وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والظرفية المستفادة من ( في ) ظرفية مجازية معناها قوة الملابسة الشبيهة بإحاطة الظرف بالمظروف كقوله ( فعدلك في أي صورة شاء ركبك ) .
ومعنى ( لا تعلمون ) : أنهم لا يعلمون تفاصيل تلك الأحوال .
( ولقد علمتم النشأة الأولى فلولا تذكرون [ 62 ] ) أعقب دليل إمكان البعث المستند للتنبيه على صلاحية القدرة الإلهية لذلك ولسد منافذ الشبهة بدليل من قياس التمثيل وهو تشبيه النشأة الثانية بالنشأة الأولى المعلومة عندهم بالضرورة فنبهوا ليقيسوا عليها النشأة الثانية في أنها إنشاء من أثر قدرة الله وعلمه وفي أنهم لا يحيطون علما بدقائق حصولها .
فالعلم المنفي في قوله ( فيما لا تعلمون ) وهو العلم التفصيلي والعلم المثبت في قوله ( ولقد علمتم النشأة الأولى ) وهو العلم الإجمالي والإجمالي كاف في الدلالة على التفصيلي إذ لا أثر للتفصيل في الاعتقاد .
وفي المقابلة بين قوله ( فيما لا تعلمون ) بقوله ( ولقد علمتم ) محسن الطباق .
ولما كان علمهم بالنشأة الأولى كافيا لهم في إبطال إحالتهم النشأة الثانية رتب عليه من التوبيخ ما لم يرتب مثله على قوله ( وما نحن بمسبوقين على أن نبدل أمثالكم وننشئكم فيما لا تعلمون ) فقال ( فلولا تذكرون ) أي هلا تذكرتم بذلك فأمسكتم عن الجحد وهذا تجهيل لكم في تركهم قياس الأشباه على أشباهها ومثله قوله آنفا ( نحن خلقناكم فلولا تصدقون ) .
وجيء بالمضارع في قوله ( تذكرون ) للتنبيه على أن باب التذكر مفتوح فإن فاتهم التذكر فيما مضى فليتداركوه الآن .
وقرأ الجمهور ( النشأة ) بسكون الشين تليها همزة مفتوحة مصدر نشأ على وزن المرة وهي مرة الجنس . وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وحدة بفتح الشين بعدها ألف تليها همزة وهو مصدر على وزن الفعالة على غير قياس وقد تقدم في سورة العنكبوت .
( أفرأيتم ما تحرثون [ 63 ] أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون [ 64 ] ) انتقال إلى دليل آخر على إمكان البعث وصلاحية قدرة الله تعالى له بضرب آخر من ضروب الإنشاء بعد العدم .
فالفاء لتفريع ما بعدها على جملة ( نحن خلقناكم فلولا تصدقون ) كما فرع عليه قوله ( أفرأيتم ما تمنون ) ليكون الغرض من هذه الجمل متحدا وهو الاستدلال على إمكان البعث فقصد تكرير الاستدلال وتعداده بإعادة جملة ( أفرأيتم ) وإن كان مفعول فعل الرؤية مختلفا وسيجيء نظيره في قوله بهده ( أفرأيتم الماء الذي تشربون ) وقوله ( أفرأيتم النار التي تورون ) .
وإن شئت جعلت الفاء لتفريع مجرد استدلال لا لتفريع معنى معطوفها على معنى المعطوف عليه على أنه لما آل الاستدلال السابق إلى عموم صلاحية القدرة الإلهية جاز أيضا أن تكون هذه الجملة مرادا بها تمثيل بنوع عجيب من أنواع تعلقات القدرة بالإيجاد دون إرادة الاستدلال على خصوص البعث فيصح جعل الفاء تفريعا على جملة ( أفرأيتم ما تمنون ) من حيث أنها اقتضت سعة القدرة الإلهية .
A E ومناسبة الانتقال من الاستدلال بخلق النسل إلى الاستدلال بنبات الزرع هي التشابه البين بين تكوين الإنسان وتكوين النبات قال تعالى ( والله أنبتكم من الأرض نباتا ) .
والقول في ( أفرأيتم ما تحرثون ) نظير قوله ( أفرأيتم ما تمنون ) .
و ( ما تحرثون ) موصول وصلة والعائد محذوف .
والحرث : شق الأرض ليزرع فيها أو يغرس .
وظاهر قوله ( ما تحرثون ) أنه الأرض إلا أن هذا لا يلائم ضمير ( تزرعونه ) فتعين تأويل ( ما تحرثون ) بأنه يقدر : ما تحرثون له أي لأجله على طريقة الحذف والإيصال والذي يحرثون لأجله هو النبات وقد دل على هذا ضمير النصب في ( أأنتم تزرعونه ) لأنه استفهام في معنى النفي والذي ينفي هو ما ينبت من الحب لا بذره .
فإن فعل ( زرع ) يطلق بمعنى : أنبت قال الراغب : الزرع : الإنبات لقوله تعالى ( أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون ) فنفي عنهم الزرع ونسبه إلى نفسه اه واقتصر عليه ويطلق فعل ( زرع ) بمعنى : بذر الحب في الأرض لقول صاحب لسان العرب : زرع الحب بذره أي ومنه سمي الحب الذي يبذر في الأرض زريعة لكن لا ينبغي حمل الآية على هذا الإطلاق . فالمعنى : أفرأيتم الذي تحرثون الأرض لأجله وهو النبات ما أنتم تنبتونه بل نحن ننبته