وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

هذا استئناف بياني ناشئ عن قوله ( فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان ) , أي يستغنى عن سؤالهم بظهور علاماتهم للملائكة ويعرفونهم بسيماهم فيؤخذون أخذ عقاب ويساقون إلى الجزاء .
والسيما : العلامة . وتقدمت في قوله تعالى ( تعرفهم بسيماهم ) في آخر سورة البقرة .
و ( ال ) في ( بالنواصي والأقدام ) عرض عن المضاف إليه, أي بنواصيهم وأقدامهم وهو استمال كثير في القرآن .
والنواصي : جمع ناصية وهي الشعر في مقدم الرأس, وتقدم في قوله تعالى ( ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها ) في سورة هود .
والأخذ بالناصية أخذ ممكن لا يفلت منه, كما قال تعالى ( لئن لم ينته لنسفعن بالناصية ) .
والأقدام : جمع قدم, وهو ظاهر الساق من حيث تمسك اليد رجل الهارب فلا يستطيع انفلاتا وفيه أيضا يوضع القيد, قال النابغة : .
أو حرة كمهاة الرمل قد كبلت ... فوق المعاصم منها والعراقيب ( فبأي آلاء ربكما تكذبان [ 42 ] ) تكرير كما تقدم في نظيرها الذي قبلها .
( هذه جهنم التي يكذب بها المجرمون [ 43 ] يطوفون بينها وبين حميم آن [ 44 ] ) هذا مما يقال يوم القيامة على رؤوس الملأ .
A E ووصف ( جهنم ) ب ( التي يكذب بها المجرمون ) تسفيه للمجرمين وفضح لهم . وجملة ( يطوفون ) حال من ( المجرمون ) , أي قد تبين سفه تكذيبهم بجهنم اتضاحا بينا بظهورها للناس وبأنهم يترددون خلالها كما ترددوا في إثباتها حين أنذروا بها في الدنيا .
والطواف : ترداد المشي والإكثار منه, يقال طاف به, وطاف عليه, ومنه الطواف بالكعبة, والطواف بالصفا والمروة, قال تعالى ( فلا جناح عليه أن يطوف بهما ) وتقدم في سورة البقرة .
والحميم : الماء المغلي الشديد الحرارة .
والمعنى : يمشون بين مكان النار وبين الحميم فإذا أصابهم حر النار طلبوا التبرد فلاح لهم الماء فذهبوا إليه فأصابهم حرة فانصرفوا إلى النار دواليك وهذا كقوله ( وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل ) .
وآن : اسم فاعل من أنى, إذا اشتدت حرارته .
( ولمن خاف مقام ربه جنتان [ 46 ] فبأي آلاء ربكما تكذبان [ 47 ] ذواتا أفنان [ 48 ] فبأي آلاء ربكما تكذبان [ 49 ] فيهما عينان تجريان [ 50 ] فبأي آلاء ربكما تكذبان [ 51 ] فيهما من كل فاكهة زوجان [ 52 ] فبأي آلاء ربكما تكذبان [ 53 ] ) انتقال من وصف جزاء المجرمين إلى ثواب المتقين . والجملة عطف على جملة ( يرف المجرمون بسيماهم ) إلى آخرها, وهو أظهر لأن قوله في آخرها ( يطوفون بينها وبين حميم آن ) يفيد معنى أنهم فيها .
واللام في ( لمن خاف ) لام الملك, أي يعطى من خاف ربه ويملك جنتين, ولا شبه في أن من خاف مقام ربه جنس الخائفين لا خائف معين فهو من صيغ العموم البدلي بمنزلة قولك : وللخائف مقام ربه . وعليه فيجيء النظر في تأويل تثنية ( جنتان ) فيجوز أن يكون المراد : جنسين من الجنات .
وقد ذكرت الجنات في القرآن بصيغة الجمع غير مرة وسيجيء بعد هذا قوله ( ومن دونهما جنتان ) فالمراد جنسان من الجنات .
ويجوز أن تكون التثنية مستعملة كناية عن التعدد, وهو استعمال موجود في الكلام الفصيح وفي القرآن قال الله تعالى ( ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير ) ومنه قولهم : لبيك وسعديك ودواليك, كقول القوال الطائي من شعر الحماسة : .
فقولا لهذا المرء ذو جاء ساعيا ... هلم فإن المشرفي الفرائض أي فقولوا : يا قوم, وتقدم عند قوله تعالى ( سنعذبهم مرتين ) في سورة التوبة . وإيثار صيغة التثنية هنا لمراعاة الفواصل السابقة واللاحقة فقد بنيت قرائن السورة عليها والقرينة ظاهرة وإليه يميل كلام الفراء, وعلى هذا فجميع ما أجري بصيغة التثنية في شأن الجنتين فمراد به الجمع .
وقيل : أريد جنتان لكل متق تحفان بقصره في الجنة كما قال تعالى في صفة جنات الدنيا ( جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب ) الآية, وقال ( لقد كان لسبإ في مساكنهم آية جنتان عن يمين وشمال ) فهما جنتان باعتبار يمنة القصر ويسرته والقصر فاصل بينهما