وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والبأس تقدم عند قوله تعالى ( وحين البأس ) في سورة البقرة . والمراد به هنا الشدة على العدو وغلبته . ومجيء البأس : مجيء أثره فإن ما أصابهم من البأساء والضراء أثر من آثار قوة قدرة الله تعالى وغلبه عليهم . والمجيء مستعار للحدوث والحصول بعد أن لم يكن تشبيها لحدوث الشيء بوصول القادم من مكان آخر بتنقل الخطوات .
ولما دل التوبيخ أو التمني على انتفاء وقوع الشيء عطف عليه ب ( لمكن ) عطفا على معنى الكلام لأن التضرع ينشأ عن لين القلب فكان نفيه المفاد بحرف التوبيخ ناشئا عن ضد اللين وهو القساوة فعطف ب ( لمكن ) .
والمعنى : ولكن اعتراهم ما في خلقتهم من المكابرة وعدم الرجوع عن الباطل كأن قلوبهم لا تتأثر فشبهت بالشيء القاسي . والقسوة : الصلابة .
وقد وجد الشيطان من طباعهم عونا على نفث مراده فيهم فحسن لهم تلك القساوة وأغراهم بالاستمرار على آثامهم وأعمالهم . ومن هنا يظهر أن الضلال ينشأ عن استعداد الله في خلقة النفس .
والتزيين : جعل الشيء زينا . وقد تقدم عند قوله تعالى ( زين للناس حب الشهوات ) في سورة آل عمران .
وقوله ( فلما نسوا ما ذكروا به ) عطف على جملة ( قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ) . والنسيان هنا بمعنى الإعراض كما تقدم آنفا في قوله ( وتنسون ما تشركون ) . وظاهر تفرع الترك عن قسوة القلوب وتزيين الشيطان لهم أعمالهم . و ( ما ) موصولة ما صدقها البأساء والضراء أي لما انصرفوا عن الفطنة بذلك ولم يهتدوا إلى تدارك أمرهم . ومعنى ( ذكروا به ) أن الله ذكرهم عقابه العظيم بما قدم إليهم من البأساء والضراء . و ( لما ) حرف شرط يدل على اقتران وجود جوابه بوجود شرطه وليس فيه معنى السببية مثل بقية أدوات الشرط .
وقوله ( فتحنا عليهم أبواب كل شيء ) جواب ( لما ) والفتح ضد الغلق . فالغلق : سد الفرجة التي يمكن الاجتياز منها إلى ما رواءها بباب ونحوه بخلاف إقامة الحائط فلا تسمى غلقا .
والفتح : جعل الشيء الحاجز غير حاجز وقابلا للحجز كالباب حين يفتح . ولكون معنى الفتح والغلق نسبيين بعضهما من الآخر قيل للآلة التي يمسك بها الحاجز ويفتح بها مفتاحا ومغلاقا وإنما يعقل الفتح بعد تعقل الغلق ولذلك كان قوله تعالى ( فتحنا عليهم أبواب كل شيء ) مقتضيا أن الأبواب المراد هاهنا كانت مغلقة وقت أن أخذوا بالبأساء والضراء فعلم أنها أبواب الخير لأنها التي لا تجتمع مع البأساء والضراء .
فالفتح هنا استعارة لإزالة ما يؤلم ويغم كقوله ( ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ) . ومنه تسمية النصر فتحا لأنه إزالة غم القهر .
وقد جعل الإعراض عما ذكروا به وقتا لفتح أبواب الخير لأن المعنى أنهم لما أعرضوا عن الاتعاظ بنذر العذاب رفعنا عنهم العذاب وفتحنا عليهم أبواب الخير كما صرح به في قوله تعالى ( وما أرسلنا في قرية من نبي إلا أخذنا أهلها بالبأساء والضراء لعلهم يضرعون ثم بدلنا مكان السيئة الحسنة حتى عفوا وقالوا قد مس آباءنا الضراء والسراء فأخذناهم بغتة وهم لا يشعرون ) .
وقرأ الجمهور ( فتحنا ) بتخفيف المثناة الفوقية . وقرأه ابن عامر وأبو جعفر ورويس عن يعقوب بتشديدها للمبالغة في الفتح بكثرته كما أفاده قوله ( أبواب كل شيء ) .
ولفظ ( كل ) هنا مستعمل في معنى الكثرة كما في قول النابغة : .
بها كل ذيال وخنساء ترعوي ... الى كل رجاف من الرمل فارد أو استعمل في معناه الحقيقي ؛ على أنه عام مخصوص أي أبواب كل شيء يبتغونه وقد علم أن المراد بكل شيء جميع الأشياء من الخير خاصة بقرينة قوله ( حتى إذا فرحوا ) وبقرينة مقابلة هذا بقوله ( أخذنا أهلها بالبأساء والضراء ) فهنالك وصف مقدر أي كل شيء صالح كقوله تعالى ( يأخذ كل سفينة غصبا ) أي صالحة .
و ( حتى ) في قوله ( حتى إذا فرحوا ) ابتدائية . ومعنى الفرح هنا هو الازدهاء والبطر بالنعمة ونسيان المنعم كما في قوله تعالى ( إذ قال له قومه لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين ) . قال الراغب : ولم يرخص في الفرح إلا في قوله تعالى ( قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا ) . و ( إذا ) ظرف زمان للماضي .
A E