وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

واليحموم : الدخان الأسود على وزن يفعول مشتق من الحمم بوزن صرد اسم للفحم . والحممة : الفحمة فجاءت زنة يفعول فيها اسما ملحوظا فيه هذا الاشتقاق وليس ينقاس .
وحرف ( من ) بيانة إذ الظل هنا أريد به نفس اليحموم أي الدخان الأسود .
ووصف ظل بأنه ( من يحموم ) للإشعار بأنه ظل دخان لهب جهنم والدخان الكثيف له ظل لأنه بكثافته يحجب ضوء الشمس وإنما ذكر من الدخان ظله لمقابلته بالظل الممدود المعد لأصحاب اليمين في قوله ( وظل ممدود ) أي لا ظل لأصحاب الشمال سوى ظل اليحموم وهذا من قبيل التهكم .
ولتحقيق معنى التهكم وصف هذا الظل بما يفيد نفي البرد عنه ونفي الكرم فبرد الظل ما يحصل في مكانه من دفع حرارة الشمس وكرم الظل ما فيه من الصفات الحسنة في الظلال مثل سلامته من هبوب السموم عليه وسلامة الموضع الذي يظله من الحشرات والأوساخ وسلامة أرضه من الحجارة ونحو ذلك إذ الكريم من كل نوع هو الجامع لأكثر محاسن نوعه كما تقدم في قوله تعالى ( إني ألقي إلي كتاب كريم ) في سورة النمل فوصف ظل اليحموم بوصف خاص وهو انتفاء البرودة عنه واتبع بوصف عام وهو انتفاء كرامة الظلال عنه ففي الصفة بنفي محاسن الظلال تذكير للسامعين بما حرم منه أصحاب الشمال عسى أن يحذروا أسباب الوقوع في الحرمان ولإفادة هذا التذكير عدل عن وصف الظل بالحرارة والمضرة إلى وصفه بنفي البرد ونفي الكرم .
( إنهم كانوا قبل ذلك مترفين [ 45 ] وكانوا يصرون على الحنث العظيم [ 46 ] وكانوا يقولون أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمبعوثون [ 47 ] أو آباؤنا الأولون [ 48 ] ) A E تعليل لما يلقاه أصحاب الشمال من العذاب فيتعين أن ما تضمنه هذا التعليل كان من أحوال كفرهم وأنه مما له أثر في إلحاق العذاب بهم بقرينة عطف ( وكانوا يصرون على الحنث العظيم وكانوا يقولون ) الخ عليه .
فأما إصرارهم على الحنث وإنكارهم البعث فلا يخفى تسببه في العذاب لأن الله توعدهم عليه فلم يقلعوا عنه وإنما يبقى النظر في قوله ( إنهم كانوا قبل ذلك مترفين ) فإن الترف في العيش ليس جريمة في ذاته وكم من مؤمن عاش في ترف وليس كان كافرا مترفا في عيشه فلا يكون الترف سببا مستقلا في تسبب الجزاء الذي عوملوا به .
فتأويل هذا التعليل : إما بأن يكون الإتراف سببا باعتبار ضميمة ما ذكر بعده إليه بأن كان إصرارهم على الحنث وتكذيبهم بالبعث جريمتين عظيمتين لأنهما محفوفتان بكفر نعمة الترف التي خولهم الله إياها على نحو قوله تعالى ( وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون ) فيكون الإتراف جزء سبب وليس سببا مستقلا وفي هذا من معنى قوله تعالى ( وذرني والمكذبين أولي النعمة ومهلهم قليلا ) .
وإما أن يراد بأن الترف في العيش علق قلوبهم بالدنيا واطمأنوا بها فكان ذلك ممليا على خواطرهم إنكار الحياة الآخرة فيكون المراد الترف الذي هذا الإنكار عارض له وشديد الملازمة له فوازن وازن قوله تعالى ( والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار مثوى لهم ) .
وفسر ( مترفين ) بمعنى متكبرين عن قبول الحق . والمترف : اسم مفعول من أترفه أي جعله ذا ترفة بضم التاء وسكون الراء أي نعمة واسعة وبناؤه للمجهول لعدم اإحاطة بالفاعل الحقيقي للإتراف كشأن الأفعال التي التزم فيها الإسناد المجازي العقلي الذي ليس لمثله حقيقة عقلية ولا يقدر بنحو : أترفه الله لأن العرب لم يكونوا يقدرون ذلك فهذا من باب : قال قائل وسأل سائل .
وإنما جعل أهل الشمال مترفين لأنهم لا يخلو واحد منهم عن ترف ولو في بعض أحواله وأزمانه من نعم الأكل والشرب والنساء والخمر وكل ذلك جدير بالشكر لواهبه وهم قد لابسوا ذلك بالإشراك في جميع أحوالهم أو لأنهم لما قصروا أنظارهم على التفكير في العيشة العاجلة صرفهم ذلك عن النظر والاستدلال على صحة ما يدعوهم إليه الرسول A فهذا وجه جعل الترف في الدنيا من أسباب جزائهم الجزاء المذكور .
والإشارة في قوله ( قبل ذلك ) إلى ( سموم وحميم وظل من يحموم ) بتأويلها بالمذكور أي كانوا قبل اليوم وهو ما كانوا عليه في الحياة الدنيا .
والحنث : الذنب والمعصية وما يتخرج منه ومنه قولهم : حنث في يمينه أي أهمل ما حلف عليه فجر لنفسه حرجا