وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وجملة ( أأنتم تزرعونه ) الخ بيان لجملة ( أفرأيتم ما تحرثن ) كما تقدم في ( أأنتم تزرعونه ) والاستفهام في ( أأنتم تزرعونه ) إنكاري كالذي في قوله ( أأنتم تخلقونه ) .
والقول في موقع ( أم ) من قوله ( أم نحن الزارعون ) كالقول في موقع نظيرتها من قوله ( أم نحن الخالقون ) أي أن ( أم ) منقطعة للإضراب .
وكذلك القول في تقديم المسند إليه على الخبر الفعلي في قوله ( أأنتم تزرعونه ) مثل ما في قوله ( أأنتم تخلقونه ) .
وكذلك القول في نفي الزرع عنهم وإثباته لله تعالى يفيد معنى قصر الزرع أي الإنبات على الله تعالى أي دونهم وهو قصر مبالغة لعدم الاعتداء بزرع الناس .
6و - يؤخذ من الآية إيماء لتمثيل خلق الأجسام خلقا ثانيا مع الانتساب بين الأجسام البالية والأجسام المجددة منها بنبات الزرع من الحية التي هي منتسبة إلى سنبلة زرع أخذت هي منها فتأتي هي بسنبلة مثلها .
( لو نشاء لجعلناه حطما فظلتم تفكهون [ 65 ] إنا لمغرمون [ 66 ] بل نحن محرومون [ 67 ] ) جملة ( لو نشاء لجعلناه حطاما ) موقعها كموقع جملة ( نحن قدرنا بينكم الموت ) في أنها استدلال بإفنائه ما أوجده على انفراده بالتصرف إيجادا وإعداما تكملة لدليل إمكان البعث .
واللام في قوله ( لجعلناه ) مفيدة للتأكيد . ويكثر اقتران جواب ( لو ) بهذه اللام إذا كان ماضيا مثبتا كما يكثر تجره عنها كما سيجيء في الآية الموالية لهذه .
والحطام : الشيء الذي حطمه حاطم أي مسره ودقه فهو بمعنى المحطوم كما تدل عليه زنة فعال مثل الفتات والجذاد والدقاق وكذلك المقترن منه بهاء التأنيث كالقصاصة والقلامة والكناسة والقمامة .
والمعنى : لو نشاء لجعلنا ما ينبت بعد خروجه من الأرض حطاما بأن نسلط عليه ما يحطمه من برد أو ريح أو حشرات قبل أن تنتفعوا به فالمراد جعله حطاما قبل الانتفاع به . وأما أن يؤولوا إلى الكون حطاما فذلك معلوم فلا يكون مشروطا بحرف ( لو ) الامتناعية .
وقوله ( فضلتم تفكهون إنا لمغرمون بل نحن محرومون ) تفريع على جملة ( لجعناه حطاما ) أي يتفرع على جعله حطاما أن تصير تقولون : إنا لمغرمون بل نحن محرومون ففعل ( ظلتم ) هنا بمعنى : صرتم وعلى هذا حمله جميع المفسرين .
وأعرض وقع فعل ( تفكهون ) فعن أبن عباس ومجاهد وقتادة وأبن زيد : تفكهون تعجبون وعن عكرمة : تتلاومون وعن الحسن وقتادة : تندمون وقال أبن كيسان : تحزنون وقال الكسائي : هو تلهف على ما فات وهو " أي فعل تفكهون " من الأضداد تقول العرب : تفكهت أي تنعمت وتفكهت أي حزنت اه .
A E ذلك أن فعل ( تفكهون ) من مادة فكه والمشهور أن هذه المادة تدل على المسرة والفرح ولكن السياق سياق ضد المسرة وبيانه بقوله ( إنا لمغرمون بل نحن محرومون ) يؤيد ذلك فالفكاهة : المسرة والانبساط وادعى الكسائي أنها من أسماء الأضداد واعتمده في القاموس إذ قال : وتفكه أكل الفاكهة وتجنب عن الفاكهة ضده . قال ابن عطية : وهذا كله " أي ما روي عن ابن عباس وغيره في تفسير فظلتم تفكهون " لا يخص اللفظة " أي هو تفسير بحاصل المعنى دون معاني الألفاظ " والذي يخص اللفظة هو تطرحون الفاكهة " كذا ولعل صوابه الفكاهة " عن أنفسكم وهي المسرة والجذل ورجل فكه إذا كان منبسط النفس غير مكترث بشيء اه . يعني أن صيغة التفعل فيه مطاوعة فعل الذي تضيفه للإزالة مثل قشر العود وقرد البعير وأثبت صاحب القاموس هذا القول ونسبه إلى ابن عطية .
وجعلوا جملة ( إنا لمغرمون ) تندم وتحسرا أي تعلمون أن حطم زرعكم حرمان من الله جزاء لكفركم ومعنى ( مغرمون ) من الغرام وهو الهلاك كما في قوله تعالى ( إن عذابها كان غراما ) . وهذا شبيه بما في سورة القلم من قوله تعالى ( فلما رأوها قالوا إنا لضالون ) إلى قوله ( إنا كنا طاغين ) .
فتحصل أن معنى الآية يجوز أن يكون جاريا على ظاهر مادة فعل ( تفكهون ) ويكون ذلك تهكما بهم حملا لهم على معتاد أخلاقهم من الهزل بآيات الله وقرينة التهكم ما بعده من قوله عنهم ( إنا لمغرمون بل نحن محرومون ) .
ويجوز أن يكون محمل الآية على جعل ( تفكهون ) بمعنى تندمون ويحزنون ولذلك كان لفعل ( تفكهون ) هنا وقع يعوضه غيره .
وجملة ( إنا لمغرمون ) مقول قول محذوف هو حال من ضمير ( تفكهون )