وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

( ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذنهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون [ 42 ] فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون [ 43 ] فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذنهم بغتة فإذا هم مبلسون [ 44 ] فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين [ 45 ] ) لما أنذرهم بتوقع العذاب أعقبه بالاستشهاد على وقوع العذاب بأمم من قبل ليعلم هؤلاء أن تلك سنة الله في الذين ظلموا بالشرك .
وهذا الخبر مستعمل في إنذار السامعين من المشركين على طريقة التعريض وهم المخاطبون بالقول المأمور به في الجملة التي قبلها .
فجملة ( ولقد أرسلنا ) عطف على جملة ( قل أرأيتكم ) والواو لعطف الجمل فتكون استئنافية إذ كانت المعطوف عليها استئنافا . وافتتحت هذه الجملة بلام القسم و ( قد ) لتوكيد مضمون الجملة وهو المفرع بالفاء في قوله ( فأخذناهم بالبأساء والضراء ) . نزل السامعون المعرض بإنذارهم منزلة من ينكرون أن يكون ما أصاب الأمم الذين من قبلهم عقابا من الله تعالى على إعراضهم .
وقوله ( فأخذناهم ) عطف على ( أرسلنا ) باعتبار ما يؤذن به وصف ( من قبلك ) من معاملة أممهم إياهم بمثل ما عاملك به قومك فيدل العطف على محذوف تقديره : فكذبوهم .
ولما كان أخذهم بالبأساء والضراء مقارنا لزمن وجود رسلهم بين ظهرانيهم كان الموقع لفاء العطف للإشارة إلى أن ذلك كان بمرأى رسلهم وقبل انقراضهم ليكون إشارة إلى أن الله أيد رسله ونصرهم في حياتهم ؛ لأن أخذ الأمم بالعقاب فيه حكمتان : إحداهما زجرهم عن التكذيب والثانية إكرام الرسل بالتأييد بمرأى من المكذبين . وفيه تكرمة للنبي A بإيذانه بأن الله ناصره على مكذبيه .
ومعنى ( أخذناهم ) أصبناهم إصابة تمكن . وتقدم تفسير الأخذ عند قوله تعالى ( أخذته العزة بالإثم ) في سورة البقرة .
وقد ذكر متعلق الأخذ هنا لأنه أخذ بشيء خاص بخلاف الآتي بعيد هذا .
والبأساء والضراء تقدما عند قوله تعالى ( والصابرين في البأساء والضراء ) في سورة البقرة . وقد فسر البأساء بالجوع والضراء بالمرض وهو تخصيص لا وجه له لأن ما أصاب الأمم من العذاب كان أصنافا كثيرة . ولعل من فسره بذلك اعتبر ما أصاب قريشا بدعوة النبي A .
و ( لعل ) للترجي . جعل علة لابتداء أخذهم بالبأساء والضراء قبل الاستئصال .
ومعنى ( يتضرعون ) يتذللون لأن الضراعة التذلل والتخشع وهو هنا كناية عن الاعتراف بالذنب والتوبة منه وهي الإيمان بالرسل .
والمراد : أن الله قدم لهم عذابا هينا قبل العذاب الأكبر كما قال ( ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون ) وهذا من فرط رحمته الممازجة لمقتضى حكمته ؛ وفيه إنذار لقريش بأنهم سيصيبهم البأساء والضراء قبل الاستئصال وهو استئصال السيف . وإنما اختار الله أن يكون استئصالهم بالسيف إظهارا لكون نصر الرسول E عليهم كان بيده ويد المصدقين به . وذلك أوقع على العرب ولذلك روعي حال المقصودين بالإنذار وهم حاضرون . فنزل جميع الأمم منزلتهم فقال ( فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ) فإن ( لولا ) هنا حرف توبيخ لدخولها على جملة فعلية ماضوية واحدة فليست ( لولا ) حرف امتناع لوجود .
والتوبيخ إنما يليق بالحاضرين دون المنقرضين لفوات المقصود . ففي هذا التنزيل إيماء إلى مساواة الحالين وتوبيخ للحاضرين بالمهم من العبرة لبقاء زمن التدارك قطعا لمعذرهم .
ويجوز أن تجعل ( لولا ) هنا للتمني على طريقة المجاز المرسل ويكون التمني كناية عن الإخبار بمحبة الله الأمر المتمنى فيكون من بناء المجاز على المجاز فتكون هذه المحبة هي ما عبر عنه بالفرح في الحديث " الله أفرح بتوبة عبده " الحديث . وتقديم الظرف المضاف مع جملته على عامله في قوله ( إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ) للاهتمام بمضمون جملته وأنه زمن يحق أن يكون باعثا على الإسراع بالتضرع مما حصل فيه من البأس .
A E