهما الحقيقة إذ ليس في حمل ذلك على الحقيقة تكريم فحرف ( في ) للظرفية المجازية .
والكتاب المكنون : مستعار لموافقة ألفاظ القرآن ومعانيه ما في علم الله تعالى وإرادته وأمره الملك بتبليغه إلى الرسول A وتلك شؤون محجوبة عنا فلذلك وصف الكتاب بالمكنون اشتقاقا من الاكتنان وهو الاستتار أي محجوب عن أنظار الناس فهو أمر مغيب لا يعلم كنهه إلا الله .
وحاصل ما يفيده معنى هذه الآية : أن القرآن الذي بلغهم وسمعوه من النبي A هو موافق لما أراد الله إعلام الناس به وما تعلقت قدرته بإيجاد نظمه المعجز ليكمل له وصف أنه كلام الله تعالى وأنه لم يصنعه بشر .
ونظير هذه الظرفية قوله تعالى ( وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ) إلى قوله ( إلا في كتاب مبين ) في سورة الأنعام وقوله ( وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب ) أي إلا جاريا على وفق ما علمه الله وجرى به قدره فكذلك قوله هنا ( في كتاب مكنون ) فاستعير حرف الظرفية لمعنى مطابقة ما هو عند الله تشبيها بتلك المطابقة باتحاد المظروف بالظرف . وقريب منه قوله تعالى ( إن هذا لفي الصحف الأولى صحف إبراهيم وموسى ) وهذا أولى من اعتبار المجاز في إسناد الوصف بالكون في كتاب مكنون إلى قرآن كريم على طريقة المجاز العقلي باعتبار أن حقيقة هذا المجاز وصف مماثل القرآن ومطابقة لأن المماثل ملابس لمماثله .
A E واستعير الكتاب للأمر الثابت المحقق الذي لا يقبل التغيير فالتأم من استعارة الظرفية لمعنى المطابقة ومن استعارة الكتاب للثابت المحقق معنى موافقة معاني هذا القرآن لما عند الله من متعلق علمه ومتعلق إرادته وقدرته وموافقة ألفاظه لما أمر الله بخلقه من الكلام الدال على تلك المعاني على أبلغ وجه وقريب من هذه الاستعارة قول بشر بن أبي حازم أو الطرماح : .
وجدنا في كتاب بني تميم ... أحق الخيل بالركض المعار وليس لبني تميم كتاب ولكنه أطلق الكتاب على ما تقرر من عوائدهم ومعرفتهم .
وجملة ( لا يمسه إلا المطهرون ) صفة ثانية لكتاب ) .
والمطهرون : الملائكة والمراد الطهارة النفسانية وهي الزكاة . وهذا قول جمهور المفسرين وفي الموطإ قال مالك : أحسن ما سمعت في هذه الآية ( لا يمسه إلا المطهرون ) إنها بمنزلة هذه الآية التي في ( عبس وتولى ) قول الله تبارك وتعالى ( كلا إنها تذكرة فمن شاء ذكره في صحف مكرمة مرفوعة مطهرة بأيدي سفرة كرام بررة ) اه . يريد أن ( المطهرون ) هم السفرة الكرام البررة وليسوا الناس الذين يتطهرون .
ومعنى المس : الأخذ وقت الحديث " مس من طيبة " أي أخذ . ويطلق المس على المخالطة والمطالعة قال يزيد بن الحكم الكلابي : .
مسسنا من لآباء شيئا فكلنا ... إلى حسب في قومه غير واضع قال المرزوقي في شرح هذا البيت من الحماسة : " مسسنا يجوز أن يكون بمعنى أصبنا واختبرنا لأن المس باليد يقصد به الاختبار . ويجوز أن يكون بمعنى طلبنا اه . فالمعنى : أن الكتاب لا يباشر نقل ما يحتوي عليه لتبليغه إلا الملائكة