وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والمقصود من هذا أن القرآن ليس كما يزعم المشركون قول كاهن فإنهم يزعمون أن الكاهن يتلقى من الجن والشياطين ما يسترقونه من أخبار السماء بزعمهم ولا هو قول شاعر إذ كانوا يزعمون أن لكل شاعر شيطانا يملي عليه الشعر ولا هو أساطير الأولين لأنهم يعنون بها الحكايات المكذوبة التي يتلهى بها أهل الأسمار فقال الله : إن هذا القرآن مطابق لما عند الله الذي لا يشاهده إلا الملائكة المطهرون .
وجملة ( تنزيل من رب العالمين ) مبينة لجملة في ( كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون ) فهي تابعة لصفة القرآن أي فبلوغه إليكم كان بتنزيل من الله أي نزل به الملائكة .
وفي معنى نظم هذه الآية قوله تعالى ( وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون تنزيل من رب العالمين ) .
وإذ قد ثبتت هذه المرتبة الشريفة للقرآن كان حقيقا بأن تعظم تلاوته وكتابته ولذلك كان من المأمور به أن لا يمس مكتوب القرآن إلا المتطهر تشبيها بحال الملائكة في تناول القرآن بحيث يكون ممسك القرآن على حالة تطهر ديني وهو المعنى الذي تومئ إليه مشروعية الطهارة لمن يريد الصلاة نظير ما في الحديث " المصلي يناجي ربه " .
وقد دلت آثار على هذا أوضحها ما رواه مالك في الموطأ مرسلا " إن في الكتاب الذي كتبه رسول الله A إلى إيقال ذي رعين وقعافر وهمذان وبعثها به مع عمرو بن حزم " أن لا يمس القرآن إلا طاهر " قال المناوي : وسنده صحيح وجعله السيوطي في مرتبة الحسن .
وفي كتب السيرة أن عمر بن الخطاب قبل أن يسلم دخل على أخته وهي امرأة سعيد بن زيد فوجدها تقرأ القرآن من صحيفة مكتوب فيها سورة طه فدعا بالصحيفة ليقرأها فقالت له : لا يمسها إلا المطهرون فقام فاغتسل وقرأ السورة فأسلم فهذه الآية ليست دليلا لحكم مس القرآن بأيدي الناس ولكن ذكر الله إياها لا يخلو من إرادة أن يقاس الناس على الملائكة في أنهم لا يمسون القرآن إلا إذا كانوا طاهرين كالملائكة أي بقدر الإمكان من طهارة الآدميين .
فثبت بهذا أن المر بالتطهر لمن يمسك مكتوبا من القرآن قد تقرر بين المسلمين من صدر الإسلام في مكة .
وإنما اختلف الفقهاء في مقتضى هذا الأمر من وجوب أو ندب فالجمهور رأوا وجوب أن يكون ممسك مكتوب القرآن على وضوء وهو قول علي وابن مسعود وسعد وسعيد وعطاء والزهري ومالك والشافعي وهو رواية عن أبي حنيفة وقال فريق : إن هذا أمر ندب وهو قول ابن عباس والشعبي وروي عن أبي حنيفة وهو قول أحمد وداود الظاهري .
A E قال مالك في الموطإ " ولا يحمل أحد المصحف لا بعلاقته ولا على وسادة إلا وهو طاهر إكراما للقرآن وتعظيما له " . وفي سماع ابن القاسم من كتاب الوضوء من العتبية في المسألة السادسة " سئل مالك عن اللوح فيه القرآن أيمس على غير وضوء ؟ فقال : أما للصبيان الذين يتعلمون فلا أرى به بأسا فقيل له : فالرجل يتعلم فيه ؟ قال : أرجو أن يكون خفيفا فقيل لابن القاسم : فالمعلم يشكل ألواح الصبيان وهو على غير وضوء قال : أرى ذلك خفيفا " . قال ابن رشد في " البيان والتحصيل : لما يلحقه في ذلك من المشقة فيكون ذلك سببا إلى المنع من تعلمه . وهذه هي العلة في تخفيف ذلك للصبيان . وأشار الباجي في المنتقى إلى أن إباحة مس القرآن للمتعلم والمعلم هي لأجل ضرورة التعلم .
وقد اعتبروا هذا حكما لما كتب فيه القرآن بقصد كونه مصحفا أو جزءا من مصحف أو لوحا للقرآن ولم يعتبروه لما يكتب من آي القرآن على وجه الاقتباس أو التضمين أو الاجتجاج ومن ذلك ما يكتب على الدنانير والدراهم وفي الخواتيم .
والمراد بالطهارة عند القائلين بوجوبها الطهارة الصغرى أي الوضوء قال ابن عباس والشعبي : يجوز مس القرآن بالطهارة الكبرى وإن لم تكن الصغرى